وافانا الحزب الاشتراكي اليساري بنداء موجه إلى المجلس الوطني التأسيسي جاء فيه: «تقدم عشرة نواب من كتلة حزب «المؤتمر» لرئاسة المجلس التأسيسي بمشروع قانون يحرم «التجمعيين» من الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، لعرضه على المناقشة. وهي مبادرة تثير العديد من التساؤلات الخطيرة، سوف نتعرض لأهمها: 1 لا شك أن المجلس التأسيسي يتمتع بقوة تأسيسية تجعله صاحب الشرعية الوحيدة في القرارات التي يتخذها والقوانين التي يسنها. وبالرغم من ذلك فإننا نعتقد أن عليه، في المسائل التي تتعلق بالوحدة الوطنية وبمستقبل تونس وبالثوابت والأصول المعبرة عن هوية الشعب التونسي وعن مصالحه الجوهرية، أن يبحث عن الوفاق الوطني الواجب تحقيقه بواسطة الحوار المتواصل والمفتوح مع مختلف القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني، حتى يخفف من عوامل التوتر والاحتقان. 2 لقد سمحت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، لمَا اقترحت الفصل 15 القاضي بحرمان عدد من «المناشدين» والمسؤولين «التجمعيين» في النظام السابق من المشاركة في الانتخابات التأسيسية، بقيام مجلس تأسيسي على أساس عدم السماح للناخب التونسي أن يقول كلمته في شأن كل من أراد الإحراز على ثقته، وعلى أساس حرمان جمع من المواطنين، بموجب عقوبة جماعية سلطتها عليهم تتعارض وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ودون أن يقول القضاء العادل كلمته في حقهم، وبذلك ألحقت بالشرعية التأسيسية للمجلس ضررا تاريخيا فادحا. 3- إن اقتراح نواب كتلة حزب «المؤتمر» الذين يريدون إحياء الفصل 15 بصياغة جديدة، يهدف إلى إغراق المجلس التأسيسي في الخطيئة الأصلية التي قام عليها، لما يحمل على اتخاذ قرار بحرمان عدد من «التجمعيين» من الترشح في الاستحقاقات القادمة. 4 إن حرمان «التجمعيين» من الترشح في الاستحقاقات القادمة بموجب عقاب جماعي، لم يقل القضاء كلمته في من قاموا بجرم في حق الأفراد والجماعات وممتلكاتهم والممتلكات العمومية أو أتوا جرائم في حق الإنسانية أو تعدوا على حقوق الإنسان أو قاموا بجرائم تعذيب، ليس سوى عمل من شأنه أن يعمق الاحتقان السياسي والتوتر في المجتمع ويفتح الطريق أمام الفعل الجماعي والفردي المضاد الذي قد يتحول إلى انفجار وصدام. وقد يحدث ذلك بأشكال مختلفة، خاصة أن عوامل الاحتقان متعددة وتتجه نحو الحدة أكثر فأكثر. 5 إننا نعتقد أن حل «التجمع» قبل إجراء مساءلة وتقييم ومحاسبة والفصل15 ومقترح «العشرة» حرم الشعب التونسي من التعرف على الخمسين سنة ونيف من فترة الحكم البورقيبية ومن الفترة النوفمبرية، والوقوف على مساوئها ومحاسنها، وأخذ الدروس اللازمة حتى لا تتكرر مساوئ الماضي على جميع الأصعدة وبصورة خاصة في ما يتعلق بنظام الحكم والسلطة السياسية. كما أن حلَ «التجمع» والفصل 15 تم اتخاذهما في إطار توفير الظروف المناسبة لتمكين حركة «النهضة» من السلطة السياسية، سواء بوعي وتخطيط مسبق أو بغير وعي. 6 ونشير في النهاية إلى أن مقترح «العشرة» لا يخدم سوى المصالح الضيقة للتحالف الثلاثي وبالتحديد حركة «النهضة». وهو مقترح لا علاقة له بالانتقال الديمقراطي وبالعدالة الانتقالية، وأن طرحه الآن ليس سوى تلهية للحركة الديمقراطية والرأي العام عن المشروع الاستبدادي باسم الهوية والمعتقد، تحت غطاء كثيف من الشعارات الراديكالية الجوفاء ضد «التجمعيين» و«النظام السابق، نظام الفساد والاستبداد». لذلك ندعو المجلس التأسيسي للتّعلق بالمصلحة العليا للوطن من خلال العمل على تفعيل مسار العدالة الانتقالية لقطع الطريق على الصفقات المشبوهة وتحقيق أوسع ما يمكن من عوامل الوفاق وعدم الانخراط في مثل هذه الدعوات الخطيرة التي تعمق التوتر في الحياة السياسية وتدفع المجتمع في اتجاه مزيد من الاحتقان. وندعوه أيضا إلى أن تهيء قراراته في هذا الشأن وغيره الظروف المناسبة لمصالحة تاريخية ووفاق وطني يؤسس لمرحلة جديدة تتجاوز عوائق الماضي والحاضر وتضع القواعد الصلبة التي يقوم عليها بناء الجمهورية الثانية، الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية. الحزب الاشتراكي اليساري الأمين العام: محمد الكيلاني