تونس - الصباح الأسبوعي: تتالت الوقفات الاحتجاجية لأولياء عدد كبير من «الحارقين» المفقودين بالتراب الإيطالي أو بمياه البحر الابيض المتوسط. وتعالت أصواتها منادية بضرورة تحرك السلط التونسية لغاية فك رموز الغموض الذي يرافق غياب أي خبر عن مصير الذين ركبوا البحر في رحلات «الحرقان» في اتجاه التراب الايطالي. أولياء المفقودين وعدد من الجمعيات التونسية وكذلك الجمعيات الناشطة بالمهجر كانت صبيحة يوم الجمعة الفارط على موعد امام سفارة ايطاليا بتونس. في وقفة احتجاجية لمطالبة الجانب الايطالي باكثر معطيات وحقائق حول مصير أبنائهم المجهول منذ اكثر من سنتين. مفقودون بالجملة.. لكن الأولياء متمسكون! «الصباح الأسبوعي» بحثت في خلفيات هذه التحركات والاحتجاجات باعتبار أن عددا من الاولياء مقتنعون بأن فلذات أكبادهم حلوا سالمين بالتراب الايطالي لكن مصيرهم لا يزال مجهولا.. والبداية برحلة يوم 6 سبتمبر 2012 والتي انتهت حسبما توفر لدى الاولياء وكذلك جمعية «الوعد الجديد» جمعية الخضراء من مؤيدات وشهادات تؤكد ان القارب قد وصل فعلا الى التراب الايطالي وقد كان في استقبال الحارقين عدد من أعوان الأمن والحماية المدنية لتوفير ما يلزمهم وإلحاقهم بمراكز للإيواء. وقد تمكنت عائلة «عبد الفتاح ولها» من مشاهدة ابنها عبر قناة TG5 الايطالية وهو بصحة جيدة كما هو الشأن بالنسبة لصبري الصولي الحارق يوم 29 - 3 - 2011 الذي يبدو حسب رواية عائلته انه قد وصل فعلا الى ميناء لمبادوزا وقد تم التأكد من سلامته ووصوله سالما من خلال «الحقيبة» ومحتوياتها التي ظهرت في الفيديو اثناء تفتيشها من طرف البوليس الايطالي. أما حمزة الفرشيشي فإن العائلة لاتزال تطالب بمعرفة مصير ابنها الذي ظهر هو الاخر بالفيديو وقد امكن لهم معرفة ابنهم بواسطة ملابسه وكذلك ملامحه رغم «رداءة» الصورة المأخوذة من مقطع الفيديو. الا انهم لا يزالون يطالبون السلط الايطالية وكذلك التونسية بالبحث وكشف حقيقة مصير ابنهم الذي تمكن من الوصول سالما الى التراب الايطالي حسب زعمهم.. أما كريم المباركي فإن الصور ومقاطع الفيديو التي تم جمعها من طرف الاولياء بمساعدة جمعيتي «الارض للجميع» و«الوعد الجديد» تجعل والديه يتأكدان من وصول ابنهما سالما كما هو الشأن لعدد من عائلات الحارقين إذ تفيد الصور أن ما ظهر من اشخاص على متن القارب الذي غادر تونس بتاريخ 29 - 03 - 2011 هم فعلا ابناؤهم وذلك باعتبار معرفتهم اي (اهالي المفقودين) لملابس ابنائهم وملامحهم. محرزية الروافي تتعرف على ابنها.. وتطالب حسبما ظهر بالتحقيق التلفزي لاحدى القنوات الايطالية فان السلط الايطالية كانت تعامل «الحارقين» التونسيين لرحلة يوم 14 مارس 2011 معاملة حسنة وانسانية اذ وبعد الانتهاء من الاجراءات الروتينية قامت بترحيل عدد من الشباب بواسطة حافلة وقد اظهر الفيديو ان احد التونسيين الذي ظهر عبر النافذة انما هو المفقود محمد الروافي الذي امكن لوالدته محرزية التعرف عليه وقد ظلت الى اليوم تطالب بمعرفة مصير ابنها حيث تتواجد منذ فترة بالتراب الايطالي لكن المحير في ما بثته القناة ظهور شاب آخر كان قد اخرج رأسه من نافذة حافلة خصصت لنقل الموقوفين لم تتحدد هويته بعد لغياب عائلته ولم يقع اشعار الجمعية بفقدانه لذلك فإن تواصل الوضع على هذه الحال يصعّب من مهمة الكشف عن الحقيقة. رفض لأي احتمال معاناة أولياء المفقودين لم تنته رغم محاولاتهم المتعددة حث السلط المعنية بأخذ ما يتوفر لديهم من مؤيدات بعين الاعتبار على غرار ما تعيشه اليوم عائلة وسام الرحيمي التي ترى ان لديها كذلك ما يؤكد وصول ابنها سالما الى التراب الايطالي مثلما هو الشأن لوالدي حمزة البوثوري الذي حسب الصور التي اخذت لمجموعة كبيرة من «الحارقين» الذين وصلوا الى ميناء لمبادوزا قد وصل فعلا الى التراب الايطالي.. فكيف للعائلتين قبول فكرة اعتبار ابنيهما في عداد المفقودين وهما يحمّلان السلط الايطالية المسؤولية كما يعتبران ان الحكومة التونسية لم تتعامل مع ملف المفقودين بالجدية اللازمة. السلط الإيطالية توضح موقفها امام تواجد عدد كبير من اولياء المفقودين امام سفارة ايطاليا بتونس في وقفة احتجاجية سمح لعدد محدود من ممثلي المحتجين من مقابلة نائب السفير الايطالي وذلك من اجل مناقشة المسألة والاستماع لمطالب المحتجين. موقف السلط الايطالية كان واضحا وصريحا على لسان نائب السفير الذي اكد للحاضرين ان ايطاليا على استعداد لفتح ملف المفقودين التونسيين على ان ذلك لن يكون من طرف واحد بل لا بدّ من ان يكون هناك تعاون ثنائي بينها وبين الجانب التونسي.. كما اشار الى ان عددا من الذين دخلوا التراب الايطالي من التونسيين كانوا قد أدلوا بتصاريح مغلوطة (هويات مزيفة) وهو ما صعّب المهمة لدى السلط الايطالية.