الشعارات لغة المسيرات..وعناوين مختزلة للطموحات... ومن أجمل الشعارات التي علقت بذهني هي «سيلان الحبر لا سيلان الدم»... جميل هذا الشعار ووفي لطبع التونسيين.. لانه يعيد سيف العنف إلى غمده... لانه يدفع إلى عضّ اللسان قبل التفوه باللفظ العنيف.. لأنه يسبق التفكير على التكفير.. لأنه الموعظة الحسنة والكلمة الطيبة حتى وان كانت ناقدة لاذعة موجعة.. «سيلان الحبر لا سيلان الدم» يستبطن خوفا من الانزلاق في المكروه..في العنف... خاصة وأن الاسبوع الماضي شهد تصريحات نارية تخللتها عبارات مثل «الحرب الأهلية» و «المؤامرة».. وتواترت على لسان عديد المسؤولين.. وكان هذا حديث الناس في المقاهي وعلى صفحات الفيس بوك صانع كرات الثلج...لو فكرنا في تداعيات هذه التصريحات كمواطنين فإنها تزيد الوضع إرباكا وتفضي إلى تجييش الأنصار ليصطفوا وجها لوجه.. وكم أحوج تونس أن يصطفوا كتفا لكتف من أجل البلاد وإخماد الفتن يتم بالخطاب الهادئ والطمأنة لا بشحن النعرات وإنما بتنسيب الخلافات والاختلافات... الاسبوع الماضي كان اسبوع الاحتقان على كل الواجهات الاعلام.. الاتحاد.. السلفيين.. المؤامرة...سوريا .. انسحاب المعارضة من التأسيسي.. غلاء الأسعار.. مصدر التشريع.. وهذا كثير على أية حكومة وعلى أي شعب.. ولا حل الا التوافق والاقتناع والمحافظة على «شعرة معاوية»... بخلفية صادقة لا تستعدي ولا تتهم من يخالفك الرأي.. «سيلان الحبر لا سيلان الدم» هو مطلب «صنع بتونس» وهذا هو رقينا المتأصل.. الكلمة بالكلمة لا الكلمة باللكمة والحجة بالحجة لا الحجة «بالهجة».. يسيل الحبر والحبر الموازي حاملا فكرا ورأيا وموقفا ..ليسقي الديمقراطية والحرية.. وعندما يسيل الدم فهو المؤشر على ازدهار توفير القبور.. وفي المقابر صمت رهيب.. لا أحد يصوت.. لا أحد يتكلم.. يشبعون موتا ولا يشبعون بشيء اسمه الديمقراطية..رغم الحبر الاحمر في شراييننا.