إنها الثامنة صباحا و على غير العادة فان الحركية كبيرة أمام نزل البلاص بقمرت . هم ليسوا رجال أعمال و لا مسؤولين قدموا من أجل ندوة صحفية أو مؤتمر بل هم مئات من الشباب المراهقين يرتدون ابهى حللهم... هذا يحمل قيتارة و تلك تختبر صوتها و هؤلاء منكبون على تعمير مطبوعات إرشادات . عندما تحاول الاقتراب منهم لا تجد مكانا بينهم. فكلهم جاؤوا للتنافس لنيل رضاء لجنة التحكيم و الظفر بتذكرة سفر للبنان من أجل مسابقة "عرب أيدل " التي ستقام أول مرة في الوطن العربي . • إغماء قبل بداية التنافس !! بدأت لجنة التنظيم المتكونة من لبنانيين و تونسيين بتوزيع بطاقات إرشادات على المترشحين ورغم توفر المطبوعات للجميع إلا أن فتاة في السادسة عشرة من العمر أخذت تصرخ و تبكي ثم أغمي عليها فاقترب منها الجميع لمعرفة السبب ليجدوا أنها انهارت لأنها لم تأخذ بعد مطبوعة إرشادات فكانت محاولة ناجحة في جلب الانظار ! ليعود كل واحد إلى مكانه وتعالت الأصوات بالغناء حتى تخال نفسك في "منحلة " ! و بتمعنك في الوجوه تلاحظ التوتر و الخوف باديين على الجميع حتى على الأولياء و المرافقين للمترشحين . و يتمثل الكاستينغ في مرور كل متنافس بمرحلتين قبل أن يمثل أمام لجنة التحكيم التي تتكون من الفنان اللبناني راغب علامة و الفنانة الإماراتية "أحلام" والمنتج و الموزع الموسيقي المصري "حسن الشافعي " . و المتباري الذي يملك قدرة أكبر من غيره على التدافع – و هي خبرة إكتسبها التونسيون من وسائل النقل !- يكون صاحب الحظ في الوصول إلى الصف المتوجه مباشرة إلى باب الأمل و هو باب قاعة الإختبار . • صرخة استغاثة لجميع الأولياء .. "أرجو أن تراعي اللجنة و المنظمون دراسة إبني و لا يقضوا على مستقبله العلمي " هكذا بدأت السيدة حبيبة فضلاوي كلامها معنا فهي قدمت مع إبنها حمزة ( 16 سنة ) منذ السابعة صباحا و رغم مرافقتها له إلا أنها خائفة على دراسته و تخشى أن يتم قبوله فيخسر السنة الدراسية و في سؤالنا عن سبب السماح له بالمشاركة قالت "إن إبني موهوب و يدرس موسيقى و لم نرد أن نقف في طريق مستقبله حتى لا يلومنا يوما ما " . اما السيدة ناجية محمد وهي ليبية فقد وصلت إلى تونس على الساعة الثانية صباحا خصيصا ليشارك إبنها أيوب ( 17 سنة) في البرنامج و هي كذلك تطالب بمراعاة دراسة المشاركين و تحدثت بصوت مشوب بنبرة قلق " إبني معروف في ليبيا وشارك في مهرجانات في المغرب و موافقتي على مشاركته في "عرب أيدل" لست مقتنعة بها كثيرا لكن والده متوف و لم أرغب في صده أو إحباط أحلامه " . وإلى جانب هاتين السيدتين كانت تجلس عجوز في الستين من عمرها على نفس الدرج تضع يدها على خدها و تخالها ستنام بين اللحظة و الأخرى إقتربنا منها و حاولنا الدردشة معها قليلا فتبين أنها جاءت مع حفيدتها (15 سنة ) ويبدو أن الفتاة مشاغبة إلى درجة أن العجوز تنهدت و قالت بكل حماس" أرجو أن يأخذوها معهم الآن فوالداها يرغبان في أن تذهب إلى لبنان ولو حالا " ! • لبنان أملنا الوحيد ! تخوف الأولياء لا يهتم له الأبناء فحماس الشباب هو الذي يحركهم . وهناك حماس كبير من المتبارين الشبان الذين يحلمون بالشهرة مهما كانت التنازلات و التضحيات . فمروى ( 23 سنة ) التي لم تكمل دراستها جاءت متأخرة للمسابقة وهي في ابهى حلة ... عمرت بطاقة الإرشادات و أخذت مكانا بين المتبارين ... كانت مرتاحة و غير متوترة و عند الحديث معها عرفنا أنها ليست المرة الأولى التي تخضع فيها الى كاستينغ لأنها تقدمت سابقا إلى عديد البرامج منها ستار أكاديمي و سوبر ستار و هي قد تعودت على ذلك .و تؤكد مروى : " عدم توفر الفرص في تونس و إنعدام شركات الإنتاج هو الذي دفعني للبحث عن فرصتي في لبنان فأنا موهوبة و مهووسة بالشهرة وأرجو أن أكون من الفائزين" . لكن رفقة ( 26 سنة ) طالبة بالتجارة العالمية تواجدت هناك لأول مرة و تقول إن " قدومي إلى عرب أيدل ليس سوى من باب الفضول و الرغبة في مقابلة النجوم و ليست لي طموحات كبيرة في الفوز أما إذا حدث و قبلوني فسأكون سعيدة " . وتحدى أنور القماطي ( 22 سنة ) صعوبات الطريق من طرابلس إلى تونس فقط ليقابل اللجنة و عن رحلته تحدث قائلا " أتيت عبر البر و تعرضنا إلى مخاطر جمة لكن كل شيء يهون في سبيل الترشح الى هذا البرنامج الجديد الذي يعتبر الآن أملنا الوحيد في بلوغ الشهرة وكسب المال في غياب الدعم و تقدير المواهب في الدول المغاربية " . • باستثناء راغب و أحلام لا يوجد نجوم في العالم العربي ! "عرب أيدل" هو برنامج مستنسخ عن البرنامج الأمريكي المعروف "أمريكن أيدل" و هذه السنة تشهد ميلاد نسخته العربية الأولى التي لا تزال غير واضحة في الأذهان لذا سألنا القائمين على البرنامج حتى نستوضح خفايا و أسرار هذا المولود الجديد لكن لم نجد التوضيحات الشافية فالملحق الصحفي يقابلك بمنشط البرنامج عبد الله حمد الطليحي الكويتي الجنسية و بعد تهليل و ترحيب تبين أنه لا يملك معلومات كافية عن البرنامج الذي سيقدمه حيث قال الطليحي" أنا هنا لأنني أصغر منشط بقناة الأم بي سي ، و لا أعرف إن كان هذا البرنامج سيستنسخ بالتفصيل عن نظيره الأمريكي أم مع بعض التعديلات . و ربما ستنتج القناة للرابح شريطا و كليبا كجائزة و لست على علم ببقية الإمتيازات و لا شروط العقد مع الرابح . لكن ما أعرفه هو أن لجنة التحكيم وخاصة الفنانة أحلام تعلق آمالا على الأصوات التونسية و تعتبر تونس أهم محطة في البرنامج " و عن أسباب عدم إشراك مطرب تونسي في إختيار المترشحين كما هو معمول به في أمريكا يجيب عبد الله أن "اللجنة تضم نجوما معروفين فمن يستحق أن نضيفه إلى جانب أحلام و راغب علامة ؟ فهما أكبر رموز الفن العربي " ! و لا يسعنا إلاّ أن نشكرك ايها المنشط "الناشئ " على هذا الموقف الحكيم من بقية الأصوات فلا لطفي بوشناق و لا صابر الرباعي يفقهان في الفن كما يفهم راغب و أحلام اللذان خبا نجمهما منذ سنوات على حد علمي و حسب ما اتفق عليه الجميع ! • "عرب أيدل" برنامج أمريكي بروح عربية حاولنا البحث أكثر لمعرفة مصير الرابح في هذا البرنامج و إذا ما سيكون كمصير غيره من خريجي برامج الواقع أو أفضل لكن دائما نواجه بالتعتيم و الأجوبة الدبلوماسية التي "لا تسمن و لا تغني من جوع " . و لم يفدنا السيد حسين جابر منتج النسخة العربية و منتج أشهر البرامج المعروفة على غرار من سيربح المليون و لحظة الحقيقة و غيرها إلا بتصريح غير صريح قال فيه " نحن لم نحدد بعد ملامح البرنامج إن سيكون كالبرنامج الأمريكي أو سيكون فيه تعديل يتماشى مع الروح العربية و حتى الإمتيازات المقدمة للرابح لا تزال مجهولة . و ما أستطيع قوله هو أن البرنامج سيتنافس فيه مجموعة من الموهوبين طيلة 11 أسبوعا ينتقلون من مرحلة إلى أخرى عبر التصويت و لن تكون هناك تسميات "نومينايز" بل من يتحصل على أعلى نسبة تصويت حتى نهاية البرنامج هو أو هم الفائزون لأنه يمكن أن يكون هناك أكثر من فائز .أما الجوائز فيعلن عنها في و قت لاحق " . هذه هي الأجواء العامة في كاستينغ "عرب أيدل" ... عدد ضخم من المتسابقين و اجراءات مشددة في التنظيم لكن نرجو أن نخرج بنتيجة ملموسة و لا نشوه كالعادة النسخة الأمريكية دون أن ننجح النسخة العربية !