لا وجود لرئيس توافقي الدستور يسمح لوزراء «بن علي» بالترشح لكن «يوم الحشر، يوم حساب» حاورته : خولة الزتايقي «إذا مُنحتُ الثقة سأصنع من تونس بلدا أخر» هكذا استهل الصحفي والكاتب والسياسي أحمد الصافي سعيد حديثه ل «التونسية» والصافي سعيد من أشهر رجال الرأي في تونس خاصة بعد انتشار تعبيره الشهير «الربيع العربي» والذي أصبح عنوان لمرحلة التغيرات العميقة التي يمر بها العالم العربي منذ سنة 2011. محدثنا أكد تقديم ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية في تونس كمستقل معلنا عن تقديمه ل 17ألف تزكية من المواطنين في 18 دائرة إنتخابية وأنه ترشح على أساس برنامج إنتخابي سيتم الإعلان عنه في ندوة صحفية تحت عنوان «المعادلة التونسية: كيف نصنع المستقبل رؤية 25 على 30». وفي مايلي نص الحوار: قدّمتم ترشحكم لسباق الانتخابات الرئاسية، ما هي أسباب هذا الترشح؟ من أسباب ترشحي، هو أن تونس تحتاج لقيادة ذات رؤية، ذات برامج، ذات قوة معنوية، اليوم الرئاسة في تونس أو مؤسسة الرئاسة تاهت وسط الأحزاب ويجب أن يعاد لها الاعتبار، سواء كنت أنا ذات يوم رئيسا أو لم أكن، ففي اعتقادي أن الدولة التونسية تحتاج إلى مؤسسة رئاسية قوية لأن الديمقراطية في حد ذاتها تحتاج إلى رئيس قوي، لتصبح قوة دافعة وتصبح بالتالي القوى الديمقراطية قوية وعصية عن الاختراق والهلهلة والضعف، بديمقراطية قوية ورئيس قوي يمكن أن تسير تونس إلى الأمام وتصبح قوية، لأن ما نشهده اليوم هو أن الدولة ضعفت وأصبحت مهددة في مؤسساتها وحتى في حدودها البرية والبحرية وفي سيادتها، ولذلك يجب على مؤسسة الرئاسة أن تكون مستقلة فعلا حتى تعيد الاعتبار للرئاسة نفسها ولتونس. ما الذي يمكن أن يقدمه «الصافي سعيد» الصحفي والكاتب والسياسي للشعب التونسي؟ سأقدم رؤية، طبع لي كتاب عنوانه «المعادلة التونسية: كيف نصنع المستقبل رؤية 25 على 30 عام»، لدينا أفكار شبابية، لدينا حلفاء في الداخل وفي الخارج، ويمكننا من خلال كل هذا أن نصنع بلدا جديدا، لأن الصافي سعيد ليس شخصا، الصافي سعيد وراءه شباب، وراءه قوة متحركة ومحركة، وراءه برنامج، وراءه رؤى سياسية، إستراتيجية وأنا أرى أني قادر على أن أضيف وأن أجعل هذه البلاد تقف على قدميها وأن تسير إلى الأمام وفي اعتقادي أنه أمام تونس مرحلة صعبة وعلى السائرين أن يعرفوا كيف يعبروا الطرقات الصعبة. برنامجكم الإنتخابي تجسم في كتاب يتكون من 375 صفحة، ماهي أبرز محاور هذا البرنامج؟ برنامجي أو رؤيتي سيادية، أنا سأهتم أولا وقبل كل شيء ببناء عاصمة جديدة للبلاد بجيش قوي، بأمن قومي قوي، سأقوم بإصلاح الزراعة وأراضي الدولة، بمراجعة السياحة، ببناء مدن الذكاء، ببناء الطرقات السيارة، سكك الحديد، المطارات، البنى التحتية، المشاريع الكبيرة سأعتمد على التعليم، التعليم الحي، التعليم الجديد، التعليم المتطور، فجامعاتنا كما نشاهدها اليوم، مهددة وضعيفة ومستوى طلابنا وبحثنا العلمي في مستويات دنيا مقارنة بالجامعات العالمية، وحتى بالجامعات الإفريقية ولذلك تحتاج تونس إلى إعادة بناء، لا يكفي أن تكون لدينا إدارات أو أن نقول أنّنا قمنا بثورة «نحن حقيقة لم نقم بشئ، فالثورة هي ما سنصنعه بعد الانتخابات، الثورة الحقيقية هي الرؤى، هي التصورات، أنا أريد أن أحدث «ثورة داخل ثورة» لأن عروق الثورة التونسية حسب اعتقادي جفت وتحتاج إلى طاقة أخرى جديدة، ولطالما كانت مؤسسة الرئاسة هي محرك كبير للتغيير وحسب التجارب في بلدان كثيرة في العالم، كانت مؤسسات الرئاسة هي محركات كبرى للتغيير في بلدانها. هل يمكن ل«الصافي سعيد» المترشح المستقل النجاح في ماراطون الإنتخابات مع سطوة الأحزاب الكبيرة؟ سأجرب، إذا فزت فستربحني البلاد، وإذا لم أفز، سأربح أنا معرفتي للبلاد . عدد ضخم من الموقعين على عرائض التأييد لك، هل هناك جهات ساندت ودعمت هذا النجاح،؟ قدمت حوالي 17 ألف توقيع وعندي 5 ألاف تحت الاحتياط جاهزين وسأقدمها عند الحاجة وللضرورة، ثانيا، أنا لدي أسلوب جديد في جمع التزكيات لن أكشف عنه في الوقت الحاضر، وقد نجحت في ذلك، وأشكر كل من ساعدني وساندني ووقف إلى جانبي في أي قرية أو بلد أو مدينة. وقد اعتمدت في جمع هذا العدد من التزكيات على شباب متنوّر، شباب متعلّم ومن كل الجهات، لا بل كذلك شباب من عمال الحظائر وغيرهم وأنا أحييهم، وهناك منهم المستقلوّن ومنهم المتحزّبون، اختاروني ولم يختاروا زعماء أحزابهم وذلك عن قناعة منهم، وقد ساعدني وساندني العديد من القوميين واليساريين، من جميع الأطياف السياسية. هل هناك أحزاب سياسية تدعم ترشحكم للرئاسة؟ أحزاب سياسية بعينها، لا توجد إلى حد الآن، لكن ربما يوجد حوارات في المستقبل، ونحن نقبل إذا كان هناك حزب يريد أن يدعمني، فأنا أقول «أهلا وسهلا»، ولكنني أنا مرشح مستقل، لأني أؤمن بأن مؤسسة الرئاسة يجب أن يحتلها رجل مستقل، لأن الأحزاب ستكون حاضرة في البرلمان وحاضرة كقوة رادعة في المجلس البرلماني أو التشريعي أما رئاسة الجمهورة فيجب أن تكون قوة موجهة ومحركة للتغيير. وأنا أعتقد أن مؤسسة الرئاسة كانت في السنوات الثلاث الماضية، كانت مؤسسة الرئاسة غائبة ورغم أن لديها صلاحيات كثيرة فقد هربت من المشهد السياسي الحقيقي لأنها غرقت في تفاصيل الأحزاب، في تفاصيل المشهد الحزبي، واهتمت بإشكالاتها الخاصة وبمعارفها الجانبية وغيرها ثم أنها عرفت أيضا كثيرا في السياحة السياسية والجولات في الشرق والغرب، وبالطبع لا توجد رؤية محددة وواضحة، لو كان هناك رؤية، لكانت «الحركة أكثر بركة». ماذا عن التمويل؟ بالنسبة للتمويل، أنا لدي الشعب، وحملتي الانتخابية الرئاسية ستكون حملة شعبية بامتياز، سيشارك فيها كل الشعب بكل تفاصيله وأطيافه وألوانه وقراه ومدنه وأحيائه، هذه الحملة سيكون الشعب والمواطن محرّكيها الكبيرين، طبعا الإعلام هو محرك آخر، طبيعي أن يحتاج كل شخص للتمويل، لكن نحن نشتغل بما لدينا، بإمكاناتنا البسيطة، ونعتقد أن تونس لا تحتاج إلى تمويلات كبيرة، وما يروج عن المبالغ الضخمة كله نوع من التخويف والابتزاز، وفكرة أن الأغنياء هم الذين يدعمون ويقدمون الأموال ليست صحيحة، فلو كان هؤلاء الأغنياء يقدمون الأموال لما كانوا أغنياء أصلا. «النهضة» لن تقدم مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة، هل هي رسالة طمأنة لخصومها السياسيين؟ أنا لست خصما لأحد في هذه المرحلة، أنا مرشح للرئاسة، أنا إذا فزت فسأفوز بمليونين أو بمليونين ونصف ، وكل من يفوز سوف يفوز بهذا الرقم وبالتالي سيكون لديه عدد أصوات أكثر من كل الأحزاب، إذن أنا لست خصم أحد، وأرحب دائما بالصداقات. هل تدعم مقترح «النهضة» حول الرئيس التوافقي؟ لا يوجد رئيس توافقي، هذه كلمة أطلقتها «النهضة» لاستشراف أو فتح حوار معين، لكن حقيقة لا يوجد توافق، لأن الرئيس لا يختار من طرف البرلمان وإنما الشعب هو الذي سيختار ، لو أن البرلمان هو من سيعين الرئيس يمكن وقتها الحديث عن رئيس توافقي، لكن ربما إذا وصلنا إلى مرحلة الدورة الثانية في الإنتخابات ربما يحدث تحالف أول وثان وثالث ... ولكن كلمة التوافق في إعتقادي أطلقت لغرض أخر ولمكان أخر ربما. ما رأيك في مسألة ترشح بعض وزراء «بن علي» للرئاسة؟ ما دام الدستور، أعطاهم الحق في الترشح، ومنح هذا الحق أيضا لحاملي الجنسيات الأجنبية، فيمكن لهم طبعا الترشح، ويوم الحشر يوم حساب. وما دام الدستور منحهم الحق في ذلك، فلن يمنعهم الصافي سعيد. كيف ترون المشهد السياسي قبيل الاستحقاق الانتخابي القادم بما فيه «التشريعية» و«الرئاسية»؟ عامة، ما يمكن الحديث عنه في المشهد السياسي هو ما يتعلق بالقانون الانتخابي وما يحتويه من ثغرات، عند تقديم ترشحي، اكتشفت إحدى الثغرات واستطعنا التوصّل إلى حلها، ويمكن القول إن عددا كبيرا من قائمات عدة أحزاب في سباق محموم نحو «التشريعية» واختلط عليهم «الحابل بالنابل»، وما نلاحظه اليوم أن هناك خلطا كبيرا عند المواطن اليوم بين «التشريعية» و«الرئاسية» وذلك لعدم وجود متسع من الوقت بينهما، وبالتالي هناك الكثير من الناس لم يستطيعوا أن يفكروا أو يقرروا لأنه ليس لديهم مدة فاصلة أو راحة تسمح لهم بالتفكير وأخذ القرار، فمن المفروض أن تكون بين «التشريعية» و«الرئاسية» مدة 3 أشهر على الأقل. ما هي الثغرة التي تحدثت عنها؟ من بينها أنه يشترط أن يكون المزكون مسجلون، المزكي قدم لك اسمه ولقبه واسم والده ورقم بطاقة تعريفه الوطنية وهم في الهيئة يشترطون أن يكون مسجلا سابقا لدى الهيئة المشرفة على الانتخابات، يا أخي أنا أقول لك أنا ساعدتك على زيادة عدد الناخبين وذلك بتقديم معطياتهم ويبقى عليك أن تقوم بدورك بتسجيلهم. النقطة الثانية عند تقديم الملف للهيئة، لا يتم تسليمك في المقابل اية ورقة أو وثيقة تحتوي على عدد الأصوات أو المزكين الذي تم تقديمه مما يفتح المجال في ما بعد لإمكانية إتلاف الأوراق وضياعها. نظرتك للوضع الأمني بالبلاد؟ يبدو أن الوضع الأمني حاليا مستقر، ولكن هناك أناس يشتغلون طبعا على زعزعة الأمن، ولا شك أن مسألة الأمن مسألة وطنية ودولية وهي مسألة أبدية، قديمة وحديثة ومستقبلية. عند النظر للوضع الحالي بدون مقارنته بغيرنا بالبلدان نقول أن الوضع جيد عامة، ولكن عند قيامنا بالمقارنة مع غيرنا من الدول فإن الوضع اليوم في تونس سيء. طيب، كيف ندعم الأمن ونحصنه؟ نحصنه ببناء دولة قوية وبناء علاقات ديبلوماسية قوية وبناء أمن قومي قوي. ما توقعاتك لنتائج «التشريعية» في ظل استقطاب «النهضة» و«النداء» للمشهد السياسي ؟ بالنسبة ل «نداء تونس»، هذه التجربة الأولى له، مهما حصل ومهما كان عدد الأصوات التي سيتحصل عليها يعتبر ناجحا، وطبعا يمكن ل«نداء تونس» ولحركة «النهضة» أن يتقاسما المشهد ويمكن أن يتحصلا على ثلثي عدد المقاعد، لكن بأي نسبة، هذا أمر غير معروف، ويبقى الثلث الأخير تتقاسمه بقية الأحزاب والمستقلين، طبعا سيكون هناك تفاوت ب 10 مقاعد هنا أو هناك. والاستقطاب سيكون ثنائيا ولكن السؤال الأهم هو كيف ستكون التحالفات فيما بعد، وكيف ستتم. طبعا ممكن «النهضة» تأتي بأغلبية لكنها ترفض تشكيل حكومة، كما يمكن أن تتخلى عن تشكيل الحكومة لصالح طرف أخر، ولا يمكن لأحد أن يأتي ب 120 مقعد لينفرد بتكوين الحكومة ولذلك يكون الأهم دائما شكل التحالفات التي ستقوم فيما بعد، وفي حال وجود طبعا معارضة قوية يمكن أن يتم إسقاط الحكومة حتى تقوم بانتخابات جديدة ومبكرة، هذه سيناريوهات محتملة. قلتم في حوار سابق أن عمر الديمقراطية في العالم الثالث قصير جدا، هل يعني ذلك أننا نعيش اليوم في تونس وهم الديمقراطية؟ عُمر الديمقراطية في دول العالم الثالث قصير فعلا، خاصة في العالم العربي، لكن تونس ما زالت مبتدئة ويمكن أن يكون عمر الديمقراطية فيها طويلا، نحن اليوم نعيش مبتدئيات الديمقراطية، قمنا بانتخابات عاجلة وتجميع القوى الديمقراطية التأسيسية لكتابة الدستور، ثم دخلنا في الانتخابات الحالية، اليوم في تونس تسير الديمقراطية بخطوات متعثرة يحكمها المال، لها زيجات كثيرة، زيجات متعة مع النظام القديم ومع الاستبداد، ما زالت تعوم في هذه الأحواض، ولكن ممكن تحصينها وتقويتها، إذا كانت مؤسسة الرئاسة قوية فإنها ستخلق ديمقراطية قوية، بشرط أن تكون هذه المؤسسة مستقلة. كلمة الختام ؟ في الختام أريد أن أشكر كل الذين ساندوني ودعموني، بالنسبة للخطوات القادمة، طبعا نحن قدمنا ملف الترشح للرئاسية لدى الهيئة العليا للانتخابات، وعندما يتم قبولنا نهائيا سوف نقوم بحملتنا الانتخابية، بالطبع بالاعتماد على القوى الشابة الحية والمتحركة، طبعا نحن لدينا رؤية وبرنامج وضعناهما في كتاب «المعادلة التونسية، كيف نصنع المستقبل، رؤية 30/25» وسيتم الإعلان عن هذا الكتاب وهذا البرنامج الانتخابي في ندوة صحفية في وقت لاحق.