لم ينج رئيس الحكومة الحبيب الصيد أمس في ثاني جلسة حوار بينه وبين مجلس نواب الشعب من نيران المعارضة ولا أيضا من انتقادات الأحزاب المقربة من الائتلاف الحاكم. ورغم كل المبررات التي قدمها الصيد حول صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي مما قد يحول حتى دون الزيادة في أجور موظفي الدولة فقد اعتبر عدد من النواب أن خطابه لم يحمل أي جديد وكان دون انتظارات الأحزاب والشعب. لكن رغم الاختلاف في تقييم أداء الحكومة ورغم الانتقادات التي واجهتها اجمعت جلّ الأطياف السياسية الممثلة في البرلمان على أن اسقاط الحكومة لن يخدم أي طرف وأن السبيل الوحيد للخلاص هو الوحدة الوطنية والتوافق حول الخيارات الكبرى، خاصة في ظل التهديدات التي تحيط بالبلاد داخليا واقليميا. واعتبر زياد لخضر النائب عن «الجبهة الشعبية» أن خطاب رئيس الحكومة لم يحمل رسائل طمأنة في مختلف المجالات رغم الأوضاع المتردية التي تعيشها البلاد .مضيفا «لم أصوت على حكومتكم لكني اليوم من النواب الذين لا يتمنون الفشل للحكومة لأن فشلها سيكون كارثيا على تونس وشعبها». لكن تدخل زميله في الجبهة الشعبية نزار عمامي كان أكثر شدة حيث رأى أن خطاب الصيد كان «ساديا» وبعيدا كل البعد عمّا يطالب به الشعب بل أنه قد يجعل المواطن يسقط من حالة الوهن الذي آلت إليه الحكومة. وانتقد عمامي حديث رئيس الحكومة عن مصالحة وطنية في غياب مقاومة الفساد مؤكدا على أن المصالحة لا تكون مع الفاسدين ،وأضاف أن موقفه من الحكومة لن يتغير واصفا اياها بالفاشلة. من جانبه أكد النائب عن حركة«النهضة» حسين الجزيري أنّ تونس مازالت بصدد البحث عن مسار انتقالي تنموي رغم الإختلاف على المسار الديمقراطي التوافقي معتبرا أن بلادنا لا تملك حلولا جاهزة للوضع الاقتصادي مشيرا إلى أنّ الديمقراطية التونسية بصدد التجربة لافتا إلى عدم وجود تضامن حقيقي وطني ودولي مع الحكومة التي اعتبرها ضحية الوضع الإقليمي . زميله أحمد المشرقي أشار إلى أنّ الدولة التونسية تعيش أزمة وجب مواجهتها من خلال بناء استراتيجية واضحة تعالج مطالب الثورة بعقل استراتيجي وذلك للخروج من المأزق معرجاً أنّ العقل السياسي التونسي يعيش أزمة القبيلة والعقيدة والغنيمة وأن منطق الدولة الحالي يرفض تجاوز هذه الفلسفة وأوضح النائب قائلا«العقل الإستراتيجي هو البترول والذي علينا البحث عنه كما قال رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي». بدوره طالب النائب حافط الزواري عن حركة «آفاق تونس» بالتصدي الى رجال الاعمال الفاسدين والمهربين من مخربي الاقتصاد الوطني عبر التشهير بهم ومحاسبتهم داعيا وزير النقل الى التراجع عن صفقة الحافلات القديمة مشيرا الى ان الاقتناءات القديمة ستعمق مشاكل قطاع النقل مؤكدا ان دعم الصناعات الميكانيكية الوطنية يمكن ان يكون حلا جيدا. أمّا النائبة بشرى بلحاج حميدة عن «نداء تونس» فقد طالبت الحكومة بتقديم وثيقة عمل تضمن الخطة المستقبلية لعملها في المائة يوم القادمة على أن تكون سياسة عمل الحكومة في المستقبل باعثة للأمل في صفوف التونسيين الذين بلغوا حالة من اليأس على حد تعبيرها نتيجة تردي الوضع الاجتماعي والإقتصادي في البلاد . غير أن النائب عدنان الحاجي رأى أن رئيس الحكومة عبر عن استعداده للاعتبار من الماضي ومشيرا إلى أن ذلك هو المطلوب وأضاف أن خطاب الحبيب الصيد كان عاما وشاملا و أنّ منهجيته كانت واضحة خاصة في مجال مواجهة الاحتجاجات. وطلب الحاجي من رئيس الحكومة أن يواصل السير على نفس المنوال ووضع خارطة طريق وتمشيا واضحا لبقية جهات البلاد على غرار الحوار الذي دار مع أهالي قفصة كما دعا إلى اتخاذ إجراءات أكثر نجاعة والتحرك أكثر في موضوع ملف الشهداء والجرحى .