الرياضة النسائية عندنا تسير إلى الوراء كمّا وكيفا وعلى وجه الخصوص في الممارسة الجماعية. أقولها بكل الوضوح حتى لا تتوارى الحقائق خلف بعض الانتماءات هنا وهناك وبين فترة وأخرى. لقد عرفت الرياضة النسائية طفرة كبيرة خلال السبعينات وحتى الثمانينات قبل أن تتراجع وتتدحرج في سلّم التصنيف الإقليمي والقاري... فقد مضى ذلك الزمن الجميل الذي عرف صولات بناتنا وجولاتهن في مختلف الرياضات والملاعب أيام كانت مباريات السيدات تجلب الجمهور الكبير! فماذا حدث حتى تفرمل طموحات فتياتنا وينحدر مؤشرهن القيمي في البورصة الرياضية؟ في الواقع، يمكن القول إن عناصر عديدة تعاضدت وتزامنت كي تكبّل الأيدي والأرجل والأدمغة في الآن.. وأكتفي في هذه البطاقة باستعراض بعضها: تخلّي النوادي الكبيرة على غرار النادي الإفريقي والترجي الرياضي التونسي والنجم الرياضي الساحلي وغيرها عن الفروع النسائية سواء في كرة اليد أو كرة السلة أو الكرة الطائرة. نقص الاهتمام بالرياضة المدرسية الجماعية وعدم التعويل على المخزون المدرسي من قبل الأندية خلافا لما كان يقع في السنوات الذهبية. امتناع أصحاب رؤوس الأموال عن تقديم الدعم المالي لتلك الفروع. وهذا العنصر الثالث على علاقة وثيقة بالعنصرين السابقين بل هو نتيجة حتمية لهما. فتدهور المستوى الفني والنتائج بالإضافة إلى تقلّص عدد الممارسات للرياضة وعزوف الجمهور، كل هذه العوامل متجمعة من شأنها أن تنفّر المستشهرين والمموّلين لغياب النجاعة والمردودية الاقتصادية، وهم معذورون في ما ذهبوا إليه. فما هي الحلول الممكنة في ظل الوضع الحالي وما نصبو إليه في مجال الرياضة النسائية؟ أعتقد أن أيسر الحلول الممكنة تتمثل في تفعيل العناصر الثلاثة التي تعيق حاليا الرياضة النسائية وتحويلها إلى قوة دفع. فعلى الأندية الكبرى أن تستعيد دورها في هذا الشأن وأن تقدّم ما يكفي من تضحيات لإنعاش هذه الرياضة مع الاعتماد على المخزون المدرسي لتوفير العنصر البشري. وعلى رجال الأعمال تغيير نظرتهم إلى تلك الرياضات واعتبار ما يقدّمونه لها يندرج ضمن المجهود الوطني العام والإسهام في تنشيط قطاع مهمّ وحيوي. وفي هذا الإطار يمكن أن يعمل هؤلاء على تبني فروع ونواد معيّنة مع فتح الأبواب أمام الفتيات والسيدات العاملات في المؤسسات المانحة على غرار التجربة التي عشتها شخصيا خلال السبعينات بالتعاون مع مؤسسة «سوجيمو» حيث بعثنا ضمن الاتحاد الرياضي بجبل الجلود ولأول مرّة في تاريخه فرعا لكرة السلة النسائية بالاعتماد على الفتيات اللاتي يشتغلن في تلك المؤسسة. إنّ الحلول متوفّرة شرط أن يتوفر العزم والإرادة... فهل من مجيب؟!