قصص الحب زمن الحرب من أجمل ما قرأت.. هناك يتعاشر الحب مع الموت.. تلازمهما يفرض على البشر تلازم التضحية من أجل الوطن بالتضحية من أجل الحبيب.. هناك تعاد صياغة الزمن وتصبح كل دقة قلب.. كل دقة في الساعة.. كل دقيقة مساحة للحب.. حياة في دقيقة.. ودقيقة كأنها دهر.. كل الحواس مستنفرة.. عيون جائعة تلتقط صورا للحبيب.. تخزنها كالشريط لتعيد رؤيته كلما يغيب الحبيب.. رائحة عطره.. حركات اليدين.. دقات قلبه عندما تسند رأسها على صدره.. وصدره عرشها.. بعد التلاقي تغيب الحبيبة على عجل حتى لا يرى دمعة طائشة على خدها.. هل ستراه غدا!! سؤال يجيب عنه طلق الرصاص ومطر القنابل.. هل سيراها غدا.. ويستعيد شريط اللقاء بالطريقة البطيئة.. هنا سألته هل يحب البنات أم الصبيان.. رد عليها.. المهم أن يكون شبهك.. تسأله: ما الاسم الذي تحبذه يجيبها «حرية».. فجأة يتحسس جيبه.. نسي أن يهديها علبة «الشكلاطة» في زمن التهريب.. ذاب نصفها.. فذاب قلبه.. غدا سأهديها باقة ورد.. من الغد كانت في الموعد.. لم يأت.. كانت تحملق في المارة الذين غارت عيونهم.. هائمون.. لسعها البرد.. ودثرها انتظار اللقاء.. مرت الدقائق والساعات.. فرجف قلبها.. تلاقى بؤس المدينة بحزن العابرين.. داهمها الليل وحظر التجول.. كانت تجر رجليها جرا.. كطفل صغير فقد أمه في الزحام.. لم تنم ليلتها.. سحبت صورته بالأبيض والأسود من حقيبتها.. قبلتها.. وضعتها على صدرها.. وبحثت عن أجمل الكلمات التي همس بها لتطرد خوفها المقموع.. في الصباح.. ورد الخبر.. حبيبها بين القتلى.. وبجانبه باقة ورد.. ولكن ماذا عن الحب زمن الثورة.. مكالمة هاتفية: «ألو جيب معاك خبزتين.. وباكو قهوة.. وكيلو فلفل».. ويأتي الرد: «باهي.. خبزتين وباكو قهوة.. أما الفلفل بلحرام لا نشريه..» انقطعت المكالمة..