بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير التجارة في حديث شامل ل«التونسية»:هذه خطّتنا لمزيد «فرملة» الأسعار... والتّوريد أبغض الحلال
نشر في التونسية يوم 13 - 03 - 2015

قريبا لقاء تونسي جزائري لتطوير اتفاق التبادل التجاري
نحو إصدار قرارات غلق ضدّ المغالين في الأسعار وتشديد العقوبات في القانون
نحن بالمرصاد لكل التجاوزات.. والرقابة تشتغل على ثلاثة خطوط
قريبا الحسم في برنامج توريد السيارات.. وهذه منطلقاتنا
بدأنا التحضيرات لشهر رمضان والعودة المدرسية وعيد الإضحى
خطّة كاملة لإنعاش التصدير وقريبا جلسات في كلّ الولايات
التجارة الموازية تحتاج إلى تجفيف المنابع
التعاون مع العرب ضعيف ونسعى إلى تفعيل اتفاقية «أغادير»
حاوره: فؤاد العجروي
قد يكون حصل على واحدة من أخطر المهمّات الموكولة إلى حكومة الصيد بتوليه حقيبة التجارة مفتاح الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمطبخ الذي يبدأ منه تشكل المؤشرات الكبرى وصورة البلاد في عيون المستثمرين المحليين والأجانب.
قدر تلك الوزارة أن تسير دائما على «خيط رفيع» لاهثة على مدار الساعة وراء معادلة شبه مستحيلة في خضم تضارب المصالح بين أطراف المعادلة: المواطن والتاجر والمنتج ومثقلة بإخلالات بالجملة مازالت تعاني منها قطاعات الإنتاج والتوزيع ولا تظهر إلاّ في الواجهة النهائية.تلك المهام ازدادات صعوبة في خضم ما شهدته السنوات الأربع الأخيرة من صعود صاروخي للأسعار وتفاقم حالة التسيّب في الأسواق وانتعاشة المضاربة وكلّ أشكال الانخرام في مسالك التوزيع التي أصبح نصفها تقريبا يلف خارج الرقابة بفعل التوسّع غير المسبوق للتجارة الموازية وتزايد سطوة العابثين بجيب المواطن وخزينة الدولة معا من القطط الصغيرة إلى «الهوامير».التجارة الخارجية بدورها ركنت إلى إجازة مرضية طويلة المدى من أهم أعراضها تباطؤ نسق التصدير والتوريد بما أدى إلى عجز غير مسبوق في الميزان التجاري.تلك القراءة كانت منطلق الحديث الذي أجرته «التونسية» مع رضا الأحول وزير التجارة والذي أتى على زخم من المحاور في مقدمتها آفاق إنعاش قطاع التصدير ومستقبل علاقات تونس التجارية مع كل من واشنطن والجزائر والعرب إلى جانب القضية الأهمّ في مجال التجارة الداخلية وهي كبح جماح الأسعار وإعادة الرشد إلى مسالك التوزيع.
الحديث الذي أتى أيضا على التحضيرات للمواسم الاستهلاكية القادمة ومستقبل نظام ال«كوتا» في توريد السيارات وآفاق تأهيل قطاع الخدمات.. بدأ من هذه الزّاوية.
يشكو التصدير منذ عدة سنوات من ارتخاء ساهم في تباطؤ نسق النموّ الاقتصادي إلى جانب تعميق العجز على مستوى الميزان التجاري الذي أدرك مستويات قياسيّة.. ما هي خطّة الوزارة لإنعاش هذا القطاع؟
- التصدير كما تعلم هو المحرّك الأساسي الأوّل للنمو وتبعا لذلك وعلى إثر سلسلة من الجلسات تمّ وضع خارطة طريق لإنعاش هذا القطاع تقوم على ثلاثة توجهات أساسية أولها دعم الإحاطة بالمصدرين ومزيد تجذير ثقافة التصدير لدى مختلف القطاعات وثانيها إزالة العراقيل أمام التصدير وثالثها فسح مجالات أوسع أمام المنتوج التونسي لاكتساح الأسواق الأجنبيّة.
ومن هذا المنطلق سيشرع مركز النهوض بالصادرات خلال الأيّام القادمة في تنظيم ملتقيات في كل ولايات البلاد للاستماع إلى مشاغل المصدرين ومزيد التعريف بفرص التصدير المتاحة أمام المنتوج التونسي وآليات الإحاطة بالمؤسّسات في هذا المجال إلى جانب دعم التظاهرات التجارية بالخارج كما نحرص على الإسراع في عرض برنامج تنمية الصادرات 3 على أنظار مجلس نواب الشعب حتى نشرع في أقرب الآجال في تجسيم مختلف مكوّناته التي ينتظر أن تعطي دفعا هاما للقطاع خاصة عبر مزيد تبسيط الإجراءات وتوسيع قاعدة التصدير.
من جهة أخرى سنسعى إلى توسيع التعاون الثنائي ومتعدّد الأطراف بما يتيح مجالات أوسع أمام المنتوج التونسي خاصة عبر مراجعة الإطار القانوني للتبادل التجاري مع العديد من البلدان الشقيقة والصديقة ومزيد تفعيل الاتفاقيات الموجودة والتي تجعل المنتوج التونسي يستفيد من فرص ترويج واسعة في سوق تعد نحو مليار مستهلك بفضل مجمل اتفاقيات التبادل الحر التي تربط تونس بمحيطها المغاربي والعربي والأورومتوسّطي والإفريقي.
على ذكر اتفاقيات التبادل الحرّ... هناك اليوم شبه قناعة بأنّ حجم التعاون الاقتصادي مع الشقيقة الجزائر هو دون الإمكانيات الحقيقية بكثير نتيجة العراقيل الجمركية القائمة بفعل عدم التوصّل إلى إرساء اتفاقية تبادل حر والحال أن كلا من تونس والجزائر وقعتا على اتفاقية تبادل حر مع أطراف أخرى مثل الاتحاد الأوروبي... هل توجد اليوم بوادر اتفاق على تجاوز هذه العراقيل؟
- التعاون مع الشقيقة الجزائر هو مسألة استراتيجية وهناك قناعة مشتركة راسخة بأنّ حجم التعاون سواء على مستوى التبادل التجاري أو الاستثمار يظلّ بعيدا عن الإمكانيات الحقيقية المتاحة كما يوجد وعي مشترك بأنّ المنافسة في زمن العولمة ليست بيننا وإنّما مع بعضنا ضدّ الآخرين وهو ما يقتضي حسن توظيف القدرات المشتركة لا فقط لتدعيم انسياب البضائع بين البلدين وإنّما لحفز الشراكة بين رجال الأعمال في كلّ من تونس والجزائر حتى يكون التعاون بيننا أداة لتعزيز قدراتنا على تسريع وتيرة النموّ الاقتصادي والاجتماعي والمساهمة في خلق حياة اقتصادية متطوّرة في المناطق الواقعة على الشريط الحدودي.
من هذا المنطلق حرصت منذ تسلّم مهامي على تفعيل التعاون التونسي الجزائري وتوصّلنا إلى اتفاق على الإسراع بعقد اجتماع اللجنة التجارية المشتركة خلال الآونة القريبة القادمة والتي ستكون مناسبة لملاقاة نظيري الجزائري والتباحث حول السبل المثلى لمزيد الارتقاء بحجم التعاون الاقتصادي بين البلدين وتطوير الاتفاق التجاري التفاضلي الذي دخل طور التنفيذ في بداية 2014 بما يسمح بحفز التبادل التجاري كأداة لمزيد تشبيك المصالح خاصة عبر تبادل الاستثمارات وتطوير علاقات الشراكة بين المتعاملين الاقتصاديين في كلّ من تونس والجزائر.
في نفس الإطار كان لكم لقاء مؤخرا مع وزيرة التجارة الأمريكية التي تربطها بتونس علاقات تجارية توصف بالمخجلة أمام حقيقة الطاقات المتاحة بين البلدين.. هل هناك نيّة لإحياء المفاوضات حول منطقة التبادل الحرّ أو على الأقل في اعتماد شكل تفاضلي للتبادل التجاري؟
- لقائي بوزيرة التجارة الأمريكية كان بناء ومفيدا حيث قمنا بتقييم واقع التعاون الاقتصادي وهناك وعي مشترك بأنه يبقى بعيدا جدا عن الإمكانيات المتاحة وكذلك إرادة مشتركة للحدّ من العراقيل أمام انسياب السلع وتبعا لذلك نتطلع أن يقر الكونغرس الأمريكي خلال المدّة القادمة تفعيل نظام الأفضليات التجارية الذي سيعطي امتيازات لنحو 1400 منتوج تونسي ينتظر أن تسهم في مزيد دفع الصادرات التونسية نحو الولايات المتحدة الأمريكية.
كما نأمل أن يتمّ الإسراع في استئناف المفاوضات حول منطقة التبادل الحرّ للتوصّل إلى اتفاق يخدم المصالح المشتركة.
التعاون البَيْنِي العربي مازال بدوره هزيلا ويحرم المؤسّسات التونسية من فرص تصديرية هامة خاصة أمام عدم التوصّل إلى تفعيل منطقة التجارة العربية الكبرى رغم دخولها طور الاستغلال نظريا منذ 2005.. هل توجد آفاق لتجاوز هذا الوضع؟
- بالتوازي مع السعي مع الأشقّاء العرب لاستكمال مقومات منطقة التجارة العربية الكبرى بما يتيح انسيابا أكبر للسلع والاستثمارات.. فإنّنا نسعى أساسا إلى تفعيل الاتفاقية العربية المتوسّطية للتبادل الحرّ أو ما يُعرف باتفاقية «أغادير» التي التقيت مؤخرا مديرها التنفيذي لاستعراض السبل الكفيلة بإحكام الاستفادة من فرص الشراكة عبر تراكم المنشأ بما يسمح بتوظيف القدرات التصديرية المشتركة للبلدان الأعضاء التي تربطها كما تعرف اتفاقيات تبادل حرّ مع الاتحاد الأوروبي... كما تطرّقنا إلى سبل توسيع هذه الاتفاقية لتشمل بلدان عربية أخرى.
في هذا الإطار تطرح مسألة محدودية أداء قطاعات الخدمات خارج السياحة والنقل في التصدير بالمقارنة مع الإمكانيات الهامّة المتاحة في عديد المناطق ولا سيما القارة الإفريقية.. كما عرفت السنوات الأخيرة توقف برنامج تأهيل قطاع الخدمات.. ما هي آفاق تطور صادرات الخدمات؟
- قطاع الخدمات في تونس يتميّز بالثراء والتنوّع وبإمكانه أن يساهم بشكل أكبر في التصدير.. خاصة في المجالات التي اكتسبت فيها تونس قدرة تنافسية عالية مثل تكنولوجيات الاتصال والمعلومات والمقاولات والخدمات الصحية والخدمات المرتبطة بالطاقة والبيئة.. والخدمات التونسية موجودة في عديد الدول وخاصة الإفريقية لكنها تحتاج إلى مزيد التأطير والإحاطة حتى نتوصّل إلى حسن توظيف كلّ مكامن التصدير في هذا القطاع وتبعا لذلك سنحرص خلال الآونة القريبة القادمة على إحياء برنامج تأهيل الخدمات بهدف دعم القدرات الهيكلية لهذا القطاع وبالتالي الرفع من تنافسيته بما يسمح بالرفع في نسق صادراته وتوسيع دائرة القطاعات المصدرة وذلك إلى جانب دعم حضور الخدمات التونسية في التظاهرات الترويجيّة في العديد من الدول ولا سيما المنطقة الإفريقية.
توسع العجز التجاري ظل على مدى السنوات الأخيرة أحد أهم المعضلات الاقتصادية المطروحة هل بدأت تلوح في الأفق بوادر انفراج تؤشّر للخروج من هذا الوضع؟
- عجز الميزان التجاري تقلص في بداية هذا العام بنحو ٪25 مقارنة بذات الفترة من السنة المنقضية ويعود ذلك إلى الانتعاشة المسجّلة في صادرات بعض القطاعات ولاسيما زيت الزيتون والصناعات الميكانيكيّة إلى جانب تقلّص في الواردات لم يشمل المواد الأولية والتجهيزات التي ارتفعت وتيرتها وهو ما يمثّل مؤشرا إيجابيّا بالنسبة إلى افاق الاستثمار والتصدير في الأشهر القادمة وهذا التوجه سنسعى إلى مزيد تأكيده في المدة القادمة خاصة عبر العمل على إنعاش التصدير من خلال الآليات والبرامج التي ذكرتها منذ حين إلى جانب تكثيف وتطوير التظاهرات الترويجية في الخارج بما يتلاءم مع إمكانيات وخصوصيات جهاز التصدير في تونس ويسمح بتوسيع السوق المتاحة أمامه.
نأتي الآن إلى القضية الأهم التي تشغل الرأي العام وهي «غلاء المعيشة» الذي أدرك مستويات قياسيّة خلال السنوات الأخيرة أضرّت بجيب المواطن والدورة الاقتصادية برمتها.. لمسنا في المدّة الأخيرة حالة استنفار لكبح جماح الأسعار لكن كلفة مكونات «قفة المواطن» مازالت مؤرقة.. كيف تتفاعلون مع هذه المسألة؟
- هذه المسألة هي في صدارة أولويات وزارة التجارة تجسيما لتعهدات الحكومة بالضغط على الأسعار.. وتبعا لذلك حرصنا على معالجة الوضع عبر مقاربة شاملة تقوم على تفعيل الرقابة على الأسواق ومسالك التوزيع بالتعاون مع سائر الوزارات المعنية والاستشراف الجيّد لتطوّر أوضاع السوق لتأمين انتظام التزويد على خلفية أنّ كلّ جهود الرقابة ستظلّ قاصرة إذا كانت السوق تعاني من خلل بين العرض والطلب.
قمنا في نفس الإطار بتفعيل اللجان الجهوية للتحكّم في الأسعار في كل الولايات بهدف تنظيم مسالك التوزيع وضرب كلّ الممارسات الاحتكارية وشتى أشكال التجاوزات التي تمسّ بجيب وسلامة المستهلك.
نحن بالمرصاد لكل التجاوزات.. وأجهزة الرقابة التابعة لوزارات التجارة والداخلية والصحّة تشتغل على مدار الساعة في إطار ثلاثة خطوط متكاملة وهي الطرقات والمخازن وأسواق الجملة ثم الأسواق البلدية والأسبوعية ونقاط البيع بالتفصيل وذلك بهدف مقاومة تشتت العرض عبر توجيه السلع نحو المسالك المنظمة إلى جانب الحرص على احترام الأسعار الحقيقية.
قمنا أيضا بإحياء «الترويكا» أي اللجنة التي تضم وزارات التجارة والفلاحة والصناعة التي تجتمع الان بصفة دورية لتدارس سير السوق واستشراف الحاجيات حتى نؤمن التدخل لتعديل العرض في الوقت المناسب إما عبر تكوين المخزونات أو التوريد الذي يبقى بالنسبة لنا بمثابة أبغض الحلال لكننا ملزمون باللجوء إليه كلما حصل نقص في العرض يضر بالقدرة الشرائية للمواطن.
كما قام المعهد الوطني للاستهلاك بوضع عدد من الأسواق تحت المجهر لرصد الفوارق في الأسعار بهدف توجيه المستهلك وتفعيل آليات الرّقابة والتعديل في الإبّان.
أما بالنسبة إلى النتائج فأعتقد أنّه حصل تحسّن ملموس في أوضاع السوق عبر تراجع أسعار عديد المواد مثل البيض والدواجن وأغلب الخضر.. والحدّ من التجاوزات الحاصلة في الأسواق.. ودعم انتظام التزويد.. اليوم لا يوجد أيّ إشكال باستثناء النّقص في مادة البصل الذي تفاقم بفعل الأمطار الأخيرة.. وبالتالي سننتظر إلى حين تحسّن الأحوال الجوية لتقييم حقيقة العرض وفي حال تأكّد وجود نقص سنلجأ إلى التوريد بشكل يوفّق بين مصلحة المواطن والمنتج في ذات الوقت.
البطاطا أيضا لم تتحسّن أسعارها والواضح أنّه يوجد نقص في العرض.. لماذا تأخّرت وزارة التجارة في تعديل السوق لكبح جماح الأسعار؟
- مثلما ذكرت منذ حين فإننا بقدر ما نحرص على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن التي هي من أوكد مسؤولياتنا فإنّنا نتفهم مصالح الإنتاج الوطني.. وبالتالي فإنّ اللجوء إلى التوريد يأتي بعد استنفاد كلّ الإمكانيات لتعديل العرض وبالتالي الأسعار.. وبالنسبة إلى مادة البطاطا سيتمّ خلال الأيّام القادمة توريد 5 آلاف طنّ لضخها في الأسواق المنظمة.. ونحن في نفس الإطار بصدد استشراف الأوضاع في الصائفة القادمة في النقص المنتظر في هذه المادة خاصّة بفعل الفيضانات الأخيرة.
اللحوم أيضا مازالت أسعارها مرتفعة وهناك مؤشّرات في أسواق الدواب تدل على أنها آخذة في الارتفاع.. هل ستتدخلون لتوريد كميات من اللحوم المبرّدة؟
- أسعار اللحوم انخفضت في بعض الولايات لكنها ارتفعت في ولايات أخرى.. جرت العادة أن يتم توريد كميات من اللحوم بوتيرة تنسجم مع تطوّر الاستهلاك والإنتاج.. قمنا بتدارس الوضع مع الأطراف المعنية حتى نضع روزنامة تراعي القدرة الشرائية للمواطن ومصلحة المنتج وعلى هذا الأساس سنطلق خلال الأيام القادمة توريد كميات من اللحوم بمعدلات محدودة.
أكدتم عند تسلّم مهامكم أنه سيتم اللجوء إلى تجميد الأسعار إن تطلّب الأمر ذلك.. والملاحظ اليوم أنه يوجد إقبال ضعيف من مكونات النسيج الاقتصادي على التخفيضات الطوعية في الأسعار.. ألا تعتقدون أن تهدئة الأسعار تحتاج إلى اعتماد آلية التجميد في بعض القطاعات؟
- هذا المبدأ مازال قائما.. لكن تفعيله يحتاج إلى استنفاد كلّ الحلول وعلى هذا الأساس كثّفنا المشاورات مع كلّ الهياكل المهنية لدعم انخراطها في المجهود الوطني للتحكم في الأسعار وسجلنا عديد المبادرات الإيجابيّة في قطاعات الدواجن والاسمنت والمساحات الكبرى والعجلات المطاطية كما توجد مفاوضات مع مصانع مواد التنظيف للتخفيض في الأسعار.. ونتطلع إلى تجاوب أكبر من بقية القطاعات المهنية.
كما ينبغي الإشارة في هذا الإطار إلى أنّ تجميد الأسعار يجب أن تسبقه دراسة جيّدة للإمكانيات فأحيانا يمكن أن يؤدّي تحديد الأسعار إلى تقلّص العرض في المسالك المنظمة.
كما أنّ المواد الغذائية لا تمثّل إلاّ ٪28 من المؤشّر العام للأسعار وبالتالي ينبغي إيلاء ذات العناية إلى بقيّة القطاعات وهناك توجه لتجميد الأسعار المؤطّرة... ولا سيما تعريفات الخدمات العمومية.. وذلك بالتعاون مع سائر الوزارات المعنية.
نسبة التضخم مازالت مرتفعة حاليا كما ينتظر أن يكون الوضع أصعب مع تزايد وتيرة الاستهلاك في المواسم القادمة ولا سيما شهر رمضان والموسم السياحي وفترة الاصطياف... هل بدأ التحضير لهذه المواسم؟
- التحكم في الأسعار يقتضي كما ذكرت منذ حين استشراف تطور الطلب والعرض والتحضير المسبق للمواسم.. وفي هذا الإطار عقدنا مؤخرا اجتماعا حول العودة المدرسية كما بدأنا التحضير لشهر رمضان والموسم السياحي وعيد الاضحى.. كما قمنا مثلما أسلفت بإحياء اللجنة الثلاثية التي تضمّ وزارات التجارة والفلاحة والصناعة لمتابعة التزويد.
شهدت السنوات الأخيرة حالة «انفجار» للتجارة الموازية التي أدركت نحو ٪50 من إجمالي النشاط التجاري وأدّت إلى خنق القطاع المنظم وبالتالي إرباك الاستثمار وموازنات الدولة.. ما هي التوجّهات لتطويق هذه الظاهرة؟
- تجفيف منابع التجارة الموازية يحتاج إلى مقاربة شاملة تقوم على تكثيف الرقابة ورفع العراقيل أمام النشاط المنظم ثم إيجاد الآليات اللازمة لتيسير نفاذ متعاطي التجارة الموازية إلى القطاع المنظم.
على مستوى مقاومة التوريد العشوائي قمنا بالتعاون مع وزارتي الداخلية والمالية بتكثيف الرقابة على مسالك التوزيع والطرقات مع التركيز خاصة على المنتوجات التي تمسّ من مصالح النسيج الصناعي التونسي وسلامة المستهلك.
لكن ينبغي التأكيد على أنّ تجفيف منابع التجارة الموازية يجب أن يعالج على الصعيد الجهوي لأن لكل ولاية خصوصياتها ومن خلال السعي خاصة إلى إيجاد فضاءات مهيّأة للمنتصبين بصفة عشوائية تسهل مراقبة الفوترة ومدى احترام السلع المعروضة لشروط سلامة المستهلك.
نأتي الآن إلى موضوع البرنامج العام لتوريد السيارات أو ما يعرف ب«الكوتا».. فتوريد السيارات يتواصل للشهر الثالث بدون وجهة واضحة.. هل توجد نية لإلغاء هذا النظام وتحرير الواردات خصوصا أمام تضخّم طوابير المسجلين في قائمات انتظار السيارات وضعف المنافسة وما نجم عنه من مشاكل على مستوى جودة الخدمات؟
- سأجتمع قريبا بأعضاء الغرفة الوطنية لوكلاء توريد السيارات قبل الحسم في صيغة التوريد لهذا العام التي سنضبطها في إطار التوفيق بين مصلحة المواطن من جهة وتوازنات البلاد في ضوء العجز القائم في الميزان التجاري وتجنّب كذلك إغراق البلاد بالسيارات من جهة ثانية.
كما تجدر الإشارة إلى وجود خلاف في وجهات النظر بين المهنيين الذين ينبغي أن يحصل بينهم توافق حول القواعد التي سيتمّ اعتمادها.
يلاحظ بالنسبة إلى المخالفات الاقتصادية تكاثر حالات العود إلى المخالفة بشكل يوحي بأنّ العقوبات المعتمدة غير ناجعة هل توجد نيّة في تدعيم الجانب الردعي؟
- بالتوازي مع تحرير المحاضر العدلية تجاه المخالفين حرصنا في المدة الأخيرة على تفعيل العقوبات الإدارية من خلال إعداد قرارات غلق للمحلات تستهدف حالات العود للمخالفة والشطط في الأسعار.
كماي وجد مشروع قانون قيد الدّرس صلب مجلس نوّاب الشعب لتعديل أحكام قانون المنافسة والأسعار من بين محاوره دعم الجانب الردعي عبر التنصيص على حدّ أدنى للخطايا بدل إخضاعها للسلطة التقديرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.