في ظل المتغيّرات التي شهدتها الساحة السياسية التونسية عقب تهاوي النظام المتغطرس الغاشم، وعلى إثر النجاح الباهر الذي حققه التيار الإسلامي في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، خرج التيار السلفي التونسي عن صمته وغادر «تابوته» السياسي ليلتحق بركب التيارات الفاعلة في الساحة السياسية بصفة أكثر عملية وأكثر علنية بإقدامه على تشكيل الأحزاب السياسية (حزب الأصالة السلفي، حزب جبهة الإصلاح) وعلى تكثيف العمل الحزبي وطرح البدائل المجتمعية..و في هذا الإطار عقد أمس حزب جبهة الإصلاح ذو المرجعية السلفية لقاءه الأول بقصر المؤتمرات بالعاصمة تحت شعار «الشريعة مسارنا والإصلاح خيارنا»، معربا عن تمسكه بالشريعة الإسلامية منهجا وحياة ونظام حكم وداعيا الى ضرورة الربط بين الدين والسياسة. و قد تميز هذا الملتقى بحضور رئيس حزب حركة «النهضة» الشيخ «راشد الغنوشي» الى جانب عدد كبير من رجالات الدين والمحامين والحقوقيين والقضاة وناشطين من المجتمع المدني ومن المواطنين من كلا الجنسين. «التونسية» كان لها لقاء جانبي مع رئيس حزب جبهة الاصلاح السيد «محمد خوجة» فكان معه الحوار التالي: ما تعليقك حول ما شهده الجامع الكبير بصفاقس، بعد ان اقدم عدد من المنتسبين إلى التيار السلفي على تهديد الامام الخطيب للجامع والاعتداء عليه وترويع المصلين والاعتداء على بعضهم ونعتهم بالكفار وطردهم من الجامع؟ ما وقع هو مجرد حماس شبابي مفرط ، لقد كنا شبابا وندرك جيدا معنى الحماس الشبابي... نحن لا نبرر موقف الشباب لكننا نتفهم جيدا حالتهم ولذلك تجدنا نعمل جاهدين على استقطابه ونصحه وتأطيره بشكل يجعله مساهما فعالا في مجال الاصلاح وبناء الدولة الجديدة . حيث انكم تطالبون بإدراج الشريعة صلب الدستور ،فهل توصلتم الى حل بهذا الشأن؟ نحن نعرب في كل فرصة ومناسبة عن تشبثنا بالشريعة الاسلامية كمرجع في نظام الحكم ، وفي اطار تواصلنا مع اعضاء المجلس الوطني التأسيسي كنا قد طالبنا بإدراج الشريعة الاسلامية كبند من بنود الدستور باعتبارها صمام الامان بالنسبة لنا ، فعندما تسن القوانين يجب ان تسن تحت مظلة الشريعة الإسلامية... نحن لا نكتفي بادراج الشريعة في الفصل الاول من الدستور لانه كان موجودا(الفصل الاول) منذ ما يقارب 60 سنة ولم يقع احترامه لا في أوائل الفترة التي عقبت الاستقلال ولا في العهد السابق . وما موقفكم بشأن هجرة الجهاديين التونسيين الى سوريا وتفشي ظاهرة الفوضى في المساجد التونسية؟و هل لديكم برامج للإحاطة بهؤلاء ؟ لدينا حلول ، ولا حل افضل وانجع من الحوار والإقناع والاصغاء الى هؤلاء الشباب لانهم حتما لم يجدوا من ينصت اليهم ، بل على العكس لقد وجدوا في وقت من الاوقات ردود فعل وممارسات عنيفة مثل الاعتداء الذي كانت تكيله لهم وزارة الداخلية... نطالب النظام الحاكم ووزارة الداخلية على وجه الخصوص بأن تتعامل مع هؤلاء الشباب وتتفهمهم وتترك المجال مفتوحا للحوار باعتباره الحل الوحيد، أما اذا استعملت القوة ضدهم فحتما سيردون بالقوة... وبالتالي نحن لا نريد الوصول الى هذا، ونريد الحوار مع الشباب لأن دورهم كبير في هذه المرحلة، مرحلة تونس ما بعد الثورة . و بهذه المناسبة اتوجه بنداء الى شبابنا بأن يساهم في بناء بلدنا في اطار جو من التفاهم والالفة والاحترام وتغليب منطق الحوار...فلا يستقيم الحوار إلا بشروط أهمها الاحترام، أما اذا وجدت أفكار مسبقة فلا ينجح الحوار. وبشأن هجرة بعض شبابنا للقتال في بعض الدول الأخرى، ماذا تقول؟ نحن لا نشجع هذه الظاهرة بالمرة، فالهجرة إلى دول أخرى والموت في سبيل الله أسهل من الحياة في سبيل الله ...نحن الآن في مرحلة بناء وهو ما يعني الحياة في سبيل الله وهي أصعب من الموت في سبيله.. إن الموت سهل، فما عليك الا برصاصة بندقية لتنهي الامر، ولكن البناء اصعب بكثير من ذلك..انني انصح الشباب بعدم الهجرة الى الخارج فنحن في حاجة الى بناء واصلاح ولا يكون هذا الا بالحوار والصبر على بعضنا البعض . ثمة من يقول ان السلفية في تونس باتت مخترقة من قبل السلفية الوهابية , فماهو سندكم ؟ المذهب الوهابي يؤخذ منه ويرد عليه , والمذهب الوهابي يرجع إلى المذهب الحنبلي وهو مذهب من أهل السنة والجماعة ونحن لا نتعصب إلى هذا المذهب او ذاك ولدينا مراجع في هذا الشأن ...و لك على ذلك اننا في تونس نتبع المذهب المالكي ونرجع اليه ... ليس هناك اسلام متعصب واسلام وسط حيث قال جل جلاله الاسلام فقط ولا وجود لاسلام تونسي او اسلام مصري...