«الجباية العادلة» مطلب شعبي عام، وهي هدف وطني دعا اليه البرنامج الرئاسي للخماسية المقبلة، فالمطالبون بالأداء وأساسا أصحاب المؤسسات ورجال الأعمال يناشدون دوما بالتخفيف في الضغط الجبائي، رغم الخصم المتكرر في النسب، بدعوى التقليص من كلفة الانتاج ودعم القدرة التنافسية. والدولة تريد ان تترسخ لدى المطالبين بالأداء ثقافة الواجب الجبائي والتصريح التلقائي والشفاف، دعما لموارد الدولة وتقليصا من نسب التهرب التي لا تخفيها منظمة الأعراف ذاتها. رئيس الدولة مكّن اصحاب المؤسسات أول أمس، وخلال مجلس وزاري من اجراءات جديدة استهدفت التخفيف من العبء الجبائي على المؤسسات المطالبة بالأداء وإعفاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة والمصدّرة من الأداء لفترات محددة. وأتاح رئيس الدولة للمطالبين بالأداء امكانية البحث عن حلول توفيقية قبل اللجوء الى القضاء من خلال خطة الموفق الجبائي الذي ينظر في شكاوى الأفراد وتظلماتهم من تعسف الإدارة او أخطائها وتشددها، احيانا، في تطبيق القانون، وأساسا من خلال تلك المبالغ المشطة التي تفرضها بعنوان التوظيف الاجباري. وفي الحقيقة فإن الموفق الجبائي وقبله الموفق المصرفي او البنكي لا يمكن ان تكون تدخلاته ناجعة وعادلة الا اذا تمتع ، قانونا، بهامش من الحياد والاستقلالية وتوفّرت له القدرة على معرفة وتأويل التشريعات وعلى اقناع الطرفين بالحلول التوفيقية التي لا يمكن إدراكها الا بقبول التنازلات تحقيقا للمصلحة العامة. كما ان توسيع مظلة الجباية الالكترونية والتصريح الجبائي عن بعد يمثل اجراء هاما قد يكون أداة لمعالجة التهرّب الجبائي والتقليص في نسب المتأخرين عن دفع الأداء اضافة الى ربح الوقت وتيسير المراجعة وإنهاء عمليات التدخل البشري التي قد تكون ولو في حالات نادرة باعثة للريبة والشك. ولاشك ان الإصلاحات المتتالية للمنظومة الجبائية وتحيين الخدمات المسداة للمطالبين بالأداء ستسرّع نسق ترشيح ثقافة الواجب الجبائي والتقليص في نسب المتهربين والمتلددين في دفع الضرائب والأداءات وبالتالي تحقيق أكبر اركان قيم المواطنة والوطنية الحقّة.