معطيات وحقائق جديدة كشفتها «جمعية الخضراء» بميلانو بخصوص ملف التونسيين المفقودين بإيطاليا وذلك خلال ندوة صحفية انتظمت أمس وحضرها أهالي وأقرباء المفقودين، حيث أكدت الجمعية انّ هناك دلائل على وجود شبان تونسيين في سجون ودهاليز سرية بإيطاليا وأنهم من «الحارقين» في 2011 و2012 ويرجح ان يكون عددهم في حدود 1500 شاب. وفي هذا الإطار قالت ربح كريم رئيسة «جمعية الخضراء» انّ الجمعية بادرت منذ 2011 بالنظر في ملف التونسيين المفقودين في إيطاليا مؤكدة ان عامل الوقت كان مهما والأسابيع الأولى حاسمة ورغم ذلك فإن السفارة التونسية بروما تجاهلتهم مضيفة انه تم التوجه الى السلطات الإيطالية على أمل التوصّل الى معطيات وحقائق حول المفقودين ولكن لا مجيب. وقالت كريم انّ عديد العوامل أدت إلى الهجرة السرّية ومنها الفقر والضغوطات الإجتماعية ملاحظة انه تم تدريجيا الوصول الى أدلة تشير إلى انّ دفعات من الشباب الحارقين دخلت فعلا التراب الإيطالي وصرّحت ان نائبا في البرلمان الإيطالي كشف لهم ان السلطات التونسية هي المعنية بالتفاوض من أجل أبنائها. وأضافت انّ المحاولات التي قامت بها الجمعية لتبليغ أصوات الأهالي فشلت وأنه رغم تنفيذ ما يقارب عن 20 إعتصام في ايطاليا فإنّ هذا الملف لم يفتح وقالت للأسف «تعاقبت الحكومات ولم يتم الحسم في ملف المفقودين». وكشفت ربح كريم أن لدى الجمعية معطيات عن وصول حارقين في غرة مارس وسبتمبر 2011 وحتى في 29 أفريل 2012... وقالت انه تمت المطالبة ببصمات المفقودين وأنّ محاميا متطوّعا ساعدهم ولكن البصمات التي وصلتهم بعضها كان مقروءا والبعض الآخر لا، وانه رغم اللجوء إلى تحاليل الحامض النووي فإنّ النتائج لم تكن واضحة وكافية . وطالبت بضرورة القيام بالقيس عند الشرطة الفنية في تونس للتحقق من صور الشباب الذين ظهروا على مراكب في التراب الإيطالي وقالت انه يمكن مقارنة تلك الصور بالتي يملكها الأهالي مما يدعم فرضية وجودهم أحياء يرزقون. وقالت إنه لو تعلق الأمر بمواطن أوروبي لتحركت السلطات هناك وتم البحث عنه في كل مكان ولكن بما أن الموضوع يتعلّق بشباب عربي فإن صوتهم لا يصل. وكشفت ان لديهم معطيات تؤكد أن البعض من الشباب محا بصمته بحرق اصابعه وانهم أدلوا بهويات مزيفة لكي لا يعودوا الى تونس مما ادى الى الإحتفاظ بهم. وأضافت إنه يكفيها فخرا بأن تلقّب بأم المفقودين وان تكون صوت الأهالي في إيطاليا وكشفت انها كاتبت رئيس الحكومة الحالي المهدي جمعة لمده بآخر المعطيات والحقائق وقالت انها فوجئت بإحالة الملف على وزارة الشؤون الإجتماعية معتبرة انّ لديهم شبابا ورجالا مفقودين ولا يبغون مساعدات او إعانات اجتماعية . وقالت ربح كريم إنّ لدى أغلب الأمهات اللاتي حضرن الندوة أدلة قاطعة من مكالمات هاتفية وصور بثتها قنوات إيطالية يظهر فيها الشباب التونسي على الموانئ الإيطالية والأمن الإيطالي بصدد تفتيشهم. وعلى هامش هذه الندوة التقت «التونسية» ببعض الأمهات ممّن أكدن انّ أولادهن على قيد الحياة وفي هذا الإطار قالت شقيقة حلمي الساحلي انّ شقيقها البالغ من العمر 17 سنة «حرق» في سبتمبر 2012 وأضافت ان والدتها سافرت بحثا عنه وانها تحصلت هناك على فيديو يؤكدّ وصوله إلى التراب الإيطالي وأن طبيبة إيطالية كشفت لها أنه حيّ وأنه موجود في سجن سري، وقالت ان شقيقها الحارق اتصل بهم ذات مرة ليخبرهم انه وصل الى ايطاليا وأنه لا يحق له العودة إلى تونس إلا بأمر من السلطات التونسية . وقالت حملنا المعطيات التي بحوزتنا وجميع الأدلة على أمل ان تتحرك السلطات التونسية ولكن للأسف مازال الكثير من الغموض يحيط بهذا الملف . واعتبرت والدة الشاب رمزي الولهازي الذي سافر بطريقة غير شرعية في غرة مارس 2011 انها تلقت بعد سنة من اختفائه مجموعة من المعلومات التي تؤكد تواجده بسجن إيطالي مبينة ان صحفية إيطالية إتصلت بها لتعلمها ان «رمزي» حيّ وأنّه طلب منها الإتصال بعائلته. وقالت أم أخرى ان ابنها «حرق» في غرة مارس وانه في 2 مارس 2011 اتصل بها ليخبرها انه وصل الى اليابسة وان السلطات الإيطالية إعتقلتهم وأكدّت ان الحادثة أثّرت عليها حتى انها أصيبت بجلطة وقالت أنها تعرف ان ابنها حي يرزق وصرخت: «فلذات أكبادنا هناك ومع ذلك لم «يرحمونا » ولا ندري لماذا لا يريدون التحرك». من جانبها أكّدت لطيفة شويخ والدة صبري ان ابنها حرق في مارس 2011 على أمل ان يعترضه خاله المقيم هناك ويشغّله، وقالت أنهم شاهدوه من خلال شريط بث على قناة إيطالية على متن مركب وكيف ان الجيش الإيطالي كان بصدد تفتيش أدباشه . وقالت انّ هناك ما يناهز 1500 شاب موجودون في سجون سرية ومعتقلات ايطالية ويفترشون الأرض ويعذبون. واعتبرت ان المعلومات التي لديهم تشير إلى انّ هؤلاء الشباب مسجونون لأن الحكومة التونسية رفضت تسلمهم وتريد ترك الملف إلى ما بعد الانتخابات. وأكدت ان هؤلاء الشباب هم الذين حرسوا الأحياء إبان الثورة وأنّهم تونسيون لحما ودما وقالت «حتى وان أخطؤوا فهذا لا يعفي السلطات التونسية من العودة بهم الى تونس». وقالت ربح والدة محمد البالغ 19 سنة ان ظروفها المادية صعبة وأنها تعمل بائعة «خبز طابونة» وكشفت انّ صديق ابنها اتصل بوالدته وقال لها لقد وصلنا إلى التراب الإيطالي وقالت انه كان يلهث وقال لها سأتصل بك لأن الجيش الإيطالي يلاحقنا ثم اختفت أخباره وكشفت انّ ابنها كان رفقة هذا الشاب و5 من أبناء حيه وانهم وصولوا جميعهم إلى إيطاليا. وقالت ان زوجها ومن فرط الصدمة وحزنه أصيب بجلطة دماغية وأكدت والدة الشاب أيمن العيّاري ان ابنها حي يرزق وأنّه مسجون في إيطاليا. وأضافت انّ إحساسها كأم يخبرها انّ ابنها على قيد الحياة وصرخت «اشعر بذلك» وهددت بحرق نفسها ان لم تبادر الحكومة بالنظر في هذا الملف والتحقيق في الشباب المسجونين بإيطاليا. أمّا السيدة منيرة والدة الشاب باسم فقد قالت إن ابنها «حرق» من صفاقس في سبتمبر 2012 واكدت انها شاهدت فيديو يظهر فيه ابنها بأحد الموانئ الإيطالية والجيش بصدد تفتيشه مبينة ان هاتف ابنها ظلّ يرن لفترة طويلة وتساءلت كيف يمكن لشخص ان يغرق وهاتفه يرن؟. وأكدت أن معلومات وصلتهم مفادها ان أسبابا سياسية تحول دون عودة المفقودين في ايطاليا وكشفت ان توقيعا واحدا من السلطات التونسية كفيل بإعادة أبنائهم وقالت ان الأمهات تعبن كثيرا وانهن يخضعن للعلاج ويتلقين أدوية الاعصاب ليتمكنّ من النوم وقالت «نحتاج الى مساندة الحكومة الحالية لنعود بأبنائنا». واعتبرت والدة الشاب صبري ان الصور واضحة ولا يمكن دحضها وأنّ مشاهد الفيديو تؤكد وصول أبنائهم الى اليابسة وقالت «لقد نفد صبرنا لأننا صبرنا بما فيه الكفاية فإلى متى سيبقى أبناؤنا رهائن لدى السلطات الإيطالية؟». وكشفت والدة عربي الفرشيشي والذي «حرق» بتاريخ 29 مارس 2011 ان احد المهاجرين اتصل بها بعد سنة ليعلمها ان ابنها معهم وانه سيتصل بها وأنّ الخط انقطع فجأة... وقالت أم حسن الزيتوني من الجبل الاحمر ان ابنها حرق في 29 مارس 2011 وانها كانت تعتقد أنه غرق في البحر ولكنها علمت لاحقا أنه وصل الى «لامبادوزا» وأنّها تحصلت على شريط فيديو يؤكد وصوله الى التراب الإيطالي حيث خضع الى التفتيش، وقالت ان هاتف صديقه الذي «حرق معه» لا يزال يرن وانهم يشحنونه شهريا ب5 دنانير ويظل يرن ولكنّهم لا يسمعون صوتا ولكن يظل المتصل يستمع اليهم مؤكدة ان احد المهاجرين زارها في البيت وبحث عنها ليخبرها ان ابنها على قيد الحياة وأنه مسجون في ايطاليا وانه لا يمكنه العودة. نفس الرواية أكدتها حسناء النفاتي التي قالت ان رقما من إيطاليا يتصل بها ويقول لها «أمي ... أمي» ثم ينقطع الخط... وقالت ان الاتصال يتكرر من مناسبة الى أخرى وصرخت «تشوينا فارحمونا». بسمة الواعر بركات