بقلم عبد السلام لصيلع (1) «أضواء من الذاكرة : الحبيب بورقيبة» للاستاذ الشاذلي القليبي.. تاريخ طويل لملحمة طويلة في سنة 2012 صدر للاستاذ الشاذلي القليبي كتاب « أضواء من الذاكرة: الحبيب بورقيبة» باللغة الفرنسية.. ومؤخرا صدر هذا الكتاب الجميل باللغة العربية، وقد ترجمه الاستاذ محمّد معالي وراجع الترجمة الاستاذ عبد العزيز قاسم .. وهو في 225 صفحة من الحجم المتوسط. الكتاب مرجع نادر عن تاريخ طويل لملحمة طويلة، بأسلوب سلس، فيه المعلومات والإضافات والشهادات والاسرار والخفايا التي يحبّ معرفتها الناس وخاصة الدارسون والباحثون والمؤرخون فالأستاذ الشاذلي القليبي نجده في هذا الكتاب الباحث المناضل والمؤرخ المطلّع والأمين الذي يعرف كيف يتعامل مع التاريخ.. من هنا فإنّ لشهادته في الزعيم الحبيب بورقيبة مصداقيتها لأنه عمل معه مباشرة وإلى جانبه مديرا لديوانه الرئاسي، وهو الخبير في الشؤون الثقافية والإعلامية، وهو من أسس وزارة الثقافة وتولّى وزارة الإعلام من عام 1961 إلى عام 1979 الذي انتخب فيه أمينا عاما لجامعة الدول العربية وكانت الجامعة في عهده لأكثر من عقد من الزمن في أحسن ايامها. والاستاذ الشاذلي القليبي، اعتمادا على ما سبق من القلائل جدا الذين كانوا يفهمون شخصية بورقيبة ونفسيّته ومزاجه، بل هو الوحيد الذي كان يتمتّع بتقدير واخترام خاصيّن لدى الزعيم، وهو الوحيد الذي لم يتصادم معه ولم يختلف معه، وكان « سي الشاذلي» نجح في كلّ المهام التي كلّفه بها بورقيبة ، من الإذاعة والتلفزة ، إلى الوزارة ، إلى الديوان الرئاسي.. لذلك وغيره فإنّ هذا الكتاب جدير بالقراءة. وما يزيد في رونقه أنه يحتوي على الكثير من الصور التاريخيّة النادرة.. يتضمنّ الكتاب سبعة محاور رئيسية هي : معركة الزعامة انطلاقة رائعة تحديد المجتمع الحبيب بورقيبة والمرأة التنمية الملحمة الجديدة سياسة الحبيب بورقيبة الخارجية عودة إلى الانسان وفي خاتمة الكتاب نجد ثلاثة ملاحق تتمثّل في خطب الزعيم في الأحداث التالية: النظام الجمهوري هو نظام الشعب (باردو 25 جويلية 1957). إنكم أنتم أصحاب الحقّ ( أريحا 3 مارس 1965). من واقع الأوطان إلى هدف الوحدة. (تونس 16 ديسمبر 1972) فالخطاب الأول ألقاه الزعيم في المجلس القومي التأسيسي يوم اعلان الجمهورية قبل 58 سنة. والخطاب الثاني توجّه به إلى الشعب الفلسطيني في مدينة أريحا قبل 50 سنة. أما الخطاب الثالث فهو الذي ألقاه بورقيبة بحضور القذافي في قاعة البلماريوم قبل 43 سنة. وهذه الخطب الثلاثة تاريخية، في أمكنتها وأزمنتها ووقائعها. في توطئة الكتاب ، يقول الاستاذ عبد العزيز قاسم: « لقد وجد الحبيب بورقيبة لدى الشاذلي القليبي ما وجد دي غول لدى مالرو. ويضيف :« ينبّهنا المؤلف منذ البداية إلى أنه يتحدث عن اشياء شاهدها وأحداث عاشها وأنه اختار التطرّق إلى موضوعه من وجهة نظر ذاتية.ولكنّنا لا نلبث أن نكتشف أنّ الأمر يتعلق ب« ذاتية مجرّدة» بالمفهموم الذي طرحه الفيلسوف ألاَن (Alain) « أي باعتبارها الموضوعية الوحيدة الممكنة في مثل هذا العمل». ويقول الاستاذ عبد العزيز قاسم: « إنّ أناقة العبارة على مدى النصّ وشموخها أحيانا كثيرة هما وليدا فنّ برع فيه المؤلف، هو فنّ الايحاء والتلميح الذي قد يكشف عن الناس والاشياء ما لا يكشفه البسط والتصريح . هذا هو اسلوب الشاذلي القليبي والاسلوب، كما قيل هو الانسان، وإلى ذلك يتضمن الكتاب هاجس الغوص إلى صميم الأمور. إنّ الاحداث والشخصيات المذكورة أو حتى المشار إليها باقتضاب شديد تقدّم للشباب ممّن لم يعايش المرحلة صورا وعبرا تبعث على التفكير وتوسّع الآفاق. أمّا إلى من هم أكبر سنّا أولئك الذين عاشوها وشاركوا فيها من قريب أو من بعيد فالأمر مثير للحماس ومربك في الآن نفسه، وفي كل الأحوال فإنّ هذا النصّ يساعد على الذكر والذكرى بفضل نفاذ بصيرة شاهد متميّز وما يلقيه من أضواء كاشفة على فترة متباعدة نحتت خلالها ملامح تونس الحديثة. ثمّ إنّ ما يشدّ هنا انتباه القارئ الفطن أعني الذي خبر هذا الجنس الأدبي هو تحتفّظ صاحبه، تحفّظ مبالغ فيه ، بلاريب، فخلافا للعديد من النصوص التي عالجت مثل هذا الموضوع وعلى العكس من كتابها الذين يتباهون بالحديث عن أدوارهم الفعلية أو المتخيلّة إزاء هذا الحدث أو ذلك، فإنّ الشاذلي القليبي لا يكاد يقول شيئا عن تأثيره الحقيقي والمؤكد على الرئيس ( الحبيب بورقيبة. إنه يفضّل الإكتفاء باستحتضار شخصيات مؤثرة مثل صالح بن يوسف وأحمد بن صالح ووسيلة، شخصيات لم تخرج بسلام من علاقتها بالمجاهد الأكبر يرسم لها ملامح دقيقة ومدهشة أحيانا، ذلك هو فنّ « البورتريه» الذي سبق أن مارسه المؤلف بحذق كبير في كتابة « الشرق والغرب». ويتساءل عبد العزيز قاسم:« عديدة هي الكتب التي تناولت بالدرس عهد بورقيبة فبماذا يتميّز هذا الكتاب؟». وبنفسه يجيب :« منذ البداية نفى الاستاذ القليبي أنه قد وضع مؤلفا في التاريخ، لقد أراده، في تواضع العارفين، مجرد «أضواء من الذاكرة» إلاّ أنها في اعتقادي ساطعة بما فيه الكفاية لإنارة طريق المؤرخ إذ سيجد فيه بالتأكيد ما يمكّنه من تعميق بحثه وربّما تعديل توجّهه. هذا الكتاب، على العموم،شيّق جدا يقرأ كما تقرأ حكاية رجل عظيم كانت خصاله وعيوبه على مقاسه، وكم هي أخاذة تلك المقاطع التي يتحدث فيها الكاتب عن بناء قصر قرطاج وكيف كان بورقيبة يتابع يوميا مراحل إنجازه وكم كان فيه سعيدا عندما كان يجلس في البهو قبالة البحر سائلا أمواجه عنّ ارتطامات التاريخ فإذا به وقد بلغ من العمر مبلغه ينتزع من قصره انتزاعا. ومنذ الصفحات الأولى للكتاب يمعن الاستاذ الشاذلي القليبي النظر في النهاية غير السعيدة لقائد كان يحبّ أن تحيط به الجموع فإنذا هو يموت في عزلة شبه تامّة ولا يتمالك الكاتب أن يتساءل: « هل عليّ أن أضيف أيضا، تبرئة للذّمة ممّا قد يعزو إليّ الضمير من تقصير إزاء زعيم لم يكد يجد، لمّا تحالف الكبر والمرض عليه، من بين أقرب أصدقائه من يسدي له النصح ولا من بين أنصاره من يذود عنه». مثل هذه الاشارة العابرة إلى ما يتعرّض إليه القادة من تلاعب بعض البطانة وخذلان البعض الآخر، والأمثلة على ذلك كثيرة في التاريخ، وكلّها تحيلنا إلى «الرسالة في الصحابة » لابن المقنع. طويت الكتاب وفي النفس رغبة في العودة إليه لمزيد من التأمل في الأحداث وربّما لقراءة ما بين السطور. (2) الملتقى الوطني للشاعر منوّر صمادح بقمّرت في دورته العاشرة بدعم من المندوبية الجهوية للثقافة بتونس، تنظّم دار الثقافة عثمان الكعّاك بقمّرت الملتقى الوطني للشاعر منوّر صمادح في دورته العاشرة ، يومي 22 و23 أوت الجاري. ومن بين فعاليات الملتلقى محاضرة للدكتور أحمد الطويلي موضوعها «الابداع الفني والأدبي للشاعر منوّر صمادح من خلال ثنائية « المناجل والمطارق» ومسابقة أدبية في الشعر العمودي والحرّ وفذّ القصّ ، بالإضافة إلى معرض توثيقي وقراءات شعرية. (3) جلال باباي... سلامات تعرّض الشاعر اللّطيف جلال باباي إلى وعكة صحية حادة جعلته يلازم الفراش تحت العلاج، نتمنّى شفاء عاجلا وكاملا حتى يعود إلى حيويته ونشاطه الأدبي والثقافي المعهود وسلامات. (4) كلمات من ذهب يقول جبران خليل جبران : «الصديق المزيف كالظل، يمشي ورائي عندما أكون في الشمس، ويختفي عندما أكون في الظلام. (5) المسجد الأقصى يقول نزار قباني : « المسجد الأقصى شهيد جديدْ تضيفه إلى الحساب العتيقْ وليست النار وليس الحريقْ