علمت التونسية أن التطورات الحاصلة داخل عدة قطاعات خلفت تصدعا كبيرا في علاقة حسين العباسي بمهدي جمعة إن لم نقل أن العلاقة إنقطعت حاليا بشكل يكاد يكون كليا. وبينت مصادرنا المطلعة داخل اتحاد الشغل أن مهدي جمعة تغير تغيرا كاملا منذ إعلان اتحاد الشغل رفضه ترشيحه للانتخابات الرئاسية بالرغم من أن مهدي جمعة أكد في عديد التصريحات أنه لم يكن يفكر البتة في الترشح وأنه ملتزم بخارطة الطريق. العلاقات بين جمعة والعباسي منقطعة تماما وارتفعت وتيرة الخلافات بين الرجلين خاصة إثر إضراب النقل وقد تردد انه كانت هناك نية للتخلي يوم السبت الماضي وقبل الإضراب بيومين ، عن وزير النقل شهاب بن احمد الذي كاد أن يدفع وحده فاتورة أخطاء لا يتحملها . وكشفت مصادرنا أن مهدي جمعة قطع كل هواتفه عن المركزية النقابية ورفض الرد على كافة القيادات النقابية وأن ذلك زاد في تعقيد الوضع وفي توتير العلاقات . ولعل القطرة التي أفاضت الكأس هو ملف المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام والوظيفة العمومية لا سيما أن مهدي جمعة عبر بوضوح عن رفضه للزيادات بل أكد أن الزيادات لن يتم امضاؤها من طرفه وهو موقف زاد في توتير العلاقة بينه وبين العباسي . وقد كان اتحاد الشغل يعتبر ان مهدي جمعة وزير فريد من نوعه حين كان على رأس وزارة الصناعة في حكومة علي العريض وحرصت قيادات في اتحاد الشغل على دعم الرجل لرئاسة الحكومة بعدما شاع ان «نداء تونس» و«النهضة» و«الجبهة الشعبية» لم تبد ارتياحا لترشيحه. اليوم اعتبرت قيادات نقابية أن مهدي جمعة تنكر للاتحاد العام التونسي للشغل وحاول جعل المنظمة «كبش فداء ولقمة سائغة» للرأي العام بتأليب المواطنين عليه ، في حين تقول بعض الألسن أن جمعة يكن كل التقدير للمنظمة لكنه رفض العمل تحت ضغط بعض القطاعات على غرار التعليم والنقل والمناجم ورفض السقوط في اغراق الحكومة القادمة . اليوم علاقة مهدي جمعة باتحاد الشغل منقطعة تماما قد تجعل بعض الأطراف تتدخل لإعادة المياه إلى مجاريها . فهل يتم تجاوز الخلافات بين الطرفين أم تنتهي العلاقة نهائيا بانتهاء مشوار مهدي جمعة في الحكومة!؟؟ الثابت انه بغض النظر عن خفايا الكواليس التي تخفى على الشعب البسيط فإن اصداء الموقفين المتضادين لمهدي جمعة واتحاد الشغل يلقيان في الآن نفسه تأييدا شعبيا متناقضا حيث ان هناك ميلا لدى البعض لاعتبار اتحاد الشغل مؤتمنا على مصالح الطبقة الشغيلة ومن حقه حمايتها من كل اشكال الاستغلال والاحتواء والظلم، ويرى شق آخر ان المهدي جمعة خرج من المواجهة مرفوع الرأس لأنه ترفع عن حماية صورته الشخصية بالانصياع الى جملة من القرارات الشعبوية لا تقدر على الالتزام بها الامكانات المتواضعة للدولة، لذلك يستحسن ان تقع الإشادة بالموقفين الوطنيين با-عتبارهما باكورة النبات الديمقراطي الذي تستعد تونس لرعايته والاعتناء به بدل تصنيفه في خانة العداءات السياسية.