البنك الدولي: بإمكان تونس تحقيق نمو اقتصادي هام بداية من 2030    تونس تدعو إلى الوقوف صفا واحدا ضدّ حرب الإبادة في فلسطين والتهجير القسري    الأستاذ محمد العزيز بن عاشور يرصد تحولات الموروث الثقافي التونسي في كتاب جديد باللغة الفرنسية    فوشانة: الكشف عن شبكة مختصة في تدليس العملة النقدية    النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تنعى الصحفي علي الجريدي    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    الرابطة ترفض إثارة النادي الصفاقسي.. و لا ويكلو ضدّ النادي الإفريقي    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    عاجل - إغلاق محل لبيع منتجات لحوم الخيول في بن عروس    وجيهة الجندوبي :'' ايتها الوطنية رجعلنا المسلسلات المكسيكية والكويتية خاطر كرهتني في وجهي الحقيقة''    وكالة التحكم في الطاقة: نحتاج استثمارات ب 600 مليون دينار لتخفيض الاستهلاك الطاقي في البلديات    أبطال أوروبا: تشكيلة بايرن ميونيخ في مواجهة ريال مدريد    غياب الحفناوي عن أولمبياد باريس: الناطقة الرسمية باسم جامعة السباحة توضّح    كأس الكاف :الزمالك يحتج على تعيين حكمين تونسيين في النهائي ضد بركان    كيفاش تتحصل على منحة العائلات المعوزة ؟    بين المنستير وصفاقس: الاحتفاظ بشخصين والقبض على منظمي "حرقة" ووسطاء    باب بحر: القبض على متورّط في عمليات سرقة    نُصب له كمين: القبض على عون رقابة للصحة العمومية مُتلبّسا بالرشوة    تطاوين: الشرطة البلدية تُنقذ طفلين من الموت    وزارة الفلاحة تؤكّد أهميّة استعمال التقنيّات الرقميّة لإرساء تصرّف ذكي ومستدام في المياه    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    التنوير العمومي للبلديات يستحوذ على 80 بالمائة من استهلاك الطاقة في ظل وجود اكثر من 730 الف عمود انارة    سليانة: تسجيل جملة من الاخلالات بكافة مراكز التجميع بالجهة    منزل تميم: تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    بطاحات جزيرة جربة تاستأنف نشاطها بعد توقف الليلة الماضية    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    البطولة العربية لألعاب القوى: ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    التونسي أيمن الصفاقسي يحرز سادس أهدافه في البطولة الكويتية    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    نجيب الدزيري لاسامة محمد " انتي قواد للقروي والزنايدي يحب العكري" وبسيس يقطع البث    إنقاذ فلاّح جرفه وادي الحطب بفوسانة..    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    بطولة مصر : الأهلي يفوز على الاتحاد السكندري 41    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    الاقتصاد في العالم    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    احتياطي النقد الأجنبي يغطي سداد القروض الاجنبية بنسبة هامة    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    رئيس جمعية مالوف تونس بباريس أحمد رضا عباس ل«الشروق» أقصونا من المهرجانات التونسية ومحرومون من دار تونس بباريس    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الاقتصادي عياض اللّومي ل«التونسية» :مبادرة المصالحة الوطنية تعقّد قضية الأموال المنهوبة
نشر في التونسية يوم 26 - 08 - 2015


تونس قادرة على مفاوضة الشركات العالمية
حان الوقت لفكّ الارتباط مع أوروبا
من الصعب على اللوبيات الأجنبية فرض أجنداتها على الشعب
حوار: أسماء وهاجر
هل سينجح الاعتدال التونسي في فك مخالب الاصوليتين الدينية والاقتصادية - ما يسمى بالرأسمالية المتوحشة-؟وفي ظل مساعي من الشركات العالمية –المتعددة الجنسيات- لبسط نفوذها على القطاعات الاقتصادية الحساسة في البلاد ومحاولة فرض شروطها على التونسيين؟ لماذا تواصل الحكومة صمتها حول إخلال مجموعة السبع بالتزاماتها حول استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة؟ وهل يمكن أن تكون المصالحة عملية تطبيع مع الفساد وانحرافا بمسار العدالة الانتقالية؟هذه القضايا وغيرها كانت موضوع حوار «التونسية» مع الخبير الاقتصادي والخبير محاسب السيد عياض اللومي الذي أكد أن الاعتدال التونسي هو الوصفة السحرية والتاريخية لمنع انقضاض المتطرفين سواء تعلق الأمر بالتطرف الديني أو بالتوحش الاقتصادي على الدولة التونسية مشيرا إلى أنه على يقين من أنه من الصعب ان تتمكن اللوبيات من فرض أجندات إلحاق أو عمالة على الشعب التونسي.
تونس بين شبح أصوليتين: الأصولية الاقتصادية (الرأسمال المتوحش) والأصولية الدينية ما رأيك ؟
تاريخيا تصدت تونس لجميع أنواع التطرف السياسي والديني والإقتصادي ولم ينجح فيها الا الإعتدال. من ذلك فشل الخوارج في الإنقضاض على الحكم وفشل الموحدين بسبب النظام الجبائي الجائر حيث كانت الدولة تقتطع ثلثيْ مداخيل الزياتين مثلا وحلت محلها الدولة الحفصية التي كانت أكثر اعتدالا وبنت امبراطورية بكل ما في الكلمة من معنى وتذكرون أيضا تجربة التعاضد وفشلها.
الخلاصة هو أن تونس وهي متوسطية جغرافيا تتصدى دائما للأصوليتين الدينيّة والمالية ورغم ذلك فانني أعتقد ان الشعب التونسي هو شعب يميني عموما بمعنى انه شعب محافظ ومتدين عموما ولكنه أيضا منفتح على الديانات الأخرى وبدون تعصب وهو شعب مرتكز على المبادرة الحرة ودعمها مع معطى اجتماعي تعديلي.
يرى البعض أن التصدي لأطماع الشركات العالمية في تونس أمر صعب وأنه لا مناص بالتالي من اقتصاد مسيّر بتوصيات المؤسسات المالية العالمية ما رأيك في ذلك ؟
الشركات العالمية هي معطى دولي وإقليمي لا يمكن تجاهله لكن لا بد من التعامل معه من منطلق وطني ومن منطلق تبادل المصالح لأن لدينا ما نفاوض من أجله وما يميزنا هو الموقع الجغرافي وكلفة الموارد وغيرها.
المسألة تتعلق أولا بالإرادة السياسية وبالرؤية بمعنى أنه على الحكومات القائمة ان تلتزم بمخطط مديري للتنمية والإستثمار طبقا لتطلعات أهل البلاد ومتطلبات شعبها وتميز القطاعات عن بعضها حسب المصلحة الوطنية وليس مصلحة القوى الإقليمية والدولية عموما من ذلك الإستثمار في الفلاحة ومسالك التوزيع والإقتصاد الرقمي والإقتصاد البيئي مثلا الذي يمكن ان يكون أحد مميزات المنتوج التونسي... الخ
في هذه الحالة وعندما تصبح الرؤية واضحة للدولة التونسية تصبح عملية الشراكة مربحة لأننا نعرف ماذا نريد وإلى أين نريد أن نصل. أمّا أن توكل أمرك إليهم فالأكيد أنّنا سنكون في أسوء حالاتنا.
هناك من يعتبر أن القوى السياسية التي فازت بالانتخابات لا تستطيع إلاّ أن تذعن للقوى الخارجية من حيث المنوال الاقتصادي باعتبار أنّها «ساندتها» للوصول إلى السلطة؟
لا أظن أن المسألة وصلت إلى هذه الدرجة. صحيح أن هناك نفوذا للوبيات الدولية في ترابط مع بعض العائلات التونسية الرأسمالية ولكن هناك تنوع الآن في المشهد السياسي ودور نشيط للمعارضة والإعلام والمجتمع المدني يجعل من الصعوبة ان تتمكن اللوبيات من فرض أجندات إلحاق أو عمالة على الشعب التونسي. وما يحدث في البرلمان من نقاش يؤيد فكرتي مثل قانون الطاقات البديلة الذي جوبه بصد كبير من أجل مراقبته لصالح المجموعة الوطنية وغيره من مشاريع القوانين أو الصفقات العمومية والإتفاقيات التي كانت تمرر قبل 14 جانفي 2011 بدون عناء يذكر.
يجب ألاّ ننسى أيضا ان هناك رأسمال وطني خاص متحرر تماما من النفوذ الأجنبي في جزء كبير منه وهو يلعب دورا في اتخاذ القرارات مما يجعل مسألة حسم الخيارات لصالح اللوبيات الاجنبية وبهذه السهولة مستبعدا تماما .لكن يجب النضال من أجل استقلالية القرار الوطني والتشهير بأية ممارسة تكرّس أجندات الإلحاق والعمالة.
اعتماد الردع للتصدي للتهرب الجبائي لتوفير مداخيل لخزينة الدولة أحد الحلول المقترحة لإنعاش الاقتصاد. هل تعتقد أن هذا الحل ممكن خاصة إذا كان بعض رجال الأعمال «محميين» ؟
أظن أن الضغط الجبائي في تونس عال جدا بالإضافة إلى غياب العدالة في التوزيع بين الشرائح المجتمعية. المطلوب هو مراجعة كامل النصوص الجبائية وفق منظومة أكثر سهولة في التطبيق وأكثر توزيعا بين المطالبين بالأداء. ومن الضروري بعد وضع المنظومة إصدار قانون عفو شامل وفسخ كامل المتخلد بالذمة لفتح صفحة جديدة لكن مع الصرامة في التطبيق وأظنّ ان هذه إحدى طرق إنعاش المالية العمومية في مقاربة شاملة طبعا وليس العكس. الكل يعلم ان الأموال موجودة بالبلاد ولكنها خارج الأطر المؤسساتية العادية من مصارف وغيرها وهي في تعد واضح على كل القوانين ولكنها وضعية فعلية لهذا لا بد من وضع آليات لإرجاع الثقة في المؤسسات وتوظيف جباية عادلة وليست مشطة لإعادة إدخال هذه الأموال في النظام المصرفي.
يُروّج البعض أن التبادل الحر مع أوروبا «انتحار» وأن الدولة التونسية سائرة نحو الخصخصة التامة.. من المستفيد الحقيقي؟ ما هي وجهة نظركم حول هذا الموضوع ؟
موضوع الخصخصة أصبح واقعا وضرورة لأنه من غير الممكن العودة إلى منوال الدولة المنتجة والإقتصاد مرتكز على المبادرة الحرة مع دور تعديلي للدولة بصفة استثنائية. ولدفع عجلة التنمية يمكن تصور منوال شراكة بين القطاعين العام والخاص بشقيه التونسي والأجنبي ولكن وفق رؤية ومنهج أي حسب مخطط مديري لتحقيق منوال تنمية متكامل ومن هذا المنطلق تكون الشراكات المرجوة بحسب المصلحة الوطنية.
لابد من تقييم شامل ودقيق للاتفاقيات التونسية الأوروبية وتحديد ايجابياتها وسلبياتها ولا أظن ان الموازنة ستكون لصالح تونس. لقد شهدت مفاوضات 72 خلافات كبيرة مع الأوروبيين وصلت حد مطالبتهم منصور معلّى (رئيس الوفد المفاوض) بعرض مسألة تفكيك غابة الزيتون في تونس على الحكومة وهو طلب جوبه طبعا بالرفض من السيد منصور معلّى في ذلك الوقت ولكن المفاوضات واجهت ضغط الغرف التجارية الأوروبية (فرنسا وايطاليا خاصة) وعدم السماح للمنتوجات الزراعية التونسية بدخول الأسواق. في الأثناء وقعت تونس اتفاقيات «الغات» لتحرير التجارة ولكننا لا نملك الإمكانات الأوروبية لمنافسة أوروبا في الصناعة والزراعة بالإضافة إلى تحكّم الأوروبيين في مسالك التوزيع في حين اننا نشتري جميع وسائل الإنتاج من أوروبا بمعنى ان التوازن مفقود تماما على مستوى المعاملات البينية مع أوروبا.
أنا اعتقد انه حان الوقت لفك الإرتباط مع أوروبا وتنويع العلاقات الإستراتيجية والتوجه خاصة لدول الجوار والانفتاح على قوى إقليمية أكثر صلابة طبعا كل هذا على مراحل وحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية.
هدف شراكة القطاعين العام والخاص ابتلاع القطاعات السيادية. ما تعليقك ؟
طبعا هذا مرفوض وهناك قطاعات لا يمكن خصخصتها إمّا بالنظر الى الجدوى الإقتصادية أو بالنظر إلى معطيات السيادة الوطنية.
هناك تساؤل يطرحه البعض: لماذا لا تفرض الحكومة التونسية على مجموعة G7 الوفاء بالتزاماتها من حيث تمكين تونس من الأموال المنهوبة والمهربة إليها في حين الجانب التونسي ينفذ ما التزم به ؟
هناك تقصير كبير في هذا الملف من الجانب التونسي ومبادرة المصالحة الوطنية زادت الأمر تعقيدا لأننا أصبحنا نعيش على نسق موقف ضمني من الحكومة بالتنازل عن هذه الأموال وهذا شيء خطير جدا بالنظر إلى حجمها أولا والذي يتجاوز 30 مليون دولار حسب تقارير البنك الدولي وأيضا إلى عدم الشعور بالعدالة عموما حيث يعاني المواطن التونسي الويلات جراء نقص السيولة والركود الإقتصادي في حين ينعم بن علي وأقاربه بالعيش الرغيد مما سلبه من خيرات هذا الشعب .
للأسف النظام القائم الآن يعقّد المسألة على نفسه على مستوى الشارع التونسي الذي أصبح متابعا جيدا للحياة السياسية والكل يعلم مثلا ان مجموعة السبع ملتزمة باعادة الأموال المنهوبة لتونس وقد أبدى بعض القادة للدول المكونة لمجموعة السبع تعجبهم لأن تونس لم تثر هذه المسألة في المحادثات خلافا لما كان متوقعا. كيف نريد من الدول ان تتعاون معنا في حين وأنّنا نفرّط في أموالنا التي يمكن ان تحل جزءا كبيرا من الأزمة إضافة إلى إشارة أساسية وهي ان الجمهورية الثانية ليس لها الرغبة إلى حدّ الآن في إرساء قواعد شفافة وحوكمة رشيدة متينة.
المصالحة هل هي تطبيع مع منظومة الفساد أم هي طريق قصير من أجل ضخ أموال جديدة في ميزانية الدولة؟ كيف تقرؤون مبادرة رئاسة الجمهورية ؟
أعتقد ان مبادرة رئيس الجمهورية حول المصالحة تتسم بالشجاعة السياسية لأنه فعلا لا مناص في رأيي من المصالحة ولكن هذه المبادرة تشوبها عديد النقائص أولها ما سبق أن بدر من السيد قائد السبسي نفسه عندما كان رئيسا للحكومة من وصف بن علي وأعضائه بعصابة المفسدين التي تنهش لحم الشعب التونسي ودمائه والتعبير للسيد السبسي بالإضافة إلى خطابه الشهير في 25 جويلية 2011 عندما أشار إلى سجن عشرات الوزراء والرؤساء المديرين العامين داعيا اياهم إلى الحياء وعدم الظهور في الأماكن العامة الخ كل هذا يمثل مشكل مصداقية للسيد السبسي في ذاته لأنه المتسبب في المسار الإنتقامي من منظومة بن علي على الأقل على مستوى الانطباع الذي تركه لدى الرأي العام والمعنيين خاصة.
من ناحية ثانية فإنّ المصالحة المالية والإقتصادية ولئن كانت ضرورية فإنّها تتطلب الجدية والشفافية على المستوى التشريعي وعلى مستوى آليات التنفيذ بمعنى ان تفصل الملفات والأشخاص المعنيين بالمصالحة وألاّ يترك الأمر مفتوحا للجنة محدثة وبطلب من المعنيين أي ان السلطات تتلقى الطلبات وليست طرفا فاعلا في صورة الحال حسب ما ورد في مشروع القانون المقترح.
المصالحة تفرض المصارحة والشفافية لتفكيك التنظيم الإجرامي الذي كان يسود الدولة والبرهنة على انه كان يقع تطويع القانون والمؤسسات لنهب المال العام من طرف الرئيس السابق وأصهاره.
من ناحية أخرى فإنّ هناك أولويات قبل الحديث عن المصالحة وهي إرساء مؤسسات الجمهورية الثانية عموما وتلك المتعلقة بالشفافية والمراقبة والحوكمة الرشيدة بصفة خاصة وإصلاح القضاء من ناحية تدعيمه ماديا لتقليص آجال التقاضي وأيضا ضمان الاستقلالية مؤسساتيا عبر احداث مجلس أعلى للقضاء مستقل تماما عن السلطة التنفيذية كل ذلك من أجل ضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم في حق الشعب التونسي.
اذن هذه المباردة يجب ان تتبلور بشكل كبير ومن السابق لأوانه تحويلها إلى مبادرة تشريعية في صيغتها الحالية حسب رأيي.
هناك من يتحدث عن فزّاعة خروج الشركات الأجنبية من تونس من اجل شيطنة العمل النقابي والدليل أن الإحصائيات الرسمية لوكالة الاستثمار الخارجي تؤكد أن عدد المؤسسات الأجنبية مازال مستقرا. ما هي وجهة نظرك ؟
هناك تعسف كبير في استعمال حق الإضراب هذا أكيد وهو من العوامل المؤثرة سلبيا على نسق نمو الإستثمار الداخلي والخارجي ولكن هناك أيضا عوامل أخرى تتعلق أساسا بمناخ الأعمال عموما من تشريعات وبيروقراطية وفاعلية في التقاضي وتنفيذ الأحكام والجهاز المصرفي... الخ
أعتقد ان التعددية النقابية يمكن ان تكون جزءا من الحل ولكن عموما لا بد من دعم المبادرة الخاصة بكل الوسائل وتنقية الأجواء الإجتماعية والعمل على اعادة روح الإنتاجية إلى العامل التونسي الذي هو في النهاية الهدف ولا بدّ من رفع الروح المعنوية للعامل التونسي عبر تمكينه من حقوقه على أكمل وجه لضمان العيش الكريم وهو الهدف الأسمى الذي نتوق إليه جميعا: العيش بكرامة في وطننا.
بعد أشهر من الانتخابات هل يمكن أن نقول أن أدائيْ كل من وزير الصحة ووزير التربية ينبئان بانطلاق إصلاحات ميدانية ؟
الثابت ان هناك تميز لهذين الوزيرين بالذات وبالفعل يتعلق الأمر بالعمل الميداني ولكن كذلك هناك حسم في عديد المواقف وبقطع النظر عن موقفي من جوهر المواضيع وهي ليست من اختصاصي أرى وأنّنا منهجيا نحتاج إلى وزراء على هذه الشاكلة وأقصد بذلك ميدانيين وجريئين في الحسم واتخاذ القرار والتنفيذ. طبعا هناك مسؤولية سياسية على الوزير تحملها ولكن عموما الإدارة التونسية تحتاج إلى قيادة جدية وإلى وزراء يعطون المثل بجديتهم وتحملهم المسؤولية .
كرجل اقتصاد هل يمكن لقانون الإرهاب بصيغته الحالية أن يضع حداّ للتهريب وللاقتصاد الموازي؟
التهريب والإقتصاد الموازي ظاهرتان تتفاقمان بسبب ضعف الدولة وفقدان الثقة في المؤسسات والموضوع يتجاوز آلية قانون «الإرهاب» الذي هو بدون شك ضروري وقد تعرضت سابقا بالتحليل للعلاقة المتينة بين تمويل «الإرهاب» والتهريب ولكن هذا غير كاف. ما نحتاجه هو بناء مؤسسات الجمهورية الثانية وانجاح ثورة تشريعية لقوانين الأعمال والجباية والصرف والقمارق تعتمد المرونة وتتناسب مع أساسيات اقتصاد السوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.