مازال باب الحوار والنقاش مفتوحا داخل مكونات «الجبهة الشعبية» للحسم في موقفها الرسمي والنهائي حول من ستدعم في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية حيث عقد أمناء الجبهة العامين أوّل أمس اجتماعا لكنهم لم يتوصلوا الى قرار نهائي الأمر الذي دفعهم الى ترك الجلسة مفتوحة على مدى يومين وإرجاء الإعلان عن الموقف الرسمي والنهائي الى يوم غد الاثنين. ورغم الغموض الحاصل في موقف «الجبهة» بسبب وجود تباين في الرؤى بخصوص هذه المسألة بين قياداتها، فإنّ تصريحات الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي لصحيفة «الوطن» المصرية أمس تشير الى ان «الجبهة» ربما تحسم موقفها في الساعات القادمة لصالح المرشح الباجي قائد السبسي حيث أكد الهمامي ان هناك الكثير من القضايا التي تجعل «الجبهة الشعبية» تدعم مرشح «نداء تونس» في الدور الثاني من السباق الرئاسي مشيرا الى إنّ «الجبهة» تتفق مع السبسي و«النداء» في قضايا هامة كالحريات العامة وحقوق المرأة لكنها في المقابل لن تسمح بعودة «الترويكا». وفي هذا الصدد، أكد زياد لخضر القيادي في «الجبهة الشعبية» وعضو مجلس الشعب الجديد ل«التونسية» ان موقف «الجبهة» الذي سيتم الاعلان عنه غدا سيكون متناغما مع أرضية «الجبهة» وتوجهاتها وانه سيكون فيه تقدير للمخاطر الإقليمية والدولية باتجاه تأسيس نظام ديمقراطي في تونس معبرا عن عدم استعداد «الجبهة» العودة الى مناخات ومربع الفساد تحت أي عنوان وبأية حجة كانت. وكان الجيلاني الهمّامي القيادي البارز في «الجبهة الشعبية» وعضو مجلس نوّاب الشعب اكد في حوار خاطف مع «التونسية» أن «الجبهة» ربّما تتّجه نحو سدّة المعارضة بعد التّوافقات التي تمّت على تركيبة مكتب رئاسة المجلس معتبرا أنّ ما حصل في مجلس الشعب هو نتيجة الاتفاق الذي تمّ بين حركة «النّهضة» و«نداء تونس» وأنّ في ذلك مؤشّرا أوّل على تشكّل تحالف سياسي جديد في السّلطة اليوم بين «النّداء» و«النهضة»... وانه ستكون لذلك استتباعات على الوضع السياسي، وربّما بصورة مباشرة على الانتخابات الرّئاسيّة، ولكن في ما بعد على الحكومة وعلى بقيّة الاختيارات العامّة للبلاد. ورغم محاولة قيادات «الجبهة» التقليل من حجم الاختلافات في التعاطي مع الاستحقاقين البرلماني والرئاسي، فإن تمظهر الخلاف يبرز في ردود فعل القواعد وحتى القيادات الوسطى بين أبرز مكونات «الجبهة» وأساسا «حزب العمال» و«حزب الوطد الموحد» وهدف تهدئة التصريحات لدى القيادات العليا عدم الرجوع إلى مربع الانقسام والصراعات النظرية التي من أجلها تأسست «الجبهة الشعبية». هو امتحان أول لأول عمل جبهوي نجح على الأقل إلى حد الآن في احتلال تموقع سياسي هام بعد الثورة، في ظل تعدّد الأحزاب وتفتّح «الجبهة» على المستقلين الذين يمثلون حزامها الحيوي والدافع دائما الى تجاوز الخلافات المتحزّبة ممّا جعل العديد يهوّن من حجم تجاذبات المرحلة فيما يبرّر البعض ذلك بأن صعود أغلب قيادات مجلس أمناء «الجبهة» إلى مجلس نواب الشعب يتطلب وقتا للتأقلم مع الوضعية الجديدة وإعادة صياغة خطاب يحترم اللغة البرلمانية القائمة على تحالفات وتقاطعات المجلس وبين التوجهات العامة المعروفة ل «الجبهة». ومهما كان قرار «الجبهة» بالنسبة للدور الثاني من «الرئاسية»، فإن تبعاته ستكون مفصلية سواء لمكونات «الجبهة» أو للذين صوتوا لها في التشريعية. امتحان أول، هل تنجح فيه الجبهة؟