دعوات و مبادرات...ائتلافات و تحالفات...مهاترات و تجاذبات ...و تراشق بالاتهامات في بعض الأحيان...تصعيد تارة و هدنة تارة أخرى... ذاك هو المشهد السياسي العام الذي باتت عليه الساحة السياسية التونسية عقب الثورة...و لئن كان التباطؤ و الاحتشام من ابرز سمات سباق الحملة الانتخابية الماضية -كما وصفها رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تصريحات سابقة- فان الدعوات التي ما فتئت بعض الأطراف السياسية تطلقها منذ فترة حاثة فيها على ضرورة الإسراع في حسم ملف الهيئة المشرفة على الانتخابات و التسريع في نسق أعمال المجلس الوطني التأسيسي بغية التفرغ من سن الدستور الجديد الذي سيحدد سيضبط السلطات(التشريعية و التنفيذية و القضائية) سيكون تاريخ الانتهاء من خط آخر حروفه إعلانا صريحا عن انطلاق الاستحقاق الانتخابي القادم...التحضيرات الجارية على قدم و ساق توحي بأن الكل صار عالما بدنو موعد اللقاء..و إن طال أمد الفراق عند بعضهم. يبدو أن التحضيرات المعلنة عن موعد مسك الخيط من آخره لم تقتصر على الخوض في موضوع الهيئة أو تحديد موعد الانتهاء من صياغة الدستور (23 أكتوبر كما حدده رئيس المجلس "مصطفى بن جعفر) فحسب ، و إنما شملت الحركة و الفعل السياسيين على الساحة ...حيث ارتفع نسق الزيارات الماراطونية التي بات المسؤولون الحكوميون و زعماء الأحزاب المعارضة السياسيين ملتزمين على تأديتها للجهات الداخلية و حتى خارج حدود الوطن ، و ارتفع عدد اللقاءات الشعبية و الندوات الصحفية المعرفة بالبرامج و التوجهات و الرؤى الإصلاحية التي يرتئيها كل حزب على حدة، و هو ما اعتبره بعض المهتمين بالشأن السياسي ب"عمليات استقطاب جماهيرية و حشد الصفوف استعدادا للانتخابات"...هذا الفعل السياسي جعل من بعض الأسماء البارزة على الساحة السياسية متصدرة الطليعة في قائمة الشخصيات السياسية التي تحظى بثقة التونسيين و المرشحة لنيل التتويج باللقب حسب بعض المؤسسات المختصة في سبر الآراء و التي باتت هي الأخرى عاملة بجهد في مجال التعريف بالسياسيين التونسيين الفاعلين،و لعل من أبرزها نذكر ما يقدمه المجمع العالمي للدراسات C etudes 3 في هذا المجال، حيث عمد هذا المجمع منذ شهر جانفي الماضي إلى نشر استطلاعات شهرية تسعى لتحديد المقياس السياسي الشهري معتمدا في في عمله على وسائل "علمية ودقيقة"-حسب المسؤولين عنه-. و بالاعتماد على الموجة السادسة للمقياس السياسي لشهر جوان الجاري حسب هذا المجمع(C etudes 3) فان الرئيس "منصف المرزوقي" يواصل تصدر الطليعة في قائمة الشخصيات السياسية التي تحظى بثقة التونسيين للشهر السادس على التوالي،حيث احرز"المرزوقي" على ثقة 66 %من المستجوبين البالغ عددهم 1711 شخصا أعمارهم فوق 18 عاما ويمثلون مختلف الشرائح الاجتماعية والجهات والمهن رغم تقهقر هذه الثقة ب 7 نقاط مقارنة بالشهر الماضي و تراجع رضاء التونسيين عن أداء الحكومة وعن طريقة تسيير البلاد -حسب بلاغ صحفي توجه به المجمع-. كما حل الوزير الأول السابق "الباجي قائد السبسي"في المرتبة الثانية بعد "المرزوقي"-حسب ذات الدراسة-،ليليه كل من الشيخ "راشد الغنوشي" في المرتبة الثالثة و "علي العريض"المرتبة الرابعة ثمّ "مية الجريبي" و"حمة الهمامي" و "احمد نجيب الشابي" وأحمد إبراهيم، فضلا عن تسجيل في مدى رضاء التونسيين عن أداء المعارضة بأعلى نسبة منذ بداية العمل بهذا الاستبيان. و في إجابة المستجوبين عن السياسيين الذين ينوون التصويت لهم في الانتخابات الرئاسية القادمة، أكد 13 % أنهم سيصوتون للمرزوقي و 8 بالمائة للباجي قائد السبسي و5 بالمائة لحمادي الجبالي و4 بالمائة لبن جعفر في حين حقق "حمة الهمامي" المفاجئة في هذا الاستبيان بعد أن احتل المرتبة الموالية ب 2 فاصل 1 بالمائة متقدما على الشيخ "راشد الغنوشي" الذي حاز على 1 فاصل 9 بالمائة...أما ال41 % المتبقون فقد أعربوا عن عدم معرفتهم لمن سيصوتون. هذا و قد 47 بالمائة من المستجوبين أن الوضع الآن أفضل مما كان عليه في عهد بن علي، و28 بالمائة يرون أن فترة تولي بن علي الحكم كانت أفضل و20 بالمائة يرون أن الوضع لم يتحسن لكنه في المقابل لم يتدهور أي بقي عاديا...فهل سيحافظ هؤلاء الساسة على ذات الترتيب الى حين بلوغ موعد الاستحقاق الانتخابي أم سيكون لقادم الأيام و الأحداث رأي أخر خاصة و ان الوقائع التي عاشتها البلاد اثبتت انه ما من شيئ متوقع و ان الرياح قد لا تاتي بما تشتهي السفن؟