على من يشكّك في «الجبهة» امتحانها في السلطة تفاهم «النهضة» و«النداء» حياد عن خريطة طريق الحوار الوطني ميزانية 2016 هي ميزانية «الويسكي» و«الكافيار» حوار: أسماء وهاجر ماذا جنى شباب الثورة من الثورة؟ هل أكل من ثمارها أم اكلته عملا بمقولة «الثورة تأكل أبناءها»؟ المسألة لا تخلو من التعقيدات في ظل كم الانتقادات الذي وجه للحكومات التي تعاقبت بعد الثّورة والتي أخذت على عاتقها مسؤولية البناء وتحقيق أحلام المهمشين والمحرومين والعاطلين عن العمل فماذا حققت؟ وماذا فعلت بوعودها؟ وهل كانت في مستوى اللحظة التاريخية أم كرّرت أخطاء أكثر من خمسين عاما من الحكم خاصة في ظل حديث عن ارتداد عن مبادئ الثورة والعودة إلى المربع الأول بسبب التمسك بسياسات النظامين السابقين التي أثبتت فشلها؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت أحد محاور حوار «التونسية» مع الدكتور فتحي الشامخي الأستاذ الجامعي والباحث في الاقتصاد والقيادي ب«الجبهة الشعبية» والنائب بمجلس النوّاب وصاحب العديد من المؤلفات والكتابات آخرها كتاب سيصدر قريبا حول المديونية والفساد. محدّثنا أكّد أنّ بلادنا واقعة تحت سيطرة ثالوث مستبد هو: صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والمفوضية الأوروبية جازما بأنّ الحكومة تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول. بماذا سيستقبل 17 ديسمبر 2015 والحكومة تنتظر المصادقة على قرض 1400مليار سيدفعه الشعب من الضرائب ؟ - سنستقبل الذكرى الخامسة لثورة الحرية والكرامة بمزيد من الشهداء ومزيد من المعطلين عن العمل والمفقّرين ومزيدا من الاحتقان الاجتماعي والشعور بالحيف والظلم كما ستستقبل مئات الآلاف من الشباب هذه الذكرى بثقة مهزوزة في المستقبل وافاق غير مطمئنة وبحيرة أكبر. سبق لك أن صرّحت بأنّ كلّ الحكومات التي جاءت بعد الثّورة «خادمة مطيعة» للدّوائرالرأسمالية الأجنبية. البعض يعتبر هذا الكلام مغالاة في الشعبوية؟ - أؤكد زعمي بأن الحكومات المتعاقبة بعد فرار المخلوع هي حكومات تنفيذ برامج وسياسات واجراءات تصمم خارج المؤسسات الديمقراطية التونسية. سياسات يعدها التكنوقراطيون سواء في المنظمات المالية الدولية أو المفوضية الأوروبية وهي ليست بسرّ. فمثلا عقدت الحكومة التونسية في أفريل 2013 اتفاقا مع صندوق النقد الدولي حول قرض الواحد فاصل 7 مليار دولار مقابل حزمة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية مرفوقة بخريطة طريق تلتزم من خلالها الحكومة التونسية بسلم زمني فيما يصرف الصندوق القرض على 8 أقساط وبإمكان ذكر نفس الامثلة مع البنك العالمي والبنك الاوروبي للاستثمار والمفوضية الاوروبية خاصة هذه الاخيرة التي تعد الحكومة الحقيقية للبلاد التونسية والتي نحن بصدد التفاوض معها في ملف على غاية من الخطورة يتعلق بتعميق المبادلات التجارية وحرية رأس المال. هذا ما اقصده بحكومات «خادمة مطيعة». في اعتقادكم هل توجيه كل هذه الانتقادات للحكومة نابع من خيار الجلوس على الربوة ؟ - لم نجلس يوما واحدا على الربوة وفي ظل الحكم الدكتاتوري كنّا في ساحات النضال وطالنا ما طالنا من قمع واستبداد. أما بعد الثورة فنحن ايضا في ساحات النضال وتقدمنا للانتخابات ونحاول ان نعرّف عموم التونسيين بأفكارنا وتصوراتنا ونحن الآن متواجدون داخل مجلس النواب وعددنا 15نائبا. كان بودّنا أن ننال ثقة التوانسة وان نكون الاغلبية في هذا المجلس لكن لم يحصل ذلك وبالتالي لا يمكن ان نحاسب على السياسة التي تقررها الأغلبية أما من يريد أن يعرف إذا كنّا قادرين على تغيير الأوضاع فلينتخبنا وليختبرنا في السلطة . لكن كانت أمامكم فرصة تاريخية للمشاركة في السلطة لكنكم رفضتم ؟ - أولا بعد الانتخابات وبعد ان وقع تكليف الحبيب الصيد وقع الاتصال ب«الجبهة الشعبية» للدخول في هذا التشاور قبلت «الجبهة الشعبية» الدعوة وقابلت الحبيب الصيد عدة مرات وقدّمنا وجهة نظرنا ولخصناها في مسائل معقولة لكن في النهاية كان من اتخذ القرار بشأن تركيبة الحكومة تماما كمن شارك في «كاستينغ». فتشكيلة الحكومة مسؤول عنها الحبيب الصيد والحزبان الفائزان. كان بودّنا أن يكون رد الحبيب الصيد على مقترحات «الجبهة الشعبية» بأنها «معقولة وسنقبل نصفها فما رأيكم؟» كنا سنقول «على الضالين آمين» لكن لم يتم الاتصال بنا والحبيب الصيد فضّل أحزاب الائتلاف لأنّها لم تعارض مواصلة العمل بالسياسية السابقة. في أحد تصريحاتك اعتبرت ان برنامج الحكومة يجسم أبعاد الثّورة المُضادّة؟ ماذا تقصدون؟ - أولا الشيء المؤكد هو قيام ثورة في تونس والثورة تكون على الشيء القائم وبالتحديد على ربع قرن من حُكم بن علي بجميع جوانبه الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. الشيء المؤكد الثاني انه في جوهر هذه الثورة طموح وتطلعات الى شيء جديد أفضل. تحدثنا عن الكرامة والحرية والسيادة الوطنية. أما الثورة المضادة فهي الارادة السياسية وكل الممارسات والافعال والمناورات والتكتلات التي تهدف الى إفشال وتعطيل هذا المسار التاريخي وهو ما ينطبق بحذافيره على سياسة الحكومات المتعاقبة والقوى السياسية الداعمة والمكونة لها أعني كل الأحزاب التي شاركت في السلطة والتي اعتبرها قد تآمرت على هذا الشعب حتى تحوّلت بلادنا إلى مرتع للفساد وللسلفيين والإرهابيين والمهرّبين. ما هي مآخذكم على مشروع ميزانية 2016 خاصة وأنتم متهمون بترويج ثقافة اليأس؟ - أولا من المفيد التذكير بأهمية الميزانية ودورها الاساسي في حياة البلاد فهي من حيث قيمتها تمثل تقريبا ربع الناتج المحلي الخام. يعني بعبارة أخرى هي ثلث رقم المعاملات وبالتالي فإن هذه القيمة المالية تعطيها أهمية قصوى فهي قادرة على الأفضل كما هي قادرة على الأسوإ. أما المعنى السياسي فهو يتمثل في تحديد أولوياتها وخياراتها ومنطقها العام يلخص برنامج الحكومة ومن ورائها الأحزاب السياسية الحاكمة وبالتالي يمكن للناخبين والناخبات ان يعاينوا من خلال الميزانية مدى احترام الأحزاب الفائزة في الانتخابات وعودها الانتخابية. فهي بدون منازع اهم حدث اجتماعي واقتصادي وثقافي في البلاد. ما يمكن ملاحظته من خلال معاينة الخمس ميزانيات الماضية والميزانية القادمة والمبرمجة لسنة 2016 هو التناقض الصارخ بين النوايا المعلنة في شرح الأسباب: مثلا إعادة الثقة في الاقتصاد وإنعاشه ودفع النمو ودفع التشغيل كلها نوايا حسنة لكن لا يجب ان يقف تقييمنا على مستوى النوايا وعندما ننظر الى ما تتضمنه الميزانية من إجراءات سواء من حيث مواردها أو من حيث نفقاتها نجد أنها لا تفي بالحاجة أو هي تتعارض مع النوايا المعلنة اي ان الحكومة تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول وحجتنا في ذلك النتائج الوخيمة والتدهور المتواصل للوضع. كما ان التحجج بالإرهاب او بالإضرابات أو بالزيادة في الأجور لتبرير الفشل مردود على أصحابه لأنّ مردّ هذه الأشياء الإساءة الى الاغلبية وسياسة الإضرار بالصالح العام. مثلا نبدأ بمثال الفقر في تونس أي مقاومة الفقر وأعني هنا ليس فقط من الناحية الاخلاقية والمعنوية لان كرامة الانسان ومنظومة حقوق الانسان تجعل واجب حفظ الحقوق مقدّسا كما نصف شعبنا من الناحية الاقتصادية من الفقراء والمعدمين نصفه مشلول وقدرات مواطنيه ضعيفة فالكل يعلم أنّ النجاعة والفاعلية الاقتصادية تتطلب شعبا في صحة جيدة ومتعلّما بالضبط كالرياضيين فلا يمكن للرياضي ان يحقق أرقاما قياسية وهو جوعان وضعيف فماذا فعلت الميزانية لدينا؟ مثلا وزارة الشؤون الاجتماعية موضوعها رعاية السكان المفقرين أو المعدمين أي الشريحة من السكان الذين اصبحوا عاجزين عن الحياة دون رعاية من الدولة وتشمل رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية 850 ألف عائلة أي ما يفوق اربع ملايين وخمسمائة ألف مواطن. فما هي الاعتمادات التي ستوظفها ميزانية 2016 لرعاية هؤلاء السكان المبلغ هو 881 مليون دينار اي ما يمثل 3بالمائة من اجمالي الميزانية. في نفس الميزانية رصدت الحكومة 5130 مليون دينار لخلاص ديون المخلوع ما يمثل 17,6بالمائة من اجمالي الميزانية. بعبارة أخرى ستخصص الحكومة ل4,5 بالمائة من ميزانية الدولة مقابل 17,6 بالمائة لعشرة دائنين اغنياء واستشهد بقولة لتوماس سنكارا رئيس بوركينا فاسو سابقا - قال في هذا الغرض اثناء مواجهته لإشكالية شبيهة «لو بجّلنا تسديد الديون على ضمان الاكل للسكان لمات أغلب هؤلاء في حين أنّنا لو بجّلنا أكل السكان فلن يموت الدائنون جوعا» يعني هناك مسألة أولوية هذا ما تقوله الحكمة الانسانية والمعقول لكن الحكومة تحافظ على نفس الأولويات كأنّ شيئا لم يكن ليظل خلاص الديون العنوان الأول للميزانية تماما مثلما كان الشأن في عهد بن علي. مثلا قضية التشغيل التي هي في بعد من أبعادها قضية أمن قومي بامتياز والحكومة تعلن أنّها في حرب على الإرهاب بمعنى تضحي بالغالي والنفيس من اجل الامن القومي فأي حرب على الارهاب حينما تعمل جاهدة على تأجيج كل عوامل تقويض الأمن القومي أي توسيع دائرة التهميش والبطالة؟ يمكن ان نذكر كذلك مسألة انتعاش الاقتصاد والزيادة في نسق النمو. نحن نعلم ان كل اقتصاد بقدر ما هو في حاجة للتصدير بحاجة الى قاعدة وطنية صلبة يعني سوق محلية قادرة على ضمان الاقتصاد والمقصود هنا طاقة الاستهلاك لدى التونسيين والتي تتحدد في المقام الاخير بما يحصلون عليه من دخل وعندما نلاحظ ان السياسة الجبائية تعمل بصفة لا تعرف الكلل او الملل على تخريب القدرة الشرائية للمواطن اما بالتضريب المشط للأجور أو بتوسيع نطاق الاداء على الاستهلاك أو معلوم الاستهلاك نفهم أنّ هذه الضرائب تضعف القدرة الاستهلاكية للمجتمع وبالتالي تضعف القاعدة التي ينشط عليها الاقتصاد المحلي وهو ما يتعارض مع اعلان الحكومة سعيها لتنشيط الدورة الاقتصادية. أما بالنسبة لثقافة اليأس فأعتقد وأنا مستعد لمحاججة أي كان في ذلك أن من يزرع اليأس وأكثر من اليأس أي الخراب هي هذه السياسات المفروضة على الشعب والمطبقة اكثر من ربع قرن. فهل هي افكارنا المسؤولة عن توسيع دائرة الفقر؟ نحن نحاول ان نعزز ثقة التونسيين في مستقبل أفضل وهو ما نردده باستمرار وهذا هو الشيء الذي يعطينا القوة لكي نواصل المقاومة والنضال لأننا نعتقد ان قدرات تونس المادية والبشرية تسمح ان تكون أوضاعها افضل بكثير والتاريخ يثبت ذلك وبإمكانه أن يتكرر في الحاضر فليس هناك ما يبرر الوضع التعيس هذا.. وضعنا ليس قدرا وإنّما بفعل فاعل. صرحت كذلك بأن مشروع ميزانية 2016 يتضمّن تعويض التشغيل بالويسكي والكافيار، ماذا قصدتم بذلك ؟ - سيقع التخفيض في نسبة معلوم استهلاك الويسكي من 648 بالمائة إلى 50بالمائة كما ان الاجراءات الجبائية «الرائعة» التي ستدخل حيز التنفيذ بداية من جانفي 2016 تتضمن إعفاء الكافيار من الاداء على الاستهلاك ولذا انا اعتبرت انطلاقا من معاينة هاتين العينيتين اننا بصراحة في وضعية درامية. فالميزانية تستهين بالتشغيل وبالفقر وبالتنمية الجهوية ونراها في المقابل تعير الاهتمام لمواد ليست من عادات التونسين أو أغلبيتهم. فماذا سنقول للفقير والمعطل عن العمل؟ نقول له سنخفض في معلوم استهلاك الويسكي والكافيار؟ وهذا دليل على اللخبطة. فبالنسبة للويسكي وتوابعه الإجراء مبرر بمقاومة التهريب في حين انه استجابة لمطلب اساسي من اصحاب النزل للضغط على التكلفة ودعم القدرة التنافسية للمنتوج السياحي التونسي لكن في المقابل سيؤدي هذا الاجراء الى تعويم البلاد بالويسكي يعني اننا وصلنا الى المهزلة لخدمة مصالح ضيقة يمكن ان تؤدي الى المس بالسلامة العامة في بلاد التوتر الاجتماعي فيها على أشدّه. قلت كذلك إنّ «الثالوث المستبد والمسير للبلاد التونسية والمتمثل في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والمفوضية الأوربية» وراء تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية؟ - لو كان مصير تونس يهم التونسيين فقط لفهمنا سياسة المؤسسات المالية الدولية والاتحاد الاوروبي لكن ما يحدث في تونس وتأثير الثورة التونسية يتجاوز حدود بلادنا ليشمل كامل المنطقة العربية وحتى كامل حوض البحر الابيض المتوسط. أعني إنّ من شأن نجاح التجربة التونسية أن يساهم في استتباب الامن واستقرار الوضع ويضعف بالقدر نفسه دعاية كل الاطراف المتطرفة وهذا يعني كذلك الاتحاد الاوروبي ولنا في العمليات الارهابية التي طالت فرنسا خير دليل. إذا ما في يخص الاتحاد الاوروبي ما تجدر ملاحظته هو إصراره على مواصلة فرض نفس السياسات التي اتضحت خطورتها على البلاد التونسية وعلى كامل المنطقة فهو يسعى لتشديد الطابع المعادي لهذه السياسات فهو كمن يزرع الشوك على نطاق واسع في حين نراه يزعم أنه يريد بنا خيرا ويسعى جاهدا لنشر السلام في المنطقة وفي العالم فهو يلعب دور رجل المطافئ المشعل للنيران في حين أنّ تضامنه مع تونس سيكلّفه أقلّ بكثير من فشل التجربة التونسية. أقول هذا الكلام لأني اعتبر ان من يقود السفينة في تونس هي المفوضية الاوروبية وانا بصفتي كنائب وعضو بلجنة الشريك المميز مع المفوضية الاوروبية تمكنت من مزيد التأكد من هذا الأمر. صحيح أنّه على مستوى الخطاب يقع احترام شكلي للراية التونسية والسيادة لكن على المستوى العملي يصبح الأمر شبيها بعلاقة سيد وعبد بطبيعة الحال في صالحنا كما يزعمون كما يفعل الراشد مع القاصر نوع من الأبوّة المزعومة. رغم الوعود بمراجعة التعيينات لم نلاحظ أيّة خطوة في هذا الاتجاه.. من يقف وراء ذلك ؟ - يجب وضع التعيينات في إطارها. يعني أن الثورة فتحت المسار للتطبيع مع المكون السياسي الاسلامي بعد سنوات من القمع والاستبعاد وبالتالي يسعى هذا الفصيل الذي تمثله حركة «النهضة» الى تثبيت اقدامه لا فقط في المجتمع بل في جهاز الدولة. وأعتقد ان تثبيت وجود الإسلام السياسي في تونس هو توجه استراتيجي وبالتالي اعتقد ان هذا الهدف الاستراتيجي كان النقطة الاساسية في التحالف التكتيكي الذي عقده زعيم «نداء تونس» مع راشد الغنوشي . بمعنى إنّ «النداء» يقبل بالإسلاميين كواقع فيما تقلب «النهضة» الصفحة على محاسبة الماضي بجرائمه المتنوعة والكثيرة يعني هو اتفاق مصالح وفي اطار هذا الاتفاق تم الحياد عن بند من خريطة الطريق التي تم التوافق عليها في الحوار الوطني. اليوم هناك استنجاد ببعض الرجال الذين خدموا مع بن علي لفرض الأمن بالبلاد؟ - لا نستغرب بعد أن تسببت سياسة الحكومات المتعاقبة بعد الثورة في تأجيج الأزمة الاجتماعية أن تدعو هذه الحكومات مهندسي النظام الاستبدادي لفرض الامر الواقع على التونسيين أي واقع البطالة والفساد والفقر بالقوة. يعني أنّه بعد فشلها في ايجاد الاجابات على مطالب المجتمع تلتجئ الى من كانوا مشرفين على جهاز الاستبداد والغاية ليست الذود عن مصالح الشعب وأمن البلاد بل فرض الامر الواقع وضمان مصالح الاثرياء الجدد والمتنفذين . هناك من يتساءل عن مدى نجاعة استراتيجية التصدي للإرهاب؟ - ليس لي أدنى وهم حول قدرة هذه الحكومة ولا كل الهياكل المنبثقة عنها في حماية المجتمع وأمن التونسيين من العمليات الارهابية وفي قدرتها على ايقاف هذا الداء القاتل. وأنا أعتبر أنّ الحكومة كانت حتى عملية ضرب حافلة الأمن الرئاسي جزءا من المشكل الأمني. كيف لا وقد صرنا تحت رحمة قرار العصابات الارهابية القادرة على الضرب في اي مكان متى شاءت واين شاءت؟ إنّ الشيء الأساسي الذي بإمكانه أن يضمن أمن التونسيين هم التونسيون بأنفسهم وبصفة خاصة الشباب اذ يجب ان تسعى الحكومة لتحقيق مصالحة فعلية مع الشباب ونحن نعلم ان الثورة صالحتنا مع بلادنا وعشنا شعورا لم نكن نعرفه من قبل، للأسف الشديد هذه الطاقة البناءة وقع هدرها بالسياسات الفاشلة التي غذت البلاد بالظلم. إنّ أمن تونس يمر عبر تعزيز وصيانة كرامة ابنائها وبناتها وهذا امر موكول بالأساس الى الحكومة ولمجلس نواب الشعب.