بعد مضي ما يعادل السنة ونصف السنة من متابعة الرأي العام لنشاط «حزب التحرير» بعين مترقبة متطلعة وأخرى متوجسة متخوفة، وبعد انتظار طال أمده على أنصار الحزب ومنتقديه على حد السواء، تحصل «التحرير» الإسلامي أخيرا على التأشيرة التي يمكن لها أن تمكنه من مواصلة نشاطه ضمن الأطر القانونية المشروعة...تأشيرة يبدو أنها في عيون قادة التحرير وأنصاره لا تعبر عن جمالية اللوحة التي يرسمها حزبهم في الحقل السياسي، مقللين من شأن المسألة (الحصول على التأشيرة) حتى باتت كمثل القشة التي تنضاف إلى كومة من التبن ولعل خير دليل على ذلك ما صرح به «رضا بلحاج» الناطق الرسمي باسم الحزب قائلا «إننا ضد المرسوم التشريعي المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية وأن عدم حوزته على الرخصة لا يمنعه من خوض المعترك السّياسي متقيّدا بالحكم الشرعيّ وحده»...و في مقابل التقليل من أهمية الموضوع، اعتبرت أطراف أخرى قرار حكومة «الترويكا» الرافض لتسليم التأشيرة في مناسبة أولى لتعدل عن هذا القرار في مناسبة ثانية، لغزا لا يمكن المرور عليه مرور الكرام ودون طلب التوضيح والتدقيق وفتح «التحقيق». ولإشباع فضول هؤلاء وغيرهم ولتقديم صورة أكثر وضوحا لهذه المسألة ولتجنب حديث الأروقة والقيل والقال ، عقد أمس حزب «التحرير» ندوة صحفية بقاعة «البراق» بالعاصمة. اشرف على هذه الندوة الصحفية كل من رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير «عبد الرؤوف العامري» و«محمد بن حسين» المسؤول عن العلاقات العامة بالحزب و«احمد تاتار» ممثل عن المكتب السياسي.. كما حضرها عدد من أنصار الحزب وسط تغطية إعلامية وطنية ودولية كثيفة. وأشار «عبد الرؤوف العامري» رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير إلى أن الحزب كان قد قدم بتاريخ 14 ماي ،عبر البريد وبإشرافِ عدل منفَّذ،ملفّا إداريّا إلى الجهات المختصّة من باب التّصريح والإعلام والإخبار عن وجوده الثابت واقعيّا وعمليّا وقانونيّا (بحكم العفو التشريعيّ العامّ الذي شمل أعضاءه) وما يتبع ذلك من إعلان عن مقرّه وأجهزته ومن يمثله،قائلا « وإتباع كل هذه الإجراءات يعني ان حزبنا لا يستعطف أحدا ولا يتنازل البتّة ولا يقبل بوضعيّة المنّ والأذى»، مؤكدا على تقيد «حزب التحرير» بالحكم الشرعيّ لا غير في خوضه للمعترك. الاعتراض على مشروع دولة الخلافة يحتاج دليلا شرعيا... لا دليلا حكوميا ! و بشأن الرفض الحكومي لقرار منح التأشيرة لحزب التحرير في مناسبة أولى، قال «العامري»: «كل ما طلبناه هو أن يخلّوا بيننا وبين الناس وعوض أن تسارع الحكومة إلى الاستجابة لحقنا المشروع ماطلت وتلكأت قبل أن تبعث لنا برسالة جاء فيها أن البيانات غير مستوفاة وطلبوا منا أمرين: أولهما ضرورة التنصيص بالنظام الأساسي على طرق تسيير الحزب والانتخابات وثانيهما أنهم اعتبروا مشروع دولة الخلافة في عدة فصول منه مستمدة من القرآن والسنّة (الفصل 116،117 ،118،119،53 ،76...)،مخالفا لعلوية القانون والديمقراطية والتعددية...و جوابا منّا على ذلك رأينا أن طلبهم الأول هو طلب إداري شكلي يمكن النظر فيه وإجابتهم عليه، إلا أن الطلب الثاني عجيب غريب فالفصول والمواد المذكورة هي أحكام شرعية والاعتراض عليها يحتاج دليلا شرعيا لا دليلا حكوميا». لا ننتظر من الحكومة إذنا بالعمل من أجل ديننا ! وبمناسبة تحصل «التحرير» على التأشيرة، قال «العامري»:»لم نكن ننتظر من الحكومة إذنا بالعمل من اجل ديننا،حيث انه حتى إن لم نحصل عليها فذلك لن يضعف لنا عزيمة ولن يهدأ لنا بال حتى نحقق طرحنا البديل المفصل... «حزب التحرير» ليس بالحزب الهامشي أو الكارتوني أو الغريب عن الأمة بل على العكس فهو بينها لإنهاضها بالإسلام وأحكامه وإعادتها كما أراده الله سبحانه». يريدون ان يجعلوا من 14 جانفي..7 نوفمبر جديدا ! من جانبه أكد المسؤول عن العلاقات العامة بحزب التحرير «محمد بن حسين» أن الأطروحات السياسية يشوبها الكثير من الغموض والمهاترات، قائلا: «كل ما اعرفه انهم يريدون ان يجعلوا من 14 جانفي 7 نوفمبر جديدا من خلال محاولة تبليغ ثلاث مسلمات أولاها عدم العمل على استعادة مالنا الخارجي، ثانيتها الحد من قدراتنا في الاستثمار وثالثتها انه ليس على الحكومة أن ترعى شؤون الناس...هم بذلك عملوا بقول الشاعر: «ألقوه في الماء وقالوا له إياك إياك أن تبتل»،لذلك سنظل نناقشهم وننقض مراجعهم القادمين بها من الأممالمتحدة وغيرها من السياسات الخارجية القادرة على تغيير قرار حكومتنا قبل ربع الساعة الأخير من تطبيق القرار». حزب التحرير قد لا يضيع وقته بالترشح لهذه الانتخابات لأن الشارع تجاوز السياسيين ! و في اجابة عن سؤال ما إذا كانت نية «حزب التحرير» متجهة نحو الترشح للانتخابات المقبلة، قال المسؤول عن العلاقات العامة للحزب «محمد بن حسين» أن الانتخاب عقد بالوكالة قد لا يضيع وقته بالترشح لهذه الانتخابات خاصة وان الشارع قد تجاوز السياسيين من حيث درجة الوعي، مؤكدا على التزام «حزب التحرير» بما قام عليه من مبادئ إسلامية وخاصة منها العمل على استئناف الحياة الاسلامية بإقامة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة كما يقر الحزب بجدوى هذا الطرح الجديد.