استضافت مدينة صفاقس صباح الأحد 29 أفريل الجاري المفكر و الفيلسوف أبو يعرب المرزوقي ببادرة من منتدى الفارابي للدراسات و البدائل في محاضرة حول " أسباب العطالة الثقافية و شروط الابداع " و ذلك في باكورة أعمال هذا المنتدى و برامجه التي تبدو واعدة بالنظر الى الهيئة القائمة على أمره و المتكونة من نخبة من الأساتذة و الباحثين في المجال العلمي على تعدد أبوابه و مشاربه في ظاهرة صحية تشهدها المدينة من تنوع في المشهد الثقافي بتعدد المنابر الثقافية و توزعها المحكم داخل أوصال المشهد وسط تجاوز غير مسبوق لمركزية العمل الثقافي و قيامه غالبا على أساس وسط المدينة و على بعض الأماكن المحدودة و اللافت هذه المرة هو اختيار فضاء المعهد العالي للدراسات التكنولوجية لإقامة ندوة ثقافية وهي بادرة تحسب للمنظمين ووسط حضور محترم غصت به القاعة تم تقديم الفيلسوف ابو يعرب المرزوقي من قبل رئيس الجلسة الأستاذ علي الزيدي المحاضر في قسم التاريخ بكلية الآداب بصفاقس وعرض إحصائيات حول الملامح الثقافية في البلاد العربية من خلال المقارنة بين الانتاجات الثقافية العربية والانتاجات الثقافية الغربية والربط بين هذا العرض وموضوع مداخلة الدكتور المرزوقي من خلال الحديث عن اسباب العطالة الثقافية الى جانب التعريف بمنتدى الفارابي للدراسات والبدائل من قبل رئيس المنتدى المساعد بكلية الآداب قسم الفلسفة الدكتور سالم العيادي وتم ضبط طريق التدخل في المناقشة وتنظيمه من الاستاذ المبرز في الفلسفة زهير المدنيني تاثر المرزوقي في بداية مداخلته عبر الفيلسوف أبو يعرب المرزوقي عن عميق تأثره لكونه يحاضر في صفاقس للمرة الأولى و تحت اسم الفارابي للمرة الأولى أيضا وهي مداخلة تعلقت بالإصلاح الثقافي والتربوي و ككل طرح فلسفي بادر أبو يعرب المرزوقي بطرح جملة من الأسئلة ليضع الحضور أمام رؤيته الخاصة لعلاقة مفاهيم التربية و الثقافة بالدولة ومنها شروط إمكان النهضة والشروع في العمل؟ والجمع بين الإصلاح التربوي والإصلاح الثقافي وهذا ما يدفع نحو النظر في منزلة التربية داخل الدولة الحديثة ولماذا لا يمكن الفصل بين التربوي والثقافي في مجالها؟ وما هو الحل الذي يمكن لحكومة الثورة ان تقترحه لتحقيق الاصلاح ؟ وقال ابو يعرب المرزوقي ان الشعب على بينة من ان النظام التربوي الحالي فاشل بدليل تفاقم البطالة الراجع إلى فشل واضح لخيارات التعليم ويوازي ذلك فشل ثقافي بدليل عايش ثقافة استهلاكية في مجتمع ليست له ثقافة انتاجية وخلص الى القول ان ما هو مطروح على حكومة الثورة اليوم هو السير قدما في الاختيار الذي راهنت عليه الثورة ذاتها والذي يقوم على منطق التغيير الاصعب الا وهو الاصلاح وهذا يقتضي العمل بمقتضى ما هو موجود وليس ابادته تماما وهو يشبه الى حد بعيد من يصلح السفينة وهو في البحر فاذا لم يقع الاصلاح بعناية وحذر فقد تغرق السفينة واذا لم يقع العمل على اصلاح السفينة ايضا تكون عرضة للغرق وقال ابو يعرب المرزوقي : ' لو قمنا بتشخيص ما وقع مع الثورة لتبين لنا اننا ازاء انفجار ناتج عن ثقافة استسلامية ماضية ادى الى ثقافة الفوضى العارمة وما حصل انتثال من ثقافة السكون المطلق الى ثقافة الفوضى ومن ثقافة الاستسلام الى الاستبداد الى ثقافة الاحتجاج المطلق ' وبين ان القطع مع ثقافة السكوت المطلق تحول الى الكلام غير المحدود كما ان مسالة ثقافة الرشوة والوساطات المتشعبة في المجتمع لا يمكن حذفها بسهولة لانها في الاصل تركة ثقيلة من عصور الانحطاط بما فيها من تمجيد للفقر واهمال شؤون الدنيا وصولا الى الاستعمار ومن بعده الفترة البورقيبية والفترة النوفمبرية بما فيها جميعا من خطاب حداثي هو في الواقع خطاب افراغي من كل ركائز الثقافة الجادة والتربية السليمة الغرض منه سياسي تجهيلي بالاساس وعن علاقة الثقافي والتربوي بالوضع الاقتصادي القائم في تونس راهنا افاد ابو يعرب المرزوقي ان ابن خلدون عرف العلاقة بين الحكم و الثقافة هي نفس علاقة المادة بالصورة بما هي انعكاس حتمي يتغير الثاني بتغير الاول و لا يمكن فصلهما لذا نرى في تونس اليوم ان ثقافة العمل غائبة في اغلب الاحيان ورغم ذلك فنحن مجتمع مستهلك بامتياز مع اننا مجتمع لا ينتج لذا فان تطوير المناهج التربوية وايلاء قيمة العمل القدر الذي تستحق داخل البرامج التي لا تنطلق من المدرسة بل من الاسرة الى المدرسة الى التعليم الثانوي الى التعليم العالي الى ما بعد التعليم حيث تتواصل العملية التربوية التثقيفية مدى الحياة لانه من البديهي ان نتحدث داخل المنظومة الانتاجية الاقتصادية عن مفاهيم مثل الضمير المهني والشفافية ونظافة اليد التي هي في الاساس ثقافة وتربية وان غيابها فيه تهديد للعملية الاقتصادية . وقال ابو يعرب المرزوقي ان الانسان ينتمي الى حضارة يستمد منها قيمه وانه لا يمكن للشاب التونسي ان يكون سليما ما لم يعرف تاريخ حضارته العربية الاسلامية، وهذا ما يجعله ذا نسب حضاري واضافة الى ذلك عليه ان يكون له وظائف المواطن : ان يكون راعيا ومرعيا : يتعلم كيف يكون آمرا ومأمورا وفوق ذلك لا بد له من اختصاص قادر على منافسة الحضارات الاخرى في العالم ولا بد من التكوين العلمي والمهني الضروري للعمل في اي مكان من العالم.وكل ذلك ينضاف إليه القدرة على الابداع الرمزي كي يثري الانسانية والمواطنة والابداع العلمي والتقني واضاف ان ما ينفصنا هو الفكرة ثم المموّل ثم الفن الذي يسير الفكرة ويحولها واقعا ولا بد مع كل ذلك ان يسهم المستهلك ايضا بدوره في العملية بمعنى لا بد من ثقافة تربي التونسي على حماية المنتوج والاقتصاد فعملية الانتاح هي بالاساس ثقافة تربوية ونحن نريد مجتمعا ينتج بعلمه وثقافته وفنه ما يغنيه عن التبعية للطبيعة :وراى ان الحل يقوم على استشارة : الاسرة : الاولياء هم المسئولون عن المرحلة الاساسية في التربية في علاقة بالثقافة فمن رُبِّي على ثقافة الاستبداد في البيت لا تعلمه المدرسة فوق ذلك التلميذ : هو المعني بالتربية المستفيد من مخرجات المدرسة : الجهاز الاقتصادي الذي يحركه اصحاب الافكار المبدعة اي ممن لهم القدرة على انتاج الثروة : اصحاب الافكار والمشروعات