كان الترجي الرياضي يتميّز بعدة خصال أو بالأحرى تقاليد شكلت أبرز عوامل تألقه ونجاحه عبر تاريخه الحافل بالإنجازات والألقاب، ومن أهم هذه الميزات الأجواء الداخلية النقية التي يعيشها والعلاقات الوطيدة التي تربط مختلف أطرافه والتي جعلتهم أسرة واحدة تعمل من أجل مصلحة النادي لا غير دون غايات شخصية واعتبارات ضيقة ودون خلافات يمكن أن تعصف بأركان البيت... لقد كان الإحترام يسود كامل العائلة الترجية الموسعة وكانت المعاملات في ما بينها ترتقي إلى مستوى عال بما في ذلك تكريم المدربين المقالين وعدم تجريحهم بتاتا ... كل هذه الميزات اضمحلت خلال السنتين الأخيرتين وبالتحديد منذ زحف بعض الدخلاء على حديقة الرياضة «ب» وتوليهم بعض المسؤوليات التي وسّعوها شيئا فشيئا بتخطيط خبيث، فبدؤوا ببعث المشاريع الفاشلة التي لم تفد النادي قط لا رياضيا ولا ماديا بل كانت فقط طريقة للتقرب من رئيس النادي وكسب وده وثقته قبل الإنقلاب عليه ليعمدوا بعد ذلك إلى الهيمنة على فريق كرة القدم من خلال تعيين المدرب الذي اختاروه وجلبوه في محاولة للمسك بزمام الأمور ومقاليد النادي ... لقد تغيّر كل شيء في الترجي الرياضي بسبب هذا التخطيط الجهنمي الذي يعتمد على «غرس العروق» شيئا فشيئا داخل أسوار الحديقة وتكوين «عصابة» تخدم المصالح الشخصية الضيقة وتنفخ في صورة هؤلاء الدخلاء الذين اجتاحوا مركب حسان بالخوجة وقضوا على عادات وتقاليد وخصال فريق باب سويقة وعوّضوها بالخلافات والإنقسامات وتكوين الأحلاف ومحاولة السيطرة فكانت النتيجة خيبة نسجلها حاليا وكان الإنهيار الذي يعرفه الترجي الرياضي هذه الأيام... هؤلاء ينطبق عليهم المثل المعروف «يتمسكنوا حتى يتمكنوا» وهذا هو الداء الحقيقي الذي ينخر شيخ الأندية التونسية ويعصف بكل أسسه وجعله يتخبط في أزمات غريبة عنه لم يشهدها من قبل وقد حان الوقت فعلا لاستئصاله من جذوره لإعادة بناء البيت وإرجاع الأحمر والأصفر إلى ما كان عليه قبل زحف هؤلاء الفاشلين والمتمعشين وأصحاب النفوس الخبيثة والمريضة. أفشلوا الترجي « تي في»... وتبنّوا الترجي «موبايل» المشاريع عديدة ومختلفة في الترجي الرياضي وهذا عماد الأندية الكبرى التي تسعى إلى التطوّر والتقدم وخلق المداخيل وكان بإمكان فريق باب سويقة الإستفادة منها لولا الفاشلون الذين تولوا تبنيها وإدارتها والتحكم والتصرف فيها... لقد وضعوا أيديهم على الترجي «تي.في» وصالوا وجالوا كما شاؤوا في محتواها وتربعوا على بلاتواتها وحوّلوها من حصة كان بالإمكان أن تجد صدى كبيرا ونجاحا باهرا إلى حصة فاشلة ومملة فكر حمدي المدب مرارا في إيقافها لأنها لم ترتق إلى المستوى الذي كان يتطلع إليه والأهداف التي كان يرمي إليها منذ تفكيره في بعث هذا المشروع القديم الذي كاد يرى النور منذ أربع سنوات لولا عراقيل خارجية آنذاك وضغوطات من أحد أفراد عائلة الطرابلسي ألغيت الحصة الأولى قبل سويعات من بثها، هذا المشروع تبناه اليوم هؤلاء الدخلاء مثلما فعلوا مع الترجي «موبايل» بإقصاء باعثه الحقيقي والركوب على الحدث والبروز في ثوب الأبطال الذين يساهمون في المداخيل الإضافية للنادي... هذه ممارسات الهيمنة على الجانب الإقتصادي والمالي للترجي الرياضي لمآرب شخصية وللبروز والسيطرة على مراكز القرار في النادي فكان الفشل كبيرا حيث لم يستفد الأحمر والأصفر بشيء من ذلك وبقي رئيس النادي يتحمل لوحده أعباء كل المصاريف التي تتفاقم يوما بعد يوم بعد أن حكم البعض على كل المشاريع بالخسارة . أسوأ مدرب في تاريخ النادي... لم يكن مخطط هؤلاء الدخلاء ورموز الفشل في الترجي الرياضي يرمي إلى السيطرة على الأمور المالية في النادي فقط وإنما كذلك على الجوانب الفنية لإدراكهم الراسخ بأن الطريق المؤدية إلى السلطة والهيمنة على مراكز القرار في الفريق تمر عبر تعيين مدرب محسوب عليهم ينفذ الطلبات والأوامر فكان الإختيار على سيباستيان دو سابر الذي جلبوه في البداية كمدير فني للشبان وهي خطة لم يضطلع بها إلى حد الآن لأنّها كانت مجرد تمويه فقط للإنقضاض على خطة مدرب فريق الأكابر الذي لعبت الظروف كي يضطلع بها الفرنسي مؤقتا في انتظار التعاقد مع كرول ... فترة كرول شكلت أبرز فترة في تاريخ الترجي الرياضي تمت فيها عرقلة مسيرة المدرب حيث لم يشهد فني قبل الهولندي مثل ذلك «التكمبين» و«التنبير» ووضع العصا في العجلة – وما أسهل الكلام والتهديم – ووصلت الجماعة إلى هدفها وصنعت إقالة كرول فاسحة المجال مجددا لدو سابر للإشراف على حظوظ فريق الأكابر بل أكثر من ذلك فقد عبّدوا أمامه الطريق ليصبح الفاطق الناطق في الفريق من انتدابات وتجديد عقود واختيارات وتكتيك وتكنيك فكان الأمر بمثابة الحلم لمدرب صغير ومغمور لم يكن يأمل يوما في تدريب أحد أكبر نوادي إفريقيا لتبدأ من هنا المعاناة الحقيقية للترجيين ويحل الفشل الفني محل النجاح ويعرف فريق باب سويقة أحلك فتراته تحت قيادة أسوأ مدرب في تاريخه من حيث قلة المعرفة وقلة الخبرة والإفلاس الفني الذي يؤكده سجل هذا المدرب المبتدئ ... النتيجة أن فقد الترجي الرياضي مع الفرنسي إحدى أبرز الميزات التي كانت تصنع الفارق مقارنة ببقية الأندية ونعني الإنتصارات خارج الديار والتي لا توجد في قاموس دو سابر لعدم تعوده على مثل هذه الإنجازات ولا على العمل في المستوى العالي، ثم كان الفشل في تجديد العقود وهو أمر يحصل لأول مرة في تاريخ الترجي الرياضي الذي تعوّد على المحافظة على لاعبيه بسهولة وسرعة وتخلل ذلك فشل ذريع في الإنتدابات حيث أصبح الفشل عنوان الصفقات الترجية بسبب اختيارات الفرنسي واللاعبين «النكرات» الذين لا يملكون أبسط المؤهلات التي تسمح لهم حتى بدخول ميدان حديقة الرياضة «ب»، جلبهم دو سابر وفرضهم وعرقل كرول وبالتالي مسيرة الفريق الذي فتح له ابواب البروز والشهرة... إن سجل الفرنسي مع الأحمر والأصفر أسود حالك خال من أي إنجاز إيجابي ومن حسن حظ الترجي الرياضي أن ابتعد دو سابر عن الفريق لفترة تولى فيها كرول الإشراف الفني وإلا لما توّج الفريق بالبطولة لأن هذا اللقب كان يستوجب الإنتصار خارج الديار في بعض المباريات أهمها كلاسيكو صفاقس ولم يكن موسيو سيباستيان قادرا على تحقيق ذلك بدليل خيباته كلما خرج من ملعب رادس. ردة فعل اللاعبين لم تأت من فراغ نعود اليوم إلى ما ذكرناه أمس عن قرار اللاعبين قبيل مباراة سطيف عدم الإمتثال لتعليمات وتوصيات وتكتيك الفرنسي واللعب من أجل اللونين ومحاولة حفظ ماء الوجه فجاء ذلك التحسن على المستوى الهجومي بردة فعل ذاتية من اللاعبين لا دخل للمدرب فيها بل إن دو سابر هو الذي أحبط ما عزم عليه اللاعبون بخطة عقيمة وغير متوازنة فسحت المجال أمام المنافس لكسب المعركة الأهم في اللقاء وهي وسط الميدان... ردة فعل اللاعبين لم تأت من فراغ بل إن اكتشافهم واقتناعهم بإفلاس مدربهم أجبرهم على الإقدام على ذلك، لقد أيقن اللاعبون أن هذا الفني لم ولن يفيدهم في شيء ولا يملك الحلول الكفيلة بفوزهم بل هو عقبة أمام نجاحهم وبروزهم بدليل عدم ظهور ولو بصمة صغيرة على آداء الفريق تفيد أن هذا المدرب أضاف شيئا إلى مجموعته... لقد عمل أكثر من شهر ونال الوقت الكافي لإعداد الفريق وهو ما لم يتمتع به كل من سبقوه بسبب قصر مدة الراحة ولكن مع ذلك فشل في تجهيز اللاعبين وتمكينهم من توظيف مؤهلاتهم وحسن استغلالها وكان التردد سيد الموقف في اختياراته لأنه كان وبكل بساطة فاقدا لكل ممهدات النجاح وفاقد الشيء لا يعطيه... لو كان هذا المدرب في المستوى لما أقدم اللاعبون على مثل ذلك القرار والسؤال هنا هو أي وجه سيواصل الفرنسي تدريب لاعبين لا يعترفون به... غيره كان سيحفظ ماء الوجه بمفرده ويقدم استقالته لكن هذا ما لا يفعله دو سابر الذي تعب وكدح وجرى وعرقل و«كمبن» وتحالف من أجل الوصول إلى هذه الخطة ولن يتركها بهذه السهولة وهذا ما يجعل قرار الإقالة ضروريا وفي أسرع وقت ممكن لأن وضع الترجي الرياضي لن يستقيم على أيدي مدرب فاشل. هذا هو الكابوس ... وهذه هي أقسى الدروس أحد مسؤولي الترجي الرياضي خرج علينا بعد إقالة كرول ليعلمنا أن الكابوس انتهى وهي المرة الأولى في تاريخ النادي يهان فيها مدرب مقال من طرف أحد المسؤولين وهذا جانب من التغييرات الذي كنا نذكرها والتي أتت على كل تقاليد وميزات فريق باب سويقة... لو كانت إقالة مدرب محرز على البطولة تعد كابوسا فما هو رأيك سيدي المسؤول بالرمي بتعليمات وتكتكيك المدرب عرض الحائط من قبل اللاعبين؟.. وماذا يمكنك أن تصف ذلك؟ أقول لك، إنه الكابوس الحقيقي وهذه هي أقسى الدروس التي يمكن أن تلقّن لمدرب فاشل جاء « يتعلم في الحجامة « في حديقة الرياضة «ب» ... هذا هو الكابوس أخي العزيز ويا ليتك تعلن ذلك على الملإ حتى لا تتهم بالإنحياز لهذا والمساهمة في عرقلة ذاك... لقد كان تعيين الفرنسي الذي يفتقد لكل مقومات المدرب الكبير والمناسب على رأس أكابر الترجي الرياضي هو أكبر وأتعس كابوس في حياة فريق باب سويقة وكل الذين ساهموا وخططوا لهذا التعيين يعتبرون المتسببين الحقيقيين في التعاسة التي وصل إليها الفريق اليوم وقد حان الوقت لتخليص الترجيين الحقيقيين لا المزيفين من هذا الكابوس وممن كانوا وراءه.