تمر اليوم الذكرى العاشرة لوفاة الزميلة عواطف حميدة أول إمرأة تتولى إدارة إذاعة في تونس(اليوم لنا سهام بن سدرين مديرة لإذاعتها الخاصة أما إقبال الغربي فغادرت إذاعة الزيتونة بنفس راضية مرضية مطمئنة بعد غزوة من جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومديرة ثالثة يأبى القلم خط إسمها بنفسجية الهوى أطاحت بها الثورة منذ أيامها الأولى ) وإذا كان النسيان من طبيعة البشر فإن التنكر للآخر والجحود من الصفات التي تكاد تميز المشهد الإعلامي في بلادنا... ولأن رثاءنا لن يفيد عواطف في شيء فإن الرسالة التي نريد تبليغها عبر " التونسية " هي دعوة السلطة القضائية وهي تحاول الفكاك من أسر الماضي أن تعيد فتح ملف عواطف حميدة حتى تهدأ نفوس أفراد عائلتها ومن بقي من أصدقائها وأحبتها وتلاميذها ... كل هؤلاء يريدون إجابة شافية عن أسئلة تتكرر طيلة عقد من الزمان : من قتل عواطف؟ ولمصلحة من؟ ولماذا؟ التحقت عواطف حميدة بإذاعة المنستير خلال سنة 1988 وظلت تنشط بها إلى جانب عملها الأصلي أستاذة للغة الفرنسية بالمعهد الثانوي 2 مارس 1934 بالوردانين ، ومن بين تلامذتها آنذاك الزميلان محمد بوغلاب وكريمة الوسلاتي ، إلى غاية سبتمبر 1995 تاريخ التحاقها بمؤسسة الإذاعة والتلفزة . وقد أنتجت الفقيدة عدة برامج من أبرزها "قوس قزح" صبيحة كل أحد رفقة الصادق بوعبان(المدير الحالي للوطنية 2) ورضا عزيز و«بشائر الصباح» ليوم الخميس ثم «مخبر الحياة» و«نادي المستمعين» . قدمت عواطف أيضا منوعة رياضية بعنوان «على خط التماس» في سهرة الثلاثاء كرمت فيها قدماء الرياضيين قبل أن تصبح مثل هذه البرامج «موضة» عند الكثيرين إذاعة وتلفزة . كما برزت «عواطف» أيضا بمساهمتها في تنظيم ملتقى أدب التسعينات بإذاعة المنستير الذي مثل منبرا ثقافيا مغاربيا بامتياز طيلة سنوات قبل أن يندثر حلم المغرب العربي ويتوقف الملتقى بشكل نهائي ... وايضا أنتجت الراحلة لفائدة قناة تونس 21 منوعة« شباب على الدوام « التي حققت نجاحات تلفزية لفتت الأنظار والأقلام . والتحقت المرحومة بالعاصمة لتشرف على انطلاق إذاعة الشباب باعتبارها رئيسة لمصلحة البرمجة، وفي منتصف سنة 1997 كلفت بإدارة الإذاعة التي كانت من أبرز من أرسى دعائمها خلفا للحبيب بلعيد(الرئيس المدير العام الحالي للإذاعة التونسية). عينت الراحلة في أوت 2001 مديرة للإذاعة الوطنية، وكان التحدي الأول أمام «عواطف» هو الألعاب المتوسطية التي احتضنتها بلادنا صائفة 2001 فكانت تغطية متميزة لكل المسابقات بأسلوب حرفي يعد نموذجا للعمل الصحفي الرياضي... رحلت عواطف العنيدة الصلبة والشفافة مثل الكريستال،ولكن ذاكرة الشرفاء تحتفظ لها بأنها قالت لا في الزمن الصعب وبأنها لم تنخرط في جوقة المديح وعكاظيات الولاء الفج...كانت إمرأة تونسية حرة ...ومن المعيب أن يتطاول البعض على ذكراها بحثا عن رجولة مفقودة أو بكارة جديدة –لا سبيل إليها- لأن عواطف تظل دائما في بؤبؤ عين كل من عرفها ...ولعل الوقت قد حان لتكرم هذه الإعلامية التكريم الذي يليق بها...