التونسية (تونس) أحيت أمس نقابة الصحفيين التونسيين اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظرف استثنائي طغى عليه الغموض والتضارب حول مصير الصحفيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المخطوفين في ليبيا منذ ثمانية أشهر. ووجهت النقابة والجمعيات المشاركة في اللقاء الإعلامي الذي عقد بمقر النقابة أصابع الإتهام للحكومة منتقدة طريقة تعاطيها مع ملف الصحفيين المخطوفين خاصة وأنها لم تتمكن من تحديد مصيرهما رغم تأكيد أطراف ليبية تصفيتهما من قبل تنظيم إرهابي. وقد عبّرت النقابة عن استغرابها مواصلة الحكومة التعامل بسلبية مع مصير صحفيين تونسيين جازفا بحياتهما من أجل حق المواطن في إعلام حر ومعلومة دقيقة ، خاصة ان قاضي التحقيق تعهد منذ 2 جانفي بفتح تحقيق في ملف الصحفيين المختطفين غير أن الإنابة العدلية في هذه القضية لم تصدر إلا يوم 13 أفريل وفق ما أكده نقيب الصحفيين ناجي البغوري . ودعت النقابة الحكومة إلى الإسراع في كشف مصير الشورابي والقطاري خاصة وأن حالة الإنتظار والشك ألحقت ضررا نفسيا كبيرا بعائلتي الصحفيين المخطوفين والعائلة الصحفية الموسعة. مخاوف من تركيع الإعلام مخاوف نقابة الصحفيين لم تقف عند مصير سفيان ونذير بل انطلقت أيضا من محاولات السلطة التنفيذية بسط نفوذها على الإعلام عبر جملة القوانين المعروضة على مجلس نواب الشعب وذلك وفق ما ورد في التقرير السنوي لواقع الحريات الصحفية الذي اصدرته النقابة أمس والذي تضمن إشارة إلى تعارض مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال مع الحريات والحقوق المكرسة دستوريا ومع القوانين الضامنة للحريات الخاصة والعامة وهو ما اعتبره التقرير تهديدا مباشرا لحرية الصحافة ولحق الصحفيين في الضمانات المنصوص عليها بالمرسوم 115 . كما أشار التقرير إلى أن الإحالات المتلاحقة والتتبعات التي تمت مباشرتها ضد الصحفيين آثبتت وجود غموض في الأساس القانوني المتعلق بالمساءلة الجزائية للصحفيين . تقرير النقابة نبه أيضا إلى خطورة فصول مشروع القانون المتعلق بزجر الإعتداء على القوات المسلحة خاصة وأن هذا المشروع ينفي المسؤولية الجزائية على أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكري عند استعمالهم للقوة ردا على الإعتداءات لحماية المقرات الأمنية والعسكرية أو مخازن الأسلحة أو التجهيزات والمعدات الأمنية والعسكرية . وقد لاحظ التقرير غياب تحديد لمفهوم أسرار الأمن الوطني في المشروع المذكور وهو ما يعد إعاقة مباشرة لحرية الصحافة خاصة وأن الفصل الخامس من مشروع القانون يعتبر أن تلك المعطيات يعد جناية يعاقب عليها القانون ب10 سنوات سجنا و50 ألف دينار خطية . واقترحت نقابة الصحفيين وفق ما ورد في تقريرها إضافة فصل يتعلق بضبط مفهوم أسرار الأمن الوطني من جهة وإسناد صلاحيات التصنيف للسلطة التشريعية من جهة ثانية . أخلاقيات المهنة مهددة في ما يتعلق بأخلاقيات المهنة اعتبر التقرير أن التعددية التي صبغت المشهد الإعلامي التونسي بعد عقود من التضييق على حرية البث والنشر واحتكار المشهد الإعلامي من قبل النظام مهددة من حيث فاعليتها ومساهمتها الجادة في تغيير واقع القطاع والوصول به إلى إعلام حر ونزيه ومستقل . ولفت التقرير إلى أن الخطر الحقيقي على حرية الصحافة يكمن في غياب المهنية والمصداقية وتحول بعض المشتغلين في حقل الإعلام إلى أدوات لتصفية الحسابات وتحويل وسائل الإعلام من فضاءات للنقاش الحر والإعلام والتنوير والمساهمة المجتمعية في الشأن العام إلى فضاءات للسب والشتم . وتعرّض التقرير إلى الحملات الدعائية التي تقودها بعض وسائل الإعلام للنفخ في صورة لائتلاف الحاكم وعدد من الشخصيات العامة إلى جانب انخراط بعض المواقع الإلكترونية في نشر محتويات مبتذلة لا علاقة لها بالعمل الصحفي . واعتبر التقرير أنه رغم المعارك التي خاضها الإعلام في السنوات الأربع الماضية لا تزال الأوضاع المهنية نقطة ضعف القطاع في ظل وجود مؤسسات إعلامية لا تحترم قوانين الشغل وتنتهك الحقوق المادية للصحفيين بأشكال مختلفة . وأورد التقرير جردا في أمثلة من الإعتداءات التي تعرض لها الصحفيون سواء بالقتل أو بالمحاكمة أو الإعتداءات من طرف المؤسسة الأمنية أو ممثلي السلط العمومية أو السياسيين إلى جانب الضغوطات المهنية والصنصرة والإيقافات.