عقد منتصف نهار أمس وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ندوة صحفية بقصر النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد. وكان جوبيه حل يوم 5 جانفي الجاري في زيارة رسمية إلى تونس تزامنت ربما مصادفة مع زيارة اسماعيل هنية, استغرقت يومين والتقى خلالها برئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي وبرئيس الحكومة حمادي الجبالي. الديمقراطية ثقافة ولا تتعارض مع الإسلام وجاء في تصريح آلان جوبيه إلى الصحفيين ووسائل الاعلام التونسية أن لقاءاته الرسمية بالرؤساء المنصف المرزوقي وحمادي الجبالي ومصطفى بن جعفر كانت حافلة بالمشاورات والتوصيات. ونوه بالمناسبة بانتخابات المجلس التأسيسي وأكد على نجاح تونس في أول مراحل البناء الديمقراطي. كما حث على دعم تمشيها الديمقراطي الذي لا يجب أن يقتصر على مجرد اجراء انتخابات بل لا بد من تعزيز ثقافة الديمقراطية عبر الحفاظ على مكتسبات حقوق الإنسان والمرأة ودعم دور مكونات المجتمع المدني. وعبر وزير الخارجية الفرنسي في هذا الإطار عن استعداد المجتمع المدني الفرنسي لدعم ومساندة البناء الديمقراطي في تونس من خلال مواصلة التنسيق بين الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الموازية لعمل الأحزاب. وذكر في هذا الإطار بأنه بادر إلى لقاء عدد من رؤساء الجمعيات ومكونات المجتمع المدني لتدارس قضايا حقوق الإنسان ومكتسبات المرأة التونسية, واشار إلى عزم فرنسا الاشراف على منتدى فكري تجدد من خلاله مكونات المجتمع المدني الفرنسي دعمها ومساندتها للبناء الديمقراطي بتونس . وفي جوابه عن سؤال حول دور فرنسا التي كانت أول المطمئنين لصعود الاحزاب الإسلامية, في تخفيض العداء إزاء الإسلام السياسي، أكد أن فرنسا لم تكن متحسسة بمسائل التطرف الديني ومع ذلك اكد على اهمية دعم الاعتراف المتبادل بين الديانات والحضارات لتجاوز هذه الاحترازات التي مثلت لدى البعض حواجز نفسية منعتهم من تقبل صعود الاسلاميبن إلى الحكم. وذكّر بالجهود التي تنتظر رؤساء "الجمهورية الانتقالية الجديدة" في سبيل تعزيز هذه الثقافة المكتسبة. واكد آلان جوبيه في المقابل, على أن فرنسا ممثلة في الحكومة والمجتمع المدني مستعدة ل"شد أزر" نظيرتها التونسية, طالما لا يوجد تعارض بين الإسلام والديمقراطية. وعود بالاستثمار وترقب لانتعاشة سياحية موعودة اكد آلان جوبيه في حديثه عن الملف الاقتصادي, انه يتفهم انتظارات الجانب التونسي للمساعدة الاقتصادية الفرنسية وأكد على أن فرنسا تخطط لبعث قرابة 1300 مؤسسة اقتصادية صغرى ومتوسطة بتونس في الفترة القادمة. وعن القطاع السياحي اكد انه اشترط ضرورة اعادة هيكلة القطاع السياحي حتى تتمكن تونس من مجابهة التحديات الظرفية والموضوعية, ومؤكدا على أن " السنوات القادمة ستكون اذا توفرت الاصلاحات الضرورية, سنة عودة الاشعاع السياحي الى تونس". واكد بالتوازي على وفاء الفرنسيين لتونس كمحطة سياحية. روابط ثقافية تنحو الى الندية وتلغي الماضي الاستعماري وعن مستقبل التبادل الثقافي أجاب وزير الخارجية الفرنسي أن فرنسا تحتضن قرابة 1500 طالب تونسي وصفهم بكونهم اكثر الطلبة تميزا بالجامعات ومراكز البحث الفرنسية. وانه آن الاوان لطي صفحة العلاقات الموسومة بسمة المستعمر والمستعمر وان فرنسا حريصة على تقوية ومساعدة المجتمع المدني بتونس بصفته أهم مقومات الديمقراطية الناشئة والمشروطة حتما باحترام حقوق الإنسان ومكتسبات المرأة. ولعل في تمسك وزير الخارجية في هذه التصريحات بضرورة دعم عمل مؤسسات المجتمع المدني الموازية لعمل الأحزاب, اشارة ضمنية إلى أن فرنسا ستكون متيقظة إزاء درجة احترام هذه المبادئ والتي كان وصفها بالخطوط الحمراء التي لا مجال لتجاوزها. واللافت كذلك في تصريحات جوبيه أن الملف الاقتصادي هو احدى آليات فرنسا التي ستمكنها من اجبار الاطراف الواصلة للسلطة على احترام حدودها. فهل يمكن اعتبار زيارة آلان جوبيه زيارة تفقد لخطوط حمراء رسمت في باريس؟ ام حرصا على تامين مساعدات اقتصادية ضرورية لإنجاح تمش ديمقراطي ناشئ تسعى فرنسا أن يكون قدوة لباقي دول الربيع العربي؟