انتظمت أمس ندوة صحفية بنزل المشتل تحت عنوان «التوافق في كتابة الدستور في المراحل الانتقالية» وذلك بمشاركة محسن مرزوق رئيس اللجنة التنفيذية لمركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية والأستاذ عياض بن عاشور وصلاح الدين الجورشي رئيس المجلس التأسيسي المدني وكذلك خبراء في القانون وأعضاء من المجلس الوطني التأسيسي وممثلين عن الأحزاب السياسية وممثلين من المجتمع المدني وأكاديميين وإعلاميين. ولدى افتتاحه أشغال الندوة أكد أمين الغالي من مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية أن هذه الندوة تندرج في اطار برنامج مركز الكواكبي حول صياغة الدستور التونسي الذي يعمل من خلاله على دعم عمل المجلس الوطني التأسيسي عبر اقتراح مقاربات وصيغ لعديد المسائل التي تأخذ بعين الاعتبار رؤى المجتمع المدني مع الاستئناس بتجارب دولية. ومن جهته أشار السيد محسن مرزوق رئيس اللجنة التنفيذية لمركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية الى أن تونس دخلت المرحلة الثانية من الانتقال الديمقراطي المتمثلة في صياغة الدستور والتي من المنتظر أن تفرز وثيقة متفقا عليها في أجل لا يتعدى السنة من تاريخ الانتخابات ومن المفترض أن يهدف الدستور الى بناء دولة ديمقراطية، واعتبر محسن مرزوق أن الدستور ينبغي أن يكون سياسيا يعبر عن مطامح كل العائلة السياسية وأيضا كل المطالب الاجتماعية والاقتصادية كما أنه يجب أن يكون مختصرا وفعالا لبناء ثقافة سياسية ديمقراطية وعلى المجلس التأسيسي أن يبدأ في مناقشة الأمور المتفق عليها على غرار الحريات وحقوق الأفراد ثم مناقشة الأمور الشكلية التي تأتي في مرحلة لاحقة، كما أكد على ضرورة التوافق واحترام مبدأ مدنية الدولة. وفي مداخلته اقترح السيد عياض بن عاشور رؤيته في صياغة الدستور الذي من المفروض أن يكون توافقيا ومختصرا. وشدّد على ضرورة احترام النصوص القانونية في صياغة الدستور باعتبار أن المسار السياسي يقتضي التوافق وإلغاء مبدأ الأغلبية والأقلية. وفي محور الهوية ومدنية الدولة والنظام الديمقراطي والتوفيق الدستوري بينهما ذكر صلاح الدين الجورشي أن موضوع الهوية ومدنية الدولة موضوع ساخن ومثير للجدل ويعد من أمهات القضايا المستعجلة. وعرف الجورشي الهوية بكونها عنصرا حيويا في كل المجتمعات واستبعد أن يعيش أي مجتمع بلا هوية، مشيرا الى أن موضوع الهوية مطروح في كل المجتمعات وتتعمق مشكلتها في المجتمعات المتأزمة حضاريا واعتبر الجورشي أن المجتمعات العربية الاسلامية من أكثر المجتمعات التي تعيش هذا الهاجس منذ أكثر من قرن ونصف القرن. وحذّر الجورشي من تناول موضوع الهوية كحالة جامدة مؤكدا انها حالة متحركة وديناميكية واستعرض اشكالية الدين والهوية معتبرا أن الدين دائما حاضر في تشكيل الهويات. وعلى هامش هذه الندوة توجهت «التونسية» بالسؤال الى محسن مرزوق رئيس اللجنة التنفيذية لمركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية حول امكانية التوافق في صياغة الدستور في ظل التجاذبات والحسابات السياسية القائمة فأكد في هذا الصدد على أن احتمال التوافق يتطلب حضور شخصيات سياسية فإما أن نقع في لعبة «العض على الاصابع» والتجاذب وإما أن نتوصل الى اتفاق وعندها يمكن الحديث عن مبدأ التوافق وعن أفضل الخيارات بخصوص شكل الدستور ومكوناته الأساسية وقال مرزوق: «لا يجب أن يكون الدستور غنيمة بل لابدّ من صياغة دستور توافقي يجمع كل التونسيين والتونسيات".