تونس (وات) - حدد الأكاديمي عياض بن عاشور خلال ندوة موضوعها "دستور تونس: توصيات في الشكل والمضمون" نظمها مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية بالتعاون مع الجمعية التونسية للقانون الدستوري وجمعية المجلس التأسيسي المدني عددا من النقاط الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الدستور الذي يناقش اعداده خلال هذه الفترة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي. وفصل بن عاشور خلال مداخلته مزايا الدستور كنص تشريعي ينظم العلاقات الكبرى بين أجهزة الدولة . وقد قال في هذا السياق ان "الدستور هو جملة من المبادئ العامة للنظام السياسي التي تحدد الإجراءات الصادرة عن السلط العمومية" مشترطا في ذلك ارتباطه بالواقع "السوسيولوجي" لتونس ، وعلى أن لايكون "مسقطا"أو "مستنسخا" من تجارب خارجية. وأضاف بن عاشور الذي كان رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بأنه لايجب التغاضي عن ما أسماه ب"العوامل المحيطية" وهي بالضرورة حسب رأيه المحيط الدستوري السابق والمحيط التاريخي لتونس والمحيط السياسي الذي تعيشه البلاد في الوقت الحالي. وعن هذه النقطة المتعلقة بالمحيط السياسي بين بن عاشور أن الثورة التونسية قد بعثت برسائل يجب احترامها اليوم على ان لا تكون صياغة الدستور حسب رأيه مقتصرة على "رؤية حزبية واحدة ذات طابع ايديولوجي " وحذر في مداخلته من الانزلاقات التي قد يحدثها المسار السياسي التونسي مبرزا أن الحل يكمن في التوافق بين جميع فرقاء المشهد الوطني وداعيا في نفس السياق الى أن "تكون صياغة الدستور أقرب الى فهم العامة والشعب لاأن تكون حمالة لمفاهيم تقنية هي من اختصاص الخبراء". وشدد على ضرورة تضمين الدستور"إعلانا تونسيا لحقوق الإنسان"يحمي المواطنين من التجاوزات ، ويعطي طابعا تاريخيا للثورة التونسية وذلك على غرار ما تضمنه إعلان الثورة الفرنسية لسنة1789 وخص بن عاشور مداخلته بدعوة إلى إحداث" مجلس قضاء الدولة"يجمع في نفس الوقت المحكمة الدستورية والمالية و الإدارية قائلا بأن "الدولة المدنية هي الخيار الأفضل لتونس ،وأن الدولة المدنية لا تطرح أفقا تيوقراطيا أو عسكريا لأسلوب الحكم وانما هي عقد اجتماعي نابع عن" توافقات بين جميع المواطنين" وأعرب عن "ثقته في أن تفي حركة النهضة بوعودها في إرساء نظام سياسي مدني رغم مرجعيتها الإسلامية". من جانبه أكد رئيس اللجنة التنفيذية لمركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية محسن مرزوق خلال هذه الندوة على أن لايكون الدستور المرتقب بمثابة"الغنيمة السياسية" مشددا على ضرورة أن ينضبط نص الدستور بالقيم الداخلية وبالتوازنات السياسية المحلية. وأضاف بأنه "لاغالب ولامغلوب عند صياغته لأنه نص يهم جميع التونسيين وليس فئة حزبية بعينها" داعيا الى ضرورة التعالي عن القناعات الايديولوجية لايجاد مشترك وطني مع جميع الأطراف" فالدستور المرتقب حسب رأيه يجب أن يكون "نقطة وصل بين المحلي والكوني " ويشارك في هذه الندوة التي تتواصل على مدى يومين خبراء من تونس والخارج وكذلك نخبة من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي وممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية. ويتضمن جدول أعمال الندوة العديد من المداخلات على غرار التوافق في كتابة الدستور في المراحل الانتقالية من خلال التجربة البلغارية كنموذج والتوفيق الدستوري بين الهوية ومدنية الدولة والنظام الديمقراطي