ثورة الشعب النبيلة فاحت مآثرها في أصقاع العالم وأعادت للتاريخ هيبته ولشعارات الثورة والنضال أريجها وهو ما شكل مشهد فخر للتونسيين بالداخل والخارج بعد أن أصبحوا عنوان شجاعة وكرامة وصاروا امتدادا لعمالقة الشعوب المتحررة من الظلم والديكتاتورية. هذه الثورة تحركت فجأة وكان المتظاهرون بعزم ورباطة جأش وقوة "تسونامية" زلزلت عرش قرطاج، نال الشعب تقريبا ما أراده وما طالب به وبقيت حصة من النضالات مؤجلة التنفيذ إلى غاية اختبار صدق نوايا حكومة الوحدة الوطنية في الوعود التي أطلقتها...هذه المقدمة المطولة يراد بها تبرير احتجاج ولوم ومؤاخذة حول ما صارت تشهده بعض المؤسسات العمومية والخاصة من فوضى طرد المسؤولين وعزلهم والتهجم عليهم...إننا نفسد لوحة التحضر التي هنأنا العالم بها إنها انحرافات تسيىء للشعب التونسي، نحن مع محاسبة المسؤولين مهما علا شأنهم وتتبعهم وندعو إلى تركيز حراسة خاصة على مكاتبهم لمنعهم من التصرف في المحتويات والوثائق والحجج لكن أن يصبح القانون والقرار بيد العمال والموظفين أو أعضاء النقابة فهي من علامات الخلط والهمجية وانتحال صفات الأمن والعدالة التي هي وحدها مؤهلة لإدانة من تورطوا بشكل من الأشكال. مهما كانت الشبهة واضحة والتهمة لا يجاورها شك فلا بد أن يسود الهدوء وتتمنطق التدخلات، من الواجب فسح المجال للجان المحاسبة المكلفة بمتابعة قضايا الفساد واستغلال النفوذ والرشوة ... كما تفشت هذه الأيام ظاهرة الإنتصاب العشوائي في أماكن ممنوعة والبناء الفوضوي والإستيلاء على البيوت والأراضي دون موجب حق بغاية تملكها ممارسات ! أتاحها الظرف وانشغال الجهات الأمنية بأولويات أخرى ... إذا أخذتنا نشوة الانتصار على النظام المخلوع فيجب أن لا تباغتنا السكرة فنترنح ونسقط في العربدة ! قد يلوح الكلام معكرا لمزاج البعض لكننا اضطررنا إلى التعبير عن تعكر مزاجنا، وقلقنا، وخوفنا من تجاوز السرعة المعقولة عند قطف ثمار الثورة !