يكتبها: جمال كرماوي في رمضان يتحول مركز القرار من الرأس..الى المعدة ...والحديث عن الأكل يبدأ عند طلوع الشمس..في رمضان تقوى حاسة الشم ويصبح الانف هو بوصلة الاغراءات الاستهلاكية..حتى في الأيام العادية يُنصح المتبضعون بعدم التحول الى الفضاءات التجارية والبطون خاوية لأن الجوع يكسر إرادة عدم الإسراف..في رمضان احذروا المناوشات... الحبة تتحول الى قبة... ومن هنا جاءت كلمة «مرمضن»... قد تمر الأيام الأولى بسلام لأن الجسد خزّن الطاقة وآخر رمضان تفرغ البطاريات وتشد الاعصاب...وفي هذا الاطار أخشى على المجلس التأسيسي من عوارض الجوع الذي قد يؤدي الى أكل بعضهم البعض... في رمضان عين على المائدة وعين على التلفاز...تخمة الأكل وتخمة الفرجة..وهناك في الخلفية صراع على نسب المشاهدة ولعل مسلسلات السيوف والخيول ستنال الرتب الأولى..لأن هذا ينطبق على وضعنا اليوم..في رمضان نسهر الليل في بيوتنا وننام طبعا في الادارة... خاصة اذا كانت مكيفة...في رمضان لا تناقش الجزار...أو الخضار عن الأسعار.. لأنك اعزل والأول في يده سكين والثاني في يده «صروفات بالكيلو»... في رمضان ينزل الورع فجأة على «الزطال» و «المشلط»..وتلك خطوة نحو التوبة الى ان يأتي ما يخالف ذلك.. في رمضان تزدان المآذن بالانوار ويعبق البخور في أسواقنا وبيوتنا وتنزل فينا السكينة بفضل شهر التوبة.. رمضان تونس هو الأجمل في العالم.. يجوعنا ...يعطشنا، يسرق نومنا ولكنه شهر فضيل مملوء بالبركة... تتجلى فيه الروح وتطمئن وتفتح شهية التآزر والرحمة...وعندما ينتهي يباغتنا غيابه بفراغ غريب..