بقلم: جيهان لغماري بدأ بعض أهل السياسة والكياسة والكلام المنمّق في إطلاع العنان لدموعهم الغزيرة من الآن لأنّ عيونهم الانتخابية رأت مسبقا نتائجَ ما سيكون في الصندوق!، هل هي القدرة الخارقة على قراءة المشهد أم هي دموع اصطناعية استباقية لتبرير فشل انتخابي لا مناص منه؟. يبدو أنّ الإجابة تكمن في النصف الثاني من السؤال، فلوكانت لهم هذه القدرة على التحليل والتمحيص والتشخيص لاستطاعوا إقناع العامة والنخبة ببرامجهم ثم لكانوا بالأمس القريب قبل اليوم وغدا في الصفوف الأولى لأصحاب الحظوظ الوافرة لنيل ثقة الناخب بأغلبية مريحة وحقيقية. أغلب الأحزاب على اختلاف مشاربها الفكرية وتناقضها أجمعت على أنْ لا خيار أمام البلاد سوى الانتخابات، مستبعدةً وهذا موقف يُحسَب لها، أية محاولة لفرض واقع معيّن بالقوة خارج ما سيختاره المواطن عن طريق الاقتراع. لذلك يصبح الحديث عن ظلم في القانون الانتخابي أوانحيازه لأحزاب يقال عنها «كبرى» على حساب أخرى، محاولة للرجوع إلى الوراء في نقطة وقع حسمها داخل أروقة التأسيسي وتحوّلت إلى واقع قانوني من الأجدر التعامل معه وفق فصوله وحسن إدارة التكتيكات والحملات الانتخابية حسب قانون اللعبة، لكن أن تشارك الأحزاب في اللعبة وتجري في الميدان وتحرث أركانه طولا وعرضا وفي نفس الوقت تتباكى وتلعن «صفارة» الحَكَم وتتهمه بالانحياز حتى والنتائج متعادلة ومؤجلة إلى يوم «الحساب الصندوقي»، فهذا غير مقبول وكان عليها الالتحاق منذ البداية بمدرّجات المتفرّجين أوالغياب الكامل. هل كان القانون الانتخابي نتاج نزعة أغلبية في المجلس فرضت حياكته على مقاس هذه الانتخابات القادمة أم لا؟، انتهى زمن إلقاء هذا السؤال، فالانتخابات بقوانينها التي وقع المصادقة عليها لا بما كان من المفروض أن يحدث أويُكْتَب!. ألم يطرح الأخصائيون فكرة التصويت على الأشخاص، أي حرية الاختيار للمواطن غير المتحزّب (الذي يمثل أغلبية الناخبين) للدمج بين أسماء مختلفة من قائمات متعددة لأنه يريد التصويت لمرشحين يعرفهم جيدا دون أن يُجْبَرَ على قائمة واحدة لا يعرف منها إلا وجها واحدا؟. أليس الصراع «الطاحن» على رئاسة القائمات بسبب رفض هذا المقترح؟. مع ذلك، لوكنا في طور مناقشة مشروع القانون الانتخابي، لسلّمنا بصحة ومعقولية كل الاقتراحات والتأويلات بما فيها التي تؤكد على أن القانون موجَّه لخدمة الأحزاب الكبرى، ولكن بما أنه حُصِّل ما في الصدور واختار المجلس التأسيسي الذي «تباكى» من أجل فرضه نفس هؤلاء «البكّائين»، القانونَ وفصولَه فمن الأجدى لهؤلاء الاستغراق في تفسير برامجهم وتقريبها وتبسيطها للناس بعيدا عن الهوس بفكرة المؤامرة. «النوّاحون» من الآن، تنقصهم الواقعية السياسية وهي أساس العمل الحزبي الذي يبحث عن النجاعة. بعض الأحزاب فهمت أهمية التواجد في المشهد القادم ورغم احترازاتها على بعض النقاط والمسارات، اختارت أن تدخل الانتخابات لتصبح قوة ضغط أوتوازن في إطار مؤسساتي ديمقراطي بعيدا عن الأوهام الطوباوية غير المؤثرة في الواقع، إذْ من المفروض أن تصارح الأحزاب قواعدها بأهدافها الموضوعية من المشاركة. إنّ من لم يفهم أهمية الانتخابات في تشكّل المشهد القادم ولم يُسرع إلى تنسيب أهدافه، لن يستطيع إقناع الناس، وأمثال هؤلاء يدركون فشلهم المسبق ويعملون على تبريره. أيها الناخبون،إذا رأيتم دموعا تنسكب من الآن، فاحذروها! إنها دموع في عيون.. انتخابية!.