قام وفد من المكاتب السياسية لأحزاب "الوفاق" و"مواطنة" و"الحرية والتنمية" (بقيادة رؤسائها) بزيارة ميدانية إلى مدينة تالة عاينوا خلالها بعض مظاهر التهميش المتواصل والتقوا بعض أبنائها الذين أفادوا بما تعانيه المدينة من تعتيم لا زالوا يجابهونه بالصبر والحكمة في غياب تام تقريبا للمرفق العمومي بها. بعد حرق مركز الشرطة قبل 14 جانفي 2011 . أصالة موجودة... تنمية مفقودة وإصلاحات منشودة وقد وقفوا على أصالة ومدنية أهلها وعمقها في التاريخ والحضارة، وعلى رصيدها في الثورة التونسية، ومناخها الآمن ذاتيّا، ومواردها الطبيعية والفلاحية والإنشائية، وقساوة المناخ والظروف التي نحتت صبر أهلها وحكمتهم. بها أكبر مخزون إسمنت (بجبل بولحناش) وأكبر منجم حديد ومخزن يورانيوم، ونوع خشب "الخريط" كانت ليلى بن علي تصدره إلى إسبانا. كلّ هذا في مدينة وما جاورها أغلب أراضيها هي على ملك الدولة. يقول الأهالي إن "تالة مهمشة اقتصاديا وتربويا بسبب سياسة التعتيم التي تواصلت في عهديْ بورقيبة والمخلوع... نحن لسنا جياعا، لكن كرماء. لا عيب في الفقر ونحن معتزون بفقرنا. إن شاء الله نصنع التاريخ بفضل شبابنا. تحية تقدير خاصة لشباب تالة الذين أشعلوا 10 أيام بعد سيدي بوزيد شعلة الثورة. تواصلت الثورة في مكثروالقصرين وتاجروين... لشباب تالةوالقصرين بصمة في الثورة..." الحرية، فالتشغيل والتشغيل والتشغيل " نحن نتوق للحرية والكرامة أولا، ثم إلى التشغيل فالتشغيل فالتشغيل... المشكل أن الثورة قامت من أجل الحرية والكرامة والتشغيل، وها هي قد حادتْ عن أهدافها لفائدة المحاصصة السياسية... أيادينا مفتوحة للمستثمرين من التأسيس إلى التطوير، والربح مضمون". بتالة 30 ألف ساكن وأكثر من 90 بالمائة من شبابها عاطل يرتاد ال14 مقهى التي تعدها المدينة. "حتى معمل الآجر لا يشغل إلا النزر القليل ومضاره البيئية أكثر من منافعه الاقتصادية، فضلا عن أنه وقعت خوصصته"، يقول مواطنوها. أهالي تالة يطالبون الدولة "بتطهير المؤسسات" (التربوية، الصحية، البلدية...)، و"رد الجميل لأهل الجميل، لمن ساهم في صنع التاريخ بقسط وافر". "تالة في حاجة لإصلاح على جميع المستويات ويطالبون بقطب جامعي متعدد الاختصاصات بولاية القصرين وبمشاريع تنموية تقطع مع البطالة التي طالت" كما تعكسه حالة مواطن عاطل منذ... 20 سنة وقد بدأ رأسه يشتعل بياضا... "نريد استثمارا يستهدف الجنسين، والمتعلمين وغير المتعلمين. كل عاطل عن العمل له الحق في الشغل. واليد العليا أفضل من اليد السفلى" و"لا لإعانات 'الرّوبا فيكيا'". نطالب بإعادة هيكلة المصانع الموجودة وانتدابها لليد العاملة..." يقولون قولهم هذا مضيفين أن "90 بالمائة من تالة ليست لهم الثقة في الحكومة. " "الإعانات والحضائر مسكنات لا طائل منها والاستثمار أفضل من ملياراتها. الموارد الطبيعية والفلاحية والإنشائية تضمن الاكتفاء الذاتي وتساهم في الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة الوطنية المنشودة". المجلس الجهوي للتنمية الذي بعث بإشراف أعضاء المجلس التأسيسي هو عقدتنا. 'الترويكا' والأحزاب ليست لها أي مصداقية والانتهازية هي القاعدة. المجلس الجهوي يشتغل دون حضور المواطن. وبالتالي لن تكون التنمية عادلة. والتنمية والإصلاح لا بد لها من أهل الاختصاص (في التربية والاقتصاد والاجتماع...)... كما لا بد من الإنصات للشباب. "فبركة"... انتخابية، وسبق الأوان مرفوض أهالي تالة يعتبرون الانتخابات "عملية فبركة" حسب عاطل عن العمل ل20 سنة أيّده في ذلك كلّ الحاضرين من أبناء تالة. و"لا نقبل أن تكون الانتخابات البلدية سابقة لأوانها، أي قبل سنّ الدستور، وسنقاطعها إن تقررتْ قبل سن الدستور" بحسب مدير مدرسة. "انتخابات 23 أكتوبر كانت سابقة لأوانها وهي سلبية في تاريخنا. الخطأ في حياتنا السياسية، والتي لم نكن مهيئين إليها. هناك من باع الذمة والهمة، لكن هناك أناس شرفاء وكرماء غير مقتنعين بالانتخابات، والشعب التونسي تعلم من أخطاء تلك الانتخابات، سيدخل الانتخابات القادمة بقناعاته، لا بعواطفه أو مقابل كسكروت أو إعانة." 'الترويكا' والأحزاب غريبة عن تالة ولن تنجح "لن تنجح الترويكا مستقبلا في تالة" يقول مدير المدرسة ويضيف متسائلا: "هل زارها مسؤول منذ 23 أكتوبر 2011؟" أما عن الأحزاب، فهي لا تعدو أن تكون "نقطة استفهام" حيث أن "ممثليها يخدمون مصالحهم". تالة ليست إلاّ عيّنة مما لا زالت تعانيه تونس الأعماق وقد طال اهتمام الساسة بالحرص على الحكم والمناصب وأجّلت الحلول الملحّة التي بالانكباب الصادق –لا الإيديولوجي أو العقائدي– فقط تعود ثقة الشعب فيها وتتحقق أهداف ثورة الحرية والكرامة والمواطنة. عن المكاتب السياسية