كان لعشاق السهر على مدارج مهرجان بنزرت الدولي في نسخته الثلاثين موعدا مع الإمتاع والإقناع بتأثيث فنّي لصاحب «القرينتة» «سي لمهف» وحرفيّة عالية من الطاقم المرافق له في تشكيل تنظيمي لم يعد يفصله عن الكبار غير بعض التفاصيل الصغيرة. «سيف لمهف» وأمام حضور محترم من الشباب وحتى الكهول انتصب ملكا على ركح بنزرت الشاهد على عظمة التراث الإسباني، وتميّز بحضوره الركحي و«تعبيرات وجهه التي حوّلت العرض إلى ما يشبه المسرح الغنائي بعيدا عن موجة «الرّاب» التي ظل محترفوها ومنتسبوها يصرّون دوما على جعل سبابة اليد علامتها المسجّلة. «سي لمهف» لم يسقط في كذا ابتذال كلمة وصورة، وارتقى بكلماته إلى ما يصيب الحضور بمقتل شواغلهم وأفكارهم وحتى خشيتهم من المستقبل في قراءة فنية زادتها الإضاءة وبعض التفاصيل الركحية إبداعا وإمتاعا وإقناعا. العرض كان ناجحا بكل المقاييس، تنظيما محكما وحرفية عالية على مستوى الإخراج وحتى التعبير الجسماني، وفي كلمة، لم يترك «سي لمهف» والفريق المصاحب له شيئا للصدفة، وصغر سنه قد يبشر في الأعوام القليلة القادمة بمولد فنّان كبير قادر وفق رؤيته الفنية على اقتحام أكبر الفضاءات والمسارح لأنه ببساطة مشروع نجم من الحجم الثقيل دون النجوم الورقية في بحثها عن الورق من فئة البنك المركزي وإغفال زاوية الإقناع.