بطولة مدريد للتنس.. انس جابر تنتصر على آنا كارولينا    طقس الليلة    أثار الجدل.. سحب كُتيّب يروّج للمثلية من معرض تونس للكتاب    "بنات ألفة" يتوج بثلاث جوائز في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    حريق بوحدة تصدير التمور يُخلّف خسائر مادية بدوز الشمالية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    صادم في المنستير: مناوشات في مطعم تتطوّر الى اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه!!    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    الداخلية تشرع في استغلال مقر متطور للأرشيف لمزيد إحكام التصرف في الوثائق    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هشام الحاجي («حزب المبادرة»):كل حزب لا ديمقراطي هو مجرّد دكّان فارغ
نشر في التونسية يوم 07 - 04 - 2016

«نداء تونس» كان منذ بدايته آلة انتخابيّة لا غير
حوار: هاجر وأسماء
اين النشاط السياسي من المجال القيمي والأخلاقي؟ أين المبادئ السياسية من جوهر الفعل السياسي؟ تساؤلات مطروحة تجد في عديد التصريحات والتلميحات ما يفندها جملة وتفصيلا فمن المال السياسي وصولا إلى فضيحة وثائق بنما وحكاية الملاذات الضريبية وانتهاء بوجود تحالفات غير معلنة بين إعلاميين وسياسيين تطرح مسائل أعمق حول حقيقة مصداقية الأحزاب التي تقدم نفسها كبديل لتحقيق استحقاقات الثورة وحقيقة المبادرات التي تطرحها من حين لآخر وما تدعيه من مشاريع لإطفاء لهيب تعطش الشباب لتحقيق أحلامه حتى لا ينتهي به الأمر للبحث عن ذاته في ملاذات أخرى ك«الحرقان» أو الإرهاب لتظلّ المعضلة والجدلية قائمة بين المنتوج السياسي في الإعلام والمنتوج السياسي في الحقيقة والواقع. هذا بعض ما تطرق إليه حوار «التونسية» مع هشام الحاجي باحث اجتماعي وناشط سياسي وعضو بحزب «المبادرة» الذي طالب بوضع حد فاصل بين الحقل السياسي والحقل الاتصالي وتحديد المسالك بينهما من أجل خطاب صادق للتونسي كما طالب بوضع اطر جديدة للتثقيف السياسي للشباب الذي عزف عن الحياة السياسية بعد أن سقطت أقنعة النخبة السياسية سقوطا مدويا بعد الانتخابات الأخيرة.
ما الذي شدك في هذا الحزب، ثوريته أم شخص كمال مرجان؟
إحقاقا للحق العوامل التي دفعتني لاختيار حزب «المبادرة الوطنية الدستورية» لخوض تجربة تنظم سياسي جديدة تتداخل فيها عوامل ذاتية وأخرى موضوعية.وإذا ما أردنا الانطلاق من العوامل الموضوعية فإنني شخصيا أؤمن بالاستمرارية وبقدر ما اعتبر أن الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في تونس تغير منذ 17 ديسمبر 2010 فإنني لا أتقبل بسرعة مفهوم الثورة لجملة من الاعتبارات التي يمكن العودة إليها مرة أخرى وعلى هذا الأساس بحثت عن إطار سياسي يرتكز في تصوري على ركيزتين أساسيتين هما مفهوم السيادة الوطنية ومفهوم التوافق الوطني. وهذان المفهومان كانا حاضرين قبل 14جانفي 2011 في خلفية الكثير من الأحزاب بما فيها حزب «الوحدة الشعبية» الذي تشرفت بالانتماء إليه واعتبر تجربته تجربة مهمة بإيجابياتها وسلبياتها ويمكن البناء عليها في المستقبل خاصة ان التوافق يحتاج الى ثقافة سياسية جديدة والى مضمون ومحتوى اجتماعي وسياسي يكرسه شأنه شأن مفهوم السيادة الوطنية الذي لم يكتمل إطلاقا حتى في بدايات دولة الاستقلال ولكن استكماله سياسيا واقتصاديا دون انغلاق يبقى مهمة أساسية للتصدي لسلبيات العولمة ولمشاريع التقسيم والتفتيت التي نلمس مفاعيلها بوضوح في منطقتنا العربية.أما على المستوى الذاتي فإن عاملين قد تفاعلا أولهما جانب مهم في شخصية كمال مرجان ويتمثل في الهدوء وتجنب المناكفات والمعارك السياسية الوهمية والبحث عن التوافقات وهذا هام لأن تونس تبحث منذ سنوات عن رجال دولة وكمال مرجان هو مشروع رجل دولة وأمامه هامش من التطور عليه أن يستغله حتى يكون أكثر قدرة على التقاط ما تتطلّبه اللحظة التاريخية من المجاوزة بين الهدوء والجرأة المحسوبة والمدروسة والمطلوبة والجانب الذاتي الثاني يتمثل في إيماني بالعمل الجماعي والتحاقي بحزب المبادرة الوطنية الدستورية كان ضمن مجموعة من الأصدقاء الذين اعتز بصداقتهم وبآرائهم كالأستاذين ماجد البرهومي ومحمد ضرغام وإيمان سليم الى جانب أسماء أخرى من الشباب.
يقال أن هناك انضباطا حزبيا كبيرا بحزب «المبادرة» تسميه أطراف أخرى «شيخ وقطيع» ما رأيك؟
شخصيا لم ألاحظ ذلك ولم أعشه واعتقد أن حزب «المبادرة» لا يمكن لاعتبارات بنيوية أن يقوم على عقلية الشيخ الذي يقود القطيع.وذلك لجملة من الاعتبارات من بينها انه حزب مدني ومنفتح حاليا على حساسيات جديدة ولا يتمحور حول فكر إيديولوجي مغلق أو حول شخصية كاريزماتية علاوة على أن للشباب متطلبات أخرى وتطلعات والحزب الذي لا يؤمن بالحوار والنقاش يحكم على نفسه بالتكلس.وما أدركه أن حزب «المبادرة الوطنية الدستورية» يعيش حاليا نقاشا من أجل إعادة الهيكلة وتوزيع المهام والمسؤوليات بالكيفية التي توسع من مجال الديمقراطية .وما أؤمن به أن الديمقراطية الداخلية التي لا تنفي واجب الانضباط الحزبي هي شرط أساسي لحياة الاحزاب ولتطورها ولا يمكن لحزب غير ديمقراطي أن يذهب بعيدا وان يلعب دورا فاعلا ومؤثرا في الاحزاب لأنه يحكم على نفسه بأن يبقى مجرد دكانا لا يرتاده إلا القلة من الذين لا يستطيعون الفعل في المجتمع .
هل يخيفكم أن يكون مصير «المبادرة» ك«النداء» مجموعة من الشقوق والشظايا ؟
انا اعتقد أن السياسة لا تنبني فقط على مخاوف تهمل الوقائع لأنه بإمكان العمل السياسي توقع النتائج منذ البداية فحركة «نداء تونس» مع كل تقديري لإطاراتها كانت منذ بداياتها مجرد آلة انتخابية وهو ما يفسر إرجاء مسألة الهيكلة الى ما بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية وهذا العامل الى جانب أن من شأن غياب عملية تثقيف سياسي داخل حركة «النداء» أن يخلق هوية جديدة تنصهر فيها حساسيات متناقضة وتحد من إحساس الكثيرين من الذين التحقوا ب«النداء» بذواتهم وبحجمهم الفردي ممّا أدى الى عملية التشظي التي تمحورت حول أشخاص أكثر مما تمحورت حول أفكار ومشاريع متناقضة. وأعتقد أن درس «النداء» يجب أن يكون حاضرا في أذهان كل الاحزاب السياسية التي تريد أن تتحول الى رقم فاعل ومؤثر في الحياة السياسية وهناك عامل آخر قد يكون لعب دورا ضاغطا في حركة «النداء» هو أن تأسيس «النداء» تزامن مع جملة من الاستحقاقات السياسية العاجلة والمتأكدة التي كانت حركة «نداء تونس» مدعوة لخوضها في نطاق بحثها عن التوازن السياسي الذي كان مفقودا في حين أن حزب «المبادرة» يجد أمامه حاليا متسعا من الوقت للإعداد بشكل جيد للاستحقاقات الانتخابية القادمة ولإثراء هويته السياسية بتصورات وبرامج يلتقي حولها المنخرطون وتقلص الى حد كبير من غلبة الاعتبارات والحسابات الذاتية التي لا يمكن القضاء عليها في العمل السياسي ولكن لا بد من ضبطها لما هو جماعي ومشترك .
كثرت المبادرات ومبادرة حزب مرجان يسوّق لها سياسيوها بأنها متميزة. فباستثناء محاولات التجميع العددي لا نرى أفكارا ومقترحات، هل هي مبادرة للظهور والإثارة؟
الهدوء قد يكون مطلوبا للعمل السياسي من اجل التفكير المتأني والعميق في القضايا المتعددة التي تعيشها بلادنا لأن ما يعني المواطن هو ما يقدمه الحزب من تصورات ومن اقتراحات لتحسين وضعية المجتمع ولكن لا يجب أن ننسى أن الثقافة الجديدة والثورة الاتصالية قد فرضتا إيقاعا جديدا يسعى رجال السياسة للتأقلم معه وهذا النسق يثمن أهمية السبق الصحفي والخبر اللافت ويهتم أحيانا بمسائل هامشية كالخلافات الشخصية أو الهوايات على حساب المضمون وحتى في مستوى الديمقراطيات العريقة فإن الصراع بين الحقل السياسي والحقل الاتصالي حوّل رجل السياسة الى منتوج يقع الإشهار له كما يقع الإشهار للمنتوجات الأخرى كما وقع ذلك في الانتخابات الرئاسية الاخيرة فلم يقف الناخبون على البرامج بل وقع أخذهم الى فضاء الصورة والحركة وهذا في حد ذاته إشكال خاصة بالنسبة لديمقراطية ناشئة كالتي نعيش فيها والتي تكون مدعوة لوضع حواجز بين المجال السياسي والمجال الاتصالي والإعلامي وتحديد المسلك بينهما لأننا لا يجب أن ننسى أننا نعاني حاليا من ضبابية في ما يخص تمويل الاحزاب السياسية وكذلك الشأن في ما يتعلق بوسائل الإعلام وهو ما فتح الباب أمام المال الفاسد وأمام عقلية الربح السريع التي تسربت الى الحقل السياسي .إذن فالهدوء متى ابتعد عن الركود وكان مدروسا واهتم بالشباب والتثقيف السياسي يمكن أن يكون مثمرا في المحطات القادمة خاصة ان الرهان السياسي بالنسبة للفاعلين السياسيين مد الجسور بين الشباب والعمل السياسي لأن حالة العزوف في الانتخابات الاخيرة بينت تراجع مشاركة الشباب بشكل ملفت للنظر. وعلى كل أنا أستحضر قوله تعالى «أما الزبد فيذهب جفاء».
هل صحيح أن وصفة حزب «المبادرة» للبقاء هي التقرب من السفارات الأجنبية باعتبار وزنها في رسم السياسة التونسية وفي القرار التونسي؟
للأسف ما نلاحظه حاليا هو أن السفارات أصبحت تلعب دورا مرفوضا ويمكن اعتباره مخجلا في السياسات المحلية وأصبح التدخل سافرا وتوقفنا عنده في العديد من المحطات وأصبح العديد من السياسيين لا يتحرجون من عرض صداقاتهم مع السفارات ويوشحون مواقعهم الاجتماعية بصور مع السفراء وهذه الوضعية مرفوضة وتخلق خلطا لأنه بقدر ما اعتبر أن العمل السياسي يقوم على اللقاء والحوار وهذا لا يمنع من وجود علاقات واضحة ومعلومة بين الاحزاب والسفارات خاصة في الجانب البروتوكولي بقدر ما اعتبر أن التذيل والارتهان لأية سفارة كانت شقيقة أو صديقة يمثل مسا من مصداقية العمل السياسي واستهانة بتاريخ شعب تونس الزاخر بالنضالات والمتمسك بالهوية السياسية التونسية. وشخصيا أعتبر أن ما يقال عن كمال مرجان مجانب للصواب لثلاثة أسباب: أولها حرص الرجل على السيادة الوطنية واعتزازه بالدولة التونسية وثانيها أن حزب المبادرة اختار أن يبقى حزبا صغيرا على أن يرتهن لأطراف أجنبية يعلم الجميع دورها في تمويل بعض الاحزاب وثالثا أن كمال مرجان لو كان كما يقال عنه لكان في صدارة المشهد السياسي التونسي لأن التونسيين يتذكرون جيدا دور بعض الدول وسفاراتها في دعم مرشحين وقد وصل الأمر بأحدهم في إطار محاولة رد الجميل حد رفع صورة أمير دولة شقيقة أمام الجميع وفي ظل ثورة المعلومات فإنه من الصعب إخفاء لقاءات أو اتصالات لو وقعت وحاليا نتابع الحياة السياسية في أدق تفاصيلها ولم يقع تسريب ما يثيره البعض.
أنتم تتحدثون عن التوافق والوفاق بأي معنى ؟
التوافق لا يعني الإجماع ولا يعني كذلك إلغاء الاختلاف أو التخلي عن التنافس السياسي والانتخابي الذي يمثل تحرك النظام الديمقراطي ولكنه يعني خلق أطر للحوار والتفاعل من أجل إيجاد قواسم مشتركة وإعطاء مضمون حقيقي لبعض المفاهيم الأساسية ولكنها أحيانا مبهمة كالسيادة الوطنية أو مصلحة البلاد واليوم نعيش وضعية هشاشة كاملة: أولا المشهد السياسي غامض من ناحية أخرى هناك انتقادات كبرى للنظام السياسي والدستور وكذلك نعيش في فترة اضطرابات إقليمية كبرى في ليبيا وأوروبا، فإذا لم يكن هناك سحب لبعض القضايا الهامة لمجال التوافق من اجل بناء نظام مجتمعي نخشى أن ننزلق إما الى فوضى أو الى استبداد وحينما نشعر أننا نجتر نفس القضايا دون حسم كالعدالة الانتقالية ودور النقابات وطالما لم نصل الى حد أدنى من التوافق يبقى كل مكتسب مهددا ولا اعتقد انه يمكن أن ينجح الوفاق بين حزبين حيث يجب أن تكون هناك مفردات مشتركة ومحسومة فغياب التوافق مثلا الى حد الآن حال دون وجود مؤتمر من أجل الإرهاب .
في إشارة للتوافق هناك من يعتبر أن نموذج التوافق في تونس قتل الديمقراطية؟
التوافق بين «النهضة» و«النداء» لم يتحول بعد الى توافق حقيقي لأن ما نلاحظه أنه داخل حركة «النهضة» هناك جزء كبير من قواعدها وقياداتها وكذلك الشأن داخل حركة «نداء تونس» هناك شق يرفض كل التقاء مع حركة «النهضة» وهذا العامل كان سبب تفتت «نداء تونس» وهذا السبب هو خلافي حتى بين الجزء المتبقي. هناك علاقات شخصية متطورة بين الشيخين سمحت بالالتقاء في محطات هامة ومكنت من تجاوز عدة عراقيل .الاتفاق محوره ممارسة السلطة مثال في اختيار رئيس الحكومة في تمرير لبعض التسميات والتصدي لبعض الشخصيات كما وقع مع راضية النصراوي لكن الحياة السياسية فقدت الكثير من حيويتها من بينها أنها لم تعد تعكس تطلعات واهتمامات الشباب وأنا شخصيا ضد الصراع والقطيعة بين الأجيال لكن مسألة حضور وتمثيلية الشباب في الحياة السياسية التي كانت سببا في الثورة مطروحة الى اليوم. يضاف الى ذلك التهافت على وسائل الإعلام الذي استنفذ واستهلك عدة شخصيات وأفقد الحوار السياسي جاذبيته علاوة على أن المواطن التونسي لم يشعر بتطور في معيشته بل أحيانا تراجعت مقدرته الشرائية وتراجعت الخدمات المسداة إليه ممّا خلق نفورا من الحياة السياسية وحين تتقلص قدرة الاحزاب على التعبئة والتواصل تختنق الحياة السياسية.
يتردّد أن الحاكم الحقيقي لتونس هو الشيخ راشد وان هناك تحضيرات في الكواليس ليكون رئيسا لتونس بعد الباجي. ما تعليقك؟
أعتقد ان في اعتبار راشد الغنوشي الحاكم الفعلي لتونس كثير من المبالغة التي تتحول الى ما يشبه التجني على الرجل لأن ما يقوم به راشد الغنوشي معلوم لكل التونسيين ويتم بالتنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية انطلاقا من معطيات موضوعية وأخرى ذاتية. فالمعطيات الموضوعية تؤكد أهمية حركة «النهضة» في الحياة السياسية سواء في المؤسسات المنتخبة أو في تأثيرها على الرأي العام وأنا اطرح السؤال بصفة عكسية ماذا لو اكتفى راشد بدور الملاحظ و تسجيل العثرات؟ الوضع سيكون أتعس وسيزداد الضغط على رئيس الحكومة الذي يكون مدفوعا للتعويل على راشد الغنوشي لاعتبارين أولهما انه لم يعد يستند الى الحزب الذي كان وراء وصوله للحكم وخضوعه لهذا العامل ليس خضوعه للدستور بل لأن حركة «نداء تونس» تكاد تكون قد تشظت وهذا يحيل الى الاعتبار الثاني هو أن محيط رئيس الجمهورية يخلو من الشخصيات التي تمتلك الخبرة ولديها شبكة علاقات واسعة كتلك التي يمتلكها راشد الغنوشي وأنا اعتقد أن الباجي قائد السبسي ليس حديث عهد بالمجال السياسي ولو لم يجد جدوى وفائدة من التعاون الوثيق مع رئيس حركة «النهضة» لما فعل ذلك إذن انا انظر للمسألة من هذه الزاوية وأنا اعتقد أنها ايجابية في مجملها لأنها تؤكد الحاجة للتعاون ولتجاوز الكثير من العراقيل لأن تونس تبقى رغم الانتقادات تجربة أفضل من التجارب الأخرى التي عاشتها ليبيا ومصر والتي أدت الى ما أدّت إليه وطبعا لا ننسى أن الإعلام يتابع عن كثب كل رجال السياسة ويساهم بالتالي قي منع كل انزلاق ممكن وهذا مهم في تجربتنا . أما في ما يتعلق بما أخذت تردده بعض وسائل الإعلام حول إمكانية ترشح راشد الغنوشي الى رئاسيات 2019 فلا شيئ يمنع ذلك من الناحية المبدئية والقانونية واعتبر ان راشد الغنوشي وحركة النهضة هما المؤهلان للإجابة عن هذا التساؤل لكن في سياق وضع فرضية فهناك عوامل من شأنها أن تدعم هذا الترشح كما أن هناك عوامل أخرى قد تلعب ضده وهذا طبيعي لأن راشد الغنوشي الى حد الآن رئيس حزب سياسي لا يحظى بإجماع كل التونسيين بل لديه قطاع هام من الرأي العام يمكن أن يدفع به الى قصر قرطاج. وعلى كل انا اعتقد انه من السابق لأوانه الخوض أكثر في هذا الموضوع وكما يقول المثل «دعها حتى تقع» ولكل حادثة حديث.
أحد المختصين اعتبر أن الإرهاب أصبح جزءا من اقتصاد سياسي جديد على مستوى عالمي وأن العلاج يكمن في مراجعة نموذج التنمية العالمي المنتج للفوارق الاجتماعية بين الشمال والجنوب. هل يعفي ذلك السياسيين التونسيين من المسؤولية؟
ما دمنا نعيش في نظام عولمة زاحفة فإننا نتأثر بالكثير من الظواهر سواء كانت ايجابية أو سلبية واليوم نكتشف أن للإرهاب عوامل داخلية وخارجية بعضها محلي يمكن السيطرة عليه في حين بعضها الآخر دولي لأننا ندرك أن الإرهاب صناعة إذ يمكن أن نصنع إرهابيا ونصنع شبكة إرهابية وهذه الصناعة لها اهداف وهي شكل من أشكال التدخل في شؤون الدول الأخرى وخلط الحق بالباطل وهذا يتجلى في الإرهاب الذي يرتدي لباسا دينيا إسلاميا ليتحول القتل من جرم لا يغتفر متى كان بغير حق الى مدعاة لبطولات للتباهي وللتغطية على اضطرابات نفسية وسلوكية وعقائدية. ولكن الإقرار بهذه الحقيقة لا ينفي المسؤولية الذاتية للأفراد والمجتمعات في بذل كل ما يمكن من اجل القضاء على الإرهاب والحيلولة دون أن يجد له بيئة ينمو ويترعرع فيها لأن الإرهاب انحراف أخلاقي وسياسي وهو جريمة منظمة وبناء عليه تلعب كل المؤسسات دورا في التصدي للإرهاب وما يلاحظ للأسف في تونس أننا غالبا ما نبحث عن مقولات تؤكد عولمة الإرهاب للتفصي من مسؤولياتنا لأن للإرهاب ملاذا في ثقافتنا وفي أساليبنا التربوية وفي أنماط التنشئة الاجتماعية وفي الحيف الاجتماعي وغيرها من الآفات التي نشاهدها دون أن نتوجه لعلاجها علاوة على أن للإرهاب علاقة بخطاب سياسي ملتبس بالكثير من الحالات لأن مجتمعنا يشكومن اختلال في علاقاته بحاضره ومستقبله وماضيه وبثقافته ورؤيته للدين وللإنسان وهذه الاخلالات تمهد للاضطرابات والانحرافات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.