عادة ما يتخوف المستثمرون وأصحاب المؤسسات وحتى عامة الناس من أداء الجباية ويعتبرونها عبئا يثقل كاهلهم ، إلا أنها بالنسبة للدولة تعد موردا أساسيا للمداخيل . وحول مسألة التهرب الجبائي وملاحقة المتخلفين عن تسديدها خاصة من "الحيتان الكبيرة " التي أثرت خلال العهد البائد ثراء فاحشا مستغلة علاقاتها ، إرتأت "التونسية" الحديث مع كل من رئيس هيئة المحاسبين ( تونس/بن عروس) رضا وهيدي ورئيس غرفة الجبائيين الاستشاريين رضا بالأمين . يقول رئيس هيئة الخبراء المحاسبين (تونس/ بن عروس) رضا وهيدي إن حجم خسائر التهرب الجبائي متفاقم بشكل كبير حيث أن نقص الوعي والالتزام بتسديد المتخلد بالذمة من أداءات متفش في صفوف بعض رجال الأعمال وأصحاب الشركات الناشطة في مختلف القطاعات وكبار الأثرياء وحتى في صفوف عامة الشعب ، ويضيف المتحدث إن المبالغ المالية للتهرب الجبائي تناهز 325مليارا. وعدد رئيس هيئة الخبراء المحاسبين أنواع التهرب الجبائي حيث يعمد عدد من المطالبين بأداء الواجب الجبائي إلى عدم الإعلان عن المبلغ الحقيقي لمستحقات الدولة المالية وذلك بالإستظهار بتصاريح مغلوطة خاصة عندما يتم جلب سلع من الخارج ، وهو ما جعل السوق الموازية تنتشر بصفة ملفتة للإنتباه . كما يمكن أن تكون المغالطة بتزييف التصاريح وتضمينها أرقام معاملات غير حقيقية او بعدم الإدلاء بالقيمة الحقيقية للعقارات التي من المفروض أن يدفع صاحبها 6 بالمائة من ثمنها الأصلي عند التسجيل ، ويحصل ذلك خاصة عندما لا يقع تداول التصاريح الصحيحة بين مختلف المصالح الإدارية المعنية بالمسائل الجبائية . ويضيف السيد رضا وهيدي أن طرق التهرب الجبائي عديدة وهناك من إستفاد من إمتيازات جبائية لم يقع إستغلالها في الأوجه التي خصصت من أجلها أي أنها وظفت في غير محلها بعدم الإمتثال لما تم إقراره من مخططات عند البدء في أي مشروع . وعن عدم خلاص الديون المتراكمة في القباضات المتخلدة بذمة العديد من الأطراف أكد المتحدث أنه لا يمكن حصر قيمتها ولا عدد المتهربين منها (شركات ، رجال أعمال ...) شركات سياحية وصناعية .. تتهرب وفي نفس الصدد أفاد رئيس غرفة الجبائيين الاستشاريين رضا بالأمين أن الدولة تتكتم عن قيمة الأموال والخسائر جراء ما يترتب عن التهرب الجبائي، إذ أن عديد الأطراف على علم بالممارسات اللاقانونية واللامشروعة التي تكرس إمتناع بعض المنخرطين في الدورة الإقتصادية من أشخاص ماديين ومعنويين عن تسديد مستحقات الدولة الجبائية ، وعبر المتحدث عن ذلك بعبارة "يخدموا في ال "noir" . وأكد رئيس غرفة الجبائيين الإستشاريين بأن ديون التهرب الجبائي تبلغ مئات المليارات سنويا وهي بالخصوص متخلدة بذمة الشركات الخاصة وأغلبها تتموقع في تونس العاصمة وولاية سوسة ... وأشار السيد رضا بالأمين إلى أن المتتخلفين عن أداء الواجب الجبائي هم المستفيدون من علاقاتهم ب "الطرابلسية" او من هم على قرابة دموية بهذه العائلة ، إذ أن هؤلاء لم يكونوا مستهدفين عند إجراء عمليات المراقبة الجبائية، حيث هناك شركات لم تدفع المبالغ الجبائية اللازمة منذ سنة 1987 وذلك بفضل علاقاتها الجيدة بذوي المناصب الهامة في البلاد وبفضل الوساطة والرشوة ... وقال رئيس غرفة الجبائيين الإستشاريين إنه من الضروري وضع حد للتجاوزات الجبائية خاصة على مستوى الديوانة . كما أنه من الأهمية بمكان أن يقع جرد أملاك أصحاب الثروات والمؤسسات الإقتصادية والعقارات والأراضي . وأخبرنا السيد رضا بالأمين بأن وجوب تشريك البنك المركزي في عملية جلب الواردات والإشراف عليها أمر مهم ليتمكن من تحديد القيمة الجبائية الحقيقية خاصة وأن هناك شبكات عالمية لتمكين أصحاب الاعمال الكبار من الإفلات من الجباية . وقال رئيس الغرفة إنّ أبرز الشركات المتهربة من الضرائب وأداء قيمة الجباية والديون السابقة المتراكمة هي تلك الناشطة بقطاعي السياحة والصناعة .