التونسية (تونس) انتشرت ظاهرة الإتجار بالبشر منذ العصور الغابرة، من خلال ما عرف بتجارة العبيد، وبيع السبايا وخطف الاطفال والنساء، وقد تواصلت هذه الظاهرة إلى اليوم، لكن بأشكال متنوعة وبتكتم شديد. هذه الظاهرة عرفت إنتشارا واسعا في العالم وتونس كغيرها من البلدان ليست بمنأى عنها، وهو ما كان جليا من خلال تكرار عمليات إختطاف وإختفاء الأطفال، والعثور على جثثهم في وقت لاحق، وازدياد عدد شبكات التسفير للجهاد أو الدعارة، رغم أن تونس كانت سباقة في مجال مكافحة الرقّ والعبودية منذ منتصف القرن التاسع عشر من خلال إصدار الأمر المتعلق بمنع الرق في 23 جانفي 1846، والأمر الصادر في 29 ماي سنة 1890 القاضي بتسليط عقوبة على كل من تاجر بالأشخاص وسلبهم حريتهم. ويمكن إعتبار الاتجار بالبشر عملية توظيف او تجنيد لاشخاص وايوائهم ونقلهم، أو الحصول عليهم عن طريق التهديد أو استخدام القوة او الاحتيال أو الاكراه عن طريق شبكات أخطبوطية في الداخل والخارج، واخضاعهم لأي شكل من أشكال العبودية رغما عنهم، وذلك بهدف استخدامهم او تسخيرهم للعبودية او اجبارهم على العمل القسري، أو على ممارسة البغاء او استغلالهم لأغراض جنسية أو الزج بهم كمقاتلين في الجيوش النظامية او في الميليشيات والجماعات المقاتلة، وتهدف ممارسات الاتجار بالبشر الى تحقيق ربح مادي كبير جدا للشبكات ووسطائها، كما يعتبر الاتجار بالبشرشكلا من أشكال الجريمة المنظمة التي تدر مليارات الدولارات، وتسيّر هذه التجارة شبكات كبيرة يمكن وصفها بالمافيوزية. صور مختلفة ... والهدف واحد تجارة البشر انطلقت أساسا من خلال خطف القاصرات من المدارس وتشويه طفولتهن عبر إغتصابهن، وجرهن للعمل في مجال الدعارة، أو جعلهن معينات منزلية لدى أباطرة المخدرات ودور الدعارة. شبكات تجارة الأشخاص تطورت لتشمل الباحثين والباحثات عن العمل والحالمين بجنة السفر إلى الخارج، وامتلاك العقارات، والسيارات والدولارات، وتفتح أمامهم أبواب النعيم المنشود، والذي سرعان ما يتحول إلى جحيم، بعد أن يكتشفوا أنهم وقعوا ضحايا هذه الشبكات، خصوصا النساء اللواتي يقع إجبارهن وغصبهن على ممارسة الرذيلة مع زبائن المحلات المتخصصة في تقديم اللذة تحت غطاء الملاهي والمطاعم الفاخرة والمقاهي والنوادي وغيرها، كما يتم استغلال الضحايا في الحروب كمقاتلين بالنسبة للرجال من خلال شبكات تسفير تحت عنوان الجهاد من أجل القيام بعمليات إرهابية ونيل الفوز العظيم والشهادة وجنة الخلد والحوريات، والاتجار بالأطفال من خلال البيع والعمل في المواد الاباحية والسياحة الجنسية والعمل في المنازل. تجارة البشر لم تقف عند هذا الحد، بل وصلت إلى درجة تحول الضحية الى مصدر قطع غيار بشرية، (حتى المرضى العقليون)، من خلال الاتجار بالاعضاء البشرية، بعد خطف الضحية وانتزاع واستغلال ما يصلح من اعضائه وبيعها. ترسانة ضخمة من التشاريع ... صادقت تونس على أهم الاتفاقيات الدولية والاقليمية المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر، منها اتفاقية الأممالمتحدة «لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية» بمقتضى القانون عدد 63 المؤرخ في 23 جويلية 2002 واتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل والمتعلق باستغلال الأطفال وبيعهم، كما صادقت سنة 2003 على البروتوكول التكميلي لاتفاقية الأممالمتحدة التي تنصّ على مكافحة الجريمة المنظمة والمتعلقة أساسا بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، إضافة إلى انها تعمل بترسانة من القوانين والتي ما زال التساؤل حول مدى نجاعتها قائما، على غرار المجلة الجزائية ومجلة الشغل إضافة إلى مجلة حماية الطفل فضلا عن القانون المؤرخ في 1991 والمتعلق بأخذ الأعضاء البشرية. وفي اطار ايفاء الدولة التونسية بتعهداتها المترتبة عن المصادقة على بروتوكول منع الاتجار بالاشخاص وقمعه ومعاقبته بما يستجيب الى المعايير الدولية في مجال مكافحة هذه الظاهرة، صادق مجلس الوزراء على القانون الأساسي المتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته بمنع كل أشكال الاستغلال التي يمكن أن يتعرض لها الأشخاص وخاصة النساء والأطفال ومكافحتها بمنع الاتجار بهم وزجر مرتكبيه وحماية ضحاياه ومساعدتهم، كما يهدف إلى دعم التعاون الدولي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص في إطار الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية. ويعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يرتكب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بالعدد من هذا القانون. يعاقب بنصف العقوبات المقررة لجرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون أو للجرائم المرتبطة بها كل من يحرض علنا بأية وسيلة كانت على ارتكابها. وإذا كان العقاب المستوجب هو الإعدام أو السجن بقية العمر يعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشرين عاما، كما يعاقب بالسجن مدة سبعة أعوام وبخطية قدرها أربعون ألف دينار كل من انخرط أو شارك بأي عنوان كان، داخل تراب الجمهورية أو خارجه، في جماعة إجرامية منظمة أو وفاق يهدف إلى إعداد أو تحضير أو ارتكاب جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون و تكون مدة العقوبة خمسة عشر عاما وخطية قدرها مائة ألف دينار لمكوني ومديري الجماعات أو الوفاق المذكور .ويعاقب بالسجن مدة ستة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار كل من يتعمد ارتكاب إعداد محل لاجتماع أعضاء جماعة إجرامية منظمة أو وفاق أو أشخاص لهم علاقة بجرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون أو إيوائهم أو إخفائهم أو ضمان فرارهم أو عدم التوصل للكشف عنهم أو عدم عقابهم أو على الاستفادة بمحصول أفعالهم.أو من يتولى توفير بأية وسيلة كانت أموال أوأسلحة أو مواد أو معدات أو وسائل نقل أو تجهيزات أو مؤونة أو خدمات لفائدة جماعة إجرامية منظمة أو وفاق أو لفائدة أشخاص لهم علاقة بجرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون. وتشمل العقوبة أيضا أعمال الإرشاد أو التدبير أو تسهيل أو مساعدة أو التوسط أو التنظيم بأية وسيلة كانت ولو دون مقابل دخول شخص إلى التراب التونسي أو مغادرته بصفة قانونية أو خلسة سواء تم ذلك برا أو بحرا أو جوا من نقاط العبور أو غيرها بهدف ارتكاب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون أو كان ذلك الشخص ضحية لها.. ويعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات الاتصال والمعلومات لارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون وذلك بقطع النظر عن العقوبات المقررة لتلك الجرائم. كما يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار كل من يمتنع عمدا ولو كان خاضعا للسر المهني عن إشعار السّلط ذات النظر فورا بما بلغ إلى علمه من معلومات أو إرشادات وبما أمكن له الاطلاع عليه من أفعال حول ارتكاب جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون، و يمكن للمحكمة أن تعفي من العقاب المنصوص عليه بالفقرة السابقة قرين المحكوم عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو إخوته.