أكد زعيم حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي ليلة أول أمس في حوار بث على «قناة الوطنية 1» أن حركة «النهضة» دخلت السياسة من باب الحرية باعتبار أنها مقصد هام من مقاصد الإسلام لما فيه من تحرر من جميع عوامل الاستبداد خلافا لبعض الحركات الإسلامية الأخرى التي خاضت غمار السياسة من منطلق تطبيق القوانين الشرعية. وأكد الغنوشي أن طرح حركة «النهضة» للإسلام لم يكن تشريعيا بقدر ما كان طرحا إنسانيا قياميا مبرزا أن جميع بياناتها كانت تتحدث عن الحرية والعدالة والمساواة بين الأفراد مما يؤكد أن مدخل حركة «النهضة» للعمل السياسي والاجتماعي هو مدخل إنساني. وحول السؤال عن تصريح له بأن الحديث عن مسألة الشريعة لم يحن بعد في تونس قال انه لم يذكر أن سبق وصرح بذلك بل كل ما في الأمر أن الشريعة بالنسبة لحركة «النهضة» ليست شيئا منجزا ينتظر التطبيق باعتبار أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان مضيفا أن الشريعة لم تهاجر المجتمع التونسي لان القانون التونسي مستمد منها بنسبة 90 بالمائة والبقية يمكن إصلاحها عبر الحوار والإقناع. أما في ما يخص أداء الحكومة فقال الغنوشي أن أداءها مثلما هم الحال في كل الحكومات ليس مثاليا وهي تتحرك ضمن الإمكانيات المتاحة ولكن مقارنة بالحكومات السابقة فقد حققت تطورات على مستوى الحريات وتحرير الإعلام وإنجاح الموسم السياحي والسعي إلى إنجاح الموسم الدراسي وهى ماضية في تحقيق الأهم مشيرا إلى أن هناك 5 ألاف مشروع في الأفق موزعة على مختلف أنحاء الجمهورية بتكلفة قدرت ب 6 مليارات تقريبا وبالتالي فإن هذه الحكومة تبذل قصار جهدها سواء على مستوى التنمية أو حتى على مستوى الحكم مضيفا أنها تضم كفاءات عالية وتسعى إلى التطور يوما بعد يوم. وعن ارتفاع عدد الوزراء الذي وصل إلى أكثر من 80 وزيرا قال زعيم حركة «النهضة» انه ليس بالمشكل إن كان هذا العدد يحتاجه مشروع الحكومة وإن كان عكس ذلك فلابد من تقليصه لان الجدوى هي التي تحكم وليس العدد معتبرا أن المسؤولية في هذا الشأن تعود إلى رئاسة الجمهورية. أما في ما يخص التجاذبات التي وقعت حول زيادة أجور أعضاء المجلس التأسيسي واستمرارية إخفاء بعض أجور الوزراء عن العموم في الرائد الرسمي فقد صرح الغنوشي أن المجلس مطالب بتحديد أجور نوابه وانه مع نشر جميع المعلومات مهما كانت. وحول إقصاء التجمعيين من الحياة السياسية القادمة بين الغنوشي انه من الطبيعي أن يمنع هؤلاء من خوض غمار السياسة بالرغم من أن حركة «النهضة» لا تؤيد التجريم الجماعي لكن لابد من محاسبة المناشدين والمسؤولين عن تزييف الانتخابات والتعذيب مضيفا أن التجمعيين مطالبون بالاعتذار للشعب التونسي على الرئاسة المؤبدة ومصادرة الحريات حتى يتسنى لتونس المرور إلى مستقبل دون أحقاد وحتى لا يقع التفاف على الثورة. مشكلة المساجد كانت لها مساحة في الحوار حيث بين رئيس حركة «النهضة» أنه يجب أن تكون محايدة ولا مجال لاستغلالها لأغراض سياسية دعيا السلطة العامة للتدخل في صورة حدوث اي تجاوز من هذا القبيل كما دعا وزارة الشؤون الدينية إلى ضبط مقاييس لانتداب الأيمة. وعن دور قطر في إنجاح ثورة تونس قال الغنوشي إن الثورة إنجاز تونسي دون غيره إلا أن دولة قطر كانت من بين المساندين من خلال تغطية قناة «الجزيرة» على عكس فرنسا والمملكة العربية السعودية مضيفا أن ذلك لا يقتضي قطع العلاقات. وحول توفير الأمن قال الغنوشي إن الإحصائيات الأخيرة بينت أن المؤسسة الأمنية بدأت تمسك بزمام الأمور حيث أن البلاد سجلت تراجعا في عدد المقرات الأمنية والمساكن المحروقة إلى 8 حالات سنة 2012 بعد أن كانت 488 حالة سنة 2011. كما تطرق أيضا إلى التيار السلفي قائلا ان في تونس سلفية دينية وأخرى ماركسية وسلفية متشددة وعنيفة مؤكدا على ضرورة قبول كل التيارات والجلوس إلى طاولة الحوار وعدم شيطنة هذه التيارات لان جميع أبناء تونس لهم الحق في المشاركة في إعادة بنائها لكن في المقابل يجب معاقبة كل من يتجاوز القانون معتبرا أن تونس لم تعد تلك الثكنة التي تحكمها أقلية مستبدة بل أصبحت دولة السلم والديمقراطية. من جهة اخرى دعا الغنوشي كل أطياف المجتمع إلى إعطاء الحكومة الفرصة لانجاز المشاريع والعدول عن الاعتصامات والإضرابات حتى لا تفسد مبادئ الثورة. كما بين أن التشنج بين الحكومة واتحاد الشغل أمر جد عادي باعتبار أن الاتحاد مؤسسة عريقة وان الحوارات تتسم أحيانا بالوفاق وأحيانا بالتشنج وان هذا الأخير يدرك إمكانيات البلاد وهو مؤسسة من حقها أن تساهم في إعادة بناء تونس وان كل الأحاديث الجانبية حول سنة بيضاء وخلافات حادة بين الطرفين هي مجرد إشاعات لا أكثر.