خلال تجوالك في شوارع مدينة قفصة يلفت انتباهك هذه الايام مجموعة من النسوة يصطحبن أطفالا رضّع ،يقابلنك في البرد والحر ،تراهم في الصباح الباكر يحثون الخطى من منطقة الراقوبة الى وسط مدينة قفصة ،يفترقن الى موعد مسائي لتكون العودة الى المبيت ،هذه الظاهرة ليست جديدة ولكنها أصبحت لافتة للانتباه في ولاية قفصة ،نساء يطلبن صدقة من هذا وتلك ،الأماكن المفضلة البنوك والساحات العامة ،لكل منهن مكاناها المفضل ،من الصعب الحديث لهن وان سألت فلا تسأل عن الاسم والعنوان فتلك من المحرّمات."حليمة"تقول إنها من مدينة فريانة وهي أم لأربع صغار ظروفها الاجتماعية دفعتها لكي تمتهن هذه المهنة التي توارثتها كرها وليس اختيارا ،عند السؤال عن وضعية زوجها كانت إجابتها غريبة "زوجي ليس له عمل وهو يقيم وحده الآن في فريانة وأنا هنا (قفصةالمدينة)لأتدبّر المصروف اليومي للعائلة ،"جميلة "بالتأكيد هو اسم مستعار ،تخيّلته وهي ترمق النسوة والفتيات جيّة وذهابا ،بين يديها تضع ولدها لكي يكون العطاء أكثر ان لم يكن شفقة عليها ،فالرضيع لا ذنب له،بصعوبة تحدثت الينا "أنا من قرعة انعام ،منطقة ريفية في ضواحي فريانة من ولاية القصرين ،زوجي يعمل في "المرمّة" بصفاقس وانا امتهن التسول لا حبّا بل لظروف اجتماعية صعبة "عند السؤال لماذا لم تتصلي بمعتمد فريانة ومسؤولي جهتها قالت "لقد وعدوا بان تزورنا المرشدة الاجتماعية منذ سنين ونحن الى الآن ننتظر زيارة قد تأتي أولا تأتي". يوم الحظ هو الجمعة إن لم يكن هناك منافسين كثّر أمام مسجد ابن يعقوب بقفصةالمدينة "،تؤكد كل من تسألها ..كما يسأل عدد من المواطنين في قفصة هل هؤلاء حقا فقراء أم محتالين ،ويؤكد العديد ان هناك رجالا يوظفن هؤلاء النسوة لجمع الأموال مقابل بعض الملاليم والتكفل بمصاريف أكلهن. لأكثر من أسبوع راقبنا هؤلاء النسوة ولم يكن هناك ما يثير الاستغراب ،فتوقيت العمل مضبوط الخروج من أحد محلات الراقوبة بالقصر الى وسط المدينة ثم العودة للمبيت،الحديث مع الغرباء ممنوع والكلام محرّم فقط مع الزميلة في المهنة. . كثّر ،لكل منها حكاية ومع كل حكاية قصّة عذاب لأطفال تشرّدوا وان كانوا في أحضان أمّهاتهم دون التفاتة من السلطة ومنظمات رعاية الطفولة ،وأغلب هؤلاء الأطفال هم مشروع مجرمين أو أمّهات عازبات فمن يتحمّل المسؤولية؟