يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2016 ضمن محور الإصلاح الديواني، منح رؤساء الإدارات المركزية والجهويّة للديوانة حق مباشرة إجراءات إثارة الدعوى العموميّة في المادة الديوانيّة والطعن بالاستئناف والتعقيب في الأحكام الصادرة ضدّ إدارة الديوانة. وفسر المشروع هذا المقترح بأن الفصل 318 من مجلة الديوانة حصر مهام إثارة الدعوى العموميّة وإحالة المحاضر المستوفاة الشروط مصحوبة بطلبات إدارة الديوانة في وكيل الجمهوريّة المختصّ، التابع لإشراف وزير المالية أو من فوّض له وزير الماليّة ذلك ممّن له صفة مدير إدارة مركزيّة أو جهويّة للديوانة. ومن ناحية أخرى حصرت الفقرة 3 من الفصل 318 من مجلة الديوانة اختصاص الطّعن بالتعقيب لدى وزير المالية أو المدير العام للديوانة بمقتضى تفويض من وزير المالية. وتعترض إدارة الديوانة العديد من الصعوبات عند تطبيق أحكام هذا الفصل، تتمثل أساسا في غياب التفويضات للأشخاص المعنيين بإثارة وممارسة الدعوى العمومية لدى المحاكم نتيجة اشتراط الفصل المذكور صفة مدير إدارة (تسمية قانونية في تلك الخطة). وقد ترتّب عن ذلك الحكم بطلان إجراءات التتبع في عديد القضايا ممّا أثر سلبا على موارد ميزانية الدولة. كما لاحظ المشروع أن حصر اختصاص الطّعن بالتعقيب لدى وزير المالية أو المدير العام للديوانة يؤدّي إلى العديد من الصعوبات التطبيقية بخصوص القضايا التي يتمّ تتبعها خاصة من قبل المديرين الجهويين للديوانة. ولتجاوز هذه الإشكاليات تم اقتراح توسيع قائمة الأشخاص المؤهلين للطعن بالتعقيب في الأحكام الصادرة ضد إدارة الديوانة لتشمل علاوة عن وزير المالية والمدير العام للديوانة، المديرين المركزيين والجهويين للديوانة. تسوية وضعية البضائع كما تم اقتراح إضفاء مزيد من المرونة لتسوية وضعية البضائع الموضوعة قيد الإيداع الديواني بما يمكّن من تخفيف الاكتظاظ بمساحات التسريح الديواني والرفع من مردوديّة الموانئ. وطبقا لأحكام مجلة الديوانة، توضع البضاعة وجوبا قيد الإيداع الديواني في صورة عدم إيداع التصريح الديواني أو رفع البضاعة أو وسقها خلال الأجل القانوني المحدد ب 4 أشهر. وبالرغم من ذلك لوحظ تراكم البضائع الموضوعة قيد الإيداع الديواني دون أن يتقدم أصحابها لتسوية وضعيتها وهو ما ساهم في اكتظاظ المواني ومغازات التسريح الديواني التي أصبحت تستعمل من قبل بعض المتعاملين كفضاءات تخزين. وفي إطار التخفيف من هذا الاكتظاظ والرفع من مردودية ونجاعة فضاءات التسريح الديواني يقترح المشروع التسريع في تسوية وضعية البضائع التي لا يتم رفعها أو وسقها في الآجال القانونية باعتماد إجراءات مرنة للتصرّف في هذه البضائع، وذلك بالتخفيض من أربعة أشهر إلى ستين يوما في فترة الإيداع التي يمكن على إثرها لإدارة الديوانة التصرّف في البضائع. وتم اقتراح تمكين إدارة الديوانة من بيع البضائع المتراكمة أو التي يخشى من تدني قيمتها بعامل الزمن في الإبان وبعد الحصول على ترخيص في ذلك من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة، على غرار البضائع القابلة للتلف أو التي توجد في حالة حفظ سيئة، مع الترفيع من ألف دينار إلى خمسة آلاف دينار في الحدّ الأقصى لقيمة البضائع التي تعتبر متخلى عنها لفائدة الدولة بعد انقضاء أجل الإيداع. تبسيط إجراءات منح ترخيص الوساطة لدى الديوانة وفي سياق متصل بالإصلاح الديواني اقترح المشروع تبسيط إجراءات منح ترخيص الوساطة لدى الديوانة بمنحه للمؤهلين الذين يجتازون بنجاح فترة تكوين ديواني بإحدى المدارس المصادق عليها من وزير الماليّة بهدف دعم وظيفة التكوين وتسهيل تواصل المؤهّلين مع إدارة الديوانة كما هو الشأن بالنسبة لرؤساء الإدارات الجبائية. إجراء جريء و من ضمن القرارات الجرئية التي تضمنها مشروع قانون المالية للعام المقبل في الإصلاح الديواني، تبسيط إجراءات عقد الصفقات المتعلقة بحاجات الإدارة العامة للديوانة ذات الصبغة السريّة بعدم إخضاعها لتأشيرة مراقب المصاريف العموميّة وذلك على غرار ما هو معمول به بالنسبة لرئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع ووزارة الداخليّة. وقد استثنى الفصل 88 من مجلة المحاسبة العمومية المصاريف ذات الصبغة السرية لرئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية من الحصول على التأشيرة المسبقة لمراقبة المصاريف العمومية، وذلك نظرا للصبغة السرّية والاستعجالية للمصاريف المذكورة. ونظرا لأن المرحلة الراهنة تقتضي من أجهزة الديوانة سرعة في التكيّف مع تنامي نسق التهريب والتطوّر النوعي في أساليب الغش والطرق التي ينتهجها المهرّبون للتحيل والتصدّي لأعوان الديوانة ومع التداخل الواضح بين جريمة التهريب والجريمة الإرهابية، فإن هناك توجّها لتعزيز قدرات مصالح الديوانة بصفة متواصلة وسريعة بالوسائل والتجهيزات ذات الصبغة الأمنية والدفاعية والمعدّات الخصوصية ومعدّات الإرسال يقترح استثناء النفقات ذات الصبغة السرّية للإدارة العامة للديوانة من التأشيرة المسبقة لمراقبة المصاريف العمومية على غرار ما هو معمول به بالنسبة لمصالح رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية. إجراءات أخرى وتضمن محور الإصلاح الديواني، في مشروع قانون المالية كذلك جملة من الإجراءات المقترحة من ذلك مزيد ترشيد منح الإعفاء من دفع الأداءات والمعاليم المستوجبة عند التوريد والاقتناء بالسوق المحلية للمعدات الدارجة بتحديد السن القصوى للمعدات الدارجة بخمس سنوات على غرار شاحنات نقل البضائع. وخلص المشروع إلى تكريس مفهوم المتعامل الاقتصادي المعتمد بمجلّة الديوانة قصد دعم الشراكة بين إدارة الديوانة والمتعاملين الاقتصاديين وتفعيل اعتماد هذا الإجراء في إطار الإيفاء بالتزامات البلاد التونسية المترتبة عن تطبيق اتفاق تسهيل المبادلات للمنظمة العالمية للتجارة.