بودربالة والسفير الإيطالي: ضرورة تكثيف جهود مواجهة الهجرة غير النظامية    جامعة التعليم الأساسي: ترسيم 850 عونا وقتيا    وزارة التربية تتعهّد بانتداب 1000 أستاذ نائب    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    عاجل/ بشرى سارة للفلاحين: التخفيض في سعر هذا الصنف من الأعلاف    عاجل : القبض على شخص متهم بالإنتماء إلى تنظيم إرهابي    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    المنيهلة : إصابة 5 ركاب في حادث مرور    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    في مبادرة تضامنية نوعية مع فلسطين: أطفال تونس يصنعون الحدث ويدخلون تاريخ الإنسانية من الباب الكبير    شركة النقل تتفاعل مع "الشروق": نحرص على عودة النسخة الشعبية ل "إيبيزا" في أقرب الأوقات    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    هرقلة: ضبط كمية من "الكوكايين" و"الزطلة" بسيارة    مأساة جديدة في المهدية: يُفارق الحياة وهو بصدد حفر قبر قريبه    70 بالمئة من الأمراض تنتقل من الحيوانات ..مختصة في الثروة الحيوانية توضح    مؤتمر وطني علمي حول الأنشطة البدنية والرياضية بمدينة طبرقة    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    كم تبلغ معاليم مسك الحساب بالبريد التونسي؟    تقلص العجز التجاري الشهري    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير التربية ناجي جلول ل«التونسية»: منطق «الكلّ أو لا شيء» مرفوض
نشر في التونسية يوم 29 - 06 - 2015


الإضرار بشهادة الباكالوريا إضرار بالأمن القومي

نقابة الأساسي لم تطلب رسميّا التفاوض

قرار الارتقاء الآلي هو قرار الضرورة

نتائج الباكالوريا كشفت وضع التعليم بلا ماكياج

لا معنى للعمل النقابي في غياب اقتطاع أيّام الإضراب
بريء من التكبّر والعجرفة وبعض ضحايا الانتخابات يستهدفونني

لسنا ضدّ التعليم الخاص لكنّنا مع تقنينه

لا مجال للتعليم الموازي

لهذه الأسباب لم نشرّك «حزب التحرير» في الحوار حول إصلاح التعليم
حاورته: سنيا البرينصي
التونسية (تونس)
هو حوار حصري وناري بامتياز جمعنا بوزير التربية، ناجي جلول، في لحظة «هدوء ما بعد العاصفة» عقب المعركة التي خاضها وما زال مع إضرابات التعليم المتواترة وآخرها إضراب المعلمين ومقاطعتهم الامتحانات.
وزير التربية فتح صدره ل«التونسية» فتحدث كما لم يتحدث من قبل عن الملابسات الدقيقة للإضرابات وتفاصيل الأزمة التي ضربت قطاع التعليم إلى حد مقاطعة الإمتحانات وعلى رأسها مناظرة «السيزيام».
الحوار تطرق كذلك إلى تعرجات القرارات التي اتخذها الوزير لمجابهة العاصفة، حيث شخّص واقع المنظومة التعليمية في بلادنا مقرّا بتراجع جودة التعليم العمومي متوعدا في المقابل بالقضاء على التعليم الموزاي ومتعهدا بهيكلة منظومة الدروس الخصوصية وبتفعيل إجراءات شاملة لإصلاح التعليم من بينها بعث كلية تربية وفرض منظومة التكوين المستمر للمتخرجين من الجامعات وكذلك التخلي عن مناظرة «الكاباس».
وزير التربية أدلى بدلوه كذلك في السياسة والوضع الأمني، وتحدث عن ظواهر الاستقطاب المتطرف والتحرش الجنسي والعنف داخل مؤسساتنا التربوية وغيرها من المواضيع الحارقة التي تهم الشأن التربوي.
هل تمت تسوية الوضعية المالية للمعلمين غير المضربين؟
- في ظروف عادية كانت هذه الوضعيات تسوّى بطريقة آلية، ولكن نحن لدينا إشكال يتمثل في أن المديرين لم يرسلوا لنا قائمات المعلمين المضربين وغير المضربين. ستتم تسوية الوضعية المالية للمعلمين غير المضربين عندما تصل القائمات. نحن طالبنا مديري المدارس بمدنا بوثيقة تثبت أن هؤلاء المعلمين لم يضربوا أو أن يصرح المعلمون غير المضربين كتابيا بأنهم لم يشاركوا في الإضراب وستتم تسوية كل الوضعيات المالية في الآجال المحددة بالتنسيق مع رئاسة الحكومة.
وماذا بشأن قرار الخصم من الأجور؟ ألن يتم التراجع عنه؟
- قرار الخصم من الأجور لا يهم فقط وزارة التربية بل مجموعة من الوزارات. تم عرض قرار الخصم على قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وحدث إجماع على قرار الخصم. الاتحاد العام التونسي ليس ضد هذه الفكرة بل ضد طريقة تفعيلها.
الخصم من أجور المضربين إجراء قانوني معمول به في كل البلدان. الإضرابات ظاهرة غريبة وغير عادية مما استوجب الحزم في هذه المسألة.
ولكن الاتحاد رفع قضيّة استعجالية على رئاسة الحكومة احتجاجا على قرار الخصم؟
- الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل هو حماية للعمل النقابي لأن العمل النقابي يصبح دون معنى إذا لم يتم الاقتطاع من أجور المضربين. الإضراب حق دستوري والاقتطاع من الأجور قانوني وجزء من العملية النقابية. للنقابات في البلدان المتحضرة ميزانية للتعويض للمضربين. أيضا لا بد من إرساء تقاليد جديدة. الإضراب حق دستوري ولكن يجب أن يكون آخر سلاح يقع استعماله مثل «الكي» تماما لأن سهولة تنفيذ الإضراب أضرت بالعمل النقابي وأضرت بالمفاوضات وبتقاليد المفاوضات.
التفاوض له شروط معينة، فلماذا نتفاوض والإضراب قد نفذ؟!
نقابة التعليم الأساسي طرحت مجموعة من المطالب ب12 نقطة وتم تحقيق 9 منها وهذا نجاح حققته الوزارة. هم يريدون الكل أو لاشيء وهذا ليس تفاوضا.
و بالنسبة لقيام الاتحاد برفع قضية على الحكومة، نقول إن الحكومة تحترم القضاء وسنمتثل لكل ما يصدر عن القضاء، في ما يخص الحكومة والوزارة.
المعلمون يتهمونك بالعجرفة والتعالي والتعامل مع مطالبهم بفوقية، بماذا تردون؟
- نحن لم نرفض مطلقا التفاوض مع نقابة التعليم الأساسي وهي أكبر نقابة تم التفاوض معها. نحن قلنا ليس لدينا إضراب ليس لأننا لا نحترم المعلمين أو نتعالى عليهم أو لا نشعر بوضعياتهم الاجتماعية. المسألة قانونية بحتة لأن التقاليد الجاري بها العمل تستلزم أن تتلقى وزارة التربية إشعارا بالإضراب من نقابة التعليم الأساسي ونحن لم نتلق أي إشعار بقرار الإضراب وعلمنا به عبر وسائل الإعلام.
كذلك المفاوضات بين الوزارة ونقابة التعليم الأساسي تستوجب حضور عضو المكتب التنفيذي وعندما جاء الأخير للتفاوض كانت الوزارة موجودة، وحتى غدا لو تطلب منا نقابة التعليم الأساسي عقد اجتماع تفاوضي «تتفضل» لكن مصحوبة بعضو مكتبها التنفيذي.
هل أن إضرابات التعليم مسيسة وتستهدف إسقاط ناجي جلول؟
- لا نتصور أن الإضرابات مسيسة. نقابة التعليم الأساسي نقابة ممثلة وعريقة. رفعت خلال الوقفة الاحتجاجية للمعلمين شعارات لا علاقة لها بالعمل النقابي على غرار تركيع الحكومة وشعارات أخرى لا أخلاقية لا نظن أنها صادرة عن المعلمين بل عن مندسين في هذه الوقفة. الغرابة كذلك هو مطالبة كاتب عام نقابة التعليم الأساسي بشكل واضح بإقالة وزير التربية. المسألة تحولت إلى خلاف شخصي مع الوزير.
أية جهة سياسية تقف وراء الحملة التي استهدفتكم؟
- نحن ننزّه الجميع، لكن هذه المطالب صدرت عن أطراف سياسية على غرار عدنان منصر. يبدو أن بعض جرحى الانتخابات من السياسيين وليس من النقابيين لم تعجبهم نتائج الإنتخابات الأخيرة.
هل ستتم حلحلة الأزمة بين الوزارة ونقابة التعليم الأساسي قبل موعد العودة المدرسية المقبلة؟ وهل توجد مساع في الغرض؟
- هناك مفاوضات ومساع من بعض الأطراف النقابية والسياسية لإيجاد حلول لتنقية المناخ الاجتماعي. كذلك هناك تقدّم ونتصور أنه ستتمّ تهدئة الأجواء وإيجاد حلول قبل موعد العودة المدرسية. توجد خطوات في الغرض من رئيس الحكومة وأيضا من رئيس البرلمان والإئتلاف الحاكم. نحن دوما متفائلون.
وهل توجد بوادر مشجعة من نقابة التعليم الأساسي لإنهاء الأزمة؟
- نقابة التعليم الأساسي لم تطلب بصفة رسمية التفاوض وعندما نتلقى طلبا رسميا للتفاوض، سنجلس للتفاوض. ونحن ليس لدينا المنح المالية فقط،هناك مسائل أخرى أيضا. هناك ملفات فنية يتم تناولها مع النقابات بما في ذلك نقابة التعليم الأساسي تتعلق بالنقل والإهرامات وبالعودة المدرسية وهذا الأمر يجري بصفة طبيعية لأن ملف التفاوض مسألة ثانية. أيضا نقول إن الترقيات صدرت بالرائد الرسمي يوم الجمعة الفارط.
يعتبر البعض أن بعض النقابات ومن بينها نقابة التعليم الأساسي خرجت عن سيطرة الاتحاد، ما رأيكم؟
- هذه مشكلة الاتحاد ومسألة داخلية تخصه.
قرار الإرتقاء الآلي لتلامذة الابتدائي وصف ب«الإرتجالي» و«الخطير» على جودة المنظومة التعليمية في بلادنا، فهل من توضيح؟ وألم يكن بالإمكان تفاديه؟
- الارتقاء الآلي ليس بدعة تونسية بل موجود في أغلب الدول. الإرتقاء الآلي معمول به في تونس من قبل وحاليا الارتقاء في الإبتدائي هو شبه آلي لأن أكثر من ٪90 من تلامذة المرحلة الابتدائية يرتقون آليا. الرسوب في الإبتدائي ظاهرة وتوجد حالات معينة منه فقط بالمناطق الداخلية بسبب عدم استقرار إطار التدريس.
نحن لم نرغب في أن يقع الإضراب ولكنه وقع. وزارة التربية اتخذت هذا القرار بعد نهاية الفترة المخصصة للامتحانات والوصول إلى مرحلة اللاعودة. أطفالنا يتوجهون صباحا إلى مدارسهم فيوضعون في قاعات ولا يدرسون ولا يمتحنون. قرار الإرتقاء الآلي هو قرار الضرورة وليس خيارا وهو بعيد كل البعد عن الإرتجالية وتمت دراسته من قبل لجنة مختصة من ثلاثة جوانب: أوّلها قانوني ويمكن لأي مواطن تونسي الرجوع إلى الفصل 24 من القانون التوجيهي للتربية والتعليم المدرسي الذي ينص على تنظيم التعليم الابتدائي بمقتضى أمر. وبالتالي يقع تنظيم الامتحانات وضبط نظام الارتقاء بقرار من وزير التربية وهذا ما قمنا به.
ثاني هذه الجوانب بيداغوجي، حيث وقعت دراسة تأثيرات هذا القرار وتم اتخاذ الإحتياطات اللازمة لتوفير إحاطة بيداغوجية استثنائية لتلامذة الإبتدائي في مستهل السنة القادمة وتم إصدار مذكرة في هذا الخصوص.
أما الجانب الثالث فهو إحصائي لأن اللجنة المذكورة قامت بمتابعة مدى تقدم وتفاوت مستوى إنجاز الامتحانات الشفاهية والكتابية حسب المؤسسة التربوية وحسب المربي. هل بعد كل هذا يقولون إنّ القرار إرتجالي؟! قرار الإرتقاء الآلي كان مدروسا في كل تفاصيله وبدقة متناهية.
و بالنسبة لخطورة هذا القرار على جودة التعليم؟
- عدم إجراء الامتحانات هو الخطير والمضر بيداغوجيا وعلميا ونفسانيا بالطفل. الضرر الأكبر هو ألاّ يجري التلميذ النجيب امتحاناته ولا يتم تقييمه لأن التقييم جزء من العملية التربوية والبيداغوجية.
ألا تجرى الامتحانات وألا يجرى التقييم، هذا هو الضرر الحقيقي ونحن حاولنا الحد من الإنعكاسات السلبية لعدم إجراء الامتحانات.
ما ردكم عما تم ترويجه حول رصد مقابل مادي للمتطوعين لمراقبة مناظرة السيزيام؟
- مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية رغم جميع شوائبها نجحت نجاحا باهرا. وزارة التربية أثبتت أنها قادرة على تسيير الوضع في أي ظرف كان وهذا يحسب لها. نحن تحملنا مسؤوليتنا، أبقينا على المواعيد وأنجزناها. الوزارة تلقت مطالب تطوع قدرت ب27 ألف مترشح لمراقبة المناظرة وهذا دليل على الإلتفاف حول المنظومة التربوية، ولكن نحن أنجزنا المناظرة بإطارات التدريس وبواسطة رجال التربية وخلافا لبعض التشويهات التي وقع ترويجها نقول إن الأولياء لم يقوموا بمراقبة أبنائهم.
أما بخصوص الحديث عن المقابل المادي، فمن الضروري التأكيد على أن كل الامتحانات الوطنية تشهد مكافآت مالية لعملية المراقبة والإصلاح. وهنا تؤكد الوزارة أن هذه السنة وبصفة استثنائية رفض كل من راقب المناظرة التمتع بمقابل مادي رغم أن هذا الأمر من حقهم القانوني. كذلك نذكر بأن من بين مطالب نقابة التعليم الأساسي الترفيع في منحة المراقبة.
كيف تقيمون واقع وآفاق المنظومة التعليمية في تونس؟
- نتائج الباكالوريا منحتنا صورة كاملة عن وضع المنظومة التعليمية في بلادنا بلا ماكياج. كما مكنتنا من النظر إلى أنفسنا في المرآة وهي مرآة عاكسة لصورة منظومتنا التعليمية وهي ليست كارثية لكن آن الآوان لنزيل عنها الكثير من تجاعيد الزمن وأن نتأقلم مع التحولات العلمية والسياسية والاجتماعية والتقنية وهي في حاجة إلى إصلاح عميق. نحن بدأنا في إصلاح المنظومة التعليمية بإطلاق الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية.
عملية الإصلاح التربوي تتطلب سلما اجتماعية داخل المؤسسات التربوية وتتطلب تفاعل كل مكونات الأسرة التربوية من وزارة ونقابات ووداديات وأولياء. في غياب التفاعل بين جميع مكونات الأسرة التربوية لا يمكن تفعيل هذا الإصلاح.
نسبة متدنية لنتائج الدورة الرئيسية لامتحانات الباكالوريا لهذه السنة، فهل عكست هذه النتائج تدهور المنظومة التعليمية والمستوى الحقيقي لشهائدنا العلمية خلافا لما كان متداولا؟
- لو طبقنا مقاييس السنة الفارطة لوجدنا نفس النسبة. هذه السنة وقع الحد من تضخم الأعداد ومحاربته وتم منح مصداقية جديدة لشهادة الباكالوريا. نسبة النجاح في الباكالوريا دون المتوسط ولكنها واقعية وتعكس مستوى تلامذتنا. نحن حاربنا الغش واعتمدنا مقاييس عالمية في امتحانات الباكالوريا.
هل أن إجراء محاربة الغش هو السبب الفعلي لتدني نسبة النجاح في الباكالوريا؟
- لا نتصور ذلك، ولكن محاربة الغش أعطت مصداقية لهذه الشهادة. المقاييس الجديدة التي تم اعتمادها هي من أعطت هذه النتيجة. كذلك وقعت محاربة العنف وسوء السلوك داخل المؤسسات التربوية وأعدنا الإنضباط إليها.
المجتمع المنظم هو من يجب أن ينتصر على المجتمع غير المنظم. اليوم يجب أن تعود هيبة الدولة وهيبة المؤسسات، والغش في الامتحان هو جزء من المجتمع غير المنظم. لا يوجد إفلات من العقاب.
ولكن ألا ترون أن عقوبة حرمان مرتكبي الغش لخمس سنوات كاملة من إجراء امتحانات الباكالوريا مجحفة نوعا ما وأنه كان بالإمكان تفعيل العقوبة لمدة عام أو عامين على أقصى تقدير؟
- الغش سرقة وإضرار بسمعة البلاد. الإضرار بشهادة الباكالوريا هو إضرار بالأمن القومي.
جدل حول أعداد الدورة الأولى من الباكالوريا في عدد من المعاهد وتشكيكات في فريق الإصلاح ولجنة الامتحانات، ما تعليقكم؟
- فريق الإصلاح والامتحانات يتم انتدابه من بين الأساتذة الأكفاء. الأساتذة الذين قاموا بإصلاح امتحانات الباكالوريا لم يقوموا بهذه المهمة لأول مرة أو لأول سنة. نحن لدينا ثقة في كفاءة إدارة الامتحانات وهي من أكفأ ما لدينا.
حصلت تسريبات في مثل هذا الامتحان في عدة بلدان، ونحن رغم الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها بلادنا تم تأمين سير الامتحانات في ظروف جيدة. كذلك هناك لجان كاملة تهتم بعملية الإصلاح لأن هذه العملية لا تنحصر في الأستاذ المصلح فقط. توجد عملية تثبت أخرى في جمع الأعداد. أيضا من حق كل ولي المطالبة بالتثبت من الأعداد لأن شعارنا هو الشفافية وليس لدينا ما نخفيه. كل من لديه إشكال في هذا الخصوص عليه التقدم بمطلب إلى الوزارة.
ما حدث هو وجود تضخم غير عادي للأعداد خلال السنة الدراسية. باكالوريا هذا العام أثبتت وجود هذا التضخم ولذلك يجب مراجعة عملية التقييم خلال الثلاثي الأول والثاني. كذلك توجد أسباب نفسية لعدد من التلامذة وعدة عوامل أخرى وراء هذا الإشكال، وكما قلت لك باب الوزارة مفتوح للتثبت من الأعداد المسندة في الدورة الأولى من الباكالوريا ولكن لا يوجد إصلاح ثان للامتحانات.
نتائج باكالوريا هذه السنة هي نفس النتائج في السابق، لكن ما تغير هو حذف نسبة ال٪25 وكل التونسيين طالبوا بحذفها. في كلمة «قبل كانت عندنا باكالوريا غير ربع، اليوم ولات عندنا باكالوريا».
أهم ما راهن عليه الزعيم بورقيبة هو التعليم والتنوير، لكن الإحصائيات المسجلة لأعداد الإرهابيين التونسيين الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية رهيبة، خاصة من أصحاب الشهائد الجامعية، فهل يعني ذلك أن ريادة وتطور منظومتنا التعليمية مغالطة كبرى ومجرد زيف؟
بورقيبة راهن على التعليم ونحن ننتمي إلى حزب بورقيبي جديد. نحن دائما نقول إن تحقيق أهداف «الثورة» هو استكمال للمشروع البورقيبي. من نزل إلى الشارع يوم 14 جانفي رفع شعارات بورقيبية «شغل، حرية، كرامة وطنية». الحرية هي حرية الفكر والنقد وحرية الإبداع وإن كان بالإمكان عنونة الإصلاح التربوي فستكون هذه العنونة هي «شغل، حرية، كرامة وطنية» وأنا كسياسي ملزم بتحقيق أهداف «الثورة».
أعداد التونسيين بالتنظيمات الجهادية كبيرة وهذا الأمر تدخل فيه عدة عوامل: اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها. الفكر الجهادي أصبح ظاهرة عالمية لا تمس فقط التونسيين، ولكن كيف يمكن الحد من ظاهرة التحاق التونسيين بالتنظيمات الجهادية؟ نحن لدينا مليون شاب خارج منظومتي التكوين والتعليم ويجب الاعتناء بهم لأن الحل ليس أمنيا فحسب. لا بد من تأهيل هؤلاء الشباب اجتماعيا ومهنيا والإحاطة بهم نفسيا لإعادة إدماجهم وإبعادهم عن مخاطر الإرهاب والإنحراف.
ولكن جامعيون وأصحاب شهائد علمية عليا يدمغجون ويستقطبون من قبل التنظيمات الجهادية، ملف يطرح أكثر من سؤال ويعكس في كل الحالات وجود خور ما في منظومة التعليم في بلادنا؟
- الأمر معقد. الإرهاب ظاهرة معقدة ارتبطت بالعولمة وليس بالواقع التونسي.
هل ستقع مراجعة مناهج ومضامين المنظومة التعليمية؟
- وزارة التربية أطلقت حوارا وطنيا حول إصلاح التعليم يوم 3 أفريل الفارط والحوار ما زال متواصلا وهو مفتوح لكل التونسيين. أنجزنا أكثر من 5000 منبر حوار في المدارس للمربين والتلامذة والأولياء، كما فتحنا هذا الحوار للأحزاب السياسية ولدينا لجان تعمل على جمع مخرجات الحوار. نحن قمنا فيه بالاستماع إلى كل التونسيين لأن إصلاح التعليم هو ملف حضاري ومجتمعي.
كذلك نقول إنه بعد أن تتم دراسة مخرجات الحوار ستتشكل لجان متعددة لإعداد كتاب أبيض يتضمن كل التوجهات الكبرى لإصلاح المنظومة التعليمية.
هل صحيح أن حزب التحرير من ضمن المشاركين في الحوار التربوي؟
نحن ننتمي إلى حزب حداثي تقدمي بورقيبي يؤمن بالدولة لا بالخلافة، والدور الأساسي للمدرسة ليس التلقين بل التكوين. «حزب التحرير» لا يؤمن بقيم الجمهورية ولذلك لا يمكن أن يشارك في هذا الحوار. نحن لم نشرك ولم نستدع هذا الحزب ولا ننوي تشريكه في الحوار حول إصلاح المنظومة التربوية.
خلال أيام سيتم الإعلان عن نتائج مناظرة الكاباس، فهل من الوارد مراجعة آليات هذه المناظرة أو التخلي عنها في السنوات المقبلة؟
- هذه المسألة تندرج في إطار الإصلاح التربوي. المبدأ العام هو القطع مع منظومة المربي الذي ينتقل مباشرة من مدارج الجامعة إلى أقسام التدريس. هناك أفكار تم طرحها من بينها إمكانية بعث كلية تربية لتكوين المدرسين وذلك بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي.
من نجح في مناظرة الكاباس سيتم تكوينه بشكل فعلي لا صوري ولمدة شهر أو شهر ونصف وبعد ذلك سيدخل في تكوين مستمر.
التوجه العام للوزارة هو القطع مع هذه المناظرة. التدريس مهنة وصنعة ويجب الإرتقاء بحرفية المدرس. كل التجارب الناجحة في العالم ارتبطت بجودة التدريس وجودة إطار التدريس من الناحية التكوينية والاجتماعية، إذ لا يمكن الإرتقاء بالمنظومة التربوية بدون الإرتقاء بالمدرس عبر التكوين المستمر.
التكوين المستمر لديه حوافز لأنه يجب تحفيز جهود المدرس الذي يعمل على الإرتقاء بنفسه، وأحد محاور الإصلاح التربوي تهم المكونين والتكوين.
يعني أن انتداب المدرسين مستقبلا سيتم حسب سنة التخرج أو السن؟
- لا نعلم بعد، الحوار ما زال جاريا.
هل هناك توجّه نحو خوصصة التعليم خلال المرحلة المقبلة؟
- نحن أبناء المدرسة العمومية ولا يمكننا أن نكون إلا مدافعين شرسين عن المدرسة العمومية. للأسف الشديد، ما حدث هذه السنة من إضرابات دفع جزء من الأولياء إلى التفكير في الإلتجاء إلى المدارس الخاصة، بمعنى أن ما وقع لم يخدم المدرسة العمومية. كذلك نحن لسنا ضد التعليم الخاص لأنه جزء من المنظومة التربوية وسنسعى إلى تقنين وهيكلة وفرض شروط صارمة للإرتقاء بهذه المنظومة.
هل من إجراءات لهيكلة منظومة الدروس الخصوصية التي أصبحت ظاهرة في بلادنا؟
- من الناحية القانونية من حقّ كل من يشتغل بالوظيفة العمومية أن يعمل فقط في قطاعي الفلاحة والفن لأنه يمنع الجمع بين الوظيفة العمومية وأي نشاط آخر باستثناء الفلاحة والفن.
الوضع جعل الدروس الخصوصية تصبح ظاهرة. يوجد إشكال في التعليم العمومي لأنه لولا تراجع جودة التعليم العمومي لما وجد التعليم الخاص، فمثلا أستاذ العلوم ليس لديه الوقت لإنجاز التمارين.
الدروس الخصوصية نتيجة لتراجع جودة التعليم العمومي وهذا الأسبوع لدينا مائدة حوار حول هذا الموضوع لأنه قبل إصدار القرار بشأنها سيتم تشريك كل الأطراف لدراسة هذه الظاهرة.
تقصدون أنه سيتم منع الدروس الخصوصية خارج المؤسسات التربوية العمومية؟
- المبدأ هو منع الدروس الخصوصية خارج الفضاء المدرسي. نحن وعدنا بإنهاء السنة الدراسية في ظروف عادية وحققنا وعدنا. كذلك نحن وعدنا بفتح حوار حول إصلاح المنظومة التربوية وفتحناه. أيضا نحن نعد بالقضاء على الدروس الخصوصية وسنقضي عليها لأن كل الوعود التي أطلقناها عملنا بها وحققناها.
ألا يوجد تفكير في حصر الدروس الخصوصية خارج الفضاء المدرسي لفائدة المتخرجين من قطاع التعليم المعطلين كإجراء واقعي للتخفيف من حدة البطالة ؟
- هناك تفكير في تنظيم دروس تدارك بالفضاء المدرسي وبعث مؤسسات خاصة للدروس الخصوصية تخضع للمراقبة البيداغوجية والمالية والفنية لتصبح جزءا من منظومة التكوين. يجب القطع مع التعليم الموزاي الذي لا يخضع إلى أية مراقبة إدارية أو بيداغوجية والذي يتم داخل فضاءات غير ملائمة.
ظواهر خطيرة بدأت تغزو مؤسساتنا التربوية كالاستقطاب المتطرف في صفوف تلاميذنا والعنف والتحرش الجنسي، إضافة إلى الفساد المالي والإداري لبعض الإطارات التربوية، فهل من تدابير لمحاربتها؟
- المدرسة جزء من المجتمع وليست معزولة عنه. الظواهر الإيجابية والسلبية توجد في المجتمع وفي المدرسة لكن لا يجب تهويلها وهي حالات فقط. سنتخذ كل الإجراءات التربوية والإدارية في هذا الخصوص والقضاء سيتكفل بالبقية.
كيف تشخصون تشابكات المشهد السياسي العام ببلادنا؟
- مشهد عادي جدا وبصدد التشكل. نحن انتهينا من المرحلة التأسيسية ودخلنا في مرحلة سياسية عادية ولكن ما زلنا في الطور الإنتقالي وفي مرحلة تحول ديمقراطي.
وكيف تقيمون الوضع الأمني؟ وهل صحيح أن تهديدات ما يسمى ب«داعش» أصبحت واقعا في تونس؟ (الحوار أجري قبل هجوم سوسة)
- «داعش» موجود في الشرق وفي ليبيا وخلاياه النائمة موجودة في تونس. قوات الجيش والأمن انتقلت من مرحلة الدفاع عن النفس إلى مرحلة الهجوم في حربها على الإرهاب، بمعنى أن المبادرة هي للجيش والأمن. كنا خلال السنتين الفارطتين بلدا مهددا بالإرهاب، لكن اليوم يمكن أن يوجد الإرهاب ولكنه لا يهدد كيان الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.