تمّ التحوّز عليه منذ حوالي 8 سنوات: إخلاء مقر المركب الشبابي بالمرسى    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    غدا: الدخول إلى المتاحف والمعالم الأثرية مجانا    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    المدرسة الابتدائية 2 مارس 34 بالسرس: يوم تحسيسي تثقيفي حول داء الكلب    بوابة إفريقيا أصبحت مصب إفريقيا.. من المسؤول؟    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    عاجل/ انتخابات الجامعة: هذا ما قرّرته لجنة الاستئناف بخصوص قائمتي التلمساني وبن تقيّة    أهالي العامرة وجبنيانة يحتجّون مطالبين بترحيل المهاجرين    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات نهاية الأسبوع    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة النجم الساحلي    بطولة الكرة الطائرة: الترجي الرياضي يواجه اليوم النجم الساحلي    استثمارات بقرابة 2 مليار دينار طيلة الربع الأول من العام الحالي    عدد من المهاجرين الأفارقة يفرون من حافلة كانت تقلّهم باتجاه الكاف وجندوبة    صفاقس احباط 10عمليات للهجرة غير النظامية.    صفاقس تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة.    جندوبة: احداث لجنة جهوية لمتابعة سير موسم الحصاد وتجميع الحبوب    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    «لارتيستو» الممثل صابر الوسلاتي ل«الشروق» «رقوج» رسالة في مواصفات الممثل الحقيقي !    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    الثنائية البرلمانية.. بين تنازع السلطات وغياب قانون    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    عاجل/ القبض على شاب شوّه وجه عضو مجلس محلي بهذه الحهة    14 قتيلا جراء فيضانات... التفاصيل    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    تونس تعول على مواردها الذاتية.. تراجع الاقتراض الخارجي بنحو الثلث    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    وفاة أحد أهم شعراء السعودية    دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    إفتتاح مشروع سينما تدور    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محسن مرزوق "حركة"نداء تونس" ل"التونسية" : على "عدنان منصر" أن يأكل ما في صحنه وألا يهتم بما في صحون الآخرين و بعض اليساريين يخدمون"الترويكا" ب"الزيت والدقيق"
نشر في التونسية يوم 03 - 07 - 2012

محسن مرزوق اسم عرف في الجامعة كمناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس في الثمانينات من القرن الماضي. تخلى بعدها عن التيار السياسي الماركسي الثوري، ودخل المجال الحقوقي عبر تمثيل بعض المنظمات في تونس. اختفى بعدها تقريبا عن المشهد بعد أن غادر إلى قطر كمدير لمنظمة حقوقية عربية.
بعد الثورة، استعاد موقعه داخل المشهد السياسي والحقوقي في تونس وأخيرا أصبح مكلفا بالهيكلة والتخطيط (وهما من أخطر المهام داخل كل تنظيم سياسي) في حركة «نداء تونس» التي يرأسها الباجي قائد السبسي.
حول التحولات الجذرية التي عرفها مساره منذ المراهقة إلى الكهولة وعن الراهن السياسي وآفاق «نداء تونس» إضافة إلى ردوده على ما اعتبره «كذبا وافتراء».. كان هذا الحوار الذي لاحظنا فيه أنه بقدر استرساله طويلا في الإجابة عن بعض الأسئلة، فإنه اختصر بعض ردوده في جملة يتيمة عن البعض الآخر ولا نعرف إن كان تهربا من الإجابة المباشرة أم عملا بالمقولة «البلاغة في الإيجاز»، لكنه كان مباشرا وواضحا في الرد على ما قاله في شأن عدنان منصر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في حوار سابق مع «التونسية».
من يساري في الجامعة يؤمن بالعنف الثوري وتغيير العالم إلى حقوقي ديمقراطي .هل انتقلت من الطوباوية إلى الواقعية؟
- أفتخر بتلك السنوات الجميلة والرومانسية. بدأت العمل السياسي منذ الرابعة ثانوي، وعمري أقل من 15 سنة. أطردت من كل معاهد الجمهورية لأسباب سياسية في السنة الموالية. ثم تحملت مواقع قيادية في الجامعة طوال كل النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي. وساهمت مع زملاء لي من مختلف تيارات اليسار في إعادة الحياة للاتحاد العام لطلبة تونس. فعقدنا المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة الذي ناضل الطلبة من أجله منذ 1971. قبل ذلك جاءت سنة معتقل رجيم معتوق.
بعد الجامعة انضممت لمنظمات دولية كبرى متخصصة في قضايا حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي. وتعرفت على شخصيات دولية سياسية من مختلف القارات. وتعمقت في مقاربات جديدة. وفي الواقع فقد أنهيت كل رابط أيديولوجي مع الفكر الماركسي منذ خروجي من الجامعة. وأبقيت احترامي له طبعا كفكر ثوري فيه إضافة كبرى في إطار عصره الذي صار ماضيا ولكن فيه جانب طوباوي. ولا ينفي إلا الجاحد أو الجاهل انه لولا الحركات الاشتراكية لما كان العالم الحديث الحالي ممكنا. فقد غيرت الاشتراكية والفكرة الماركسية من مفهوم الإنسان موضوع الاستغلال بأن جعلته محور تقدم التاريخ بعد أن دفنته الطبقات العليا في غبار الحقول وشحوم المصانع.
ورغم قطيعتي الفكرية مع تلك المرحلة الجامعية والتلمذية الرومانسية، فقد حافظت منها على أثمن ما أملك. مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية الاجتماعية الإنسانية من جهة ومنهج التحليل الذي أحاول أن يكون منطقيا صارما ومتعلقا بالوقائع فقط، وإن تعرض للأحلام فليكن ولكن دون أن يخلط حلمه بوضعه، أي دون الخلط بين ما يكون وسيكون وبين ما نريد أن يكون.
لذلك حاولت أن تكون طوباويتي محركا دافعا للعمل العام ولكن الواقعية هي منهج العمل العام. فالمسألة تتعلق بقلب الترتيبات أكثر من مكونات الترتيبات.
«نداء تونس» في شكل حركة لماذا؟
- لأنه سيكون مشكّلا من تيارات مختلفة. نطمح أن يكون حزبا عصريا لا تكون الاختلافات داخله مرضا بل عنصر قوة. بحيث يؤسس للاختلاف داخله باعتبار أن الاختلاف ديناميكية إيجابية لأخذ الموقف المناسب ديمقراطيا وللتفاعل مع المحيط المتغير. فقد تغلب رؤية تيار معين على الحزب في فترة معينة ولما تتغير معطيات المحيط قد تتغلب رؤية أخرى، بحيث يصير الحزب كائنا حيا متفاعلا مع محيطه وفي نفس الوقت متفاعلا داخليا بشكل ديمقراطي. وإننا نطمح أن تتأسس هيكلة حركتنا حول هذه الأفكار.
الحركة السياسية لها برامج، هل أسستم ثم ستضعون البرامج؟
- نحن عرضنا الأفكار الرئيسية التي كانت وراء بعثنا للحركة سواء كانت المتعلقة بالوضع السياسي في تونس بعد الانتخابات الأخيرة أو بصدد المبادئ الوطنية العامة التي ستتأسس حولها الحركة. أي إلحاحية الواقع ومشروعية الفكرة. ومن الطبيعي أن يقع البدء في تطوير البرامج التفصيلية بعد إعلان التأسيس كما تفعل كل الأحزاب.
كيف لحركة تجمع تقريبا كل الحساسيات الفكرية أن تؤسس طريقا واحدا جامعا؟ أي في مستوى الخيارات الإستراتيجية الكبرى؟
- نحن نجمع الحساسيات المنخرطة في الحركة الإصلاحية الحديثة التونسية منذ خير الدين مرورا بالثعالبي والطاهر الحداد وبورقيبة والحركة الاشتراكية التونسية. ومن بين ما يشرع الجمع بينها الآن كونها قامت بتسوية الخلاف التاريخي حول قضية الحرية السياسية أو الديمقراطية. بشكل جعلها توحد بين اتفاقها العام حول المسألة الوطنية والاجتماعية من جهة واتفاقها حول مسالة الحرية بعد ثورة 17 ديسمبر 2010.
ولقد توضح مجال وجودها مقابل مجال حركة مقابلة مشروعيتها من خارج الحركة الإصلاحية التونسية بل من خارج التاريخ التونسي. ولها مواقف ملتبسة من قضيتي المسألة الوطنية والمسألة الاجتماعية. وهي حركات تعيش بالاستغلال السياسي للدين.وتمثل موقفا محافظا سلبيا هو ذاته الذي ناضل ضده الثعالبي والحداد وبورقيبة.
لذلك فحركتنا لها مجالها الخاص بتوحدها وهذا مهم جدا. كما أن أغلب مكوناتها متفقة على التوجهات الاستراتيجية الكبرى وإن حصل خلاف فطرق تسويته ستكون ديمقراطية.
وخارج الحركة نحن أيضا متمسكون بالعمل من أجل أن «تجتمع كل القوى الديمقراطية المنخرطة في مسار أجيال الإصلاح العصري التونسية في عمل تنسيق وتعاون منظم يمكنها من تجميع جهودها وطاقاتها وتجنب التشتت خدمة للمصلحة العليا للبلاد». وقد جاء في خطاب التأسيس «إننا منفتحون، من الآن، على التعاون والتنسيق مع جميع القوى التي تشترك معنا في المبادئ التالية:
- الإيمان بالدولة التونسية ومقتضياتها، فوق الأحزاب والمصالح الفئوية، محكومة بمنطق دوام المؤسسات وعلوية القانون العادل
- التمسك بالفصل الأول من دستور تونس الذي يلخص هوية تونس المسلمة ولغتها العربية ويحدد نظام دولتها الجمهوري وحداثتها
- علم تونس راية وحيدة لها لا تشاركها في ذلك أية راية أخرى
- التمسك بالمكاسب العصرية التي راكمها المجتمع التونسي بعد الاستقلال خاصة وعلى رأسها مجلة الأحوال الشخصية مع السعي إلى تطوير هذه المكاسب في اتجاه مزيد من التعميق والتوسع والتجذير...
- المواطنة باعتبارها مبدأ العيش المشترك في الدولة على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والتعددية
- الديمقراطية باعتبارها نظام الحكم الأصلح والحرية باعتبارها جوهرا لها وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية
- العدالة الاجتماعية من خلال التنمية العادلة بين الجهات وفتح الآفاق لكل التونسيين مهما كانت جهاتهم. فالعدالة هي بالأساس عدالة الفرص الممنوحة للجميع لكي يجتهدوا وينجحوا.
هناك من يقول إن العمر الافتراضي للحركة هو حدود الانتخابات القادمة:إن نجحتم سيبحث كل تيار سياسي داخله عن الغنائم وإن فشلتم، فستبحثون عن «حانوت» جديد؟
- من يقول ذلك له عقلية حانوتية. ومسألة الغنائم هي ما نراه اليوم مطبقا في التجمع الثلاثي الحاكم أي «الترويكا» من بعض مكوناته لا كلها. فالحكومة الحالية فيها بعض الكفاءات أو على الأقل وزراء يريدون العمل فعلا من أجل مصلحة بلادهم. ولكن لو نقم بتتبع الطرق التي اتبعت لجعل أنصار بضع الأحزاب الحاكمة ينالون المناصب والتسميات والترقيات سنرى أين يوجد منطق الغنيمة.
لماذا اتهمكم الخصوم بأن «نداء تونس» واجهة لعودة «التجمع»؟ وبماذا تردون؟
- اتهمونا بذلك لأنهم كذابون. الكذب خصلتهم الأساسية. إنهم خائفون من الحركة لذلك لم يجدوا سوى الكذب والتشويه سلاحا. وإنني أعجب من المتحدث باسم حزب «التكتل» وهو يكذب ويكذب بطريقة تثير التقزز. لماذا لا يقول للناس إن حزبه «التكتل» عقد مؤتمره الأخير قبل الثورة سنة 2009 وفق ما أعتقد بحضور مسؤول تجمعي؟ وفي تصريحات ما بعد المؤتمر اعتبر التكتليون وقتها حزب «التجمع» حزبا شقيقا كونه ينتمي للدولية الاشتراكية مثلهم. أغلب التصريحات هذه تصريحات نفاق. وإنني أرجو من زملاء لنا في حزب «التكتل» أن يوقفوا هذيان الناطقين باسمهم. فنحن لا نريد فتح ملفات الماضي. وأن يهتم هؤلاء المتجنون بمعالجة الأزمة الأخلاقية الكبرى التي غرقوا فيها في علاقة بالأصوات الانتخابية التي غدروا بها.
هناك أيضا البعض ممن لا يستعملون أدمغتهم إلا بعد أن يحركها لهم غيرهم. هؤلاء أخطؤوا في الماضي وما زالوا يخطؤون. يرددون كالببغاء أكاذيب غيرهم. وهناك المغرر بهم.
حركتنا هي حركة مفتوحة للأفراد وليست واجهة لا لعودة الدستوريين ولا اليساريين فمن يدخلها هم وطنيون تونسيون لا يهمنا ماضيهم طالما لم يتدخل القضاء. ولقد ذكرنا في خطاب التأسيس أن «حركة تونس ليست حركة معارضة بالمعنى التقليدي بل حركة معاضدة من أجل خير تونس العزيزة وحزب حكم أي حزب مقترحات وبدائل. لن يكون حزبا لليساريين أو الدستوريين أو الليبيراليين بل حزبا لكل الوطنيين الأحرار من التونسيين والتونسيات».
أما بالنسبة للمنخرطين سابقا في حزب «التجمع» المحل الذي صار كحزب جزءا من التاريخ فهم طالما لم تتعلق بهم قضايا قضائية وأرادوا الانضمام إلينا أو لغيرنا على قاعدة برنامجنا وأهداف الثورة فالحركة مفتوحة لهم ولغيرهم.
ومن هذا المنطلق أيضا نرفض الإقصاء الجماعي. وقد جاء في خطاب التأسيس للأستاذ الباجي قائد السبسي حول هذه النقطة «إن صنع تونس المستقبل واجبنا جميعا. وهو جهد لن يتحقق بغير مشاركة كل التونسيين بلا إقصاء. وإنني أنتهز هذه الفرصة لأجدد رفضي لدعوات الإقصاء التي يطلقها البعض ضد الدستوريين بلا موجب حق ولأهداف فئوية وانتخابية. فالقضاء وحده هو صاحب النظر في تحديد المسؤوليات والمحاسبة على أساس المسؤولية الفردية. والقضاء يجب أن يكون الفاصل بيننا ويجب أن نحترم قراراته. فالدستوريون حكموا البلاد لعقود وساهموا في تحرير البلاد وبناء دولتها وتحقيق جانب من إنجازاتها وكانت لهم أخطاء جسيمة أيضا. لاشك في ذلك. ولا يمكن هكذا، بشكل فئوي اعتباطي، حرمانهم من حقهم في المشاركة في بناء تونس الجديدة، على أن يقبلوا هم وغيرهم، بما فيهم الموجودون حاليا في السلطة، قواعد الديمقراطية التي تنبذ الاحتكار السياسي. وينطبق هذا التوجه أيضا على رجال الأعمال. فإما محاسبة تقود إلى جزاء وتعويض. أو توقف عن سياسة الضغوط والابتزاز والعشوائية. إن تونس تحتاج روحا وخطابا وسياسة مصالحة حقيقية.»
تقسيمات الماضي السياسية انتهت. الآن هناك وضع استراتيجي جديد. يتطلب بناء هويات سياسية جديدة. ونحن نطمح لبناء جيل جديد للحركة الوطنية العصرية التونسية.
عدنان منصر قال عن حظوظ «نداء تونس».. أما الصفر فهو حاصل وطُول ما فيها محسن مرزوق فأنا على يقين أنها ستفشل»،بماذا ترد خاصة وكأننا نستشف رسالة شخصية لك ؟
- لا أعرف السيد منصر شخصيا. لذلك ليس لي شيء شخصي معه. ولم أعرفه أو أسمع به قبل الثورة. ولا يعرف عنه زملاءه الجامعيون شيئا. وبعدها عرفت أنه ترشح في انتخابات المجلس التاسيسي وفشل فشلا من نوع الصفر فاصل الذي يتحدث عنه. لا أعرف هل أن ما قاله هو في سياق النطق باسم رئاسة الجمهورية التي يمثلها؟ أعتقد أنه لا يمكن لمن هو فاشل على طول وعرض أن يتحدث عن النجاح أو يفتي فيه. وردّي الوحيد عليه هو بالعودة لقوله تعالي «...ومن شر حاسد إذا حسد». ونصيحتي إليه أن يطرد من قلبه الحسد فذلك سيء للصحة. وأن ينزع عن روحه الإحساس بالغبن وهو يقارن نفسه بغيره ممن نجحوا دوليا وإقليميا. فالنجاح نسبي. ولعله سيجد طريقا مختلفا ينجح فيه فلا تقهره نجاحات غيره. فليأكل ما في صحنه ولو كان مرا ولا يهتم بما في صحون الآخرين. وكان أجدى له لو ركز على ما يهم الناس من منظور وظيفته وأن يركز على الأوليات أو على الأقل على معالجة حالة الفوضى الهائلة في قصر قرطاج وتوالي الاستقالات منها التي هي من دلائل النجاح الذي يفتي فيه. والله يهدي في كل الأحوال. ويهدي هذا الزمن الصعب الذي صار فيه مثله يتحدث بهذه الطريقة.
أين وصلتم في الجهات؟هل ستنظمون اجتماعات جماهيرية؟
- نحن نتقدم يوما بعد يوما. والإقبال كبير جدا. وسيأتي كل شيء في أوانه.
ألا تخافون من حالات الانفلات «الشارعي» وأسلوب «ديقاج»؟
- لا يوجد انفلات شارعي بل أعمال مخطط لها من طرف أطراف سياسية. نحن نتوقع طبعا من الحكومة والأمن أن يقوم بدوره لحماية حق الجميع في التعبير والتنظم. ونحن أيضا جاهزون داخل مساحات عملنا للدفاع عن أنفسنا بكل قوة في إطار ما يسمح لنا به القانون.
لاحظنا مطالب انخراط الكترونية، كم وصلتم الآن؟
- كثيرا جدا.
كيف تنظرون إلى الحكومة الحالية؟
- ندعو لها بالنجاح في إطار ما كلفت به. وهي مشكلة من شخصيات تحاول النجاح ولها كفاءات وأخرى محدودة. وكان ذلك طبيعيا لأنها قامت على مبدإ المحاصصة والترضيات. نرجو أن تنجز مهمتها الأساسية في الإعداد للانتخابات المقبلة بضمان الأمن وتهيئة الظروف للإقلاع الاقتصادي.
استقالة محمد عبو ضربة سيئة للحكومة خاصة أن سبب الاستقالة الأساسي هو غياب الرقابة على التعيينات الإدارية. وهو ما يوحي بأن التعيينات تخضع لحوافز المحظوظية الحزبية وأن جهاز الدولة والمؤسسات العمومية صار مهددا بالاستحواذ عليه من جديد من طرف الأحزاب الحاكمة. أما المطالبة بإقالة محافظ البنك المركزي بلا سبب وهو كفاءة ناجحة فهو دليل آخر على تغليب منطق الترضيات الحزبية خارج أي منطق دولة يحترم نفسه.
التوجه الحكومي العام على خط انزلاقي تدحرجي يتأكد يوما بعد يوم. تغذيه الهلوسات الانتخابية ويوشك أن يصل إلى مرحلة اللاعودة. وفي الأثناء يغط المجلس الوطني التأسيسي في نوم التهميش بعد أن كبلته الأغلبية التي نبعت منها الحكومة.
بعد تسليم المحمودي، هل توجد «ترويكا»؟
- التجمع الثلاثي الحاكم وفق تعبير صديقنا سعيد العايدي لم تكن له أرضية مبادئ اجتمع عليها. إن لقاءه بالأساس كان على قاعدة محاصصة وتقاسم للسلطة. وأن يختلفوا على مقدار السلطة التي وقع تقاسمها لا لأسباب مبدئية وإنما انتخابية. شيء مؤلم. لقد داست خلافاتهم على منطق الدولة التونسية. وصار منطقهم الشخصي أو الحزبي فوق مقتضيات الحوكمة الرشيدة ومقتضيات الدولة.
اليسار الذي «ذبح» بخطابه العنيف «صغار« التجمعيين في انتخابات أكتوبر مقابل خطاب هادئ ومطمئن من «النهضة» والنتيجة معروفة، ها هو اليوم يعيد نفس الخطاب ضد «نداء تونس»، كيف تفسر ذلك؟
- ذلك النوع من اليسار وليس كل اليسار ليس كائنا سياسيا. بل مجموعات أفقدتها الأيديولوجيا وعيها فصارت تعاني من حالات مازوشية تقوم فيها بتعذيب ذاتها. والواقع فإنهم رغم تغول الثورية الفارغة في خطابهم يعملون كمناولين ل«الترويكا» الحاكمة ويدافعون موضوعيا عن مصالحها ويخدمونها بالزيت والدقيق كما فعلوا في الانتخابات الماضية. مثلهم مثل بعض اليسار المصري الذي صار يعتبر الإخوان المسلمين قوة ثورية؟! وفي ذلك أوضح دليل على التهافت.
ومن الايجابي أن أعدادا كبيرة جدا من اليساريين التونسيين قد قيموا المرحلة جيدا وصارت مواقفهم أقرب لاستحقاقاتها. وأصبح اليسار الآخر هامشيا. ونرجو أن يعم الوعي الجميع.
أ لم يكن ممكنا أن تؤسسوا الحركة دون السبسي؟
- لو كان في تونس 10 من أمثال قائد السبسي لحاولنا أن يكونوا جميعا معنا. الباجي قائد السبسي هو رجل حكمة وتجربة وتجسير بين أجيال مختلفة من الحركة الوطنية التونسية. سيذكر له التاريخ أنه بعد عمله الناجح في إدارة المرحلة الانتقالية الأولى واصل خدمة وطنه ولا مصلحة شخصية له في ذلك من أجل المساهمة في توحيد مكونات مشتتة من أجيال وقوى سياسية في إطار جيل جديد من الحركة الوطنية التونسية يكون مناسبا ومعاصرا للمرحلة الحالية.
أما صغار الرجال الذين يهاجمونه فلن يذكرهم أحد. فهو قدم لبلاده منجزات ملموسة. أما من يهاجمه فلم يقدموا لها سوى الصراخ والسب والثلب. لذلك يحب التونسيون السبسي ولا يعرفون حتى أسماء من يهاجمونه.
نقول هذا ونحن نؤكد أننا سنبني حركتنا حول العمل الجماعي فلا مكان لعبادة الشخصية بيننا. زمن المبكيات المخزيات أن المناولين الصغار الذين يهاجموننا بهذه الحجة لم يروا أن عبادة الشخصية تصير خارجنا حيث يطلق على الزعماء تعبير «رضي الله عنه» وتنشد أغنية «اقبل البدر علينا» و«فلان هو حبيب الله» في لغو تمجيدي يتقرب من المس بالمقدسات.
ماذا تقول لهؤلاء:
- الحكومة الحالية:
الشعب يراقب كل شيء ويتعلم مما يراه. فاتقوا الله في الناس. واعملوا وفق التفويض الذي أعطاكم إياه الشعب. إعداد الانتخابات ومعالجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. وادعوهم إلى التوقف عن الاستحواذ على مؤسسات الدولة لأهداف انتخابية. وأن يتوقفوا عن التصريحات الحزبية. وان يعيدوا جانبا من السلطة التي استحوذوا عليها للمجلس التأسيسي. وبخلاف التوجهات العامة، هناك بعض وزراء فيها مجتهدون ومخلصون «وربي يعاونهم».
- سمير ديلو:
هو صديق أرجو له النجاح. ولكنني أقول له إن المسار الحالي للعدالة الانتقالية ليس ما كنا نرجو أن يكون عليه من السرعة والكثافة والتركيز. وأرجو أن يقوم بتصحيح الأمر بالتعاون مع الجميع.
- بن جعفر:
ليس عندي ما أقوله له.
- الجمهوري:
شركاء لنا في الحركة الديمقراطية نرجو لهم النجاح والتوفيق. وسيجمعنا بهم عمل تنسيقي في أقرب الآجال وفيهم مناضلون تاريخيون مثل الأساتذة الشابي والجريبي وكفاءات جديدة. وهم أحد عناوين تونس التي نفخر بها.
- النهضة:
ما زال التحول من حزب يستعمل الدين إلى حزب مدني ممكنا دون السقوط في هوة الأخلاق الاستحواذية على السلطة والثروة. النهضة حزب وطني سيؤثث لعقود قادمة جانبا من الحياة السياسية نختلف معهم ولكننا نعتبرهم منافسين وشركاء. ولا بد من تأسيس آليات حوار معهم.
- اليسار:
لعب دورا أساسيا في ماضي بلادنا وعليه أن يعود للعب دور أساسي في حاضرنا ومستقبلنا بعد القيام بمراجعات شاملة.
- المرزوقي:
ليس عندي ما أقوله له.
- شكري بلعيد:
رفيق قديم وصديق مبجل. اعتقلنا مع بعضنا سنة 1987. وسوية وقع ترحيلنا إلى رجيم معتوق. وكنا نناضل جنبا إلى جنب لسنوات. توجد خلافات بيننا الآن حول عدة مواضيع ولكنني على يقين أن الطريق نفسها ستجمعنا مرة أخرى. فشكري طاقة سياسية كبيرة ويستطيع فعلا أن يساهم في قيادة بلاده نحو شاطئ الأمان. وهو وطني حقيقي وشاعر. والشعراء قد يخطؤون ولكنهم صادقون.
- عدنان منصر:
أنصحه بقراءة كتاب وليام رايش: «اسمع أيها الرجل الصغير»، وإذا وجد مقاطع صعبة الفهم فيه، استطيع أن أساعده إذا أراد..
- الطيب البكوش:
هذه المرحلة ستكون تتويجا مكثفا لتجربة نقابية وجامعية وحقوقية كبيرة. والطيب البكوش هو أهل للمرحلة وند لها. وهذا هو الوقت لصنع التاريخ مرة أخرى بمشيئته تعالى. عملت معه منذ سنوات طويلة. وأعرف كفاءته ووطنيته وإشعاعه وأخلاقه العالية وهو مكسب حقيقي للحياة السياسية التونسية.
- للشعب التونسي:
نعتذر لك إن أخطانا التقدير ولم نكن في مستوى ثورتك لحد الآن.. ولكننا صادقون، وقد عقدنا العزم لخدمتك.. ولن نقسّم صفوفك.. ولن نسمح بالفتنة.. وسنركز على مصالحك ومطالبك ومشاغلك.. ولن نحملك أوزار الأيديولوجيا.. فنحن نريد ككل السياسيين العصريين أن نكون خدم المصلحة العامة. إننا نريد أن نطلق حلمك، حلمنا، الحلم التونسي من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.