السيدة سهام بادي من مواليد 12/06/1967 بدڨاش من ولاية توزر , متحصلة على الدكتوراه من كلية الطب بباريس والاجازة في علوم التربية من جامعة باريس. ناشطة حقوقية و لاجئة سياسية منذ سنة 1992 بعد صدور حكم جائر ضدها بسنتين سجنا على خلفية نشاطها السياسي. مثلت سهام بادي احد أبرز وجوه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بفرنسا شاركت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عن دائرة فرنسا 1 ثم تولت حقيبة وزارة المراة في حكومة السيد حمادي الجبالي الحالية. "التونسية " التقت السيدة سهام بادي فكان الحوار التالي: * متى بدأت "سهام بادي" العمل السياسي ؟ كانت الظرفية الاجتماعية السائدة اوائل الثمانينات والمتميزة بغلاء المعيشة وتردي ظروف التونسيين ملائمة لتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية وكانت الحركة التلمذية متناغمة مع المطالب الاجتماعية ومسايرة لتحركات الطلبة بالجامعة . فكان التنظم السياسي على اشده بالمعاهد الثانوية حيث سادت مختلف التيارات السياسية منها العروبية والقومية والاسلامية واليسارية مما خلق حراكا سياسيا منظما في صفوف التلاميذ. وكنت منذ الفترة التلمذية منخرطة في هذه الحركات المطلبية الشعبية (ضد غلاء المعيشة وارتفاع ثمن الخبز ...)وتعددت مشاركاتنا في عديد المظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي كانت تنتهي بمطاردات البوليس وعقوبات بالانذار وحتى الطرد من مقاعد الدراسة. * كيف عشت التحولات الاجتماعية والسياسية سنتي 1988 و 1989 وانت طالبة بكلية الطب ؟ واصلت بعد توجهي لدراسة شعبة الطب الحضور والمشاركة في الحركات المطلبية التي عرفت تأججا سنتي 1988 و 1989 تزامنا مع حالة احتقان سياسي واجتماعي غير مسبوق. ومثل الطلبة محركا أساسيا حيث كان لهم وزن هام في توجيه وتأطير ذاك الحراك السياسي وكانت الجامعة مرآة عاكسة لمشاغل المجتمع والمواطنين. وتلاقت الجامعة والحركة الطلابية مع الحركات السياسية المعارضة التي نشطت بفاعلية في تلك الفترة. وبدأت المعطيات تتغير واتخذت المسارات بعدا جديدا نهاية الثمانينات حيث بدأت عسكرة الجامعة وكانت بداية نهاية الانتعاشة الفكرية والسياسية وبدأ تجفيف منابع الحرية وانطلقت سياسة القمع الفكري بالحديد والنار وبدا تراجع الحركات الفكرية والمطلبية والإعلامية. ومثلت السنة الجامعية 1991-1992 سنة الحسم في مسالة الحريات فبدأت المضايقات واشتدت سياسة المطاردة والطرد من مقاعد الدراسة وانطلقت مرحلة الايقافات والمحاكمات في صفوف الطلبة الذين سجن العديد منهم وعذبوا بل هناك من الطلبة من لقي حتفه... وكنت حوكمت في تلك الفترة بالسجن لمدة سنتين مما اضطرني إلى الاسراع بالخروج من البلاد كلاجئة سياسية بفرنسا. *ماهي أوجه النضال في فرنسا؟ كان توجهي الى فرنسا سنة 1992 كلاجئة سياسية لذلك تمسكت بمواصلة النضال خاصة وقد توفرت فضاءات التعبير بالتوازي مع امكانية مواصلة الدراسة والتكوين العلمي. فقد كنت متمسكة كذلك بضرورة مواصلة دراستي بشعبة الطب بل اصررت على التميز والنجاح لايماني بان سلاح المراة الوحيد هو نجاحها وشهادتها العلمية. هكذا كان توفر فضاءات التعبير فرصة لمواصلة التشهير بنظام بن علي وكنت لا افوت ايا من الندوات والاجتماعات للتنديد بممارسات بن علي القمعية. وكنت اخترت في تلك الفترة النشاط خاصة في صلب جمعيات المجتمع المدني العربية والفرنسية وكان اهتمامي بالاساس منصبا في مجالات حقوق الإنسان وحقوق الأسر المهاجرة. وعلى سبيل المثال كنت من مؤسسي "معهد الدراسات الحضارية بباريس" وساهمت في تأسيس المجلة الفكرية "رؤى" والتي تعنى بقضايا الفكر العربي والإسلامي في المهجر. وبعد تخرجي فتحت لي مهنة الطب باب عدد آخر من النشاطات الاجتماعية والإنسانية. * متى كان انضمامك إلى حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ؟ كانت في البداية تربطني علاقات صداقة وطيدة بنشطاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وكنت اشاركهم توجهاتهم الفكرية السياسية ولم يكن هناك عمل سياسي حزبي بالمعنى الدقيق. ومع انطلاق ثورة ديسمبر –جانفي 2010-2011 سارعت بالانخراط في حزب المؤتمر من اجل الجمهورية لايماني بافكاره وتوجهاته السياسية والفكرية. وساهمت بصفة فعالة في تأسيس وتنشيط مكتب حزب المؤتمر بباريس فكنت الكاتب العام بالنيابة ثم ترشحت عن دائرة فرنسا 1 خلال انتخابات المجلس الوطني التأسيسي. *كيف وجدت وزارة شؤون المرأة عند تسلمك لمهامها ؟ تسلمت وزارة فارغة من الطاقات والكوادر وخالية من البرامج والانشطة حيث كانت وزارة مفرغة ومجرد واجهة للنظام وفصلت على مقاس "سيدة تونس الأولى" ليلى الطرابلسي ! ولم تكن تعكس مهامها كوزارة تعنى بالطفولة وبالمسنين وبالمرأة, بل اقتصر الأمر على هيمنة وتقوي بعض الجمعيات والاتحادات على عمل الوزارة . كما تميزت بتشتت رهيب للأطر مقابل تجريد الوزارة من كل دور ايجابي والإبقاء عليها كمجرد مورد لتمويل بعض الجمعيات والاتحادات. ومن هنا كان تهميش وزارة المرأة سببا رئيسيا في تهميش بقية المجتمع لان النهوض بالمرأة هو محرار تقاس به الحالة الصحية للمجتمع ككل. واني كوزيرة لشؤون المرأة والمسنين والطفولة سأعمل جاهدة لاسترجاع ادوار الوزارة. * اذا ما هي جملة التحديات التي تنتظر وزارة ووزيرة شؤون المرأة ؟ أولا سنعيد تفعيل علاقة الوزارة ببقية الوزارات على غرار وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشباب والرياضة ونحاول تفعيل مهام الوزارة وفق احتياجاتها بالتنسيق مع مختلف الوزارات ذات الصلة. لذلك فاننا سنحول هذه العلاقة نحو مبدأ التشاركية والتوافقية ولا شك ان ذلك سيكون مفيدا من النواحي المادية وفي الجهد والوقت. وفي خطوة إصلاحية ثانية لا بد من تغيير أسلوب ونمط التعامل مع الجمعيات ومكونات المجتمع المدني, وقد شرعت فعليا في تنفيذ ذلك حيث كلفت فريق عمل مختص لرصد مجال عمل الجمعيات التي تضاعف عددها بعد الثورة, وذلك لنحدد الجمعيات التي لابد من تنسيق العمل معها في مجالات المرأة والطفولة والمسنين ومقابل ذلك تحديد الجمعيات التي لابد من قطع التعامل معها بالعودة إلى ما يوجبه القانون والعدالة. وهنا لا بد من سياسة متكاملة تنطلق بتعيين مراقبين ماليين وإعداد تقارير مالية وأدبية في شان هاته الجمعيات والاهم هو الإسراع في هذه الخطوة لتفعيل تعاملنا مع الجمعيات التي نحتاجها في تفعيل دور الوزارة. إذ لا مجال لإعادة النهوض بوزارة المرأة دون مساعدة المجتمع المدني المكون من جمعيات ومنظمات وناشطين مستقلين.... *وفيم يتمثل تفعيل دور الوزارة على المستوى الجهوي ؟ أجل, هذا ما نحن بصدد التركيز عليه فقد أشرفت مؤخرا على ندوة المديرين والكتاب العامين بالوزارة وتم وضع مخطط لتمثيلية سنحرص أن تكون حقيقية في الجهات خاصة وان الوزارة ستستغني عن عمل بعض الجمعيات التي ثبت تورطها في هذه المدن فلا مجال لعمل حقيقي دون تمثيلية حقيقية للوزارة بهذه الجهات. وسنعمل على تكوين مكاتب جهوية جديدة تعنى بالمسنين والطفولة والمرأة حتى يسهل على الوزارة تنفيذ برامجها على المستوى الجهوي. *هل هناك مجال للتعامل مع جمعيات ومنظمات أوروبية وأممية للنهوض بقطاعات الطفولة والمرأة والمسنين ؟ لا شك أن هذه المرحة الجديدة في تاريخ تونس هي مرحلة تحول ومزيد من الانفتاح والوزارة ستكون منفتحة على كل مبادرات التعامل ضمن المنظمات والجمعيات الدولية التي ستتأثر بلا شك بمناخ البلاد العام الذي يجب أن يتجه نحو مزيد الاستقرار. *ما المنتظر من وزارتكم لدعم مكتسبات المرأة التونسية؟ أنا شخصيا لدي طموحات اكبر من مجرد الحفاظ على ما جاء مثلا في مجلة الأحوال الشخصية التي هي مكسب لن نتراجع عنه. ولكن تراجع تمثيلية المرأة في المؤسسات السياسية والنقابية ما بعد الثورة يحتم علي المزيد من العمل لتدارك هذه التمثيلية المنقوصة عبر مراجعة بعض القوانين ونشر ثقافة التشارك بين الجنسين والمساواة عبر التثقيف الاجتماعي, وهذا يوجب إصدار قوانين وتشريعات جديدة تقنن لهذه المساواة الفعلية وترفع تمثيلية المرأة في الأحزاب والمجالس التشريعية وفي السلطة التنفيذية ولم لا في سلك الولاة والاتحادات النقابية..... وسأحاول الالتحاق بالمجلس التأسيسي لتعويض عماد الدايمي والاهم أني سأحرص على فرض بعض التشريعات في مجالات المرأة والأسرة والطفولة .