اختتمت أمس أشغال الحوار الوطني بالعاصمة حول التشغيل بحضور رئيس الحكومة الحبيب الصيد والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر وعدد من أعضاء الحكومة ومن الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية. وقال الحبيب الصيد رئيس الحكومة خلال اختتام المؤتمر «غايتنا من هذا الحوار الوطني هي استنباط الحلول والخروج بمشروع رؤية واضحة المعالم للتقليص من نسب البطالة بصفة متواصلة» مضيفا ان الحكومة تريد استغلال كل فرص التشغيل الممكنة وتوجيه طالبي الشغل نحو مهن مستقبلية واعدة عوضا عن الحلول الكلاسيكية التي استنزفت كل إمكانياتها وعلى رأسها الوظيفة العمومية والقطاع العام. وأكد الصيد انه رغم ما تقدّم من انجازات، مازالت عديد التحدّيات قائمة ، وعلى رأسها الأزمة الهيكليّة التي عانى منها منوال التنمية القديم وانعكاساتها المباشرة على سوق الشغل حيث بلغ عدد طالبي العمل في موفى 2015 أكثر من 600 ألف (618.8) وهو ما يمثّل نسبة بطالة إجماليّة تقدّر ب 15.4 بالمائة وخصوصا بين حاملي الشهائد العليا الذين يمثّلون 31.2 بالمائة (احصائيّات الثلاثيّ الأخير ل 2015) من مجموع العاطلين وهو ما يدفع الحكومة، حسب قول الصيد، أكثر فأكثر لرفع هذا التحدّي حرصا على توفير الفرص للشباب كقوة فاعلة في بناء الوطن وتحويله من عبءٍ معطّل إلى عنصر حيويّ في النهوض بالوطن وتحقيق التنمية ومراكمة الثروة. وأضاف الصيد قائلا «نحن واعون أنّ قضيّة التشغيل لا يمكن أن تحلّ بإجراءات حكوميّة فقط باعتبارها مسألة وطنيّة تحتاج إلى مشاركة كلّ الأطراف الاجتماعيّة والسياسيّة والمجتمع المدنيّ لهذا اخترنا هذا التمشّي التشاركي الثلاثيّ بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة، إلى جانب الأحزاب السياسيّة والمجتمع المدنيّ في تنظيم هذا الحوار الوطنيّ حول التشغيل الذي نعلّق آمالا كبيرة على مقترحاته ومخرجاته». بان كي مون: يمكنكم أن تعوّلوا على الأممالمتحدة وأبدى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة تفهمه لوضع البلاد قائلا «تونس في مرحلة انتقال ديمقراطي وأمامها العديد من التحديات، وهناك مئات الآلاف من الشباب بحاجة للتشغيل ولذلك يجب تقليص الإجراءات الإدارية وهنا نعول على القطاع الخاص والنقابات التي بإمكانها المساعدة في هذا الغرض». ودعا الشباب التونسي الى التعويل على الأممالمتحدة، مجددا رغبة المنظمة الدولية في مساندة الشباب التونسي ودعم العاطلين منه في إيجاد فرص عمل قائلا: «في تونس لدينا فريق عمل تابع للأمم المتحدة يدعم الحكومة التونسية، وقام بعقد مجلس تقييمي لتمكين الشباب التونسي من الحصول على فرص العمل، وذلك في إطار الشراكة القائمة بين تونسوالأممالمتحدة من أجل توفير وخلق أكبر عدد ممكن من مواطن الشغل». وأضاف بان كي مون أنه يتطلع، من خلال سماع وجهات نظر المسؤولين في تونس، إلى تحديد الإجراءات المطلوبة من منظمته «من أجل توفير مساندة أوفر للشباب التونسي، ولتونس في انتقالها الديمقراطي نحو تحقيق نمو اقتصادي». وأضاف أنّ «القطاع العام لا يشكل بمفرده الحل الوحيد للقضاء على مشكلة البطالة، ويجب بالتالي التعويل على القطاع الخاص لخلق فرص عمل أوفر». العباسي: لسنا في حالة حرب مع أصحاب العمل من جهته ، قال حسين العباسي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل إنّ الغاية من الحوار الوطني حول التشغيل هو الردّ العاجل والقوي على أزمة البطالة وتفشّي أشكال التشغيل الهشّ المهينة وتفاقم الاختلالات بين الجهات والفئات حسب تعبيره. وأضاف العباسي أنّ المنظمة الشغيلة ليست في حالة حرب مع أصحاب العمل حتّى تعلن الهدنة الاجتماعية قائلا «يعلم الجميع كم نحن حريصون على دعمهم ومؤازرتهم حتّى تستعيد مؤسّساتنا الاقتصادية حيويّتها ومناعتها وقدرتها على المبادرة وعلى انتاج الخيرات والثروات. ويعلم الجميع كم نتوق إلى أن تستعيد بلادنا جاذبيتها لجلب الاستثمار الأجنبي كي يساهم في مجهود بناء تونس الجديدة. لكنّ ما لا نقبل المساومة به هو تحويل العمل بما يختزله من معاني الكرامة والحرية ومن مبادئ حقوق الإنسان، إلى مجرّد بضاعة تسام دون مراعاة تلك المعاني ولا احترام تلك الحقوق. نعم نحن مع دعم الاستثمار المحلّي والخاص لكنّ فقط على قاعدة احترام مقتضيات العمل اللائق». بوشماوي: حرب على التهريب والاقتصاد الموازي في المقابل، أكدت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ان الحوار الوطني حول التشغيل هو محطة هامة لايجاد الحلول لتغيير واقع التشغيل وانتشال الشباب التونسي من براثن البطالة، مشددة على ضرورة اعلان الحرب على التهريب والاقتصاد الموازي. وأضافت بوشماوي قائلة «نحن ندرك جيدا أن حل مشكلة التشغيل لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، ولكننا نعتبر أن هذا المؤتمر يمثل محطة هامة في الجهود الوطنية المبذولة لتقديم الحلول الكفيلة بتغيير واقع الأشياء ومحاولة انتشال شباب تونس من براثن البطالة معتبرة أن العمل الذي أنجزناه مع بعضنا البعض في إطار هذا الحوار الوطني هام جدا حيث تمكنا من بلورة خارطة طريق تحتوي على العديد من المبادئ والإجراءات أهمها اتخاذ حزمة من الإجراءات العاجلة في مجال التشغيل وإقرار التزام جماعي لمقاومة البطالة وبناء اقتصاد قوي وتنافسي قادر على تحقيق الشغل اللائق لكل الفئات وكل الجهات وتوضح الرؤية وبعث الأمل في المستقبل والالتزام بالتحرك الفوري لكسر القيود ورفع العراقيل التي تكبل الاستثمار وانجاز المشاريع المعطلة سواء كانت إجرائية أو تشريعية أو غيرها من أجل خلق مواطن الشغل المباشرة والغير مباشرة وإعلان الحرب على التهريب والاقتصاد الموازي وغير المنظم وعلى كل الممارسات التي تضعف الدولة وتمس من الجميع : مؤسسات أجراء ومستهلكين وطالبي شغل. رسائل إيجابية اما وزير المالية، سليم شاكر فقد أكد في تصريح إعلامي على هامش الأشغال أن الحوار الوطني بعث بثلاث رسائل إيجابية، تتمثل الأولى في الدعم الدولي الذي حظيت به تونس لمحاربة البطالة، ويترجمه حضور عدد من المنظمات الدولية على غرار منظمة الاممالمتحدة ومنظمة العمل الدولية التي عبر رئيساها عن تضامنهما مع تونس ودعمهما جهودها في مجال التشغيل. أما النقطة الثانية فتتمثل في استئناف الحوار الايجابي بين المنظمتين الوطنيتين العريقتين والنقطة الثالثة تتمثل في مشاركة مختلف أطياف المجتمع التونسي في الحوار الوطني حول التشغيل. من جهته، اكد الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي على هامش أشغال الحوار الوطني حول التشغيل ان قضية التشغيل لا يمكن ان تنتظر لمدة 5 سنوات قادمة مبرزا أهمية الحوار الوطني حول التشغيل في ايجاد حلول عاجلة وآجلة لمعضلة البطالة من أهمها وضع منوال تنموي بطاقة تشغيلية قادرة على خلق مواطن شغل منتجة. وأكد العياري أن تونس ستتحصل خلال الفترة القادمة على تمويلات من المؤسسات المالية الدولية ستمكن من سد الحاجات في الميزانية والتنمية مع مراعاة نسبة التداين الخارجي حتى لا تتجاوز الحدود المعينة لها مشيرا الى ان المشكل في تونس لا يتعلق بالتمويل الذي سيتم الحصول عليه تدريجيا بقدر ما يتعلق بالاستقرار السياسي والامني والوئام بين الاطراف الاجتماعية. إجراءات عاجلة في ختام المرحلة الأولى من الحوار الوطني حول التشغيل، أعلن زياد العذاري وزير التشغيل عن جملة من الإجراءات العاجلة المنبثقة عن الحوار شملت عدّة محاور وهي كالتالي: سوق الشغل والبرامج النشيطة للتشغيل: - تكوين وتأهيل طالبي الشغل للاستجابة للحاجيات من الكفاءات التي تحددها المؤسسات الاقتصادية مسبقا في اطار تعاقدي خصوصي تلتزم فيه المؤسسات بالانتداب مقابل تشريكها في كل المراحل بما فيها التكوين والتأهيل والتقييم. - تمتيع خريجي التعليم العالي والتكوين المهني الباحثين عن العمل والمنتفعين بالبرامج النشيطة للتشغيل بمجانية العلاج والتنقل. - إحداث منظومة التأمين على فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية حسب العقد الاجتماعي. - إعداد مدونة المهن والكفاءات. ريادة الأعمال وبعث المشاريع الصغرى: - إحداث هيكل موحد يشرف على بعث المشاريع لتقديم جميع خدمات المساندة والاعلام والتمويل والمرافقة المشخصة في مجال بعث المشاريع وتتبعه شبابيك جهوية موحدة تضم جميع المتدخلين. - وضع آليات إحاطة ومرافقة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة بهدف تذليل الصعوبات مقابل الالتزام بالانتداب في أطر تعاقدية خصوصية. - الترفيع في الامتيازات المسندة لباعثي المشاريع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني: - وضع اطار قانوني مرجعي وموحد يحدد مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومبادئه ومكوناته ويضع الهياكل التنظيمية ذات العلاقة ويضبط طرق سيرها وآليات تمويلها. - إيجاد آليات تمويل خصوصية تساعد على بعث مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. مكامن التشغيل: - تشخيص حاجيات المؤسسات الاقتصادية غير الملبّاة من الموارد البشرية ودراسة اسبابها وتوجيه طالب التشغيل اليها عبر مرافقته مرافقة مشخصة واعادة تأهيله وتكوينه. - دفع الاستثمار في القطاعات ذات الطاقة التشغيلية العالية واقرارها كقطاعات ذات اولوية ووضع حوافز خصوصية مرتبطة بالطاقة التشغيلية وتحقيق القيمة المضافة. - إصدار نص تشريعي لاعتماد النسيج الجمعياتي كطرف قائم ذاته في معالجة البطالة ومرافقة طالبي الشغل من خلال تشريكه في مختلف الانشطة والخدمات المتصلة برفع التشغيلية. الشراكة بين القطاع العام والخاص: - الإسراع بإصدار النصوص الترتيبية اللازمة لتنفيذ برنامج الشراكة بين القطاع العام والخاص. - ادخال تعديلات تضفي مزيدا من المرونة في ما يخص الشراءات العمومية دون المس من مبدإ تساوي الفرص. الإطار التنظيمي والمؤسساتي: - إحداث مجلس أعلى للنهوض بالتشغيل تحت إشراف رئاسة الحكومة يتولى تحكيم ومتابعة وتقييم المبادرات الرامية للنهوض بالتشغيل وكذلك احكام التصرف في التمويل إلى جانب توحيد المقاربات والمنهج. التشغيل بالخارج: - تركيز قاعدة بيانات حول عروض التشغيل بالخارج وتحيينها بناء على دراسات دورية حول الأسواق الواعدة والاختصاصات المطلوبة.