التونسية (تونس) يبدو أن العلاقة بين حركة «النهضة» و«الجبهة الشعبية» مقدمة على توترات جديدة رغم اعلان «النهضة» عن رغبتها - ولو تلميحا - في توسيع دائرة الحكم في التحوير الوزاري القادم ليشمل «الجبهة». لكن يبدو أن رغبة «النهضة» لم تجد صداها لدى «غريمها» الأول حيث جاء الرد على لسان القيادي جيلاني الهمامي الذي أكد في تصريح إعلامي نهاية الأسبوع الماضي «أن حركة النهضة تعرف أن الجبهة الشعبية لا تشارك في ائتلاف حكومي لا تتفق معه في البرامج الاقتصادية والاجتماعية». وتابع قوله «الجبهة الشعبية لا تشارك في الحكم مع إئتلاف حكومي لا توافقه في الخيارات الاقتصادية والسياسية» مضيفا «الجبهة الشعبية لا يمكن أن تتلاءم مع خيارات حزبي النهضة والنداء». ووصف عضو مجلس النواب عن «الجبهة الشعبية» تحالف حركة «النهضة» مع حركة «نداء تونس» بالمعاكس للوعود الانتخابية للحزبين قبل الانتخابات التشريعية مشيرا إلى أن حزب «نداء تونس» وعد بأن يكون بديلا لحركة «النهضة» في الحكم لكنه تحالف معها ونفس الشيء بالنسبة لحركة «النهضة» التي كانت تتهم قيادات «النداء» بأنهم من رموز العهد السابق على حد تعبيره. ويبدو أن تمسّك «الجبهة» في البقاء في المعارضة ليس رفضا للحكم في حد ذاته بقدر ما هو إصرار على تثبيت موقفها من رفضها مشاركة حركة «النهضة» فى أيّ مشروع سياسي مع مواصلة تحميل هذه الأخيرة المسؤوليّة السياسية للاغتيالات السياسية التي حصلت في عهد حكمها. وتعتبر قيادات «الجبهة الشعبية» أن قضية بلعيد مازالت تراوح مكانها وأنّ الأبحاث لم تتقدم في الجانب الأهم من القضية المتعلق بالأطراف التي قررت الاغتيال وخططت له مؤكدة على أن الحقيقة تظل مطموسة ما لم يتمّ الحسم في هذا الجانب. في المقابل تصرّ «النهضة» على أنها لا تتحمل أيّة مسؤولية في الاغتيالات السياسية وأنها كانت أولى الضحايا لتنحيها عن الحكم عقب اعتصام الرحيل. وكان علي العريض قد قال في تصريحات إعلامية إن ً «أطرافاً في الجبهة تعمل على تشويه سمعة النهضة، إذ بات هذا الأمر يشبه المرض وتحول إلى أولوية مطلقة بالنسبة لهؤلاء». وذلك تعليقا على قرار مجلس أمناء الجبهة تعليق عضوية القطب بتعلة اللقاء الذي جمع رياض بن فضل بالعريض. واعتبر العريض في ذات التصريح أن «الجبهة» تسعى إلى الكسب السياسي بالافتراء على حركة «النهضة» والهجوم عليها، عوض الاهتمام بقضايا الشعب والشأن الوطني». ويطرح التوتر المستمر بين «النهضة» و«الجبهة» أكثر من تساؤل حول عمق هذا الخلاف وأسبابه الحقيقية خاصة أن زعماء من الحركتين كانوا في مرحلة ما شركاء في جبهة 18 أكتوبر التي تعدّ تحالفا تاريخيا بين اليمين واليسار . فكيف لمن كانوا شركاء في مشروع 18 أكتوبر على اختلافاتهم الإيديولوجية أن يجدوا اليوم ألف مبرر لرفض الإشتراك في مشروع سياسي مبني على التوافق خدمة للمصلحة الوطنية ؟ ولعلّ رفض الجبهة القطعي لأي تعامل سياسي مع «النهضة» يؤكد ما ذهب إليه العديد من المراقبين للشأن السياسي بأن «العداء» بين قطبي اليسار واليمين لا يقوم على البعد الايديولوجي في الفكر اليساري بقدر ما يمثل «محطة» سياسية لضمان تماسك «الجبهة» القائمة اساسا على استعداء حركة «النهضة».