بنزرت: حجز 5,45طن من مادة الدلاع وإعادة ضخها في المسالك القانونية    من بينه جامع الزيتونة المعمور ...الألكسو تعلن رسميا عن إطلاق عن سجلّ التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية    تواصل فعاليات الإقامة الفنية لمشروع"دا دا" للفنان محمد الهادي عقربي إلى غاية يوم 6 أوت الجاري    التراث والوعي التاريخيّ    عاجل/ السجن لتيكتوكور بتهمة نشر محتوى "مخل بالآداب العامة"    استشهاد 28 طفلا يوميا بسبب الجوع في غزة..#خبر_عاجل    زفيريف ينتفض ليُطيح بحامل اللقب بوبيرين من بطولة كندا المفتوحة للتنس    هام/ وزارة الدفاع تنتدب..    عاجل : ثورة رقمية في زرع الأعضاء: تونس تتحرك لإنقاذ الأرواح ...تفاصيل    بطل العالم وفخر تونس أحمد الجوادي يعود بتتويج تاريخي وسط غياب رسمي وصمت حكومي    تثمين الموقع الأثري بطينة: تعاون علمي تونسي فرنسي وجهود ترميم متقدمة    دعوى قضائية تطالب بحجب "تيك توك" في مصر    موجة حرّ كبيرة في شرق المتوسط جاية بسبب القبة الحرارية...هل تونس معنية؟    شنيا الحكاية؟ باحث أمريكي يحذّر من خطر زلزال يهدد تونس والبلدان اللي بجنبها    صور أطفالكم على الفيسبوك ؟ شوف القانون شنوا يقول    ولاية تونس: اللجنة الجهوية للنظافة توصي بضبط رزنامة وبرنامج عمل للقضاء على النقاط السوداء    بارفان ب5 د و على الطريق ؟ رد بالك تضر صحتك و هذا شنوا يستنى فيك    ارتفاع درجات الحرارة في تونس: نصائح طبية ضرورية لكبار السن خلال الصيف    ماء الكماين خطر....هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر و تنبه التوانسة    سوسة: سلاحف بحرية مهددة بالاندثار تخرج إلى شاطئ القنطاوي في مشهد نادر    الثلاثاء: البحر مضطرب بهذه السواحل    البحر مضطرب.. السباحة ممكنة لكن يلزم الحذر!    يهم التوانسة...درجات الحرارة هكا باش تكون اليوم وغدوة    قيس سعيّد: التعليم الوطني هو السلاح الحقيقي للتحرّر    عاجل: زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب هذه البلاد    واشنطن تدين قرار وضع الرئيس البرازيلي السابق قيد الإقامة الجبرية    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    قناة السويس ترد على طلب ترامب بشأن المرور المجاني للسفن الأمريكية    حملات لوحدات الشرطة البلدية تسفر عن القيام ب 54 عملية حجز    ديوكوفيتش يعلن انسحابه من بطولة سينسيناتي الأمريكية للتنس    وزير الشباب والرياضة يُكرّم الجمعيات الرياضية الصاعدة ويؤكد على دعمها وتحسين ظروف عملها    اكتشاف علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم    6 فوائد مذهلة للكمون ستجعلك تتناوله يوميا..    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    أخبار الحكومة    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    بلاغ رسمي للملعب التونسي    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    تونس: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب إلى غاية نهاية جويلية 2025    شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة    ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    أحمد الجوادي قصة نجاح ملهمة تشق طريق المجد    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وتلك الأيّام...أما آن لهذا الاحتقان أن ينتهي؟
نشر في التونسية يوم 20 - 06 - 2012


يكتبها: أبو يوسف
لا يكاد يمرّ يوم دون أن تشهد البلاد حركة احتجاجية أو اعتصاما أو قطع طريق أو إضراب أو موجة عنف. هذه حالنا وحال البلاد بعد سنة ونصف من ثورة 14 جانفي 2011. فترة زمنية قصيرة ولكنّها كانت حبلى بعديد الأحداث ومنها الحدث الأهمّ على الإطلاق وهو انتخابات 23 أكتوبر 2011 وتشكيل حكومة شرعية تتكون من ممثلين عن الثلاثة أحزاب الفائزة بأغلبية المقاعد برئاسة أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي. وكنّا نأمل في تقلّص هذه المظاهر التي عانينا منها على مدى السنة الماضية والتي شلّت حركة التنمية وألحقت أضرارا فادحة بالاقتصاد الوطني مما حدا بالوزير الأوّل السابق الباجي قائد السبسي إلى توجيه اتّهامات مباشرة إلى أطراف لم يسمّها بالوقوف وراء الإضرابات وتحريك الاعتصامات التي عادت بعد تشكيل الحكومة الجديدة وفي بعض الأحيان بأكثر حدّة والتي، بقطع النظر عن مدى مشروعيتها، فقد زادت الأمور تعقيدا وأعاقت البدء في تنفيذ عدّة مشاريع منها ما كان مبرمجا في السابق ومنها ما تمّت برمجته في إطار الميزانية التكميلية التي صادق عليها المجلس الوطني التأسيسي مؤخّرا.
فمن يعيق عملية التنمية ومن يقف وراء الاضربات والاعتصامات وتزايد حركة الاحتجاجات المطالبة بالتنمية وبالتشغيل? ولماذا لا تعطى الحكومة متّسعا من الوقت للشّروع في تنفيذ ما عزمت عليه وما برمجته من مشاريع في مختلف الجهات ? لا أحد بوسعه تقديم إجابات مقنعة في ظلّ المزايدات والمهاترات والتهم المتبادلة بين مختلف الأطراف الفاعلة في الميدان السياسي والاجتماعي. ومن المفارقات أنّ نفس الاتهامات التي كانت توجّهها الحكومة السابقة إلى أطراف مجهولة تحرك خيوط اللعبة تبنّتها الحكومة الحالية لتوجّه أصابع الاتهام إلى «أطراف لم ترضها نتائج الانتخابات» بالوقوف وراء كل تصعيد تشهده جهة من جهات البلاد أو قطاع من القطاعات. سوف لن نرهق النفس بالبحث عن الدوافع والأسباب وما إذا كانت منطقية ومشروعة ولا عن غايات وأهداف من يقفون وراء الستار للزجّ بالبلاد في أتون الاحتقان الاجتماعي والسياسي لنشير فقط إلى أنّ الخاسر الأكبر هو الشعب التونسي الذي لم يعد يعرف»كوعه من بوعه» وأصبح، بكلّ أسف، في وضعية le dindon de la farce أي تلك الشخصية المسرحية التي يضرب بها المثل في الغباء والاستهزاء والسخرية. هذا الشعب الذي كان بطلا لحدث جلل أطاح بنظام كامل، دون قائد ولا مرشد، صار في زمن قصير مجرّد كمبارس في مسرحية سيئة الإخراج.
يحدث هذا وقد عرفت تونس في ظرف وجيز من الزمن تحوّلات سياسية عميقة لم تعرفها طيلة سنوات الاستقلال وكنّا نعتقد أنّها قد خطت خطوات كبرى في اتجاه تكريس المسار الديمقراطي خاصّة بعد اجتياز «اختبار» الانتخابات بنجاح، ولكن تبيّن أن الطريق إلى الديمقراطية لم يكن مفروشا بالورود وأنّ تحقيقها صعب بقدر صعوبة الوصول إلى توافق بين الفرقاء السياسيين والاجتماعيين. تنتقل من قناة إلى أخرىّ، تلفزية أو إذاعية كانت، فلا تشاهد ولا تسمع إلا حديثا في السياسة وعن السياسة والكلّ يضمر في ظاهره الخير للبلاد وللعباد لكنّ الله وحده عليم السرائر. وجوه ألفناها حتى مججنا رؤيتها وكأنّ ليس لها ما تفعل سوى الظهور باستمرار في الساحة الإعلامية. فحتىّ أعضاء الحكومة انخرطوا في هذه اللّعبة فأصبح البعض منهم دائم الحضور لا لبسط برامج وزارته وطرح مشاكلها ولكن للحديث في السياسة وللردّ على المعارضة وتبادل التهم معها وفي ذلك مضيعة للوقت وكان الأجدر بهم الانكباب على الملفّات وترك مثل هذا لممثلي الأحزاب الذين ينتمون إليها. ولا ندري هل يتمّ التنسيق مع رئيس الحكومة الذي، والحقّ يقال يفضّل العمل في صمت وهدوء، من طرف الوزراء الكثيري الظهور وهل أنّ هنالك تقاسما في الأدوار بينهم أم أنّ كل وزير «يعمل زي رأسه» بحثا عن التموقع في المشهد السياسي استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة. ولكن نسي هؤلاء أو تناسوا أنّ الناخب سيصوّت في المرّة القادمة على الانجاز لا على النوايا. ثم أن الظهور المتواتر للوزراء ومداخلاتهم الإذاعية والتلفزية وتصريحاتهم لمختلف وسائل الإعلام لا تخلو أحيانا من الانفعال والتضارب والتهجّم على الخصوم السياسيين وعلى الإعلاميين ورجال الفكر والفن وهو ما يضعهم في موضع أبعد ما يكون عن موضع رجال الدولة الذين يفترض فيهم التواضع والحكمة والاتزان والالتزام بواجب التحفّظ حتى وإن تمّ استفزازهم.قد نجد للبعض منهم عذرا في قلّة الخبرة وعدم استيعاب ما يحصل لهم، إذ وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في موقع المسؤولية السامية، ولكن ما لا يحتمل من لدن البعض الآخر هو هذا الحقد الدفين الذي لا يتوانون في إظهاره والتصريح به في العلن والأمثلة كثيرة، وكان على رئيس الحكومة لفت نظرهم لذلك ودعوتهم للابتعاد عن مثل هذا، كما أن المهاترات التي تزيد الأجواء تعكيرا والاحتقان اتساعا في حين أنّ المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة هو الوصول إلى توافق شامل حول مجمل القضايا المطروحة للخروج من الأزمة الراهنة.
أما آن لهذا الاحتقان أن ينتهي ولهذا التطاحن السياسي أن يختفي لينخرط الجميع في خدمة تونس وشعب تونس الذي لطالما تغنوا به وتحدّثوا باسمه وأجزلوا له الوعود التي لا يزال في انتظار تحقيقها آملا أن لا تكون على شاكلة «غودو» في المسرحية العبثية للكاتب الايرلندي «صموئيل بيكت( 1906-1989) أي شيئا لا وجود له أصلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.