التونسية (تونس) قد يكون من الهين لأصحاب الحقوق استصدار حكم قضائي بأداء الدّين.. لكن بحرا من العراقيل يعترض سبيلهم لاستعادة أموالهم.. بل إنّ الكثير منهم يضطر إلى إنفاق مبالغ إضافية على إجراءات التقاضي ومشتقاتها دون أن يحصل شيئا في النهاية.. سوى الخسارة وما تيسّر من الأمراض المزمنة مقابل ذلك يهنأ المدين برغد العيش ومظاهر الثّراء الفاحش نتيجة لاءات غريبة تعترض ملاحقي مكاسبه وسهولة إضفاء تلك المكاسب.. وضعف الآليات التي تفضح وضعيته المالية الحقيقية قبل أن «يتورّط» صاحب الحق في التعامل معه. بل إنّ منظومات بطمّ طميمها خلقت لوقاية المؤسّسات والمتعاملين معها من مخاطر الإفلاس مثل قانون 1995 المتعلق بالمؤسّسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية.. صارت في عديد الحالات أداة لوقف ملاحقة الدائنين وخطايا التأخير... وتأبيد التتبعات حتى يرضى صاحب الحقّ مكرها بما «خلف الضبع».. بعد عمر طويل..! من جانبه لم ينجح قانون 1996 في وقف نزيف قضايا الشيكات بدون رصيد التي تحسب بمئات الآلاف سنويا؟ وفيما توفّر دول كثيرة كل الآليات للتعرّف على الوضعية المالية للطرف المقابل بما في ذلك وضع «سجلات سوداء» في بهو المحكمة لفضح «القلاّبين» يبدو أنّ حيزا من تشريعاتنا يخدم مصالح «القلاّبين» أكثر من أصحاب الحقوق.. ومنها على وجه الخصوص انعدام الآليات التي تمكن من تقفّي آثار تنقل المكاسب على غرار «الفيتو» الذي ترفعه البنوك وإدارات النقل البرّي والملكية العقارية.. بالمحصلة إن قواعد اللعبة غير متوفّرة في تونس التي يبدو أنّها مازالت تحتكم إلى كثير من الآليات الخارجة عن التاريخ والجغرافيا في علاقة بمقتضيات تعمق مسار الانفتاح الاقتصادي بما في ذلك ضعف «مناعة» شقّ كبير من المؤسّسات إزاء الإفلاس بفعل التعويد المفرط على الاقتراض البنكي.. وضعف لجوئها إلى البورصة لتعبئة الموارد المالية. «التونسية» فتحت هذا الملف ورصدت مواقف كلّ المحامين وشركات استخلاص الديون وعدول التنفيذ بخصوص الظاهرة وأسبابها.. ووصفة العلاج.