عقدت أمس النقابة الوطنية للصحافيين بدعم من منظمة «ARTICLE 19» لقاء موسعا لعرض مسودة «مشروع الإطار القانوني الجديد المعوض للمرسوم 115»، والذي شاركت فيه جميع الأطراف المعنية والخبرات الوطنية لعرضه أمام السلطة التشريعية، وذلك بحضور عدد هام من الإعلاميين ورجال القانون والمحامين وأعضاء مجلس النواب. وقد جاء هذا اللقاء للنظر في مشروع قانون متعلق بحماية حرية التعبير والصحافة والطباعة والنشر، المعوض للمرسوم 115. نسخة جديدة لتجاوز الإخلالات وقد أكد القاضي علي قيقة ل«التونسية» أن اللجنة حاولت تجاوز بعض الإشكاليات التي حدثت على مستوى تطبيق المرسوم 115، وتجاوز الأخطاء المادية الواردة به، مع تطبيق مقتضيات الدستور الذي يفرض أن تكون الصحافة منظمة بقانون أساسي مشيرا إلى أنّ ذلك يفرض إصدار قانون أساسي منظم للقطاع في أسرع وقت ممكن، وقال قيقة إنّ اللجنة تعمل على جعل مشروع القانون ملائم لمقتضيات الدستور في انتظار الاتفاق مع جميع الأطراف على إصدار نسخة جديدة تدعم حرية التعبير وتتجاوز الأخطاء الموجودة في المرسوم 115، «مثل الغموض المتعلق بإجراءات التتبع والتي أحدثت لخبطة على مستوى أحكام المحكمة، وبعض المفاهيم الغامضة، مع ضرورة إحداث بعض المؤسسات مثل مجلس الصحافة، والنظر في التنقيح المتعلق بإسناد بطاقة صحفي، مع محاولة تنظيم الصحافة الإلكترونية». وأوضح محدثنا أن الاتجاه الغالب هو أن ينظم القانون الأساسي المطروح في حماية حرية الإعلام بصفة عامة، وهو ما يجعل القانون يحمي المواطن العادي وليس فقط الصحفي، رغم أن بعض الحاضرين يريدون حصر القانون في حماية حرية الصحافة والطباعة والنشر فقط. الصحافة المكتوبة أصبحت «سوق ودلال».. من جهته قال القاضي أحمد الصواب ل«التونسية» إنّ الهدف من الورشة هو إبراز الهنات الموجودة في تطبيق كل نص، مضيفا: «لم تكن لدينا حرية، اليوم أصبح لدينا حرية، لدينا نص ليبرالي سهل الإفلاتات والإنفلاتات، الجدلية تقتضي القيام ببعض المراجعات، فضلا عن ذلك ضرورة تأقلم النص القانوني مع الدستور، ثالثا، الحرية على إطلاقها لا يمكن لها أن تقدم لنا كل ما هو جيد، والحرية المطلقة تسهّل المال الفاسد، وبالتالي يجب وضع ضوابط في دولة ديمقراطية مع إعطاء الحرية مكانتها، وأحسن قانون هو التوازن بين الحرية والمصلحة العامة، دون أن تعني بذلك تغوّل الدولة أو القضاء، لذلك يجب أن تشملها المراجعة، خاصة الصحافة المكتوبة أصبحت «سوق ودلال» في غياب وجود «الهايكا». وأوضح صواب أن اتخاذ مناهج صحيحة طريق للوصول لأحسن المضامين، منبها إلى أن الورشة اختارت منهجا يضم محامين وقضاة وجامعيين، مع حضور منظمتي الأعراف والنقابات وصحافيين، وأنّ ذلك سيسمح بالخروج بأفضل النصوص، مشددا على أن مشروع القانون الأساسي سيحدد المسؤوليات وسيضع ضوابط تتطابق مع فلسفة الفصل 46 من الدستور. تضاربات كبيرة في فقه القضاء... من جهته قال المحامي البشير الفرشيشي ل«التونسية» إنّ الإصلاحات التي قامت بها اللجنة الحالية إيجابية، موضحا أن اللجنة المكلفة بإعداد مشروع القانون اجتمعت العديد من المرات، واعتنت خاصة ببعض السلبيات التي تعتري المرسوم 115. وأضاف الفرشيشي «بالنسبة لرجال القانون في المادة الجزائية، قمنا بالنظر في ما تعلق ببعض الفصول الجزائية التي تمّت إعادة النظر فيها ووقع إصلاح ما يمكن إصلاحه، كذلك حاولنا قدر الإمكان من منطلق أحكام الدستور وضع نصوص متأقلمة تماما مع أحكام الدستور، سواء تعلق الأمر بحرية التعبير أو بالنشر والطباعة، وحتى بحرية الإعلام، إضافة إلى أنّ اللجنة فكرت في إحداث مجلس أعلى للصحافة يعتني بالتعديل الذاتي، وهي مؤسسة سيكون لها مستقبل هام باعتبار أنها سترسي بعض الضوابط المتعلقة بحرية التعبير. ونبه الفرشيشي إلى وجود العديد من النصوص المتعلقة بتتبع الجرائم الصحفية، خاصة الجرائم المتعلقة بالثلب والشتم، وأنّ ذلك دفع بهم إلى إعادة النظر في الإجراءات الحالية الواردة بالمرسوم 115 والتي تعتريها عديد الشوائب، مضيفا «الجميع وقف على هذه الشوائب، وقد حاولنا حذفها وشطبها ويبدو أننا توصلنا في نطاق اللجنة مع الأساتذة جنيح وقيقة وباللطيف إلى إحداث إجراءات واضحة، إجراءات بيداغوجية، إجراءات سهلة يمكن لطالب بالسنة أولى حقوق أن يفهمها وان يتحكم فيها، وأن يطبقها تطبيقا واضحا عند نشر قضايا متعلقة بالسب والشتم، علما أن الإجراءات الحالية مشتتة وغامضة وتثير عديد الإشكالات، بل أدت إلى تضاربات في فقه القضاء»، وأكد الفرشيشي على ضرورة إعادة النظر في المرسوم 115. تنقيح مماثل لا معنى له ونبه الفرشيشي إلى أن المرسوم 115 نص جزائي بامتياز، مضيفا «إن ما يزعجني أكثر من المرسوم هو مقاربة الأحكام الجزائية للمرسوم مع عديد النصوص الجزائية الأخرى التي تنطبق على قطاع الصحافة والطباعة والنشر، ولا أخفي سرا إن قلت مجموع النصوص الجزائية غالبا ذات صبغة زجرية تصل إلى تقييد الحرية وسلبها، حيث أن الطاغي هو العقوبات السجنية، في مقارنة بالنصوص الجزائية الأخرى»، منبها إلى أن الأهم من مراجعة المرسوم 115 هو النصوص الجزائية الأخرى ذات الصلة التي تؤثر أيما تأثير على النواحي الجزائية للمرسوم 115. واعتبر الفرشيشي أنه لا معنى ولا أهمية لتنقيح المرسوم 115 دون إعادة النظر في العديد من النصوص الجزائية ذات الصلة، منبها إلى ضرورة النظر في كل الأحكام ذات الصبغة الجزائية التي تنظم هذا القطاع وتنطبق عليه عند الاقتضاء، مشيرا إلى أنّ ذلك يتطلّب إيجاد حلّ إمّا بإلغاء النصوص السابقة أو تنقيحها.