اعتداءات على مقرّات سيادية ورفض الحلول الترقيعية رغم إعلان الحكومة عن جملة من القرارات العاجلة لتهدئة الوضع، توسعت أمس رقعة الاحتجاجات المطالبة بالتشغيل والتنمية في عديد الولايات بالبلاد ووصل الأمر أحيانا إلى اقتحام المؤسسات الرسمية وغلق الشوارع واشعال الاطارات المطاطية مثل ما حدث في الصخيرة وزغوان والحامة وجندوبةوقبلي والمهدية الأمر الذي دفع عددا من نواب البرلمان إلى المطالبة بعقد جلسة عامة طارئة اليوم للتباحث في المستجدات الوطنية وعلى رأسها الاحتجاجات الحاصلة في بعض المدن ودفع أيضا برئيس الحكومة الى قطع زيارته الى الخارج والعودة الى تونس للإشراف على مجلس وزاري استثنائي ودفع أيضا الناطق الرسمي باسم الحكومة الى التأكيد على أن ما تقرر من إجراءات تحفيزية في مجالي التنمية والتشغيل لصالح ولاية القصرين ينسحب على جميع الولايات الداخلية المعنية بالتمييز الايجابي في الدستور. احتقان وفوضى ففي سيدي بوزيد شهدت الساحة الأمامية لمقر الولاية وعدد من الانهج المتفرعة عنها حالة من الاحتقان والفوضى حيث قام عدد من المحتجين بإغلاق الشوارع بحاويات الفضلات المنزلية والحجارة وحرق الاطارات المطاطية، ورمي قوات الامن بالحجارة، وهو ما اضطرّها الى استعمال الغاز المسيل للدموع قصد تفريق المحتجين ومنعهم من اقتحام الولاية. وكانت الاحتجاجات قد انطلقت منذ حوالي الساعة العاشرة من صباح أمس بعد مسيرة دعا اليها اتحاد المعطلين عن العمل جابت الشارع الرئيسي للمدينة، للمطالبة بالتشغيل والتنمية.وقد اغلقت المؤسسات الادارية والخاصة المجاورة لمقر الولاية مع تواصل تجمهر عدد من الاهالي بساحة محمد البوعزيزي. المشهد لم يختلف كثيرا عما جد بمعتمديات المزونة والمكناسي ومنزل بوزيان حيث تعطلت حركة المرور على الطريق الوطنية رقم 14 الرابطة بين صفاقسوقفصة وتحديدا على طول المسافة الرابطة بين معتمديتي المزونة وصفاقس. وقد تمّت مواجهة المحتجين في كل مرة بإطلاق كميات هامة من الغاز المسيل للدموع من قبل الوحدات الأمنية. قرارات ترقيعية في القصرين ورغم اعلان الحكومة عن تشغيل حوالي 5 آلاف عاطل عن العمل وتخصيص 135 مليون دينار لبناء مساكن اجتماعية وتشكيل لجنة وطنية لتقصي حالات الفساد، واتخاذ الإجراءات المناسبة تواصلت أمس الاحتجاجات حيث حاول عدد من الشبان الانتحار من فوق مبنى مقر الولاية وعبرت مجموعة أخرى من الشباب عن رفضها قرارات الحكومة واصفة إياها بقرارات ترقيعية جاءت بشكل مسقط دون الاستماع إلى المحتجين و«مجرد ذر للرماد على العيون»، واعلنوا استمرارهم في الاعتصام والاحتجاج السلمي. كما أعلنوا «رفضهم التام لكلّ أشكال العنف وبراءتهم من أي اعتداء على الممتلكات العامّة..ولكلّ محاولات تسييس وإقحامهم في منطق تصفية الحسابات الحزبيّة بما يفقدها جوهرها الاجتماعي»، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مجموعة من المعتصمين. تعطّل خدمات وفي قفصة، خرجت مجموعة من الشباب العاطلين عن العمل وممثلو عدد من الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني في مسيرة سلمية جابت شوارع المدينة للتعبير عن تمسكهم بحقهم في التشغيل والتنمية. وانطلقت المسيرة من مقر الاتحاد الجهوي للشغل. أما في معتمدية الصخيرة من ولاية صفاقس فقد قام عدد من شباب الجهة المطالبين بالتشغيل والتنمية بإغلاق الطرقات الرئيسية وسط المدينة واشعال الاطارات المطاطية. وتعطلت خدمات عدد من المؤسسات العمومية على غرار البريد والقباضة المالية الى جانب منع حافلات الشركة الجهوية للنقل من التوجه الى المنطقة الصناعية بسبب التحركات الاحتجاجية بالمدينة. أما في القيروان فقد تجمع عدد من العاطلين عن العمل معظمهم من حاملي الشهائد العليا أمام مقر الولاية للمطالبة بالتشغيل والتنمية وتم اقتحام مقر الولاية دون تسجيل أيّة أضرار. وفي نصر الله نفّذ عدد من عملة الحضائر و«الآلية 16» وقفة احتجاجية أمام مقر المعتمدية فيما شهدت معتمدية العلا حالة من الاحتقان في صفوف الاهالي بعد وفاة أحد شبان المنطقة بولاية صفاقس اثر إضرام النار في جسده اول أمس. منع القطار من المرور في جندوبة، نظم المحتجون مسيرة جابت شارع الحبيب بورقيبة ومنعوا القطار من المرور نحو العاصمة، وذلك بعد أن اقتحموا مقر الولاية صباح أمس وحاولوا طرد الوالي من مكتبه. في المقابل، تصاعدت وتيرة المواجهات بين الشباب المطالب بالتشغيل والتنمية بمعتمدية سوق الأحد من ولاية قبلي والوحدات الأمنية المتمركزة بالمكان، لتسفر عن حرق مركز الأمن العمومي بالمنطقة، اثر انسحاب العناصر الأمنية منه، وفق ما أفادت به وكالة تونس افريقيا للأنباء نقلا عن شهود عيان. 150 شخصا هاجموا مركز سوق الأحد من جهته، أعلن وليد اللوقيني المكلف بالعلاقات مع وسائل الاعلام بوزارة الداخلية بأنه تم اخلاء مركز الامن العمومي التابع لمعتمدية سوق الاحد من ولاية قبلي بعد مهاجمته من قبل حوالي 150 شخصا باستعمال الزجاجات الحارقة. كما أكد اللوقيني في تصريح ل«وات» أن عددا من المواطنين بكل من معتمديتي الجريصة والدهماني بولاية الكاف عمدوا الى اشعال العجلات المطاطية وقطع الطرقات. الهمّامي ينفي من جهته، نفى حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية» أن تكون «الجبهة» وراء تأطير هذه الاحتجاجات مؤكدا أنّه كان يتوقّع انفجار الأوضاع بعد زيارة أدّاها إلى مناطق بالقصرين في بداية جانفي الجاري. وأوضح أنّ الحكومات المتعاقبة منذ 5 سنوات لم تحقق مطالب التنمية ولم تنفّذ الوعود التي قطعتها على نفسها. ودعا المتظاهرين إلى المحافظة على الطابع السلمي للاحتجاجات وعدم فسح المجال لتشويهها من خلال أطراف تسعى إلى تأجيج الوضع. ودعاهم في هذا الخصوص إلى عدم حرق مراكز الأمن والمؤسسات مع الحذر من المندسين مطالب الأمنيين بأن يحفظوا الأمن دون الانسياق وراء الاستفزازات. تحذيرات وأعلنت شركة «Thomson Airways» في بلاغ لها عن إلغاء كافة رحلاتها من بريطانيا إلى تونس إلى غاية 31 أكتوبر 2016، على خلفية تحذيرات الخارجية البريطانية لمواطنيها من السفر إلى تونس. وطلبت الشركة من حرفائها الذي حجزوا رحلات إلى تونس خلال سنة 2016، اختيار وجهة أخرى لقضاء عطلهم . ويرى محللون أن الإجراءات التي تم اتخاذها يوم أول أمس زادت من درجات الاحتقان بسبب «القرارات السريعة واللاّمدروسة والتي هدفها الرئيسي امتصاص الغضب الآني وإطفاء الحريق فقط» مشيرين الى ان هذه القرارات دفعت بالعديد من المواطنين في الولايات الاخرى الى الانتفاض والمطالبة بمثل هذه القرارات لفائدة جهاتهم.