رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    بالفيديو: رئيس الجمهورية يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوزير "محمد الأزهر العكرمي" ل"التونسية" :زنازين الداخلية ستصبح مزارا للتلاميذ... تصاميم متطورة للمقرات الأمنية وأزياء جديدة لرجال الشرطة
نشر في التونسية يوم 07 - 10 - 2011

ضيف "التونسية" هو الاستاذ والوزير محمد الأزهر العكرمي، وجه حوله 14 جانفي من مقاوم ومناضل ورجل قانون الى وزير يعد ل"داخلية فاضلة" وبتونس في جلباب الديمقراطية وحِلَلِ حقوق الإنسان
لمن لا يعرف السيد الوزير الأزهر العكرمي؟
أنا محمد الأزهر العكرمي محام وصحفي لمدة سنوات ...من مواليد سنة 1959 و أصيل ولاية قفصة حيث زاولت تعليمي الابتدائي والثانوي بها إلى حدود الباكالوريا أين تعرضت إلى الإيقاف لمدة ناهزت الشهرين ومن ثم خضعت إلى المراقبة الإدارية قبل أن يقع التخفيض فيها وأصبحت شبه حر ! ورغم هذه الظروف إلا أنني تقدمت لاجتياز امتحان الباكالوريا وتمكنت من النجاح في الدورة الرئيسية ثم توجهت إلى كلية الاداب بتونس حيث تابعت تعليمي العالي في شعبة الفلسفة ...ومن هنا بدأت تظهر ميولاتي السياسية فقد كنت غير مقتنع بما يحدث وبدأت ابحث وقتها عن الثورة والخبرات الثورية فخيرت الذهاب الى مكان نتعلم فيه حمل السلاح فتحولت إلى الجزائر للالتحاق بجبهة "البوليزاريو " الا أن الحظ لم يحالفني رغم أني مكثت هناك 4 اشهر ومن ثم غادرت الى دمشق لقربها من المناطق الساخنة وأقمت هناك رغم الظروف الصعبة ...
وفي سنة 1982 تطوعت في حركة فتح المجلس الثوري الى حدود سنة 1987 ...كما خضت تجربة أخرى في تنظيم راديكالي مسلح شبه سري في دمشق وبيروت...ليستقر بي المطاف من جديد في وطني الأم تونس ...حيث اقتحمت عالم الصحافة التونسية من خلال كتاباتي في احدى الصحف اليومية المعروفة في تونس بفضل الخبرة التي اكتسبتها بعد عملي في مجلة فلسطين الثورة ... ومن ثم اتصل بي وزير العدل في سنة 1992 مقترحا عليّ تولي منصب ملحق إعلامي بالوزارة لأشغل هذا المنصب حتى سنة 1994 وهي السنة التي استقلت فيها بعد الضغوطات التي بدأ نظام "بن علي" يمارسها ضدي ومطالبته لي بالانتماء الى التجمع المنحل مقابل امتيازات مهنية واجتماعية وإلا فإنه ستقع إقالتي فخيرت الإستقالة عن الإقالة...وعدت لأمارس مهنتي الاصلية وهي المحاماة الى تاريخه... وفي الاثناء كونت انا ومجموعة من الزملاء تيارا داخل القطاع يحمل اسم "محامون ضد الفساد المالي"...
وفي سنة 2007 قلت في نفسي إنه لا بد من خوض تجربة حزبية لأن الفرد يثرثر ويسكت في النهاية ! ومن هنا انتميت الى حزب التكتل من أجل العمل والحريات برئاسة الدكتور مصطفى بن جعفر وأمضيت سنة كاملة عضوا في الحزب قبل ان انسحب لأنني وجدت ان الدائرة أضيق من أن تستوعبني لاسيما وان الحياة السياسية كانت ميدان قحط وجدب...ومن ثم بدأت أنوب في قضايا الرأي طبعا كمتطوع منذ 1995 وبالتوازي مع ذلك راسلت صحف المعارضة وتحديدا "الجديد" و"مواطنون" الى ان انتهى بي المطاف في اصلاح المنظومة الامنية...
معالي الوزير، سأعود الى نقطة انتمائكم الى مجموعات مسلحة، من يقرأ او يسمع هذا الكلام يتبادر الى ذهنه مباشرة انتماء اسلامي متطرف؟
لماذا لا يتبادر انتماء يساري أو ثوري؟، فالذين انتموا الى حركات الكفاح المسلح مثل الجبهة الشعبية وحركة فتح وجبهة التحرير العربية وكل التنظيمات الفلسطينية كانوا أغلبهم يساريين وخير دليل على ذلك الشباب التونسي الذي رافقني والذين كانوا متأثرين بالفكر الماركسي / اللينيني في سنوات 60 و70 و80 ...
ففي تلك الفترة لم يكن هناك حديث عن فكر إسلامي ...وللأسف فالجيل الجديد ولد مع القاعدة وهو ما رسّخ أنّ كل كفاح مسلح ورغبة في الثورة قصد تغيير ما هو سائد هو فكر إسلامي متطرف ومتشدد...
يقال انكم حاولتم تلميع صورة النظام السابق وعلى رأسه "بن علي" من خلال وثيقة وقع ترويجها على الشبكة العنكبوتية؟
غير صحيح...وأتحدى كل من يقول إنني كتبت سطرا واحدا لتلميع صورة النظام، وأحيطكم علما بأن الوثيقة المروجة لا تحمل ختما أو تعريفا بالإمضاء وهو خير دليل على ان الوثيقة مزورة فالتقنيات الحديثة تسمح بعمل ايّ شيء يريده الشخص...إضافة إلى هذا كله يمكنكم العودة الى كتاباتي في صحف المعارضة وطالعوا المقالات التي كتبتها والتي كانت تنتقد النظام بشكل لاذع حتى ان هناك من نصحني بالكف وقال لي بالحرف الواحد "عندك عائلة وصغار "... وبإمكان اي شخص ان يميز هل كنت بصدد تلميع صورة النظام السابق ام انتقده....وكما يقول علي بن ابي طالب "بث الحكمة في غير مكانها يولد العداوة"...
بصفتكم ناشطا حقوقيا، كيف تنظرون الى المرحلة الديمقراطية التي تمر بها تونس؟
في الوقت الراهن لا توجد ديمقراطية، بل نمر بانتقال ديمقراطي ويجب علينا التدقيق في المفاهيم، فمرحلة الانتقال الديمقراطي ليست مرحلة ديمقراطية هي مرحلة إعداد للديمقراطية ان صح التعبير...
ما حدث في تونس هو انتفاضة شارع تحولت إلى ثورة أسقطت نظاما ولم يكن لدينا بديل جاهز، وهنا تكمن الصعوبة..ان تهدم بناية قبل أن توفر مثالا هندسيا للبناية الجديدة ...فانهارت البناية وليس لديك سكن وهي ما تمثله الشرعية ...وحتى عند اقرار الشرعية وولادة دستور جديد لا يعني بالضرورة ان البناء سوف يكون بالمواصفات المطلوبة وبالتالي حسب رأيي لا يمكن الحكم عليه الا بعد انقضاء مدة من الزمن لا تقل عن 10 سنوات ...وبإيجاز فإن هذه المرحلة هي مرحلة تعايش سلمي شعبي مع البحث عن الصيغ والحلول الأقل كلفة واكثر فعالية، كما تشكل أيضا مرحلة انفلاتات وتشكل "خرائط" اجتماعية وثقافية وسياسية وإعلامية جديدة...
وحسب رأيي المرحلة سترسخ عدة تقاليد، بمعنى أوضح أن السلطة التنفيذية في الوقت الراهن تواجه العديد من المطالب الاجتماعية والسلطة التي ستعقبها بدورها لن يهدأ لها بال... فأبسط مثال يمكن لأي شخص ان يقتحم مكتب الوالي ويعتدي عليه، وللإشارة هناك العديد من الولاة والمعتمدين الذين وقع الاعتداء عليهم داخل مكاتبهم ورفع شعار "ديقاج" ضدهم ولم يتم احترام قرارات وتمشّي هؤلاء المسؤولين...
أيّ أن الدولة او لنقل السلطة عموما فقدت جزءا من هيبتها التي تعد من أهم دعائم استقرارها و ضمانا لسير مرافقها ...
واعتقد ان هذه المرحلة ليست ديمقراطية لكنني متفائل لأننا نحن الاقرب في المنطقة العربية للوصول الى حكم ونظام اجتماعي وسياسي عادل وديمقراطي وذلك لغياب التعدد المذهبي والتعدد الطائفي و الاثني فمجتمعنا يساعده التاريخ بسبب تجاربه المتعددة منذ القرن 16 بالاضافة الى قدرته الرهيبة على التعايش مع انظمة متعددة طيلة هذه الفترة ...كما خلا تاريخه من التطاحن والحروب الاهلية التي تؤدي الى الاغتيالات وانهار الدم حيث تعودنا على أجواء الوسطية والاعتدال وبناء عليه يمكن التأكيد على اننا مقدمون على نظام ديمقراطي...
بصفتكم وزيرا معتمدا لدى جهة مخول لها إسناد تأشيرات للأحزاب ما هو موقفكم من هذا خصوصا وان هناك من يرى أن نصف المشاكل الحاصلة في تونس خلفها تعدد الأحزاب؟
بالنسبة للشق الأول من السؤال أجيبك بأن الحالة طبيعية جدا، فهي تعتبر بمثابة الضريبة أو الفاتورة التي يجب أن تدفع في فترة الانتقال الديمقراطي... وأنا مع إسناد السلطة التنفيذية تراخيص للأحزاب، فليس من حق أيّ إنسان أن يمنع مجموعة ممن يستأنسون في أنفسهم القدرة على العطاء السياسي من تكوين حزب إلا في صورة مخالفتهم للقانون فإنهم يحاسبون وفق القانون هذا وأحيطك علما بأن المجلس التأسيسي في بلغاريا دخله أكثر من 60 حزبا لم تتبق منهم سوى 7 أحزاب وفي اعتقادي انه في تونس لن يبقى سوى عدد قليل من الأحزاب التي يمكن عدّها على أصابع اليد الواحدة . وأما بالنسبة للشق الثاني فإلى حد الآن لا يوجد أي طرف يمكن له ان يقوم بالتصفية والغربلة عند تلقيه مطلب ترخيص في تكوين حزب سياسي لأن الملف المقدم يحتوى على الأهداف والأسس والمبادئ الأساسية للحزب ولا يتم فيه التعبير عن النوايا الحقيقية للأشخاص ...
*وكالة استخبارات مستقلة ستتلاءم مع مصلحة البلاد
نأتي الآن بالذكر على إصلاح المنظومة الأمنية، فمن بين نقاطها دعوتم الى بعث وكالة استخبارات مستقلة ألا تخشون أن يعود من خلالها البوليس السياسي باسم حماية الأمن القومي ؟
هذا موضوع يستحق تفصيلا معمقا، لأنه لا توجد دولة في العالم لا تملك جهاز مخابرات... فمهمة هذا الجهاز هو جمع المعلومات وتقديمها للسياسي حتى يتخذ قرارات رشيدة تتلاءم مع مصلحة البلد... ثم إن المخابرات الخارجية أما إن تعمل ضمن نظام استبدادي لتصفية الخصوم وملاحقتهم في الخارج كما كان يحدث سابقا أو إنها ضمن وكالة ممولة جيدا تبحث عن مجال حيوي اقتصادي في نظري...بمعنى آخر يجب أن توفر هذه الوكالة بالأساس المعلومات عن الأرضية الاقتصادية للدول المجاورة وبقية دول العالم وتقدمها للدولة التي بدورها تضعها على ذمة رجال الأعمال حتى لا يضطر هؤلاء للتنقل لاستكشاف المناطق الاقتصادية الأكثر ملاءمة للاستثمار ...
بهذا سيكون دور الوكالة مقتصرا على التعاطي مع المجال الاقتصادي الذي تضطلع به مؤسسات حكومية أخرى ؟
لا...لا، لن يقف دور الوكالة عند هذا الحد فحسب بل بمقدورها تحديد الكفاءات والشخصيات الوطنية الموجودة في العالم والقادرة على القيادة مستقبلا ليكون لدى الشعب التونسي بنك معطيات يساعده على الاختيار الجيد عند ترشح هذه الشخصيات إلى الانتخابات وذلك عوض البحث عن السياسيين ومطاردتهم وحتى الوصول إلى تصفيتهم جسديا وهذه هي إحدى مهمات الأمن الخارجي. بقي أن أؤكد أن مهمة الأمن هي جمع المعلومات وتقديمها للسياسيين وليس ملاحقة والتنكيل بالأشخاص ومن الواجب تغيير النظرة عموما للأمن حتى لا تستمر "فوبيا" الخوف متعششة داخل المجتمع...ولأختم هذه النقطة اكرر أن مهمتها هي توفير الامن للمواطن حتى يكون بمقدوره ممارسة حياته اليومية مطمئن البال ونضمن نشاطا اقتصاديا امنا...
حسب ما صرحتم به مؤخرا فإن خارطة الطريق شارفت على الانتهاء فمتى سيبدأ تنفيذ بنودها؟
هناك ما يمكن البدء بتنفيذه في ظل الشرعية وحضور التوافق ولغة الحوار الذي يجب أن يكون من القاعدة الى القمة، من اسفل الى اعلى إضافة إلى تكريس مبدأ الاحترام المتبادل بين المواطن ورجل الأمن ...
لو تفضلتم سيدي الوزير بمد قراء "التونسية"بالملامح العامة للمنظومة الجديدة؟
سنبادر بداية من هذا الأسبوع بفتح الزنازين التي شهدت مرور الآلاف من مساجين الرأي والحقوقيين بها الذين خطوا على جدرانها أروع الكلام والأشعار أمام أطفال المدارس للرسم على جدرانها حتى لا يتكرر ما حدث مرة أخرى وهذا قطع مع الماضي المظلم للبناية الرمادية في حركة رمزية لان الثورة لا بد ان يكون لها رأس مال رمزي تتربى عليه الأجيال القادمة وترسيخ مبدأ قداسة الحرمة الجسدية والفكرية للتونسي هذا من جهة... ومن جهة أخرى فإن ملامح بنية جديدة متكاملة للأمن كفيلة بإعطاء وظيفة جديدة له ترتكز على أمن الجوار ما يخدم الديمقراطية وحدها وليس مصالح أشخاص ونظام استبدادي وهذا يقتضي هيكلة جديدة وتكوين حديث ومعاصر لرجل الأمن حتى نضمن عملا امنيا فاعلا يستطيع استعادة الثقة مع المواطن...
وأولى النقاط وأهمها هو التكوين الذي اثبت انه غير صالح ليكفل "أمن الجوار"... وفي هذا الصدد سندعو إلى أن يمتد التكوين لعون الأمن على سنتين تكونان كفيلتين بغرس معنى منظومة ديمقراطية عوضا عن 9 أشهر تخصص لتلقينه الجانب الفني والتقني والتدريب البدني ليمارس العنف ...هذا وسنسعى إلى بعث كلية للشرطة تضمن تكوينا أكاديميا من أعلى طراز ...
ثانيا البوليس البلدي أو ما اصطلح عليه بالشرطة البلدية والتي عليها ان تخرج من مفهوم التراتيب وتتحول إلى جهاز بمقدوره ان يرافق الناس في كل مكان في الأسواق وفي النقل العمومي يكون مجهزا وقادرا على حماية الافراد وفي نفس الوقت يتعامل معهم بمبدأ شرطة الجوار حيث يتعامل مع الناس بكل اريحية وليس بتعال...ثالثا منذ بعث الجهاز الأمني تعددت فيه الأسلاك الأمنية ما أفقد الأمن وحدة القيادة التي تنعكس بدورها على سرعة القرار والحركة والوصول الى المواطن لتقديم العون له ولتجاوز هذا الإشكال سنسعى إلى توحيد القيادة بعد التوافق مع جميع الأمنيين او لنقل التقريب بين قيادة الأسلاك المختلفة كما سيتم تغيير الزي بداية من السنة القادمة واقتناء سيارات جديدة وذلك لإعطاء بعد نفسي جديد
رابعا تجهيز الأمن لوجيستيا وتقنيا خاصة عند معاينة الجرائم واستنطاق المجرمين حتى لا يضطر رجل الأمن إلى انتزاع الاعترافات بالقوة وإعادة الهيكلة الهندسية للمقرات الأمنية...كما تطالب المنظومة بتوفير ما بين 40 و60 عونا في المركز الواحد وتزويده بالسيارات الكافية وهذا سينعكس ايجابيا على ما يسمى بالدورية الوقائية خاصة في المناطق السوداء التي يرتادها المجرمون وهي تسهم أساسا في منع حدوث الجريمة... وما لمسناه سابقا فإن الدوريات كانت تثير السخرية لدى الخارجين عن القانون لذلك قررنا تكثيف الحملات على هذه النقاط...
هذا عموما أهم ما سترتكز عليه المنظومة الإصلاحية مع العلم ان هناك نقاطا أخرى لا تقل أهمية عما أسلفته...
سأتوقف عند نقطتين، أوّلا بعث كلية شرطة فهل سيتم الاستغناء عن مدارس الضباط وحفظ النظام؟ ثانيا توفير ما بين 40 و60 عنصرا بكل مركز ألا يبدو العدد كبيرا مقارنة بحجم مباني المراكز الأمنية؟
بالنسبة للمدارس الموجودة حاليا أفيدك بأنه لن يقع الاستغناء عن المكاسب بل سيقع تدعيمها من خلال إعادة تنظيم هيكلتها وصيغتها لتصبح متلائمة مع المستجدات وسيقع في الآن نفسه بعث كلية للشرطة تضم تحت لوائها بقية المدارس الأخرى، أما بخصوص عدد العناصر فأنا اعرف انه كبير لكن الدولة لن تعجز عن توفير مقرات كبيرة ولائقة وتكون مقسمة بشكل يسمح بالفصل بين العمل العدلي والإداري فهل يعقل أن يقبع في نفس الغرفة من وقع استقدامه للتحري معه سواء أكان متهما أو مجرما مع من قدم لاستخراج وثيقة إدارية !؟ ...
تحدثتم في أكثر من مناسبة عن الارتباط الوثيق بين الإصلاح الأمني والإصلاح القضائي، بصفتكم محاميا ومكلفا بالإصلاح الأمني كيف يتم إصلاح المنظومة القضائية في تونس؟
نعم، لا يمكن الحديث عن إصلاح الأمن وترك القضاء على ما هو عليه... فالقضاء بدوره يحتاج إلى إعادة هيكلة وتفعيل المعايير الدولية للقضاء كعدم نقلة القاضي دون رضاه، ودراسة الأعباء الملقاة على عاتقه حيث يتم تكليف القاضي بما يناهز عشرات الملفات في اليوم الواحد للبت فيها والفصل بين المتقاضين وهو ما قد ينعكس على الضمانات العدلية لدى المتهم...طبعا دون نسيان استقلال القضاء الذي يعد أمرا جوهريا...
أنا وعكس ما يطالب به بعض القضاة، أرى أن المجلس الأعلى للقضاء لا يجب أن يقتصر التمثيل فيه على القضاة فقط وذلك لسببين أولهما لضمان الديمقراطية والسبب الثاني هو أن القضاة يصدرون أحكامهم باسم الشعب التونسي ولذا فإن هذا الأخير يجب أن يكون ممثلا في المجلس المذكور إلى جانب كل المتدخلين في القطاع من محامين وعدول تنفيذ وإشهاد ومجتمع مدني وليس القضاة وحدهم كما يتبادر إلى ذهن البعض...
إضافة إلى هذا يجب مراجعة البنية التشريعية للقضاء سواء في ما يخص القانون الأساسي للقضاة أو في ما يخص القوانين المتعلقة بالأمن وتوفير الضمانات يخلق تعاونا وتكاملا بين الشرطة التي تقوم بالمراحل الأولى للعمل القضائي كضابطة عدلية وبين النيابة العمومية التي توجه التهمة وبين القضاء الجالس الذي يتولى إصدار الأحكام ...
اعتقد أيضا أنه لا بد من وجود شرطة محاكم تتلقى الأوامر مباشرة من المحكمة الراجع لها بالنظر وفي نفس الوقت يكون هذا النوع من الشرطة تابعا لوزارة الداخلية وتتمثل مهماتها في السهر على حسن سير الجلسات والمرفق القضائي بشكل عادي والحفاظ على هيبة المحكمة وجلب المتهمين إلى قاعة الحكم ومرافقة القاضي وتامين مقر المحكمة...
أعلنت الحكومة في وقت سابق عن قرار يقضي بحلّ جميع النقابات الأساسية لقوات الأمن...ما هو موقفكم من العمل النقابي داخل المؤسسة الأمنية؟
للتوضيح قبل كل شيء فإن الحكومة لم تتخذ أيّ قرار لحلّ النقابات، ما حدث هو أن الحكومة تقدمت بمطالب لحل هذه النقابات ففوجئت بأن هذه النقابات ليست مكونة قانونيا...
أما بالنسبة للعمل النقابي داخل المؤسسة الأمنية فهو في غاية الأهمية وضروري فعندما يجد رجل الأمن من يدافع عن مصالحه المعنوية والمادية يرى فيه ردّ اعتبار ويحس بمكانته داخل المجتمع و بالأمان مما ينعكس ايجابيا على عمله في الميدان ...لكن ما دام القطاع الأمني مسلحا فعليه أن يفرق بين الحق النقابي وحق الإضراب، فالحق النقابي مكفول أما الإضراب والاعتصام وكافة أشكال الاحتجاج فلا يمكن أن تعطى للعسكريين والمسلحين وذلك تجنبا لأيّ إشكال.."فالسلاح عند الاحتجاج قد يتحول الى خطر محدق "
هل تم التطرق إلى هذه النقطة في الإصلاح الأمني؟
أوكد أن العمل النقابي داخل المؤسسة الأمنية ضرورة قصوى وهو عمل خير واستقرار في ظل ما يتوفر من إمكانيات...لكن بحكم حداثة رجل الامن بالعمل النقابي يجب عدم الخلط بين رجل الأمن ورجل النقابة...اعتقد في قادم الوقت سيتوصل الى تسوية بين جميع الاطراف...
*لا يمكن الحديث عن تزوير الانتخابات ...واستفهام حول المناخ الانتخابي والمال السياسي
تبدي الأطراف المتدخلة وخاصة المترشحة للانتخابات بعض التخوفات من التلاعب وتزوير الانتخابات..فما هي الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لتبديد المخاوف المذكورة؟

لأول مرة تكون الوزارة طرفا محايدا في الانتخابات حيث سيقتصر دورها على حفظ الأمن خلال الأيام التي تسبق الانتخابات وأكثر فاعلية يوم الاقتراع أمّا ان الانتخابات ستزور ام لا فالإمكانية غير موجودة لأنه هناك هيئة عليا مستقلة ستسهر على إجراء الانتخابات وليس هناك طرف سياسي لديه القدرة على التزوير...
الشيء الوحيد الذي يمكن تزويره هو المناخ الانتخابي أو البيئة الانتخابية عن طريق المال السياسي أو عن طريق الدعاية المشطة غير المنضبطة للقانون او عن طريق محاولة إرهاب الناس والضغط عليهم أما أن يتم التزوير كما في العهد السابق عن طريق حشو الصناديق بالأموات والبطاقات المزيفة فهذا لن يقع فالكل يراقب الكل والمصلحة جماعية ...
تتمة للسؤال السابق هناك أيضا تخوفات من ما بعد الاعلان عن النتائج والتي بدأ الشارع التونسي يتناقلها فما هي استعدادات الوزارة تحسبا لأي طارئ؟
هذا أمر في علم الغيب، ولا يمكن الحديث فيه لأنه يبقى مجرد احتمال قابل للنقاش...في جميع الحالات الوزارة سوف تقوم بضبط النظام العام في الشارع التونسي وفي ما عدا ذلك يبقى الامر رهين المواقف اما أن تكون مواقف تمس بالامن العام او مواقف عادية...
بداية من يوم 24 أكتوبر تعتبر الحكومة مستقيلة، والى حين انعقاد المجلس التأسيسي واختياره للحكومة المقبلة في رأيكم من سيتولى مهام السلطة في تلك المرحلة؟
الحكومة ستسلم مقاليد السلطة الى حكومة منتخبة بمعنى ان الحكومة الحالية ستواصل عملها الى حين قدوم حكومة جديدة فالمرافق العمومية يجب ان يتم تأمينها وضمان استمراريتها الى حين تكوين حكومة جديدة شرعية...
رافقت قرارات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عدة آراء متباينة منها من استحسن ومنها من احتج عليها وهناك حتى من رأى ان بعث الهيئة بلا معنى، بما أنكم كنتم عضوا في صلب الهيئة ما هو رأيكم في ذلك؟
في البداية لا بد من توضيح أمر هو ان أدوات التحليل يمكن ان تنقسم الى عقلانية او عبثية ...
فلو نحلل بالمنهج العقلاني نجد أن هذه الهيئة قامت بمهمات كبيرة منها المساهمة في تفريغ الساحة من حالة الاحتقان عندما كانت المشاكل تناقش في الشوارع ، كما انها أنتجت هيئات عليا وخاصة أول هيئة عليا مستقلة عربية لتنظيم انتخابات ولجان لتقصي الحقائق وهذه هي القوة الناعمة لتونس ولشعبها الذي يتعايش سلميا...ورغم الاختلاف في المواقف فإننا في النهاية نتفق وهو ما جعلنا نخرج من هذه المرحلة بأخف الأضرار...ومن هنا أؤكد لك أن الهيئة كان لها نفع عميم...
*أدعو الى الحذر عند محاسبة رؤوس الأموال ...
هناك من يرى أنه من الواجب قبل محاسبة رموز الفساد التطرق الى الملفات العالقة والشائكة قبل ذلك ..فما رأيكم أنتم؟
المحاسبة جارية لكن علينا أن نكون عقلانيين في المحاسبة والتبصر ونبتعد عن المحاسبة وفق منطق التشفي والانتقام...فكل ذي حق سيأخذ حقه سواء ماديا او معنويا...وكمثال على ذلك هناك اكثر من 120 رجل أمن في السجن متهمين بالاعتداء على المواطنين ...بقي ان نقيم الى اي مدى المحاسبة كانت افقية وشاملة هذا هو محل الخلاف
بالنسبة لي شخصيا محاسبة أصحاب رؤوس الأموال يجب أن تكون حذرة بعض الشيء لأن هؤلاء يمتلكون مؤسسات كبرى تشغل الآلاف وتستثمر بالمليارات... يجب علينا اولا استرداد الحقوق ومن ثم المحاسبة وذلك تجنبا لأي انعكاسات سلبية على هذه المؤسسات ...وللتذكير فإن الانتقال الهادئ من الديكتاتورية الى الديمقراطية يتتطلب وقتا والاستعجال والتسرع حتى في السياقة يخلف الندامة ...
سيدي الوزير على ذكر رجال الامن الموقوفين، هناك رجال أمن تم طردهم ظلما في فترة الوزير السابق "فرحات الراجحي" وكنتم أدليتم بتصريح لاحدى النشريات الناطقة بالفرنسية تطرقتم فيه الى موضوع هؤلاء فما الجديد في ملفهم؟
عندي يقين شخصي بوجود عدد كبير من الضباط والمحافظين تم طردهم في فورة غضب الشارع وكانوا بمثابة أكباش فداء لإرضاء الشارع وتهدئته وبعض الناس الذين لا يتسمون بالحكمة كانوا وراء عملية الطرد الجماعي...
واعتقد ان هذا محمول على السلطة الشرعية ويجب عليها متابعة الملف وتحاسبهم بالاستناد الى الدلائل والبراهين وتعيد الحقوق والاعتبار لمن تم ظلمهم لان الثورة في حد نفسها يمكن ان ترتكب فيها مظالم نتيجة للارتباك والعجلة والفورة الشعبية مثلهم مثل من تعرض في النظام السابق الى مظالم...ايضا على من ظلم ان يتحلى بالشجاعة ويعترف بأخطائه.
سأذكر لمعاليكم 4 انواع من الاحزاب من اليمين ومن الوسط ومن اليسار وانتم تعطوننا رأيكم الخاص فيها؟
التكتل ما بعد الثورة :جزء من المشهد السياسي المستقبلي لا غنى عنه وفيه كفاءات عقلانية كبيرة...
النهضة :النهضة ظاهرة حزبية يريد الناس اختبارها بين ما تقول وما يمكن ان تفعله ولا أخفيك انني دافعت عن حقهم السياسي في مقالاتي في العهد السابق وبالقول على الأقل من سنة 2001 والتوقف عن سجنهم قبل أكثر من 10 سنوات ...لدي اصدقاء كثر من الحركة لكن منذ ان وقع تعييني في هذا المنصب انقطعت الصلة وبردت من طرفهم لا اعرف لماذا؟... وحتى ان بعض الشباب الذي ينتمي الى النهضة لا ينفك عن مهاجمتي على صفحات "الفايس بوك"...لا أملك تفسيرا لهذا حقيقة...
حزب العمال الشيوعي:هو حزب منسجم جدا مع نفسه وحزب فيه مناضلون بالمواصفات الكبيرة وكلما خرج من الاحتجاج إلى لغة الدولة سيكون موفقا اكثر ..نزعته احتجاجية أكثر من التوجه الى الدولة.
الاحزاب التجمعية(الوطن والمبادرة) :تونس لا يمكن ان تبنى في المستقبل الا بكل أبنائها وبقدر ما يتطهروا من ادران النظام السابق بقدر ما سيتم اندماجهم في الدورة السياسية
كلمة الختام، الثورة بعد 9 اشهر في نظر السيد الازهر العكرمي؟
مازالت تعلم الناس خارج تونس عربيا وعالميا...ومازال اهلها في تونس لا يدركون قيمتها الافتراضية والانسانية بسبب المطلبية والانفلاتات...كان يمكن ان نحافظ عليها ونستخرج منها قيما وزهورا أكثر مما حدث !!! ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.