على إثر تقدم كتلة «المؤتمر من أجل الجمهورية» باقتراح إحداث خطة المأذون الشرعي لإبرام عقود الزواج عوضا عن عدول الإشهاد في سياق مبادرة مشروع تنقيح قانون الحالة المدنية، والقانون الأساسي للمأذونين ومجلة الحقوق العينية، وبدعوة من الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد والغرف الجهوية والفرعية لعدول الإشهاد، نفّذ أمس عدد كبير من عدول الإشهاد وقفة احتجاجية تحت شعار «لا لمشاريع الاستنساخ المشبوهة»، احتجاجا على هذا المشروع لما يمثله من سلبية ولما يحمله من مخاطر على حد تعبيرهم معربين عن رفضهم الشديد لما جاءت به المبادرة برمتها من مضمون وأهداف ومقاصد... مشروع يأتي بعدول الإشهاد من كل الولايات! وقد اتخذ عدول الإشهاد، القادمون من كل ولايات الجمهورية تقريبا، من الساحة التي تقع قبالة مقر المجلس الوطني التأسيسي مكانا للاحتجاج وللتعبير عن الرأي، حيث أقبل العشرات منهم على المكان منذ الصباح الباكر... «بعضهم تكبد عناء الرحلة من المهدية أو المنستير... والآخر من الكاف وذاك من صفاقس... ولكن ما يجمع الجميع اليوم هو الدفاع عن المهنة التي طالما حلمنا بأن يصير وضعها بعدة الثورة أفضل حالا ولكن يبدو أن معاناتنا لم تنته بعد» هكذا برر رئيس الغرفة الوطنية لعدول الإشهاد سبب بذل عدول الإشهاد الجهد «الجهيد» وتحمل عناء السفر من كل ولايات الجمهورية بغية الاحتجاج أمام مقر المجلس التأسيسي. مشروع «متخلف ورجعي !" قال رئيس الغرفة الوطنية لعدول الإشهاد السيد «عماد عميرة» «نحن عدول الإشهاد اعترتنا حالة من الخوف والهلع حيث أن مشروع القانون هذا يبتغي أن يعود بتونس إلى عهد تخلف عشناه ولا ننوي معاودة الكرة ثانية، زد على ذلك أن إحداث هذه المؤسسة المراد منه تقليص مجال تدخل عدول الإشهاد»، مضيفا «أنه مشروع يتجاوز التعدي على عدول الإشهاد ليمس من حقوق المرأة و من مدنية الدولة... حيث يجرنا إلى إمكانية تقسيم القضاء التونسي وإحداث بلبلة داخل العائلة القضائية". ومن جهته عبر عدل الإشهاد «كمال سويح» عن رفضه المطلق للفكرة التي طرحها مشروع القانون هذا «لما لهذه الفكرة من قدرة على فتح باب خطير يتعلق بتشريع الزواج العرفي»، معيبا محاولة استنقاص صلاحيات مهنة عدول الإشهاد «ومثل هذا التعدي والمس من الاختصاص لا يسكت عليه". أما عدل الإشهاد الأستاذة «سامية العقبي» فقد حذرت من خطورة هذا المشروع القادر على تجريد القضاء من صلاحياته في ما يتعلق بالطلاق «إذ لهذه المؤسسة التي لم نعهدها أن تتكفل بهذه الصلاحيات في مرحلة تلي منحها صلاحية إبرام عقود الزواج، كما قد يمكن هذا المشروع أشخاصا لا رقابة عليهم ولا علاقة لهم بتحرير العقود، من التمتع بصفة الضابط العمومي المفوض له اختصاص الدولة في تحرير العقود ولا يعترفون أصلا بعقد الزواج المكتوب ولا بالقواعد القانونية المتفق عليها صلب المجتمع". تبرير «عمر الشتيوي» ليس مقنعا بالمرّة فكرة إحداث خطة «مأذون شرعي» هي واحدة من ضمن ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بتنقيح بمجلة الحقوق العينية، وقانون الحالة المدنية، والقانون الأساسي للمأذونين، التي كان قد تقدم بها «عمر الشتيوي» إلى المجلس التأسيسي، كما جاء في شرحه للأسباب أو المحفزات الكامنة وراء خطة «المأذون الشرعي» أنه مشروع قادر على توفير مواطن شغل إضافية لحاملي الشهائد العليا من خريجي شعبة الشريعة وأصول الدين.. وحول هذا التبرير قال الأستاذ «محمد زدام» (عدل إشهاد ورئيس الغرفة الجهوية لعدول الإشهاد بالمنستير والمهدية) إنه «ليس بالسبب المقنع بالمرة وذلك لعدة اعتبارات أولها أننا كنا قد تقدمنا منذ أشهر عدة بمشروع قانون ينظم المهنة وينصّ في طياته على إمكانية استيعاب مهنتنا لما لا يقل عن 5 آلاف خريج ولكن ليس من كلية الشريعة وعلوم الدين كما يقتضي هذا المشروع حيث أنه اختصاص يفتقر إلى الوازع القانوني الذي يتسم به عدل الإشهاد مع كل احترامي لهؤلاء". قانون مسقط أتت به "رياح المشرق" أكد عدول الإشهاد أن هذه الوقفة هي رسالة إلى المجلس التأسيسي «حتى لا ينجرف خلف المخططات الغريبة عن مجتمعنا، كما عليهم أن يدركوا جيدا أننا لن نسمح باستغلال مهنتنا والمتاجرة بها» حسب تعبيرهم. وأكد الأستاذ «شاكر طرابلسي» (عضو مكلف بالدراسات والتكوين بالغرفة الجهوية لعدول الإشهاد بتونس) أن المشروع الذي تقدم به «عمر الشتيوي» يسعى لتجريد البلاد التونسية من أصالتها وخصوصيتها من خلال توريد أفكار غير ناجحة من دول المشرق كمصر، متسائلا «كيف تكون مصر مثالا حيا لعدم نجاح هذه الفكرة ونحن نقتبسها عنها؟" ومن جهته اعتبر الأستاذ «محمد زدام» أن خطة «المأذون الشرعي» التي تم توريدها واقتباسها من المشرق «يقصد بها التفرقة بين العقيدة والايديولوجيا والنظرية... أي كأنها تلك المؤامرة التي تطبخ على نار هادئة وأتمنى أن أكون مخطئا في ذلك". كما توجه أغلب المحتجين بدعوة إلى المجلس التأسيسي وإلى السلط المسؤولة حتى تقرّ مشروع قانون المهنة الذي تمّ تقديمه إلى وزارة العدل منذ ما يناهز العام.