مشاكل القطاع الصحي في تونس عديدة ومتنوعة ، وهي لا تنتهي رغم كل المجهودات التي تبذلها الدولة حيث ان التحولات الكبيرة التي عرفها المجتمع التونسي تفرض في كل حقبة تحديات جديدة. فبعد الزيارة الميدانية التي اداها أول أمس سعيد العايدي وزير الصحة إلى مستشفى الأطفال بشير حمزة بالعاصمة ، تحول البارحة إلى مركزي رعاية صحة الأم والطفل بالملاسين وحي الزهور، حيث تفقد سير عمل هذين المركزين وكانت له لقاءات مباشرة مع العاملين بهما من إطارات طبية. كما اطلع على أحوال طالبي العلاج من أمهات وأطفال بما فيهم الرضع وأنصت إلى أهم مطالبهم وشواغلهم واعدا بدراسة كل المشاكل والاحتياجات وإيجاد الحلول لها في أقرب وقت. ومن أهم المشاكل التي عاينها وزير الصحة نقص الأطباء والأدوية والاكتظاظ وطول الانتظار لتلقي العلاج وهي في الحقيقة مشاكل تعاني منها المنظومة الصحية منذ أمد طويل . وفي هذا الإطار صرح وزير الصحة ل « التونسية» بأن كل النقائص التي تشكو منها أغلب مؤسساتنا الصحية تعود إلى أسباب هيكلية مما يتطلب خطة متكاملة على مدار ثلاث سنوات على الأقل لكي تعرف المنظومة الصحية إصلاحات عميقة تستجيب لانتظارات المواطن لممارسة حقه في تلقي العلاج. وأضاف وزير الصحة أن الحكومة الجديدة واعية بهذه التحديات وستعمل بكل إمكانياتها على مواجهتها. كما رصدت « التونسية» على هامش هذه الزيارة أراء بعض المواطنين ، حيث ذكر لنا نبيل بن محمد أنه لم يحصل على الدواء المكتوب في الوصفة الطبيّة رغم أنه دفع معلوم العيادة كاملا ولكن القوانين تمنعه من الحصول على الدواء مجانا. أما أحلام العوني فقد أشادت بكفاءة الأطباء والإطار شبه الطبي بمركز رعاية الأم والطفل بالملاسين لكنها لم تخف تذمرها من الانتظار لساعات طوال . في حين تحدثت حنان الجوادي عن النقص في التجهيزات والإطار الطبي إذ من غير المعقول أن يقوم طبيب واحد بفحص أكثر من ثلاثين مريضا مما سيجعله يعمل تحت الضغط والإنفعال. في المقابل قالت علياء الرياحي ناظرة بالمستوصف أن كل الطاقم الطبي العامل يسعى (رغم الإمكانيات المحدودة) الى تقديم الخدمات اللازمة للمواطن اما عن الفوضى التي تحصل في التسجيل فأكدت علياء ان ذلك يقع في مرات قلة لأن مناداة المرضى للفحص تتم عبر جهاز مكبر للصوت. أما مشكل النقص في الأدوية فإنه يبقى خارجا عن نطاقنا لأن الصيدلية المركزية هي المزودة الوحيدة للأدوية للمؤسسات الصحية واضافت علياء الرياحي بالقول:«وفي خضم هذا كله يبقى المشكل الرئيسي الذي تعاني منه شرائح واسعة من العائلات الفقيرة والمعوزة عدم امتلاكهم لبطاقات علاج مجانية وعدم تمتعهم بأية تغطية صحية». وعلمت « التونسية» من مصادر مطلعة من وزارة الصحة أن السيد سعيد العايدي وزير الصحة سيواصل زياراته الميدانية والتفقدية لعدد آخر من المستشفيات داخل الجمهورية للوقوف بشكل واضح على واقع الصحة في البلاد. ولعل من الاستنتاجات التي خرجت بها « التونسية» من خلال الزيارتين التي قام بهما العايدي هي أن المشاكل الكبيرة التي تعاني منها وزارة الصحة تتمثّل في نقص الأدوية والأطباء والمعدات وخاصة نقص الأدوية الذي يبقى دائما محل تذمر المواطن التونسي وعدم رضاه عن الخدمات الصحية المقدمة له.