ما حصل في الترجي الرياضي خلال الفترة الأخيرة ونعني بالتحديد منذ سنتين لم يعرفه النادي قَط عبر تاريخه ، فالفريق الذي كان يعرف بميزات عديدة صنعت إنجازاته الرائعة على كل الأصعدة وساهمت في مروره إلى مستويات أرفع بوّبته مكانة مرموقة قاريا وإقليميا وحسنت ترتيبه العالمي بين الأندية أضحى يتخبط في مشاكل ومتاهات لا تخدم مسيرته بالمرة وتعرقل نجاحه سواء على المستوى الإداري الذي كان يتميّز بالإستقرار والعلاقات الوطيدة بين المسؤولين وحرصهم الشديد على خدمة مصلحة النادي فحسب وتجمّعهم وراء هدف وحيد أو على المستوى الفني وتوفيقه في مختلف التزاماته وبلوغ النتائج المرجوة. عزوف عن الرئاسة لقد عرف الترجي الرياضي في المدة الأخيرة تطورات خطيرة وغريبة عنه تماما، فلأول مرة في تاريخ هذا النادي تنتهي الآجال القانونية للتقدم لرئاسة النادي دون وصول أي ترشح إلى إدارة الفريق وهذا دليل على العزوف عن الرئاسة بسبب الأجواء التي لم تعد تشجع على العمل والخلافات التي خلقتها عقلية مسؤولين جدد زحفوا عن حديقة الرياضة «ب» وعملوا على فرض أنفسهم صلب سدة التسيير والقرار في النادي معتمدين بالمناسبة أساليبا دخيلة عن فريق باب سويقة ومخططين لمصالح شخصية ترمي بمصلحة الأحمر والأصفر عرض الحائط... وقد كان حمدي المدب من أكثر الناس الذين وقفوا على حقيقة ما عمل عليه البعض ممن وثق فيهم وتفطن إلى النتائج الوخيمة التي وصل لها الفريق إداريا وهو ما أثر على الأجواء العامة في أكثر من فرع وتسبب في تراجع وتدني المستوى وبالتالي الفشل في بلوغ الأهداف ، وهذه هي العوامل التي أجبرته على التردد في مواصلة الإشراف على حظوظ النادي وحملته على اتخاذ قرار العزوف عن رئاسة الترجي الرياضي والتقدم بترشحه لنيابة جديدة... المدب يعلم جيدا الأجواء غير الملائمة التي أصبحت موجودة في فريق باب سويقة وقراره الأخير يعتبر ثورة ورفضا لكل التجاوزات التي قام بها البعض وجنى بسببها على العديد من الأهداف التي كان يصبو لها النادي وكذلك الإنجازات التي حققها. المساعد ينسحب والمدرب الأول آخر من يعلم عقلية الخلافات والإنشقاقات والمصالح الذاتية الضيقة التي جاء بها المسؤولون الدخلاء عن الترجي الرياضي إلى مركب حسان بالخوجة منذ سنتين رمت بضلالها على كل مكوّنات الترجي الرياضي وخلقت أجواء مشحونة بالتوتر والعلاقة الفاترة بين مختلف الأطراف بما في ذلك الإطار الفني الذي يعيش داخل مناخ متشنج وغير صافي بالمرة جعله يدخل في متاهات خطيرة جدا لا تبعث عن الإرتياح ولا تؤهل إلى النجاح وما انسحاب المساعد طارق ثابت مؤخرا دون مجرد إعلام مدربه الأول إلا دليل على نوعية العلاقات الموجودة صلب الترجي الرياضي والتي ما كانت لتكون هكذا لو وجدت الأجواء الإدارية صافية ونقية وتخدم في مصلحة واحدة... إن الخلافات الداخلية التي أصبحت موضة جديدة في الترجي الرياضي بسبب بعض الأشخاص الذين حاولوا السيطرة على الفريق بشتى الأساليب والطرق شملت كل جوانب النادي ووصلت إلى جميع الأطراف بدون استثناء ليصبح الوضع خارج السيطرة تقريبا وهذا عامل آخر من العوامل التي لم تشجع حمدي المدب على مواصلة المشوار، ومن الطبيعي إذن أن يعم التوتر علاقة المدربين بما أن بعض المسؤولين الذين دخلوا على سدة التسيير ضمن قائمة الرئيس يتبعون نفس الطريقة بل هم الذين وضعوها وعمموها على بقية الأطراف. السيطرة وبسط النفوذ والإقصاء وبما أن الدخول إلى الهيئة المديرة للترجي الرياضي بان بالواضح أن وراءه غايات شخصية بالنسبة لبعض المسؤولين وهنا لا نعمم حكمنا على الجميع فقد انطلق العمل على بسط النفوذ ومحاولات السيطرة على مواقع القرار وغلق الأبواب أمام باقي أبناء النادي فوضعت لهذه الأهداف قوانين غريبة وعجيبة تمهد الطريق فقط أمام نفس الأسماء للبقاء ضمن الهيئة المديرة وضمان تواجدهم في أعلى سدة التسيير... والغريب في الأمر أن هؤلاء الأشخاص خيّبوا ظن رئيس النادي بعد ان اكتشف أن ما دخلوا به من مشاريع ومخططات باءت بالفشل بل عادت بالوبال على الترجي الرياضي وعلى الثوابت والقواعد التي وضعت صلبه ليقف مؤخرا على حقائق مرة جعلته أيضا ينفر من التسيير ويفكر جديا في الرحيل وترك الجمل بما حمل. التجريح في المدربين المقالين عوضا عن تكريمهم وبما أن المفاهيم والتقاليد انقلبت رأسا على عقب في الترجي الرياضي منذ دخول بعض المسؤولين إلى سدة التسيير فقد سجلنا سلوكات وتصرفات غريبة لا تليق بالمرة بسمعة ومكانة الترجي الرياضي... فالأطراف الترجية تعوّدت مثلا أن تكرّم مدربيها بعد إقالتهم اعترافا لهم بما قدموه للفريق واعتبارا للفترة التي قضوها داخل النادي وأصبحوا خلالها من أبنائه ودافعوا فيها على حظوظه لتتغيّر هذه الميزة 180 درجة في هذه السنة ويتم التجريح في المدرب المقال في وسائل الإعلام من قبل أحد المسؤولين على الرغم من تتويجه بالبطولة قبل أشهر قليلة ... هذا مثال من العقلية الجديدة التي فرضها البعض داخل الترجي الرياضي ولا نتفاجأ إذن من السعي إلى سن بعض القوانين الإقصائية لضمان البقاء في السلطة ومنع أبناء النادي ممن يصرّون على تقديم الإضافة بالمشاركة في تسيير فريقهم. كل هذه المعطيات والتطورات التي شهدها الترجي الرياضي في الفترة الأخيرة من غياب أي ترشح للرئاسة وعزوف المدب عن المواصلة ومن توتر وخلافات بين كل أطراف النادي بمن في ذلك الإطار الفني ومن معاملات مشينة وتجريح المدربين تضعنا أمام حتمية طرح سؤال كبير وواضح وهو: أهذه هي الآفاق التي يريدونها للترجي الرياضي؟... يبدو الأمر كذلك من سوء حظ أبناء باب سويقة لعدم وجود أي تفسير آخر نفهم من خلالها مثل هذه السلوكات والتصرفات وهذه العقلية التي يتعامل بها هؤلاء المسؤولين الذين عبثوا بكل ثوابت وميزات وقواعد الترجي الرياضي وألقوا بها جانبا ووضعوا مكانها أشياء لا تليق بتاتا بالأحمر والأصفر.